مجلس الوزراء: رئيس الجمهورية يسدي أوامر وتوجيهات لأعضاء الحكومة الجديدة    استقبل وفدا عن مجلس الشورى الإيراني.. بوغالي: الجزائر وطهران تربطهما علاقات تاريخية    تمتد إلى غاية 25 ديسمبر.. تسجيلات امتحاني شهادتي التعليم المتوسط والبكالوريا تنطلق هذا الثلاثاء    "رواد الأعمال الشباب، رهان الجزائر المنتصرة" محور يوم دراسي بالعاصمة    مشروع القانون الجديد للسوق المالي قيد الدراسة    عرقاب يستقبل وفدا عن الشبكة البرلمانية للشباب    رئيس الجمهورية يوقع على قانون المالية لسنة 2025    عبد المجيد زعلاني : مذكرة الاعتقال ضد نتانياهو وغالانت زلزال قانوني وقضائي    الخبير محمد الشريف ضروي : لقاء الجزائر بداية عهد جديد ضمن مسار وحراك سكان الريف    غرس 70 شجرة رمزياً في العاصمة    ساعات عصيبة في لبنان    صهاينة باريس يتكالبون على الجزائر    نهب الثروات الطبيعية للصحراء الغربية : "يجب قطع الشريان الاقتصادي للاحتلال المغربي"    الرابطة الثانية: إتحاد الحراش يتعادل بالتلاغمة ومولودية باتنة تفوز على جمعية الخروب    يرى بأن المنتخب الوطني بحاجة لأصحاب الخبرة : بيتكوفيتش يحدد مصير حاج موسى وبوعناني مع "الخضر".. !    حوادث المرور: وفاة 2894 شخصا عبر الوطن خلال التسعة اشهر الاولى من 2024    تركيب كواشف الغاز بولايتي ورقلة وتوقرت    شرطة القرارة تحسّس    الدكتور أوجرتني: "فتح الأرشيف وإعادته للجزائر مطلب الكثير من النخب الفرنسية"    اختتام الطبعة ال14 للمهرجان الدولي للمنمنمات وفن الزخرفة : تتويج الفائزين وتكريم لجنة التحكيم وضيفة الشرف    صليحة نعيجة تعرض ديوانها الشعري أنوريكسيا    افتتاح الطبعة ال20 من الصالون الدولي للأشغال العمومية : إمضاء خمس مذكرات تفاهم بين شركات وهيئات ومخابر عمومية    الجزائر العاصمة : دخول نفقين حيز الخدمة ببئر مراد رايس    بوغالي يستقبل وفدا عن لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بمجلس الشورى الإيراني    تبسة: افتتاح الطبعة الثالثة من الأيام السينمائية الوطنية للفيلم القصير "سيني تيفاست"        ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 44211 والإصابات إلى 104567 منذ بدء العدوان    العدوان الصهيوني على غزة: فلسطينيو شمال القطاع يكافحون من أجل البقاء    الكاياك/الكانوي والباركانوي - البطولة العربية: الجزائر تحصد 23 ميدالية منها 9 ذهبيات    الألعاب الإفريقية العسكرية: الجزائرتتوج بالذهبية على حساب الكاميرون 1-0    مولوجي ترافق الفرق المختصة    مولودية وهران تسقط في فخ التعادل    قرعة استثنائية للحج    المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي عائلة الفقيد    التعبئة الوطنية لمواجهة أبواق التاريخ الأليم لفرنسا    دورة للتأهيل الجامعي بداية من 3 ديسمبر المقبل    مخطط التسيير المندمج للمناطق الساحلية بسكيكدة    حجز 4 كلغ من الكيف المعالج بزرالدة    معرض وطني للكتاب بورقلة    45 مليار لتجسيد 35 مشروعا تنمويا خلال 2025    دخول وحدة إنتاج الأنابيب ببطيوة حيز الخدمة قبل نهاية 2024    الشروع في أشغال الحفر ومخطط مروري لتحويل السير    نيوكاستل الإنجليزي يصر على ضم إبراهيم مازة    إنقاذ امرأة سقطت في البحر    "السريالي المعتوه".. محاولة لتقفي العالم من منظور خرق    ملتقى "سردية الشعر الجزائري المعاصر من الحس الجمالي إلى الحس الصوفي"    السباعي الجزائري في المنعرج الأخير من التدريبات    سيدات الجزائر ضمن مجموعة صعبة رفقة تونس    حادث مرور خطير بأولاد عاشور    دعوى قضائية ضد كمال داود    وزارة الداخلية: إطلاق حملة وطنية تحسيسية لمرافقة عملية تثبيت كواشف أحادي أكسيد الكربون    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زيدان – بلاتيني...عملاقان في مواجهة خاصة
نشر في الهداف يوم 02 - 06 - 2010

منذ سنة 1966 والمنتخب الفرنسي منضبط الحضور والمشاركة في نهائيات كأس العالم. لكن مشاركات فرنسا ارتبطت إما بميشال بلاتيني أو بزين الدين زيدان.
