“ماجر محبوب كثيرا في البرازيل لأنه بكل بساطة برازيلي في طريقة لعبه و فنياته، فهو يلعب من دون لمس الكرة وكذلك هو ظاهرة حقيقية في كرة القدم العالمية” نرى أنك حافظت على رشاقتك رغم ثقل السنين، فما السر في ذلك؟ إنه حب كرة القدم الذي أعطاني الرغبة في التدرب بصفة عادية، وعندما لا أمارس الرياضة أشعر بأنني لست بخير. أتدرب كل يوم من خلال القيام بالركض وأتدرب أيضا داخل القاعة وأحاول الحفاظ على لياقتي من خلال تفادي المأكولات التي تسبّب بالسمنة. وتتمكن أيضا من لعب كرة القدم. بطبيعة الحال، ألعب في عطلة نهاية الأسبوع رفقة زملائي وولعي كله يكمن هنا مثلما ترون. فعلا، رأيناك تتدرب قبل الحوار . نعم، لا أضيع أية فرصة من أجل ممارسة الرياضة لأنها تجعلني أشعر بأنني بخير. أنت هنا في جوهانسبورغ كمحلل لقناة “الجزيرة الرياضية“، كيف تمت الإتصالات مع القناة القطرية؟ إنه ماورو (ماورو سيلفيرا كوريا) ممثلي الحاضر معنا هنا، لقد تكفّل بكل التفاصيل، لكن الخطوة الأولى كانت عبر صديقة تعمل في إحدى القنوات البرازيلية وهي على معرفة ببعض الأشخاص يعملون في الجزيرة الرياضية وبمجرد أن تم ربط الإتصال شرع ماورو في التكفل بالمفاوضات. هل تفاجأت لأن قناة عربية مهتمة بك؟ على الإطلاق، لقد تعرّفت على الكثير من العرب طيلة مشواري وطالما كنّوا لي احتراما شديدا. في الجزائر وفي العالم بأسره لا نزال نتذكر الطريقة التي احتفلت بها بالهدف وطريقة إهدائه لابنك الذي ولد عشية مباراة للمنتخب البرازيلي، كيف جاءتك الفكرة بأن تحرك يديك من جهة إلى أخرى؟ ماتوس إنه الطفل الوحيد الذي لم أره لحظة ولادته فقد بقيت 45 يوما بعيدا عن عائلتي أحضر وألعب كأس العالم، وفترة التربصات الطويلة هي الفترات التي لا أحبها في عالم كرة القدم على المستوى العالي. الفكرة جاءتك قبل المباراة أم أنثنائها؟ لقد جاءتني مباشرة عقب تسجيلي الهدف، وروماريو ومازينيو تبعاني بصفة عفوية. كم لديك من الأولاد؟ لدي ثلاثة ولد آخر اسمه روبرتو نيتو وفتاة اسمها ستيفاني، ومن حسن حظي أنني تمكنت من مشاهدتهما عند ولادتهما وحملتهما بين ذراعي، وحركتي التي قمت بها في كأس العالم حاولت من خلالها تعميده من بعيد. هل يلعب كرة القدم؟ نعم ويلعبها بطريقة ممتازة ويمارسها منذ سبع سنوات في فريق فلامينڤو ويتم دائما استدعاؤه في الفريق الوطني للفئات الشبانية منذ كان سنه 12 سنة. هل يلعب كمهاجم؟ كلا، إنه وسط ميدان لكن في بعض الأحيان يجد نفسه يلعب في الهجوم. هل يشبهك نوعا ما؟ من الجانب البدني لا يشبهني لأنه أفضل مني ، لكنه يملك اللمسة نفسها في مداعبة الكرة. هل حدث أن قدّمت له نصائح؟ في كل الأوقات، ودائما أكون خلفه فهو محظوظ بأن له والد بطل عالم وعليه أن يغتنم ذلك. نشأت في حي فقير فكيف تمكنت من توصيل معاناة الأطفال المحرومين مقارنة بالأطفال المدلّلين كابنك؟ أقول له دوما إنه حتى يتمكن من النجاح عليه أن يقوم بالكثير من التضحيات، يجب عليه أن يعمل بجد لأنه بدون تضحيات لن يتمكن من تحقيق أي شيء، ودائما أذكّره بأن والده عمل بجد حتى وصل إلى المستوى الذي كان عليه، لكن ماتوس ليس الطفل المدلل الذي تتعقد وكل ما أعطيه إياه عليه أن يستحقه. لماذا لقب ببيتو هذا؟ إنه اسم مصغر لاسم روبرتو. إنها عادة في البرازيل إعطاء ألقاب للأطفال من خلال استخدام أسماء مصغرة. هل أنت الوحيد في عائلتك من كان له مشوار كهذا في كرة القدم؟ نعم، لكنني لست الوحيد من لعب كرة القدم، شقيقي الأكبر لعب في فريق باهيا والتحقت به وفي هذا الفريق تمكن من التوقيع على أول إجازة لعب كرة القدم، ولدي شقيقان آخران لعبا أيضا كرة القدم ونحن عشرة إخوة في العائلة سبعة أولاد وثلاث فتيات. هل كانت لك الفرصة لمساعدة أطفال الأحياء الفقيرة؟ إنني أعمل رفقة زميلي السابق جوجينيو (مساعد دونڤا حاليا) منذ عشر سنوات على تحسين الأحوال في الأحياء الفقيرة من خلال مشروع مساعدات اجتماعية وتمكنا من مساعدة 940 طفلا محروما، وبفضل الإمكانات التي نملكها نحاول أن نساعد أكبر عدد من أطفال الأحياء الفقيرة. لماذا أحسن اللاعبين البرازيليين ينشأون في أحياء فقيرة، ؟ الفقر يجعلنا نكبر، كل طفل في البرازيل أو في أي بلد آخر لديه أحلام في هذه الحياة، وأنا شخصيا كان حلمي هو اشتراء منزل لوالدتي، وحتى لمّا كنت صغيرا كنت أدرك أنه إذا ما أردت بلوغ ما أطمح إليه عليّ أن أكون لاعب كرة قدم جيّد، وهذا الأمر حفزني كثيرا عن بقية رفقائي وجعلني أشتغل وأعمل بجدية كبيرة لأحقق حلم طفولتي، واعتقد أن هذا الأمر يعد حلم كلّ طفل فقير في العالم ليخرج من حالة الفقر التي يكون عليها في الصغر. هل اشتريت بيتا لوالدتك؟ نعم لقد اشتريت منزلا جميلا لوالدتي مباشرة بعد أول عقد احترافي وقعته، فلم أنتظر لبعض الوقت أو أتردّد، بل لم أكن حتى أطيق النظر إليها وهي تعاني، كنت أعرف أيضا أن راتب والدي البسيط لا يمكنه من اشتراء منزل، وهذا كله سأحكيه لابني حتى يعرف من أين جاء والده وما هي الصعوبات التي واجهته سواء من أجل والديه أو من أجل أن يعيش ابني في رفاهية، وأعلمه أيضا أن يكون دائما متواضعا أمام كل الناس. لماذا البرازيليون يملكون مهارات فنية جيّدة؟ إذا كانت لكم زيارة إلى البرازيل فستعرفون الإجابة، شيء بسيط جدا سترون عددا كبيرا من الأطفال والشبان يعلبون كرة القدم طيلة النهار، وهذا برأيي إجابة عن سؤالك، بل حتى المساحات الصغيرة تجد أن الأطفال يستغلونها للعب كرة القدم، سواء على العشب في الشواطئ، في أرضيات غير صالحة، بل حتى على الطريق التي بها الزفت ستجد طفلا يروّض الكرة ويلعب، وهذا شيء جميل جدا. كرة القدم عندنا هي أكثر من رياضة، فهي عميقة، وتملك مكانة قوية لدى الجميع، بل نحن نعتبرها مثل الديانة، نعم ديانة. انتهى الأسبوع الأول من “المونديال”، فما هي أولى تعاليقك على المستوى الذي ظهرت به المنتخبات؟ للأسف الشديد، ضعيف جدا، فالجانب البدني طغى على الجانب التكتيكي وهذا ما لا أحبذه، بل لا قول عنه إنه رياضتي المحبوبة، فالمنتخبات التي حضّرت بشكل جيد من الناحية البدنية هي من فازت بلقاءاتها، وهذا ما جعلني أقول إن التركيز كله على الجانب البدني. للأسف، فكرة القدم تغيّرت كثيرا، وحتى اللاعبون أصحاب المهارات الفنية العالية من دورة لأخرى يقلون، بل يمكنني أن أعدّهم على أطراف أصابع اليد الواحدة، وأحسن دليل على ما أقول هي النتائج التي شاهدنا والتي كانت قليلة من حيث الأهداف المسجلة، بخلاف ألمانيا التي سجلت في مباراتها الأولى أربعة أهداف، وبخلافها لم نشاهد سوى ( 0-0) أو (1-0) (الحوار أجري قبل مباراة الأرجنتين- كوريا الجنوبية). هل برازيل “دونڤا” تقدّم أحسن عرض؟ نعم، دونڤا يقوم بعمل كبير وجبار منذ تسلّمه مقاليد العارضة الفنية للمنتخب، فهو يريد تحقيق نتائج أحسن، وهذا ليس بالأمر السهل أو الهيّن، وهو يعمل حاليا على المزج بين اللاعبين أصحاب المهارات العالية مثل روبينيو، كاكا، ومن الناحية البدنية مثل مايكون ولوشيو.. اعتقد أن البرازيل لم تملك دفاعا قويا وكبيرا مثل الذي تملكه حاليا، وهذا ما سمح ل دونڤا من الفوز ب “كوبا أمريكا” في 2007، وأيضا كأس ما بين القارات في 2009. في البرازيل لا يجب فقط أن نفوز، ولكن يجب ألا ننسى أن كرة القدم تبقى دائما في البرازيل لامعة وساطعة بمواهبها وطريقة لعبها، وهذا ما يسير فيه دونڤا بطريقة جيدة. هل تابعت مباراة الجزائر وسلوفينيا؟ للأسف الشديد لا، فقد كانت لدي انشغالات في ذلك اليوم، وهذا ما جعلني أضيّعها. حينما نسألك عن كرة القدم الجزائرية، فما هو الشيء الذي يتبادر إلى ذهنك؟ مباراة الجزائر و البرازيل سنة 1986 حينما وجدنا صعوبات كبيرة للتغلب عليكم. هناك لاعب أحترمه وأحبه كثيرا، إنه ماجر هو إنسان مميّز، بل هو كبير (عيناه تلمعان من شدة افتخاره بما يقول). لماذا ماجر يعجب عددا كبيرا من البرازيليين؟ لأنه بكل بساطة برازيلي، فهو يلعب بطريقة برازيلية، فطريقة لعبه هي تشبه طريقة لعبنا بكلّ التفاصيل، لمسته للكرة، تقنياته، مهاراته وحسّه الفني جعلوه لاعبا كبيرا وقويا وماهرا، ولا يوجد أيّ شك فيما أقول.. ماذا يفعل ماجر حاليا؟ يشتغل حاليا محللا رياضيا في قناة “العربية”، وهي قناة منافسة ل “الجزيرة”.. آه.. هذا جيد، قدّموا له تحياتي الخالصة إذا ما اتصلتم به هاتفيا، فأنا أحبه كثيرا. فريق إسبانيا، البلد الذي لعبت فيه كثيرا، خسر وكانت مفاجأة كبيرة أمام سويسرا، هل من تعليق؟ لا أعرف ما الذي يحدث مع إسبانيا، فهي تملك خيرة اللاعبين في العالم، وهم يلعبون بطريقة جيّدة بالكرة، ولكن الظاهر أنهم لا يريدون الفوز بكأس العالم، فإذا ما كنت تريد الفوز بكأس العالم ليس أن تملك تشكيلة قوية وكبيرة، بل يجب أن يكون لديك الرغبة والطموح، وللأسف الشديد هي ملاحظات شدّتني حينما تابعت مباراتهم الأولى أمام سويسرا. روماريو كان صديقك المقرب في منتخب “السيليساو“، هل مازلتما على اتصال؟ من الطبيعي أن نظل على اتصال، نتصل ببعضنا بشكل مستمر وأحيانا نلتقي، كما تعلم في الفريق الذي فاز بكأس العالم 1994 كنا كأسرة واحدة وليس من السهل أن ترى أفراد أسرة واحدة يتفرّقون سواء تعلق الأمر ب روماريو، دونڤا، مزينيو أو ماورو سيلفا الذي يتواجد معي هنا بجنوب إفريقيا، الاتصالات بيننا لم تنقطع أبدا حتى بعدما أنهينا مشوارنا الرياضي، الروابط التي تجمعنا قوية جدا وفيها نوع من الخصوصية وهذا ما ساعدنا على تحقيق الانتصارات في الملاعب. هناك العديد من اللاعبين الجزائريين الذين يتميزون بالمواصفات البدنية التي تملكها، كيف يمكنهم أن يحقّقوا النجاحات في المستوى العالي بهذه البنية؟ بالذكاء والثقة في النفس، أتذكر عندما ذهبت للعب في “ديبورتيفو لاكرونيا” سألني بعض الصحفيين البرازيليين عما إذا كنت أستطيع أن أنجح في بطولة تعتمد كثيرا على الجانب البدني، فضربت لهم موعدا بعد بضعة أشهر ليروا بأنفسهم هل سأنجح أم لا، في الحقيقة هذه هي الحياة يجب أن لا نشعر بالخوف من الهزيمة وعدم النجاح وإلا فمن الأفضل أن نجلس في المنزل. بالنسبة لي سواء في حياتي الشخصية أو في كرة القدم لم ينتابني الخوف بأتم معنى الكلمة من قبل، أعرف جيدا أن قوتي البدنية ليست جيدة لكنها لم تكن حاجزا أمامي، بالعكس كانت بمثابة محفّز دفعني إلى استعمال ذكائي لصنع الفارق، فكرة القدم لا تعتمد فقط على القوة البدنية بل هناك كذلك العمل في التدريبات اليومية التي يجب أن تتميز بالجدية وكذا طريقة العيش مهمة جدا إذ على اللاعب أن يحترم أوقات النوم والأكل وغير ذلك، كل هذه العوامل يمكن أن تساعد اللاعب على تحقيق النجاح. ما هو المنتخب الذي ترشحه للفوز بكأس العالم؟ المرشحون هم الذين تتداول أسماؤهم لنيل اللقب العالمي في كل مرة وهو أمر طبيعي بالنسبة لي، لأنهم وببساطة هم دائما الذين يتقدمون للأدوار النهائية، البرازيل الأرجنتين، إيطاليا وألمانيا. كأس العالم عبارة عن لعب سبع مباريات ويجب أن نتحكّم في أعصابنا حتى نستطيع مجاراة النسق العالي خلال اللقاءات السبعة، يجب أن نؤمن بحظوظنا إلى آخر لحظة حتى في الأوقات الصعبة فاللقب يعود إلى الفريق الذي يتحكّم في أعصابه. من هم في رأيك اللاعبون القادرون على البروز وخطف الأنظار في هذا المونديال؟ إنهم كثيرون على غرار ميسي، كريستيانو رونالدو، كاكا، روبينيو، مايكون، لوتشيو، خوان، جيرارد، روني، هيڤواين وغيرهم، فلكل لاعب طريقته الخاصة وهناك من يستطيع أن يصنع الفارق بمفرده ويغيّر مجريات مباراة بمفرده وتسجيل الأهداف، وهناك كذلك لاعبين مردودهم مرتبط بطبيعة اللقاء ويساهمون في تسيير مجريات المباريات سواء في وسط الميدان والدفاع كل على حسب منصبه، وسيبرزون في هذا المونديال في حال كانت منتخباتهم في المستوى المطلوب. ما هي الرسالة التي يمكن أن توجهها للجزائريين؟ أحييهم بحرارة، وبالنسبة للاعبين الجزائريين أطلب منهم أن يلعبوا بطريقتهم وأن يكونوا قدوة حسنة للشبان والأطفال الصغار الذين يتابعونهم بشغف ويقلّدونهم في مختلف تصرفاتهم ويريدون أن يشبهونهم، ومن الضروري أن يأخذوا مثل هذه الأمور بعين الاعتبار لأننا متابعون من طرف الأطفال وعليهم بذلك أن يمنحوا مثالا جيدا وصورة مشرّفة لغيرهم وأن يؤكدوا للأطفال أنهم لا يفقدون مبادئهم ولا يتغيّر فيهم أي شيء حتى عندما يصبحون نجوما مشهورين. ومن هو اللاعب الذي تعتبره مثالا يُقتدى به في المنتخب البرازيلي حاليا؟ إنه كاكا. دائما أطلب من ابني الصغير أن يجعله مثاله في الحياة وقدوته لأنه إنسان رائع ودائما يحافظ على مبادئه وتقاليده رغم الشهرة الواسعة التي وصل إليها.