يكفي إلقاء نظرة على شبكة الانترنت لمعرفة كل شيء عن المدرب الجديد ل "الخضر" الفرانكو – بوسني وحيد حليلوزيتش الذي خلف بن شيخة بصفة رسمية بداية من يوم أمس، مشواره التدريبي وإنجازاته وأشياء أخرى، غير أن هناك أسرارا لا يعرفها إلا قليلون عن هذا المدرب "الكاميكاز" الذي وبعد بحث مطول في سجلات التاريخ وجدناه مدربا غامضا، جريئا لا يقبل التدخل في صلاحياته، مغامرا ثائرا و حتى "باتريوت" حكم عليه بالإعدام في حرب البوسنة. عاش فقيرا وكان يلعب بحذاء الملاكمة يتذكر وحيد بدايته في مسقط رأسه جابلانيكا، وسنواته خلال الطفولة في حوار مطول لجريدة كرواتية، فيقول إنه كان مولعا بالكرة، رغم توجيهات أسرته، التي ساءها كثيرا أنه لم يكمل مشواره الدراسي في الهندسة الميكانيكية بسبب ميولاته الرياضية، ولا ينسى الفقر الذي كانت تعيشه عائلته إلى درجة أنه لم يكن يمتلك حذاء، حيث كان يلعب الكرة بحذاء للملاكمة، ومع هذا نجح في مشواره الكروي بفضل قدراته كمهاجم ممتاز، علما أن عائلته لم تسعد به لاعبا في موستار إلا عندما شاهدته يمثل المنتخب اليوغوسلافي في سن صغيرة. مشواره التدريبي كاد يتوقف في بدايته لولا هنري ميشال وحيد بدأ مشواره كمدرب من فريقه الأصلي فيلز موستار من 1990 إلى 1992 غير أن الحرب الأهلية التي مزقت يوغوسلافيا جعلت كل شيء يتوقف، وعند فراره إلى فرنسا أشرف على نادي بوفي الفرنسي بفضل أحد أصدقائه، ليعمل هناك موسما واحدا توقف بعدها مشواره التدريبي ولم يحصل على العروض، ليبقى بطالا بانتظار فرصة لم تأت، وهي سنوات يعترف أنها كانت صعبة له وكاد بسببها يصاب باليأس ويتوقف مشواره التدريبي في بدايته، قبل أن يعرضه زميله السابق في نانت الفرنسي هنري ميشال الذي كان مدربا للمغرب سنة 1996 على الرجاء البيضاوي، وبعد 3 سنوات من البطالة نجح مع هذا الفريق في نيل البطولة وتوج معه بأول نسخة لرابطة أبطال إفريقيا في طبعتها الجديدة بعد تغيير تسميتها. نانت تنكر له أيام بطالته ومع هذا كان متسامحا وقال "إنها عائلتي" حليلوزيش هو أحد النجوم التي تلقت تقديرا كبيرا وتصله إلى اليوم رسائل إعجاب وتقدير في نانت فهو أفضل هدافي الفريق في تاريخه خلال 6 سنوات لعبها قي النادي (مر عليه نجوم كبار مثل ديشامب، دوسايي، هنري ميشال ولا كومب) ويعتبر فريق "الكناري" عائلته الثانية غير أن عائلته هذه تخلت عنه في يوم من أيام الشدائد عندما كان عاطلاً عن العمل بعد عودته من البوسنة أين فر من الحرب، ولم يمد له مسؤولو نانت يد العون بالرغم من اتصالاتهم به وتطمينه بأنه سيدرب فريقهم غير أنهم أخلفوا وعدهم، ورغم هذا كله إلا أن وحيد كان في قمة التسامح، ورفض التعليق بعد مباراة ليل ونانت التي انتصر بها مكتفياً بالقول: "إنها عائلتي ولن أنسى أن نانت احتضنني أنا المسلم الذي جئت من البوسنة". الحرب الأهلية أوقفت مشواره التدريبي، حولته إلى "باتريوت" وكادت تقتله في سنة 1992 لم يكن البوسني حليلوزيش بمنأى عما يحصل في يوغوسلافيا، فشارك في الحرب الأهلية ضد الكروات، حتى أنه كان أحد قادة مجموعات المجاهدين المسلمين في الصفوف الأولى، الذين قاوموا الغزاة في منطقته موستار وأصيب بالرصاص في إحدى المعارك غير أنه