غير أن هذه المرة وفي جنوب إفريقيا سيغيب نجما الكرة الفرنسية عن الملاعب وسيكون القميص الفرنسي غائبا عنه اسم نجمين كان تاريخهما ساطعا في سماء الكرة الفرنسية، لذلك فضّلت “فرانس فوتبول” جمع قطبي الكرة الفرنسية، وتركهما يتحدثان في جو أخوي ورياضي كبير، دام لما يقارب الساعة والنصف في “وستن بالاص” بمدريد، مقر إقامة الإتحاد الأوروبي لكرة القدم، والذي يترأسه الفرنسي “ميشال بلاتيني”، أين استقبل زيدان وكان له حديث شيق من ذكريات ومواقف بقيت راسخة في ذهنيهما، كما يتحدث الرجلان عن مشواريهما الحافلين بالإنجازات، ويعرج كل منهما إلى المنتخب الفرنسي. فبلاتيني الذي حمل ألوان فرنسا في ثلاث محطات مونديالية (1978، 1982، 1986) وزين الدين زيدان الذي نزل عليه ضيفا في مدريد وحمل ألوان الديكة في مونديال (1998، 2002 و2006)، يحكيان ويسألان ويجيبان عن أمور كثيرة وشيقة ندعكم معها في هذا الحوار.
لنبدأ مرحلة الأسئلة، كلاكما يحمل ذكريات خاصة عن كأس العالم، هل يمكننا معرفة ما يدور منها في ذهنيكما الآن؟
زيدان: في الأماكن التي كنا نلعب فيها ونحن صغار بمرسيليا، أتذكر أنها كانت موجودة كأس العالم هناك، ليست من الذهب ولكنها كانت من الألمنيوم (يضحك)، كنت صغيرا جدا، كانت تبدو لي منافسة كأس العالم متعذر بلوغها، وبعدها حينما كبرت وصرت أحد لاعبي المنتخب الفرنسي في كأس العالم، نجحت في الفوز بها وفي فرنسا، ويومها كان شعوري لا يوصف ولا أقدر حتى على الكلام عنها، من شدة فرحتي بها والفرحة التي أدخلتها للشعب الفرنسي، بل تبقى كأس العالم ذكرى خالدة في مشواري.
في أي حقبة بدأت تهتم بها؟
في مونديال المكسيك سنة 1986.
أليس في سنة 1982؟
بعض الشيء، مع مباراة فرنساألمانيا الغربية، فقد كانت مؤلمة بعض الشيء، فقد شاهدت كل المباراة، من دون أن أتابع باقي المنافسة، وقد كان عمري وقتها عشر سنوات، ولكن ذكريات الحقيقة بدايتها كانت في مونديال 1986، حيث كانت كل العائلة متجمعة في قاعة الاستقبال داخل البيت والتي لم تكن تتجاوز 15 مترا نشاهد فيها التلفاز.
بلاتيني: الصور كانت بالأبيض والأسود..
زيدان: لا.. لا بالألوان كانت الصور.. تعلم فقد كانت صورك، فقد كنت أتابعك أنت والمنتخب الفرنسي، وقد كنت أشاهدك في بعض المرات مع نادي جوفنتوس الإيطالي.
بلاتيني: أنا أول صور تابعتها كمتفرج، تعود إلى 20 سنة من قبل، يعني في سنة 1966. أتذكر جيدا، فقد تابعت المباراة النهائية بين إنجلترا وألمانيا الغربية، وقد كانت المباراة الوحيدة التي تابعتها، بينما قبلها فقد سافرت في عطلة صيفية، ولم يكن موجودا في المكان الذي كنت به جهاز تلفزيون لأتابع مباريات البطولة، وكما تعلم فإنه في ذلك الوقت لم تكن تبث جميع المباريات في التلفزيون.
