استعرضت يومية “لوفيڤارو” الفرنسية في عددها الصادر أمس نقلا عن موقع “سبور 24” في عدد خاص بنهائيات كأس العالم، آراء خيرة التقنيين والمسؤولين ممن يعرفون خبايا كرة القدم وملمّين بكل تفاصيلها، حيث سلطت الضوء على المشاركة الإفريقية في مونديال جنوب إفريقيا الذي تفصلنا عن افتتاحه الرسمي ساعات قليلة فقط. وكان كلام كل من روجي ميلا، عيسى حياتو، إيمي جاكي، جون مارك جيلو وعمر فيليب تروسيي موضوعيا إلى حد بعيد وحمل في طياته العديد من الدلالات التي كانت تصب كلها في خانة الثقة الكبيرة بأن لإفريقيا كلمة ستقولها أمام عمالقة المستديرة وهو الكلام الذي يشمل أيضا منتخبنا الوطني الذي يعلّق عليه جميع العرب والأفارقة آمالا عريضة المهمة صعبة، لكنها ليست مستحيلة وعلى هذا الأساس، فقد حصل إجماع على أن المهمة التي تنتظر الأفارقة في بلاد العم مانديلا وعلى صعوبتها، إلا أنها لا يمكن أن تخفي حقيقة واضحة للعيان وهي أن المأمورية في بلوغ أدوار متقدمة ليست أمرا مستحيلا، بما أن الأمثلة في هذا الصدد كثيرة لعل أبرزها ما فعله المنتخب السنغالي في مونديال كوريا الجنوبية واليابان لما أبهر العالم بمستواه الرائع، الأمر الذي يجعل الخبراء يرشحون كوت ديفوار في المقام الأول والكامرون والجزائر بدرجة أقل لإعادة السيناريو نفسه، ولو أن المهمة تبقى صعبة ولكن ليست مستحيلة. إجماع على أن مفاجأة ثقيلة ستحصل في المونديال كما شدّ انتباهنا في كلام الخبراء الخمسة نقطة مهمة جدا، وهي إيمانهم أن بوادر مفاجأة ثقيلة ستظهر في مونديال جنوب إفريقيا وسيكون أحد منتخبات القارة السمراء بطلا لها، لا لشيء سوى أن المؤشرات تدل على أن الجزائر، غانا، نيجيريا، كوت ديفوار والكامرون -إضافة إلى البلد المنظم- لن تتنقل لاكتشاف جمال وسحر جنوب إفريقيا والكل يُجمع أن المفاجأة ستأتي من هؤلاء، بما أن لا أحد يريد تفويت فرصة احتضان القارة السمراء لأكبر محفل دولي كروي في العالم على الإطلاق دون أن يسجلوا أسماءهم فيه بأحرف من ذهب. روجي ميلا (قلب هجوم منتخب الكامرون الأسبق): “على المنتخبات الإفريقية أن تتضامن مع بعضها“ أول من عبّر عن ثقته في أن الأفارقة قادرون على الضرب بقوة في المونديال القادم هو المهاجم الكامروني الأسبق والفذ روجي ميلا، الذي يعرف جيدا معنى المفاجأة بما أنه كان أحد صانعي ملحمة إيطاليا التي أحدثتها الأسود غير المروضة في تلك الدورة، وصرح في هذا الصدد: “المنتخبات الإفريقية دون استثناء قادرة على فعل العديد من الأمور الإيجابية بشرط أن يكونوا متحدين فيما بينهم، ومثال على ذلك سأتحدث عن منتخب بلادي الكامرون وأقول إن المأمورية في اجتياز الدور الأول صعبة نوعا ما، وأطلب من صامويل إيتو أن يكون هو مثال اللاعبين ويكون بمثابة والدهم لتحقيق نتائج إيجابية. على العموم، كل تمنياتي بالتوفيق للمنتخبات الإفريقية الستة”. عيسى حياتو (رئيس الاتحادية الإفريقية لكرةالقدم): “المنتخبات الإفريقية قادرة على قهر أي منتخب في العالم” وبالنسبة لعيسى حياتو، فإن القارة السمراء تعاني من سياسة الكيل بمكيالين بالنظر إلى عدد الأماكن الممنوحة لها في نهائيات كأس العالم، لكنه من جانب آخر يرى أن مونديال جنوب إفريقيا ليس عرسا رياضيا فقط، بل من الضروري أن يكون الفرصة المناسبة لتقريب شعوب القارة السمراء فيما بينها أكثر واكتشاف عمق العلاقات التي تربط هذه البلدان، حيث قال: “لن أتحدث عن منتخب معيّن وأتجاهل آخر، وسأكتفي بالقول إن المنتخبات الإفريقية الستة المشاركة لها المستوى نفسه مقارنة بالمنتخبات الأخرى وبإمكانها قهر أي فريق في العالم، كما