شهدت مختلف المذابح عبر بلديات العاصمة، في أول يوم من عيد الأضحى، إقبالا غير مسبوق من طرف العاصميين، حيث نزحت نحوها عائلات بأكملها، خاصة تلك التي اشتركت في العجول. وفي جولة قامت بها ''الخبر'' عبر عدد من هذه المذابح، وقفت على الطوابير الطويلة التي شكلتها الخرفان والأبقار والعجول التي كانت تنتظر دورها للذبح. بداية جولتنا كانت من مذبح حي المعدومين ''الرويسو''، حيث لم يكن من السهل الوصول إليه، بسبب الطوابير الطويلة للسيارات، حتى أن العديد منهم ركنوا سياراتهم بجانب الترامواي، ما أعطانا صورة أولية عن حجم الحشود المتواجدة داخل المذبح الذي كان مكتظا عن آخره، في مشهد نادر، كما أكد لنا عدد كبير من العمال ممن تحدثنا إليهم، حتى أن العديد ممن قاموا بشراء ''عجل'' حجزوا أسماءهم في القوائم منذ أسبوع. وكان عدد الأبقار والعجول المربوطة إلى السياج الحديدي المقابل لمستودع الذبح، يقارب المائة دون احتساب تلك الموجودة داخل الإسطبلات، وفي الشاحنات التي كانت تنتظر دورها، فغالبية العاصميين اختاروا هذا العام الاشتراك في بقرة أو عجل، سواء في العائلة الواحدة أو بين الجيران والأقارب، بدل شراء ''الكباش''، مثلما جرت عليه العادة، وهو ما فعله السيد نورالدين رفقة جيرانه من عين النعجة، الذين اشتروا عجلين، نظرا لارتفاع أسعار الأضاحي هذا العام. واغتنم العديد من ''الذباحين'' كثرة الطلب عليهم للرفع من أجرتهم، فثمن ذبح وسلخ وتقطيع وإزالة الأحشاء بالنسبة للعجل، كان لا يتجاوز 4000 دينار في السنوات الماضية، لكن هذه المرة ونظرا لتزايد الزبائن، ارتفع إلى 8000 دينار، فيما بلغ ثمن العملية 2500 دينار للكبش بعدما كان لا يتعدى 1800 دينار. وأرجع عدد كبير، ممن تحدثنا إليهم، سبب اللجوء إلى المذبح لضيق المساكن وانعدام ساحات للذبح، كما أن العديد منهم لا يفقهون في ذبح وسلخ ''الوكريف''. ورغم أن الساعة كانت تقارب منتصف النهار، إلا أن عمليات الذبح كانت متواصلة، واستمرت حتى بعد صلاة الجمعة. كما شهد المذبح إقبال العشرات من المواطنين ممن نحروا أضاحيهم في بيوتهم، قصد عرض أحشاء الأضحية (الكبدة والرئة والقلب) على البياطرة الذين كانوا متواجدين هناك، خاصة أن الإدارة وضعت 4 بياطرة في خدمة المواطنين مجانا. وبمدخل المذبح، كانت رائحة ''الشياط'' تنبعث من كل الزوايا، فالعديد من الشباب اختاروا ممارسة نشاط جديد وهو ''تشواط البوزلوف''، إذ عمدوا إلى جلب ''الشاليمو'' وقارورات غاز البوتان بالإضافة إلى مجموعة من السكاكين لنزع ''إيهاب الأضحية'' (الهيدورة) من ''البوزلوف'' و''الكرعين''، واصطفوا بجانب بعضهم البعض، مشكلين ديكورا مميزا. اقتربنا من أحدهم الذي سرعان ما راح يعرض علينا خدماته. بلال، 24 سنة، قاطن بحي بلكور، اختار رفقة أخيه مزاولة هذا النشاط نظرا لعائداته المادية، خصوصا أنهما بطالان، فسعر ''تشويط الزليف والكرعين'' الخاصين بالخروف يبلغ 500 دينار، أما بالنسبة للعجل، فالثمن يتراوح بين 1300 و1500 دينار. ورغم هذه الأسعار المرتفعة نوعا ما، إلا أن العائلات فضلت اللجوء إلى خدمات هؤلاء، لتجنب المشقة وتفادي الأوساخ.