وقد كنت أسمع عن مباريات كرة القدم أكثر من التي أشاهدها وأتابعها، ولم يكن لدي معايير أمام عيني لأشاهدها أو أتأثر بها، كنت أسمع عن نتائج، حوادث، وأخبار طريفة تمنيت أن أعيشها وأشاهدها، وقد كنا نعيش على أساطير وأشخاص وهمية لم نشاهدها، مثل بيلي، دي ستيفانو، لأنه في المكان الذي كنت فيه بإيطاليا كانت هناك مقاه لا تتحدث سوى عن البطولة الإيطالية وكانوا عشاقا إما للإنتير أو ميلان، كما كانت رابطة أبطال أوروبا للأندية هي الأخرى تشد حديث الناس بكثرة وقتها.
وماذا عن كأس العالم؟
بلاتيني: كنت أحلم بها بكل صراحة، وبسببها فإنه في سنة 1978 ذهبت الى الأرجنتين ليس من أجل ربح المال وإنما لتحقيق حلم الطفولة، كانت أول مفاجأة لي عندما ذهبت (يضحك)، كنت في عالم آخر في ذلك الماضي، كرة القدم الفرنسية بدأت تخرج من العدم، كنا في سنة 1978 وليس في 1998 ولم نكن قد رأينا شيئا.
زيدان : مقارنة بميشال، كانت لدي الصور، كانت مختلفة وكانت ملموسة أكثر.
بلاتيني : (يقاطع)، حاليا أريد اللعب مثل زيزو، كنا تلميذين لعالمين مختلفين، وقريبين من كرة القدم، بكل واقعية كان الفرق بيننا ضئيلا.
زيدان : عندما ترى اللاعب رقم 10 في المنتخب الفرنسي، تتعرف عليه، إنه أمر غير طبيعي أن ترى منتخب 1986 لا يفوز بكأس العالم، بقدر ما كانت صورتهم عالية، أظن أنها كانت من بين أحسن التشكيلات على مر التاريخ.
ميشال لم يقل ذلك أبدا، لكن في 1984 كان في لياقة مذهلة، وسجل تسعة أهداف، ولكن سنتين من بعد عانى من إصابة على مستوى العانة.
بلاتيني : جئت إلى المكسيك مستنفد الطاقة، كنت مصابا منذ مدة لكنني واصلت اللعب مع فريقي الذي كان يستهدف اللقب، كانت الأمور معقدة من الناحية المعنوية، هذه الوضعية كانت مؤثرة من كلا الجانبين وفي الصميم، ويجب أن ترى من أين جئنا، لم تكن لدينا كرة قدم عالية في فرنسا، جيل 1958 مثلا كان على الهامش ولم نستفد منه شيئا، كانوا قد ضمنوا جيل مكانة تجارية في شركة “أديداس” أو في أماكن أخرى، لم نكن نعرف شيئا عنهم ولم يصلنا أي شيء من عندهم، أما جيل زيدان فكان حاضرا من الناحية الذهنية لكي يفوز بكأس العالم، أما نحن فلم نكن جاهزين من الناحية الذهنية لكي نحقق ذلك الإنجاز.
زيدان : أنت تقول أنك لم تكن جاهزا؟
بلاتيني : بالتأكيد، في 1986 كان يجب أن نفوز بها.
زيدان : كان يجب أن تفوز بها بالنظر إلى التشكيلة التي كانت تضمها فرنسا، لأنها كانت ربما هي الأحسن لكل الأوقات.
بلاتيني : ليست الأحسن، كانت مختلفة فقط.
بلعبة بسيطة نقارن بين الجيلين، أين يكمن الفرق؟
بلاتيني : منتخب 2000 الذي فاز بالكأس الأوروبية، كانت تشكيلة مثالية، أما منتخب 1958 الذي أنهى البطولة ثالثا كان جيدا أيضًا، ولكن لا مجال للمقارنة، لأنهما لعبا في أوقات وظروف مختلفة تماما، المليونا شخص الذين احتفلوا في “شونزيليزي” في 1998 كانت تلك الفرحة نتيجة للسنوات العجاف والنتائج السلبية، ونقصد الظلم الذي تعرضنا له في سنتي 1982 و1986، (يتوقف قليلا)، لا يجب الدخول في هذا الطرح الذي لا يحمل أي معنى، على كل حال الأحسن لكل الأوقات هو جيل 1998، إنكم أبطال العالم، إنكم أبطال العالم، (كررها مرتين)، (يتوقف من جديد)، كان لنا الحظ أن نرى ثلاثة أجيال جيدة، أتمنى أن يبني الجيل الحالي تاريخه بيده، فمثلا جيل غوركوف لم يفعل مثلما فعل جيل فاركروز فيريري، وكلاهما فشل في مسيرته.
