يشرف الموسم الكروي على الانتهاء ويستعد الجميع لمغادرة المستطيل الأخضر، ولكن ما لا يعلمه الجميع هو أن اتحاد العاصمة سيكون بين الأوائل، وقد يظفر بالمشاركة الإفريقية الموسم المقبل في منافسة كأس الكاف، وهو الأمر الذي يعتبر إنجازًا في حد ذاته بالنظر إلى المشوار الذي أداه أبناء سوسطارة هذا الموسم...خصوصا وأن الفريق مرّ بمراحل صعبة آخرها منتصف مرحلة الإياب حين خرج من منافسة الكأس، ولذلك راح يسجل نتائج من أجل ضمان البقاء براحة قبل أن يجد نفسه في وضعية جيدة للحاق بركب المقدمة ومن ثم التنافس على أحد المراكز الأولى، وهو ما تم فعلا في نهاية المطاف ليصبح ثالثا في البطولة بعدما كان هدفه التواجد مع الخمسة الأوائل. دزيري وفّى بوعده وأبقاى الفريق في الثالثة وكان المعتزل بلال دزيري قد صرّح في الحوار المطول الذي أجراه معنا مؤخرا أنه يأمل في أن يترك اتحاد العاصمة في المركز الثالث على الأقل، وهو ما تم فعلا حيث خدمته نتائج الجولات الأخيرة وبات في المركز الثالث متجاوزًا كلا من شبيبة بجاية واتحاد الحراش، وحتى شبيبة القبائل، وعليه فإن دزيري سيقول أنه اعتزل وترك الاتحاد في مركز مؤهّل لمنافسة رسمية قارية. على اللاعبين حفظ الأمانة وضمان المشاركة الإفريقية ولن ينهي الاتحاد البطولة في المركز الثالث إلا من بوابة واحدة وهي الفوز في وهران على المولودية المحلية في مباراة ستكون مصيرية للفريقين، كيف لا وهو الذي سيكون فاصلا بين بقاء مولودية وهران في القسم الأول ووصول الاتحاد إلى هدفه المنشود وهو المركز الثالث، وعليه فإن اللاعبين مطالبون بحفظ الأمانة والعودة بالنقاط الثلاث من هناك حتى يضمنوا النقاط الثلاث دون النظر إلى نتائج المباريات الأخرى، أما التعادل أو الهزيمة فيعرّضانه لخطر تضييع المركز الثالث أو حتى الرابع. المسؤولية كبيرة لأن الحمراوة لم يضمنوا البقاء وستكون المسؤولية كبيرة على لاعبي الاتحاد لأنهم سينافسون فريقا يلعب مصيره في البقاء ضمن حظيرة القسم الأول، ونتيجة التعادل لا تخدم أي طرف لأن منافس الاتحاد على المركز الثالث يلعب على أرضه وبين جماهيره، وهو الأمر الذي يعتبر شائكا على الجميع، خصوصا أن السقوط والمركز الرابع وحتى البطولة تُلعب في ملاعب زبانة، أول نوفمبر بباتنة وملعب الوحدة المغاربية ببجاية. الفريق في وهران والعقول في باتنةوبجاية وستكون أنظار أنصار اتحاد العاصمة مشدودة إلى ملعب زبانة لمعرفة نتيجة مباراة فريقهم وفي نفس الوقت سيوجّهون أسماعهم إلى ملعبي أول نوفمبر بباتنة وملعب الوحدة المغاربية ببجاية من أجل معرفة نتيجتي مباراتي الشبيبتين القبائلية والبجاوية، فالقبائل يلعبون أمام شباب باتنة، وهدفهم استعادة أحد المركزين الثالث أو الرابع، فيما يلعب البجاويون أمام الوفاق من أجل استعادة المركز الثالث، فيما يتشبث النسر السطايفي بخيط الأمل في اللعب على لقب البطولة. مصير الاتحاد بيد أحد النازلين وحامل اللقب وسيكون مصير اتحاد العاصمة معلّقا بما ستسفر عنه نتائج أحد النازلين إلى القسم الثاني شباب باتنة الأقرب ومولودية وهران الذي لم يضمن البقاء