الرجل تيقّن أن غياب أصحاب الخبرة عجّل بالإقصاء صحيح أنّ الجلسة التي جمعت رئيس "الفاف" محمد روراوة بمدرّب المنتخب الوطني "وحيد حليلوزيتش" قد أفضت إلى اتّفاق نهائي بين الطرفين، والذي يقضي بأن يبقى البوسني على رأس العارضة الفنّية إلى إشعار آخر ما دامت مسؤولية الإقصاء من نهائيات كأس إفريقيا في دورها الأول لا يتحمّلها لوحده، إلاّ أنّ هذا لا يعني أنّ "العقلية" وطريقة العمل في المنتخب الوطني ستبقى كما هي عليها الآن، لأن "العقلية" التي يسير بها منتخبنا اليوم هي التي أوصلته إلى الخروج من "الكان" في دورها الأوّل، وتُفيد مصادرنا أنّ الجلسة التي جمعت الرجلين أوّل أمس على مدار أكثر من ساعتين تمحورت حول المستقبل وضرورة إعادة النظر في العديد من الأمور ومن أبرزها إعادة النظر في التشكيلة الحالية، خاصة بعدما تيقّن روراوة من أن الإقصاء من "الكان" بعد سيطرة على المنافسين يعود بدرجة أولى إلى نقص خبرة التعداد الحالي. "حليلوزيتش" قال له: "أتحمّل كامل مسؤولياتي وأريد الرّحيل" وقبل التطّرق بالتفصيل إلى النقاط التي اشترط روراوة إعادة النظّر فيها، بودّنا أن نعود إلى تفاصيل الاتفاق الذي تمّ بين الرجلين حتى جدّد روراوة ثقته في "حليلوزيتش"، إذ تُفيد مصادرنا الخاصة أن هذا الأخير ومباشرة بعد الخسارة أمام طوغو والإقصاء الرّسمي من "الكان"، قال لرئيسه بصريح العبارة: "أتحمّل كامل مسؤولياتي وأريد الرحيل لأني أخفقت في مهمّتي وفي تجسيد الهدف التي اتفقنا عليه لدى إشرافي على المنتخب". روراوة رفض ذلك وتمسّك به حتى لا يُهدّم كل ما بني ردّ روراوة كان واضحا ومباشرا، فالرجل تمسّك بمدربه وقرّر على الفور تجديد الثّقة فيه، إذ برّأه من المسؤولية كلّيا، وأعرب له عن قناعته بالعمل الكبير الذي قام به على مدار سنة ونصف منذ تولّيه العارضة الفنية، وعن رضاه التام عن النتائج المحقّقة قبيل "الكان"، وعن المستوى الكبير الذي صار يقدمه منتخبنا في كل لقاء، بما فيه لقاءي "الكان" الأول والثاني أمام تونس وطوغو اللذان افتقد فيهما منتخبنا فقط إلى الفعالية لتسجيل الأهداف. طلب منه التحضير للقاء كوت ديفوار والتفكير في مونديال 2014 وتفيد مصادرنا أن معنويات "حليلوزيتش" كانت ولا زالت منحطّة منذ سهرة يوم السبت عندما خسر منتخبنا ضدّ طوغو، وهو ما وقف عليه روراوة الذي وبعدما جدّد ثقته في مدرّبه، طلب منه أن يواصل عمله بنفس الطريقة التي بدأ بها "الكان" وكأنّه لا زال متأهلا إلى الدور المقبل، كما طالبه بأن يشرع في التّحضير للقاء كوت ديفوار المقبل بغية تحقيق نتيجة جيّدة يخرج من خلالها منتخبنا وهو مرفوع الرّأس من "الكان"، وأن يُفكّر أيضا في لقاء البنين المقبل لحساب تصفيات كأس العالم لأن الهدف الرئيسي الآن للبوسني هو الوصول بمنتخبنا إلى مونديال البرازيل 2014. روراوة رفض تكرار