نجا بأعجوبة بعد أن تلقى العلاج في المستشفى ليفر بعدها إلى فرنسا في الوقت المناسب عندما صدر أمر تصفيته وعائلته حيث حكم عليهم جميعا بالإعدام، حدث هذا بعد أن كانت مدينته قد سقطت في يد الكروات، وقد كان يمكن بسبب هذه الحرب أن لا يكون وحيد اليوم في عالم الأحياء لولا هروبه، كما أن الحرب قطعت مصدر رزقه بعد أن توقفت كل المنافسات الرياضية فوجد نفسه مجبرا على التحول إلى مجاهد انخرط في الصفوف الأمامية وكاد يهلك فيها. تحصل على الجنسية الفرنسية سنة 1995 وديانته سببت له المشاكل في البداية تحصل وحيد على الجنسية الفرنسية سنة 1995 بحكم فترة إقامته وعلى اعتبار أنه أحد أبرز نجوم فريق نانت عبر التاريخ، يعترف في تصريحات صحفية بأن ديانته كمسلم جعلته يجد صعوبة كبيرة في أولى خطواته لاعبا في نانت أين لم يتقبله البعض في البداية وكانوا ينظرون إليه بطريقة فيها الكثير من التوجس قبل أن يصنع لنفسه إسما ويجلب لوحيد اللاعب الاحترام والتقدير وينسي الكل أصله وفصله بعد أن صارت الجماهير تتغنى به وتعتبره النجم الأوحد. لاعبا أو مدربا، ثائر، متوتر وكسر طاولة في غرف الملابس لما كان يدرب PSG اشتهر وحيد سواء لاعبا أو مدربا بكونه ثائرا ومتوترا، ولا يتحكم في أعصابه، وفي تقرير كتب عنه في يومية "الحياة" عندما كان سيشرف على فريق اتحاد جدة السعودي، قيل إن توتره كان يوصله في بعض المرات إلى العراك الجسدي مع زملائه وهو لاعب، كما أنه كاد يتشابك في فرنسا جسديا مع أحد لاعبيه، وقد وصل الحد به وهو في قمة الغضب لما كان يدرب فريق باريس سان جرمان أن رفع طاولة إلى الأعلى وقام برميها على الأرض أمام استغراب الجميع. عوقب بشهرين لتهجمه على حكم، وتشابك مع أحد لاعبيه ما دفعه للرحيل المزاج الحاد لوحيد، لم يكن مجرد تهمة له أو حقيقة عارية من الصحة، فالكثير من المواقف تؤكد أن الرجل سريع النرفزة، فقد حصل وأن عوقب بشهرين نافذين وهو مدرب لباريس سان جرمان شاهد فيها فريقه من المدرجات بعد أن قام بتصرف مخالف عنيف تجاه الحكم آلان صار في لقاء أولمبيك ليون يوم 19 نوفمبر 2004، كما أن عصبيته جعلته يتشابك مع أحد لاعبيه في باريس سان جرمان ويتعلق الأمر بفابريك فيوراس ما دفعه إلى الرحيل في نهاية الموسم متحججا بعدم قدرته على التعايش مع المدرب. لا يؤمن بالأسماء وأحدث ثورة في ليل حولته إلى "الكوتش وحيد" ثبت عن وحيد أنه لا يحب النجوم، فكثيرا ما منح الفرصة للعناصر الشابة وتبقى تجربته في ليل أفضل مثال، فقد كان العمل هو دستوره الوحيد مثلما يقول، فحول هذا النادي من مجرد فريق صغير إلى فريق يتنافس على البطولة، خلال مدة 4 سنوات من 1998 إلى 2002 حقق معه الصعود ثم تألق معه ووصل موسم 2001-2002 إلى لعب رابطة أبطال أوربا، حيث تأهل على حساب بارما الإيطالي واحتل في مجموعته المرتبة الثالثة متقدما عنه مانشتسر يوناتيد ولاكورن الإسباني في حين جاء أولمبياكوس اليوناني رابعا، ويعترف الجميع في ليل بأن الرجل قام بثورة حقيقية، ما جعله يوصف وقتها ب "الكوتش وحيد" وكان يمكنه أن يواصل في ليل غير أن تقاعس مسؤولي الفريق صيف 2002 وعدم جديتهم جعلاه يقرر المغادرة. لا يقبل التدخل في صلاحياته واستقال ما بين