أحيانا الفوز يلعب على أمور صغيرة...
بلاتيني : (يأخذ زيدان كشاهد) كرة القدم جميلة ومعقدة في نفس الوقت، فمثلا في نهائي أورو 2000 إيطاليا كانت أحسن منكم بكثير، بالرغم من أنكم أنتم من فاز باللقب.
زيدان : وفي نهائي 2006 العكس هو الذي حدث.
بلاتيني : نريد دائما أن نضع كرة القدم كمعادلة رياضية، لكن هذا مستحيل، فأشياء بسيطة تستطيع أن تغيّر الأمور.
المشاركة في النهائي تعد ضغطًا يفرض على عاتق اللاعبين الكبار الذين لا يملكون خيارا آخر، ونضع كل آمالنا عليهم، مثلا زين الدين شارك في ثلاث مناسبات مختلفة...
بلاتيني : (يبقي زيدان في مكانه) كم كان عمرك في 1998 ؟
زيدان : 26 سنة.
بلاتيني : 26 سنة كنت قد أصبحت شيخا (يضحك).
زيدان : تقول هذا بالنظر إلى الشعر (أشار إلى جبهته الصلعاء).
بلاتيني : الضغط الذي كان عليك مقارنة بسنك وفي تلك الفترة، بقدر ما كنت نجما، فأنا مثلا في سنة 1978 كنت في الظل، وبعيدا عن الأنظار التي كانت موجهة لهنري ميشال وجيلو، وكانا يبلغان من السن 30 سنة.
أنا كان عمري حينها 20 سنة في سنة 1986 كان الفرق شاسعا، كنت أحس بالمسؤولية على كل المجموعة المطالبة بالفوز، كنت أحس أن الجميع ينتظر مني كل شيء، وحتى اللاعبين أيضا وكل الناس تعتمد عليك، لأنك بكل بساطة تعرف اللعب، لا أظن أن الأنصار يفكرون في اللاعب الذي يكون على كرسي الاحتياط.
في 1986 و2006 كانت لكما فرصة آخر مشاركة في نهائيات كأس العالم وكشفتما عن كل إمكانياتكما وكنتما في سن متقدمة..
زيدان : بالنسبة لي الأمر بسيط، أنا كلما كانت المباريات مصيرية كان الضغط ينقص عليّ، في 2006 اللعب ضد البرازيل مثلا كان ينقص ثقل الهزيمة علينا، وبالتالي لعبنا كان يتحسّن، وكان ظاهرا للعيان.
بلاتيني : لمّا كنت مع نانسي كنا نتنقل إلى سانت إيتيان، ولما كنت في جوفنتوس وتتنقل إلى أسكولي تحسّ نفسك قويا، وهذه في حياة لاعب كرة القدم، وإذا كان لديك فريق قوي تلعب أينما تريد، لا تخشى أحدا.
زيدان : لا تخشى أحدا، هناك عامل آخر : قبل المباراة أمام إسبانيا، كل الصحافة الإسبانية فتحت صفحاتها باسمي، وكانت تقول : “سوف نرسله نهائيا إلى التقاعد“، ولم يحترموني، ولا أجد شيئا يحفزني أكثر من هذا، وكنت أريد أن أحصد كل شيء.
بلاتيني : في 1978 لم يكن أحد ينتظر منا شيئا أمام إيطاليا، وفي 1986 وأمام نفس المنافس كنت قد تكهّنت بنتيجة المباراة عشية اللقاء (2/0).
زيدان : الضغط ينتهي مباشرة بنهاية الدور الأول.
وفي 2006 مثلا ؟
زيدان : ضد سويسرا أظهرنا مستوى متوسطا.
وضد كوريا الجنوبية لم تكونوا جيّدين أيضا ؟
زيدان : لم أقل هذا أبدا، وسأقول لكم لماذا، أهديت كرة لتيري هنري وجها لوجه مع الحارس ولكنه ضيّع الفرصة،، شيء يحدث لكل اللاعبين ليس هناك مشكل، ولكن في اللقطة الموالية أخذت بطاقة صفراء حرمتني من المشاركة في المباراة الموالية، وخمس دقائق من بعد دومينيك أخرجني من أجل إقحام تريزيغي، هنا تأسفت كثيرا لذلك.
لماذا ؟
زيدان : لكي تسجل هدفا هو من اختصاص تريزيغي، لكن لكي تمنح كرة فهذا من اختصاصي، لهذا غضبت.