التجارب الماضية و9 مدربين في 12 سنة كثير جدا والظاهر أن روراوة حسبها جيّدا هذه المرة، فعكس المرات الماضية التي كانت فيها الاتحادية تُغيّر المدرب تلوى الآخر ما إن يخفق منتخبنا في تحقيق هدف من الأهداف، فإنّ روراوة تفادى تكرار "سيناريو" التجارب الماضية التي وظّف فيها منتخبنا ما لا يقل عن 9 مدربين في 12 سنة فقط، فمنذ سنة 2001 إلى يومنا هذا أشرف على العارضة الفنّية لمنتخبنا كلّ من: ماجر، "ليكينس"، سعدان، "واسيج"، فرڤاني، "كافالي"، سعدان من جديد، بن شيخة وأخيرا "حليلوزيتش"، وهذا ما جعل النتائج تغيب والاستقرار يغيب أيضا، ولتفادي ذلك، قرّر روراوة التمسّك ب"حليلوزيتش" هذه المرة رغم إخفاقه في مهمّة الوصول ب"الخضر" إلى أبعد دور ممكن في "الكان". تمسّك روراوة بمدربه تقابله شروط لابد من تنفيذها مستقبلا وإن كان روراوة و"حليلوزيتش" قد اتّفقا على نقطة مهمة وهي أن يواصل البوسني مهامه على رأس العارضة الفنية، ويتفادى منتخبنا بذلك انكسارا بعد كل الذي تمّ بناؤه على مدار سنة ونصف، إلا أنّ ما هو أهمّ من كلّ هذا عرّج روراوة للحديث عنه مع المدرب الوطني، فالرجل ورغم تمسكّه بمدرّبه وتجديده الثقة فيه إلا أنه تطرّق والبوسني إلى بعض النقاط التي اشترط روراوة إعادة النّظر فيها، لأن "العقلية" التي تغيّرت داخل منتخبنا منذ أن صار البوسني يُحقق نتائجا جيّدة أدت بمنتخبنا إلى ما هو عليه اليوم، والكل يعرف ما وصله إليه، ألا وهو الإقصاء في الدور الأول أمام منتخبات كانت في متناوله صراحة. إعادة النظر في التشكيلة واسترجاع بعض القدامى خبرة روراوة في عالم كرة القدم ومعرفته وإلمامه بشؤونها وخباياها جعله يتيقن منذ الوهلة الأولى التي خسر وأقصي منتخبنا على يد طوغو، أن السبب الرئيسي الذي أدى ب"الخضر" إلى الخروج من "الكان" بسرعة هو نقص خبرة التعداد الحالي، وسذاجته في التعامل مع المباريات في مثل هذه المنافسات الكبيرة، وهو ما تجلى أمام تونس عندما سيطر المنتخب وخسر، وأمام طوغو عندما سيطر أكثر وغادر المنافسة في نهاية المطاف. زياني، عنتر ومطمور مهم تواجدهم ويبدة وبوڤرة بداية من البنين وتفيد مصادرنا الخاصة أن روراوة طلب من البوسني أن يستنجد ببوڤرة ويبدة بداية من لقاء البنين، وقال له أن تواجدهما مستقبلا سيكون مفيدا لهذا المنتخب الشاب الذي يفتقد للخبرة اللازمة، كما لم يجد روراوة أي حرج في أن يطالبه بإعادة بعض العناصر التي تمتلك خبرة طويلة في الميادين كان من الممكن أن يستفيد منها منتخبنا ضدّ تونس وطوغو، في صورة عنتر يحي، زياني ومطمور، وإن كنا متيقنين مُسبقا من أن إعادة هذه العناصر سيكون مستحيلا، بما أن "حليلوزيتش" سيبرر كالعادة بأن يحي ومطمور اعتزلا اللعب دوليا بمحض إرادتهما، وأنه لا يريد رؤية زياني في كرسي الاحتياط، إلا أن روراوة طلب ذلك من مدربه الذي