أني ضد محدودية الأماكن التي تًُمنح للقارة السمراء في المونديال، وأتمنى أن يكون العدد أكثر في المستقبل مقارنة بباقي القارات، فالعديد من اللاعبين الأفارقة ينشطون في نواد قوية ومحترمة، لكن عندما يلتحقون بمنتخبات بلادهم يشعرون بالنقص، وهنا لا أقصد الإمكانات البدنية والفنية والتكتيكية التي يتمتع بها هؤلاء، بل أتحدث عن العوائق التي تجعلهم لا يؤمنون بقدرتهم على الوصول إلى أبعد نقطة في محفل مثل كأس العالم”. إيمي جاكي (بطل العالم مع فرنسا 98): “لن أتفاجأ برؤية منتخب إفريقي يصل إلى المربع الذهبي” ولم تخرج لغة المدرب السابق للمنتخب الفرنسي وبطل العالم مع “الديّكة” سنة 98 عن لغة روجي ميلا وعيسى حياتو عندما صرح: “أنتظر الكثير من البلدان الإفريقية على أرضهم إن صح التعبير، وأنا من الآن أرى أن هناك منتخب من بين الستة المشاركة والتي تمثل القارة السمراء سيذهب بعيدا في المونديال، لأنها تملك لاعبين موهوبين جدا ولن أتفاجأ برؤية منتخب إفريقي يصل إلى الدور نصف النهائي”. عمر تروسيي: “الأفارقة أمام فرصة تاريخية قد لا تتكرر مستقبلا” أما بالنسبة للمدرب عمر فيليب تروسيي، الذي سبق له أن أشرف على العديد من المنتخبات الإفريقية وحقق معها نتائج طيبة على غرار بوركينافاسو، فقد قال بخصوص المشاركة الإفريقية في المونديال: “بشكل عام، كرة القدم الإفريقية تطوّرت كثيرا والفضل يعود إلى احتراف عدد كبير من اللاعبين في نواد قوية ومحترمة، كما أن إتحادات البلدان الإفريقية لكرة القدم أصبح لها نمط التسيير نفسه الذي تتبعه نظيراتها من الدول الأوروبية وأمريكا اللاتينية، هذا ما منح نُضجا لمنتخبات بلدان القارة السمراء. وعن كأس العالم، أقول إن كوت ديفوار هي المرشحة عن إفريقيا للذهاب بعيدا، لكنها ستكون لديها صعوبات كثيرة مقارنة بباقي المنتخبات الإفريقية الأخرى، بما أنها تضم منتخبين قويين في مجموعتها وهما البرازيل والبرتغال، وعليه أقول إن مسؤولية المنتخبات الستة ثقيلة جدا وهي أمام فرصة تاريخية قد لا تتكرّر مستقبلا، وعليها استغلالها بشكل جيد”. جون مارك جيلو (مدير أكاديميات تكوين في إفريقيا): “المنتخبات الإفريقية لن تذهب بعيدا في المونديال بسبب سوء التسيير” ويُعتبر جون مارك جيلو من بين الأسماء المعروفة في بلادنا، بما أنه يُشرف على أكاديمية نادي بارادو، بالإضافة إلى تسييره للعديد من المدارس الكروية الأخرى في القارة السمراء، ما يعني أنه ملمّ بشكل واسع بشؤون الكرة فيها، وكان رأيه مغاير تماما لآراء المختصين الأربعة الآخرين، وكان أكثر جرأة عندما تحدث عن المشاركة الإفريقية في المونديال، حيث صرح في هذا الشأن: “بالنظر إلى ما شاهدته في كأس أمم إفريقيا الأخيرة في أنغولا من مستوى، فإن المنتخبات الإفريقية الستة لا تملك أي فرصة للذهاب بعيدا في المونديال، ليس لأن لاعبيها تنقصهم الخبرة، ولست بصدد التشكيك في قدراتهم، وإنما السبب راجع إلى سوء التسيير الذي يميزها وجعلت مشاركات الأفارقة في المحافل الدولية الكيرى ضعيفة، وأحسن دليل على ذلك هو عدم وجود المنتخب المصري الذي يُعتبر الأحسن في إفريقيا في المونديال. كما أن المنتخب الكامروني لم يعد ذلك المنتخب الذي يرهب الجميع، كما أن لاعبي المنتخب الإيفواري يشعرون بضغط شديد يجعل دائما عقولهم خارج المنافسة، وهذا دليل على أن الإحتراف في أكبر النوادي العالمية ليس مقياسا يمكن الحكم عليه على الإطلاق. وعليه أعتقد أنه على القائمين على شؤون الكرة في البلدان الإفريقية أن ينظروا قليلا إلى اللاعبين المحليين، لأن دورهم سيكون فعّالا في تحقيق نتائج جيدة“.