إذن يمكن اعتباره تغييرا غير سليم للمدرب؟
زيدان: إنه أكثر من تغيير غير سليم. شعرت أن الأمور كان يجب أن تسير بطريقة أخرى، ولم أتقبل الأمر تماما حيث شعرت ببعض من الحسرة، لكن الأمور بعد ذلك عادت الى مجراها الطبيعي، خاصة أن مع التشكيلة التي كنا نملكها كانت توجد الحلول على مستوى كل الخطوط.
بلاتيني : تتكلم عن التمريرات، جيلنا كان جيل يحسن التمريرات كثيرا وكانت ماركة مسجلة باسم جيلنا، فالكرة كانت تدور بين لاعبينا بطريقة جميلة، وحتى المدافعون كانوا يشاركون في اللعب، فالمدرب هيدالغو لم يكن يستدعي اللاعبين الذين لا يتقنون التمرير.
زيدان : أعود إلى قصتي، فييرا وماكيليلي إنهما لاعبان يمكن اعتبارهما ظاهرة في منصبيهما، لكن لا يكون الأمر كذلك حين يتعلق الأمر بالتمريرات الحاسمة، لهذا انتابتني نوبة غضب حين أخرجني المدرب.
ثلاث مشاركات لك ميشال وثلاث أخرى لك زيدان، ماذا كانت مهمتكما بصفتكما قائدين حقيقيين؟
بلاتيني: قائد التشكيلة هو الذي يمنح الفوز في الأخير للمنتخب، سواء كان الرقم 10 أو لا، وأعتقد أن زيدان من هذه الناحية كان يصنع اللعب للمنتخب الفرنسي أكثر مني، بما أني كنت ألعب أكثر في الهجوم، أما زيدان فقد كان يلعب على العرض أكثر ويجري أكثر، وأذكر أني انتقدته على هذا الأمر عندما كان شابا.
ماذا تقصد؟
نزلت عنده في غرف حفظ الملابس وتكلمت معه قليلا، حيث قلت له: لا تبعثر نفسك كثيرا ولا تتعب نفسك، تقدم الى الأمام وحاول اختراق المحور، ومن حين لآخر يجب أن تقوم بهجوم خاطف.
وهذا هو الكلام الذي تريد أن تقوله اليوم للاعب “غوركوف”، أليس كذلك؟
أنا لا أعرف “غوركوف” ولم أعد أعرف أي أحد في المنتخب الفرنسي، الآن جاء الدور على زيدان، هو من عليه أن يقول له هذا الكلام!
زيدان: هناك منتخب جديد يتشكل وعليه أن يأخذ الأمور بجد ويتحكم في زمام الأمور، مثلا في المخالفات يجب أن يفرض نفسه بإبعاد الآخرين (يجب أن يمزج بين اللغة والإشارات)، مثلا أن يقول: لا تلمس الكرة أنا من سينفذ الضربة.
مثل ميشال خلال مشاركته الأولى أمام تشيكوسلوفاكيا سنة 1976، أليس كذلك؟
بلاتيني: (يضحك) لقد قلت حينها لهنري ميشال: لا تتدخل في شيء سأقوم بتنفيذ المخالفة، أنت يجب أن تمركز نفسك في وسط الميدان. لكن يجب أن أشير الى شيء مهم، مهمتي لم تكن معقدة مثل مهمة زيزو، وأقل تعقيدا مما يواجهه غوركوف اليوم.
إنه الدور الذي يتحمّله الرقم 10، أليس كذلك؟
بلاتيني: اللاعب رقم عشرة هو اللاعب الذي يملك علاقات مع جميع اللاعبين داخل الميدان، وهو ما يشكل جمال ومتعة هذا المنصب، فريبيري مثلا أو موليدا على الرواق يعرفان مهمتهما وما الذي يجب عليهما أن يقوما به، لكن الرقم 10 لا يمكن تحديد مهمته، ولا يعرف أبدا ما ينتظره. الآن غوركوف لازال شابا ولازال متذبذبا في مستواه، والخبرة حتما ستعطيه أكثر قوة، وسيتعلم الكثير من الأمور، يجب أن نمنحه بعض الوقت، (يتوقف قليلا)، في السنوات الأخيرة لم نشاهد لاعبين صانعي لعب حقيقيين، فمارادونا وزيكو كانا يلعبان في الهجوم أكثر من صناعة اللعب، لكن مع زيدان اقتربنا أكثر من “دي ستيفانو” والذي لم أشاهده يلعب، أما كرويف فتجده في كل مكان من أرجاء الملعب.