الشوطين وهو رائد بفارق 19 نقطة رغم أنه كان رائدا للبطولة الكرواتية الموسم الماضي مع دينامو زغرب بفارق 19 نقطة عن الملاحق إلا أنه قدم استقالته ما بين شوطي مباراة الجولة 28 مبررا ذلك بتصرفات رئيس النادي زدرافو ماميتش الذي تدخل في صلاحياته وحاول أن يحشر نفسه في بعض الأمور التكتيكية ليجد المدرب الفرانكو – بوسني يرمي باستقالته ويغادر أرض الملعب ليس فقط لأنه شتمه بل لأنه أراد أن يدلي بدلوه في بعض الأمور التي لا تخصه، الأمر الذي يكشف أن وحيد لا يقبل من يتدخل في صلاحياته. انتقادات واسعة في كوت ديفوار ولم يكن يحقق الإجماع في كوت ديفوار لم يكن حليلوزيش يحظى بالإجماع، فقط كان يحقق الانتصارات وخلال 26 مباراة لم ينهزم إلا في لقاءين ومع هذا كانت الأصوات دائما ما تعارضه فقد حمله المدافع زورو مسؤولية الإقصاء أمام الجزائر لأنه لم يأخذ مدافعين من أصحاب الخبرة فوضع المنتخب في مأزق وجعله يقصى، إضافة إلى هذا صرح جويلو مسؤول مركز تكوين أساك ميموزا لصحيفة "لو تومب" الفرنسية في أكتوبر 2009 قائلا: "المنتخب الإيفواري لا يلعب كفريق تحت قيادة حليلوزيتش، نعم، تأهل مجددا لنهائيات كأس العالم ولكن ذلك كان بفضل مهارة وتألق اللاعبين في المقام الأول" وقد أبعد كما هو معروف يوم 27 فيفري 2010 بعد مباراة "الخضر" وقال رئيس الاتحادية الإيفوارية إن السبب أنه فشل في تحقيق الهدف المسطر وهو الفوز بلقب "الكان". ربح 3,5 مليون أورو في العدالة أمام PSG ونال 900 ألف أورو من زغرب أبعد حليلوزيش من تدريب باريس سان جرمان يوم 8 فيفري 2005 بعد الخسارة (2-0) أمام لانس الفرنسي على أرضية ميدانه، وبعدها الفريق صار في المرتبة 12 وخلفه لوران فورني، غير أنه طرق أبواب المحاكم مستعملا عقده فحكم لصالحه من النادي الباريسي في 19 ديسمبر 2005 بمبلغ 3.5 مليون أورو، 2,6 مليون بسبب فسخ العقد الذي يمتد إلى غاية جويلية 2007 و850 ألفا بمثابة أضرار معنوية، وفي دينامو زغب الكراوتي بعد نهايته تجربته تلقى وحيد تعويضا بقيمة 900 ألف أورو بالإضافة إلى 15 ألف أورو تمثل منحة التتويج بلقب البطولة الذي حققه هذا النادي للمرة السادسة على التوالي. كان مرشحا لتدريب تونس، لومير سبقه وبعد 9 سنوات "خلفهالو" مع الجزائر قليلون لا يعرفون أن المدرب الفرانكو – صربي وحيد حليلوزيش كان مرشحا لتدريب المنتخب التونسي سنة 2002 خلال شهر سبتمبر، أي مباشرة بعد نهاية تجربته في ليل، قبل أن يفوز بهذا المنصب الفرنسي روجي لومير، وقد تنافس هذا الثنائي رفقة مدربين آخرين على غرار الإيطالي ماركو تارديلي، والبرتغالي أرتير جورج والأرجنتيني رومان دياز، وبعد 9 سنوات من فوز لومير بالصفقة ونجاحه في قيادة منتخب نسور قرطاج الذي توج معه بعد عامين بلقب كأس إفريقيا، ها هو وحيد يسبقه إلى تدريب "الخضر". وبعد 8 سنوات يرشح من جديد لتونس والشروق التونسية تكتب: "تاريخ متواضع لمدرب سيء المزاج" وقد رشح من جديد وحيد حليلوزيش لتدريب المنتخب التونسي في فيفري 2010 غير أن الصحافة التونسية لم ترحب به، حتى مع الخبرة التي اكتسبها على رأس منتخب كوت ديفوار حيث كتبت صحيفة "الشروق" في موضوع تحت عنوان: "تاريخ متواضع لمدرب سيء المزاج" وبين