بعد، وكذلك في يد حامل لقب الموسم الماضي وفاق سطيف، ففي حال لعب هذا الأخير بإرادة كبيرة فإن الفوز على الشبيبة البجاوية سيكون قد ضمن للاتحاد المركز الرابع على الأقل فيما سيكون شباب باتنة هو الآخر مطالبا بالفوز إذا أراد التشبث بخيط الأمل في البقاء منتظرا حدوث معجزة في وهران. خير خلف لخير سلف في الطريق وبالعودة إلى مباراة اعتزال دزيري أمام النصرية والتي كانت رسمية بطابع ودي، فإنها كانت فرصة للجمهور العاصمي الذي حضر لتوديع دزيري والذي اكتشف العديد من المواهب الشابة الصاعدة التي جعلت الكثير منهم يطمئنون على مستقبل الاتحاد، حيث أقحم المدرب سعدي كلا من مهدي بن علجية وطاتام مكان كل من دزيري وعشيو بالإضافة إلى دخول مكلوش أساسيًا، وهو دليل قاطع على أن الفريق سيضمن خلفاء لهم في المستقبل القريب وبمستوى قريب من ذاك الذي قدّمه الجيل الذهبي لنادي سوسطارة. مغادرة دزيري كانت على طريقة الكبار لا يزال اعتزال اللاعب بلال دزيري يصنع الحدث في الأوساط الكروية، وبالرغم من انشغال الجميع بالفريق الوطني إلا أن الكل راح يحضر مباراة الوداع “لبيلالو” الذي غادر عالم المستديرة من الباب الواسع وعلى طريقة الكبار، حيث فاجأ الجميع ولم يكن أحد ينتظر أن يكون اعتزال دزيري بهذه الطريقة لكنّه فضّل أن يرحل والجميع يحبّه قبل أن يصبح الجميع يشتمونه، خصوصا أنه كان من بين أكثر اللاعبين احتراما لذا لقي لقاء اعتزاله حضورا جماهيريا كبيرا. الكبار يعتزلون كبارًا ورغم أن الجميع يتفق مع دزيري على أنه باستطاعته أن يواصل اللعب موسمين على الأقل، إلا أن ابن النصرية فضّل أن يخرج من المستطيل الأخضر كبيرًا لأنه ولد كبيرا في الملاعب ولا يقبل أن يصبح يوما لا يحترمه الجميع ويتمرّغ قدره في التراب، لذا أراد أن يترك مكانه نظيفا ويتحدث الجميع عن طريقة اعتزاله، وقد شهد الجميع أن الطريقة المثلى للاعتزال هي اللعب حتى سن معينة والاعتزال مباشرة وليس مثلما يحدث للكثير من اللاعبين. الصغير رستم فاز بشرف الحصول على قميصه فاز الصغير “رستم عبد اللاوي” بشرف لبس قميص دزيري الأخير في مشواره الرياضي، هذا المناصر الصغير الذي يعشق الاتحاد مثل والده نذير وعمه زهير، ها هو يحصل على ذكرى غالية سيحتفظ بها طوال حياته حسب ما أكده لنا والده الذي فرح كثيرا بهذه الهدية التي لم يكن ينتظرها خاصة أن الجميع يجري وراء الحصول على القميص الغالي. بداية الوداع كانت في حفل ختانه ومن محاسن الصدف أن يتزامن حفل اعتزال دزيري يوما فقط بعد حفل ختان “رستم” الذي احتفل معه اللاعبون ليلة اللقاء، وهي المناسبة التي كانت كبيرة وغالية وكانت بداية وداع دزيري لزملائه ولأنصار النادي الذين حضروا الحفل بقوة، ومنهم من أخذ صورًا مع دزيري حتى تبقى للذكرى. البعض اقترح على دزيري حذف الرقم 8 من الاتحاد اقترح الكثير من اللاعبين ومحبي الفريق على دزيري أن يطلب حذف القميص الرقم 8 من تشكيلة اتحاد العاصمة نهائيًا، وهو ما يفعله الكثير من النجوم في العالم، إلا أن دزيري رفض أن يكون أنانيا لأنه يعرف أنه ليس هو الأول في الاتحاد وليس الأخير، ولذا رفض الفكرة.