زيدان: على كل حال يجب أن تعرف كيف تفرض نفسك، ليس بالكلام فقط، فلا يكفي أن تقول أني جيد، بل يجب أن تبرهن عليه فوق الميدان.
بلاتيني: أنا كنت أكثر انفتاحا من زيزو الذي كان كتوما للغاية، لكن فوق الميدان الأمور تتغير، فالرفاق سيساعدونك دون شك إذا كنت ستقدم الإضافة، ولا يمكن لك أن تقول لهم أنا هو الزعيم، هذه الطريقة لا تسير مع أحد، لكن إمكاناتك وما تصنعه هو ما يحدد ذلك، فمن سجل أول هدف في “ستاد دو فرانس“ ضد إسبانيا، من سجل هدفين ضد البرازيل في النهائي إنه زيدان، من سجل أجمل هدف في تاريخ كأس رابطة أبطال أوروبا إنه بالطبع زيدان، كل هذا رغم أنه ليس هدّافا، لكنه يقلب موازين أي لقاء.
أنت تتحدث عن هدفه أمام بايرن ليفركوزن سنة 2002؟
ميشال بلاتيني: (يقاطع)، أفضل هدف لزيدان في حياته كان من المفروض أن يكون في مرمى بوفون في نهائي كأس العالم سنة 2006، سجل هدفًا وكان سيخرج مثل الملك، على كل حال أنا أيضا أفضل هدف في حياتي لم يكن ناجحًا، وهو الذي سجلته في مرمى أركونادا خلال أورو 84.
أين كان تفكير أركونادا في ذلك الوقت، هل كان على سطح القمر ؟
بلاتيني : لا، القذفة كان لا يمكن التصدي لها ولم تكن في متناول أركونادا. في مثل هذه المناسبات التصرف في الوقت المناسب هو الأساس. فان باستن، الهدف الأغلى في حياته سجله في نهائي كأس أوروبا سنة 1988، وكان في منتهى الروعة.
زيدان : هدفي في مرمى ليفركوزن، حتى لو حاولت معاودته لن ينجح أبدا. أعتقد أنه يصلح أن تنتظره لكي يبرمج في ومضة إشهارية. لكن في الحقيقة لن أتمكن من معاودته.
تحدثنا عن الرقم 10، هذا المنصب على وشك الانقراض، اليوم صنع اللعب يعتمد على الأجنحة، مثل رونالدو، ميسي، رونالدينيو ريبيري...
بلاتيني : نعم هذا صحيح، لكنه مسؤولية المدربين.
زيدان : حسب رأيي صنّاع اللعب لا زالوا موجودين، على سبيل الذكر “انييساتا” و”غزافيي”.
بلاتيني : على المدربين أن يحسنوا استعمالهم.
أنت زيدان هل لديك ميل للعب على الجهة اليسرى مع ريال مدريد تحديدًا ؟
زيدان : (يضحك) كان علي أن ألعب على الجهة اليسرى أو لا ألعب تماما. لم يكن لدي خيار آخر، مادام “فيغو” كان قد ضمن مكانه على الجهة اليمنى. من أجل المحافظة على توازن الفريق لعبت على الجهة اليسرى دون أن تكون لي القدرة على الانطلاقة المطلوبة لكل لاعب يلعب على الأطراف. المدرب مطالب بإعداد مجموعة مكوّنات، وعليه أن يفكر جيدا لوضع هذه المكونات في مناصبها الأكثر ملاءمة حتى يحقق التوازن بين الدفاع والهجوم.
ميشال هل تشاطره الرأي ؟
“بيرلو” مثّل هذا الجيل في منصب رقم 6، ولكنه يلعب وكأنه رقم 10، مثل “غزافيي”، أنا لو كنت مدربا لوضعت كل هؤلاء اللاعبين في المحور، وأطلب منهم الفوز بالمباريات، لا أؤمن لا بالمدربين، ولا بالناخبين، أؤمن فقط باللاعبين. بإمكاننا أن نقحم اللاعبين في مناصب حسب الخطة التي نريد انتهاجها، تحس دائما بالحلول فوق الميدان. نبني اليوم خططا للّعب تسمح للاعبين سيئين بلمس أكبر عدد من الكرات، وهذا أمر مقلق أليس كذلك ؟ هذا ليس من فلسفة “هيدالغو” الذي كان دائما يطلب أن نحصل على الكرة وأن نضمن تمريرها، لأنه في هذا الوقت بالذات يكون المنافس محروما من الكرة، بل هو أقرب إلى فلسفة “هيوليي” التي تقوم على أن تمريرات أقل تسمح بسرعة أكبر وبأهداف أيضًا.