بعض ما كتب أن هذا المدرب: "لا يملك تجربة كبيرة في تدريب المنتخبات كما أن سجله التدريبي متواضع في حين أنه يعتبر شخصية مثيرة للجدل من حيث سلوكه فهو لا يقبل النقاش أو المجادلة ويتهمه البعض بالاستبداد بالرأي في اختياره للتشكيلة واللاعبين كما أن أسلوبه دفاعي بحت من خلال مدرسة يوغسلافية تؤمن بهذا الفكر في التدريب وهنا قد تكرر الجامعة نفس «المشاكل» التي وقعت فيها مع لومار لكن ما يشفع للومار سجله التدريبي الحافل". لوڤوان كاد يخلفه على رأس psg وتنافسا معا على تدريب موناكو إضافة إلى لومير الذي تنافس معه على تدريب تونس في 2002، لوحيد حكاية خاصة مع الفرنسي الآخر بول لوڤوان الذي كان مرشحا هو الآخر لتدريب "الخضر" وبقي من الأسماء التي تداولت بقوة (ولو أنه هو من عرض نفسه على الاتحادية)، حيث كان بول لوڤوان مرشحا لخلافة وحيد على رأس باريس سان جرمان بعد إقالته، وفي شهر سبتمبر 2005 تنافس مع المدرب السابق للكاميرون على تدريب فريق موناكو الفرنسي وتداول اسماهما بقوة في الصحافة الفرنسية. رباعية الوفاق أيقظته من أحلامه مع جدة وكادت تعيده إلى سنة 1997 التجربة الثانية لوحيد حليلوزيتش في بلد عربي بعد المغرب كانت في السعودية مع اتحاد جدة، حيث اقترحه شقيقه سليم مدرب الفريق الأولمبي ل "الإتي" على الإدارة التي رحبت به واستقدمته في جوان 2006 ولكن لم يستمر طويلا ولم يكتب له أن يفرح كثيرا وهو الذي وعد بلقب البطولة الآسيوية الأغلى وبلوغ مونديال الأندية بما أن رباعية سطيف في دوري أبطال العرب (من توقيع أديكو، معيزة، بورحلي وزياية) أقالته في نوفمبر 2006، وكادت تعيده إلى بدايته أين كان مرشحا للعودة إلى سنة 1997 أي الإشراف على الرجاء البيضاوي غير أن هذا لم يتم. لم يكن سعيدا في تركيا وقضى 7 أشهر صعبة جدا في ران ولم يكن وحيد سعيدا كثيرا بتجربته في ترابزون سبور التركي الذي انتقل إليه في أكتوبر 2005 وبقي معه إلى غاية نهاية الموسم الرياضي، حيث احتل المرتبة الرابعة في البطولة، وقد أهل هذا الفريق إلى كأس الاتحاد الأوربي، قبل أن يقرر بنفسه مغادرة النادي أملا في العودة إلى فرنسا لكن هذا لم يحصل له إلى اليوم (صرح أيضا بأنه يريد العودة إلى فرنسا شهر ماي الماضي بعد أن غادر دينامو زغرب) وانتقل بعدها للسعودية كما هو معروف، وحتى في ران الفرنسي لم يكن وحيد سعيدا كثيرا خلال موسم (2002-2003) حيث اعترف لمقربيه بأنه واجه كل شيء، من صعوبات مالية وإدارية ونقص التعداد معتبرا تحقيق البقاء هو الأمر الوحيد الذي أنساه معاناة 7 أشهر. ذكرياته سيئة مع المونديال فهل يؤهلنا إلى كأس العالم 2014؟ ويحتفظ وحيد بذكريات سيئة من كأس العالم، فكلاعب رغم أنه كان يمر بمرحلة رائعة وكان مرتين هدافا للبطولة الفرنسية (1983 و 1985) إلا أنه لم يتمكن من تحقيق شيء مع منتخب يوغوسلافيا في مونديال إسبانيا 1982، حيث أقصي في الدور الأول ولم يكتب له أن يشارك في مونديال 2010 بعد أن أقيل قبل 4 أشهر من انطلاق هذه المنافسة بعد أن تعرف على منافسيه ووصف مجموعة كوت ديفوار في المونديال ب "النارية"، وإذا كانت هذه هي ذكرياته فهل سيفلح في الوصول ب "الخضر" إلى البرازيل؟ هذا ما سنعرفه لاحقا.