نشرت : المصدر موقع "الشروق" الجزائرية الخميس 23 أغسطس 2018 12:05 احتفل الجزائريون على غرار باقي المسلمين بعيد الأضحى المبارك، ومثل كل سنة غصت الشوارع بعد الصلاة بالعائلات التي اتخذت من الطرقات ومداخل العمارات مذابح في الهواء الطلق، مخلفين قاذورات ونفايات في الشوارع وروائح كريهة في مشاهد باتت تتكرر كل أضحى. لم تجد النداءات ولا التحذيرات التي أطلقتها الوزارات ومؤسسات التنظيف ولا حتى الجمعيات، في إنقاذ العاصمة من أنهار الدماء وأكوام النفايات في أول يوم من عيد الأضحى، بعد ما تحول الذبح في الشوارع والطرقات طقسا أساسيا وجزءا من مظاهر العيد. مواطنون يحولون أحياءهم لمذابح في الهواء الطلق مباشرة بعد الانتهاء من الصلاة، احتل الشباب المواقع الإستراتيجية من الأحياء، حيث يقيمون، والتي تكون في الغالب قريبة من الحنفيات والبالوعات، ليغادروا المكان بعد الانتهاء تاركين الدماء ومخلفات المعدة والأمعاء "الدوارة"، ملقاة على الطريق ليحرص المواطنون على حمل ذبيحتهم للمنزل، تاركين الأحياء وسلالم العمارات تعج بالأوساخ والنفايات. ولأن العيد تزامن مع فصل الصيف، فقد بدأت الروائح الكريهة "الجيفة" في الانبعاث سريعا، فخلال جولتنا في الكثير من أحياء العاصمة على غرار القبة، حسين داي، باش جراح، عين النعجة، الشراقة، بوزريعة، فقد كانت المشاهد متشابهة، مخلفات الذبح واضحة من دماء متحجرة على الأرصفة، وبقايا الأمعاء في محيط البالوعات. وكان شباب "الفايسبوك" قد أطلقوا حملة قبيل العيد، تحث المواطنين على اقتناء الأكياس البلاستيكية ووضع النفايات فيها بعد الانتهاء من عملية النحر، غير أنها بقيت منحصرة على الواقع الافتراضي فقط، تاركين الطرقات في وضعية كارثية. ذباحون يفرضون زيادات في الأسعار هذا العام فرض الذباحون زيادات جديدة في الأسعار هذه السنة، فبعدما كانت العملية تتم ب1500 دج في السنوات الماضية، أصبحت هذه السنة ب2000 دج. وأكد لنا أحد الذباحين خلال حديثنا معه بأن الذباح هو الذي يتنقل للحي الذي يقيم فيه المواطن يوم العيد، مما يعني تكلفة إضافية لقاء التنقل، فالخروج صبيحة العيد مغامرة لخلو الشوارع من سيارات الأجرة وجميع وسائل النقل الأخرى. فمثلا هو نحر أول أمس، 4 أضحيات في القبة، برج الكيفان، زرالدة، لذا كان يجد مشقة في التنقل إليهم، مضيفا بأن غالبية الزبائن يستعجلون الذباح، فيرغبون في التخلص من المهمة قبيل منتصف النهار، حتى يتسنى لهم تناول وجبة الغداء رفقة عائلاتهم وذويهم. وبخصوص السعر، ذكر محدثنا أن ثمن الذبح 2000 دج، أما السلخ 3000 دج، معترفا بأن الجزائري يرفض النحر في مساء اليوم الأول من العيد أو اليوم الموالي، لأن في معتقده الذبح بعد الصلاة فقط. في الوقت الذي تنحر فيه العائلات الكباش، هناك أخرى تفضل نحر العجول والبقر، وهي العملية الأخرى التي عرفت زيادات في الأسعار أمام قلة الإقبال عليها خوفا من الحمى القلاعية، فقد تراوحت الأسعار ما بين 15 و20 ألف دينار، وتستوجب هذه العملية حسب المختصين المساعدة حيث يجند لها 3 أو 4 رجال أو يحملونها للمذبح "الباطوار". "تشويط بوزلوف" وتقطيعه "أدوميسيل" أصبحت خدمة "أدوميسيل" مغرية للكثير من الزبائن، فقد استغلها بعض الشباب لعرض خدماتهم في "تشويط البوزلوف"، حيث تنقلوا للمساكن، حاملين معهم معداتهم المتمثلة في قارورة الغاز، "الشاليمو"، "الشاقور". فثمن "تشويط البوزلوف" وتقطيعه مقابل 500 و700 دج حسب حجم الخروف، ليتبقى على ربة البيت غليه وطبخه فقط. وأطلعنا أحد الشباب الذين اتخذوا من العملية مصدر رزق لهم بأن الإقبال كبير هذه السنة، واستقبل العديد من الاتصالات، فبعد ما كان "التشويط" إشكالية للمرأة الغارقة في المهام يوم العيد، الآن تخلصت من هذا العبء الثقيل، مواصلا بأنهم في السنوات الماضية، كانوا يجوبون الأحياء الراقية، أما حاليا فبعد ما وضعوا إعلاناتهم في "الفايسبوك" و"واد كنيس"، تلقوا اتصالات من مختلف الأحياء حتى الشعبية منها، وقد تجاوز عدد الرؤوس التي حضرها صبيحة العيد فقط 17 كبشا، والعملية تستمر معهم طوال اليوم الأول والثاني، فهاتفه لم يتوقف على الرنين واستقبال طلبيات جديدة. مسلسل "الهيدورة" المتعفنة يتكرر هذه السنة لم يتمكن الإجراء الجديد الخاص بجمع الجلود والذي أعلنت عنه وزارة الصناعة، في إنقاذ شوارع المدن والأحياء من الجلود "الهيدورة" المتعفنة والملقاة في الشوارع وروائح "الجيفة" المنبعثة منها، ورغم أن مؤسسة "ناتكوم" قد خصصت حاويات باللون الأصفر، وتم الترويج لهذه المبادرة عبر أمواج الإذاعة والعالم الافتراضي "فايسبوك"، إلا أنها لم تتوافر عبر جل أحياء العاصمة مثل ما يفترض أن تكون، وهو ما جعل المواطنين يتركونها ملقاة على الأرصفة وبالقرب من العمارات مثل ما تعودوا دوما، مما عجل بصعود روائح "الجيفة" والتعفن خلال مساء اليوم الأول، زاده غياب رجال النظافة وتماطلهم في رفع النفايات سوءا. لا أثر لفرق البياطرة المتنقلة في الأحياء عبر جل المواطنين عن امتعاضهم من غياب فرق البياطرة المتنقلة عن أحيائهم والتي تم الحديث عنها قبيل العيد، فقد اضطر الكثير ممن ارتابوا في حالة الرئتين، وساورهم الشك في سلامة الأضحية لحملها لمذبح العاصمة ب"رويسو"، حتى يعاينها البياطرة المتواجدين فيه بعد ما قطعوا الأمل من قدوم تلك الفرق. ولم يخف مواطن من حسين داي، غضبه من عدم توافر بيطري وهو الذي تفاجأ بوجود خراجة "أبسي" في شاته، واحتار في كيفية التعامل معها، وبعد تنقل في الأحياء لم يكن من حل أمامه سوى الاتصال بأحد بياطرة "الفايسبوك"، فشرح له كيفية إزالتها باستعمال البث المباشر.