بلاتيني الإبن، وزيدان الإبن الذي يتسلّم المشعل ويقود المنتخب الفرنسي من جديد، هل فعلا تحسان أنهما قادران على خلافتكما؟
بلاتيني : ربما موجود، لكننا لا نعرفه. بالنسبة لابني، انتهى الأمر، أما بالنسبة لابن زيدان علينا أن نعرف.
زيدان : لا لا، في كل الحالات يجب أن ننتظر الوقت، مثلي.
بلاتيني : لم يكتب شيء من قبل، هنري ميشال أتذكر جيدا أنه قال لي شيئا حقيقيا : “لا تعرف إن كنت لاعبا كبيرا أم لا إلا في نهاية مشوارك”. بعد عشرين سنة، نريد أن نجعل من اللاعبين في الأصناف الصغرى نجوما. حذار إنه الجيل الذي سيأتي ويكتب مشواره في التاريخ، اليوم لا أحد يؤمن بهذا الجيل، لكنني أتذكر جيدا أنه في 1998، لم يكونوا كثيرين أولئك الذين كانوا يؤمنون أنه بإمكان المنتخب الفرنسي أن يعود ويكتب اسمه في التاريخ...
زيدان : في المباراة الودية الأخيرة أمام فنلندا قبل موعد كأس العالم، وقبل أن تقع الكارثة، كان هناك عنصر فجّر هذا الفوز أمام منتخب جنوب إفريقيا في مرسيليا، كل شيء بدأ من هنا.
لكن المجموعة كانت متحدة ومتضامنة أيضًا، أليس كذلك؟
زيدان : هناك شيء قوي بيننا، أكثر من شيء آخر...
لهذا سعيت لجلب “ماكيليلي” و”تورام” إلى مجموعتكم في 2005 ؟
زيدان : عودتهما وعودتي سمحت لنا بخلق أجواء جيدة وصلبة داخل المجموعة.
هذه الصلابة ليس باستطاعتك أن تعرف من أين تأتي هل من النتائج الايجابية أم من أمور أخرى، لكن لا تشعر بها إلا عندما تعيشها داخل المجموعة. لكن عندما تكون خارجها فإنه ليس باستطاعتك أن تعرف شيئا.
عندما تعرف أشياء صغيرة جدا في تاريخ الرجال، هنا ينبغي عليك أن تختار رجلا، أو ناخبا، لكي يكون هذا التاريخ ناجحا.
المدرب المقبل للمنتخب الفرنسي سيكون “لوران بلان” هل هو الخيار الجيد؟
بلاتيني : اعتقد أن “لوران” الرجل المناسب. الجميع يحتفظ له بصور رائعة، وبالتالي بإمكانه تكوين مجموعة رائعة.
زيدان : أكثر من رائع. “ديديي ديشان” له أفضلية تدريب النوادي، هو رجل الميادين، أكثر من “لوران“ الذي يعد أحسن مدرب للمنتخب، هو الدور الذي يليق به وللمنتخب الفرنسي أيضا، هذا مثالي.
بلاتيني : فلسفته قريبة جدا إلى الناخب. “ ڤي رو” و”فينغر” أقلقاني عندما قالا إن مهمة تدريب المنتخب الوطني يجب أن تمنح إلى مدرب متقدم في السن. أحترمهما وأحبهما، لكنهما أخطآ باعتقادهما هذا. إذا كان لدي الحكم يوما ما في الاتحادية سأعمل لكي لا يكونا مدربين للمنتخب الفرنسي. القيمة لا تقاس بالسنوات. وأضيف شيئا آخر هو أن الاتحادية أحسنت صنعا لما قررت تعيين لوران بلان قبل بداية كأس العالم.
كيف اكتسبت زين الدين تلك الصلابة التي جعلتكم تفوزون بكاس العالم 1998؟
زيدان: الصلابة التي اكتسبناها سنة 2006 جاءت بفضل جهود كبيرة، لكن انطلاقا من مجموعة تتعارف فيما بينها جيدا.
بلاتيني: عندما تدخل الحرب ومعك ماكيليلي تكون في أمان تام، فهو الذي يقوم بالعمل في كل مكان، لكن عند الوصول إلى أهم نقطة، زيدان هو الذي يقوم باللازم وهو الذي يعطيك الحلول، حيث يحدث دائما الفارق، لهذا يمكن القول إنه هو من يكسبك اللقاء.