يدرك أنه سيكتفي بإعادة العائدين من الإصابة بوڤرة ويبدة وكفى. مراجعة طريقة التعامل مع اللاعبين في المعسكرات ونزع القيود ولم يكن التطرق لإعادة النظر بخصوص التشكيلة الحالية النقطة الوحيدة التي اشترط روراوة إعادة النّظر فيها، لأنّنا علمنا أن الرجل لم يعجبه انغلاق المدرب ولاعبيه عن العالم الخارجي منذ بداية التحضير لنهائيات كأس إفريقيا، فالرّجل ارتأى أن النظام الداخلي الذي فرضه البوسني على اللاعبين منذ 30 ديسمبر الماضي بسيدي موسى، والعزلة التي عاشوها هناك أثرت فيهم سلبا، وهو ما طالب الرجل بتفاديه مستقبلا، لا سيما وأن منتخبي طوغو وتونس اللذان كانا آخر من يصل إلى جنوب إفريقيا أبقيا على أبواب مكان إقامتهما مفتوحة، وسمحا للاعبين بالتصرف براحتهم، ويكفي أن يومية "الهدّاف" حاورت "أديبايور" في غرفته حصريا، لكن تونس وطوغو فازا علينا ولا زالا في السباق للمرور إلى ربع النهائي، وواحد منهما سيظفر بورقة التأهل رفقة كوت ديفوار. روراوة غير معجب ببرودة المساعدين وقد يشترط جلب مساعد محلّي روراوة استغل الجلسة بينه وبين روراوة ووضع النقاط على الحروف معه في كل شيء، وأبدى له عن عدم إعجابه بما يقوم به مساعدوه وببرودتهم أيضا، فهم وحتى الآن يكتفون بالتركيز على العمل البدني في التدريبات وفقط، وكأنهم جميعا محضّرون بدنيون لا مدربون مساعدون، كما أنهم لا يبدون رأيهم في أي خيار فني أو تكتيكي، وكل ما يعرفونه هو "نعم" وفقط في كل قرار يتخذه البوسني، وتفيد مصادرنا أن روراوة طلب من "حليلوزيتش" أن يمنحهم بعض الصلاحيات لمشاورته في كل شيء يقوم به، وأن يستفيقوا أيضا إن كانوا هم يحبذون البقاء في سبات عميق و"راڤدة وتمونجي"، وإلاّ فإنّ الحاجة لجلب مدرب مساعد محلي قد تكون ضرورية، لا سيما وأن مدربينا الذين أراد الجميع دفنهم يتميزون بشيء يفتقده الأجانب، ومن ترعرعوا في فرنسا حتى لو كانوا جزائريين ألا وهو الحرارة في العمل. لو تتواصل "العقلية" نفسها سنجني النتائج نفسها واجتماع في الأفق بينهما وخلاصة القول لكل ما سردناه أن شروط روراوة على "حليلوزيتش" لم يتم الحسم فيها بشكل نهائي، لأن البوسني لم يقل كلمته بعد لا في الاستنجاد ببعض القدامى، ولا في إعادة النظر في طريقة التعامل مع لاعبيه، ولا في إعادة النظر في طاقمه الفني، وهو ما يجعل الرجلين يعقدان جلسة أخرى عقب نهائيات كأس إفريقيا بالجزائر للحسم في كل هذه النقاط، حتى يكون كل شيء جاهز قبيل استئناف تصفيات كأس العالم 2014 بلقاء البنين في مارس، غير أن الأكيد أن روراوة لم يحتفظ بها لنفسه وقال لمدربه أن "العقلية" لو تتواصل كما هي عليه اليوم فإن النتائج ستبقى سلبية كما هي عليه في "الكان"، والرجل لا يتمنى ذلك لأن ما وفّره حتى الآن من إمكانات ضخمة للمنتخب يمنحه الحق في أن يطمح بالوصول للبرازيل في صائفة 2014.