زيدان: عندما يكون لديك مجموعة قوية من اللاعبين مثلما يملكه المنتخب الفرنسي حاليا، ويكون لديك لاعبون جاهزون ولم يلعبوا كثيرا مثل تيري هنري فإنك تملك أسلحة فعالة من أجل تحقيق النجاح... هنا يأتي عمل المدرب الذي يعتبر الأهم، حيث يتوجب عليه خلق روح جماعية وتوحيد القوى.
بلاتيني: لا أعتقد أنه مهم لهذه الدرجة، فقد كنت مدربا أنا أيضا وأعرف جيدا كيف تسير الأمور.
زيدان: إذن يمكن لجدتي أن تدرب المنتخب الفرنسي! عندما تكون فوق الميدان فأنت تدافع أيضا عن المدرب. إذا كانت العلاقة جيدة بينك وبينه ووضعك في ظروف حسنة، هذه العلاقة بالنسبة لي مهمة للغاية.
بلاتيني: لكن ليس المدرب من ينزل إلى الميدان ويلعب، قبل اللقاء يمكن أن يفعل شيئا ما، لكن خلاله لا.
لكنه يسمح للمجموعة باللعب بطريقته الخاصة، مثلما فعل هيدالغو معك يا ميشال؟
زيدان: أو مثل ما فعله إيمي جاكي معنا، فقد منحنا الرغبة للذهاب جميعا معا في مغامرة جديدة.
بلاتيني: هيدالغو طبّق نظرية خاصة فرض على المجموعة احترامها. أنا أؤمن بهذه الطريقة لكننا لم نحارب من أجل هيدالغو بل حاربنا من أجل أنفسنا. ففي وقت سابق كان الكل يتساءل إن كان جيراس يستطيع اللعب معي في وقت واحد، بل لعبنا معا رفقة تيغانا و جانجيني وشكّلنا وسط ميدان المنتخب الفرنسي. كنا نلعب من أجل بعضنا البعض وكنا نحارب ونشمر على سواعدنا من أجل ذلك، هذه هي عقليتنا.
زيدان، هل كنت تحترم نظرية مدربك في 2006؟
زيدان: نعم، لكن اليوم الحكاية هي حكاية أخرى، لا يمكنهم القيام بمثل ما كان عليه الحال قبل أربع سنوات.
بلاتيني: هذا طبيعي فاللاعبون ليسوا أنفسهم الذين لعبوا في 2006، لم تنجح الطريقة في 2008 لأن اللاعبين تغيّروا.
زيدان: هذا صحيح، لكن مادمت قد نجحت في وقت سابق يجب المحاولة مرة أخرى.
بلاتيني: أقول إن المدرب ليس هو الحلقة الأهم في المنتخب، فما عليه سوى اختيار مجموعة جيدة، واختيار ثلاثة أو أربعة رواد في التشكيلة، بعدها الأمور تصبح خارجة عن يده. اللاعبون هم من يتحركون فوق الميدان والمغامرة تصبح ملكهم. فمثلا في مونديال 1998 سجل لوران بلان الهدف الذهبي أمام باراغواي، لكن 6 سنوات قبلها كان في الوضعية نفسها تقريبا وقذف الكرة خارج الإطار وأقصينا من أورو 92، ماذا يعني هذا؟؟، ما هي مسؤولية المدرب هنا؟، أنا أؤمن بالحضور البدني، خلق مجموعة جيدة وبعدها هذه المجموعة هي التي تقوم باللازم، هي التي تفوز أو تخسر، وحتى إن كان مورينيو يأخذ بيده زمام الأمور فلا يمكنه أن يجعل من “ديسي لي مولينو” (مكان في فرنسا) بطلة العالم.
ماذا عن منتخب فرنسا؟
بلاتيني: لننتظر أوّلا كيف ستكون عليه الأمور هذه المرة، صحيح أن التصفيات كانت صعبة للغاية، لكننا دخلنا الآن منافسة جديدة وكل العدادات عادت إلى الصفر. أعتقد أن الفرصة ستكون مواتية للمنتخب الفرنسي.
زيدان: إنه جمال كرة القدم، لا يمكن أن نعرف أي شيء قبل أن يحدث، وبما أن العديد من الأشخاص يعتقدون أن المنتخب الفرنسي لا يستطيع اجتياز الدور الأول، فالتحدي سيكون كبيرا أمام المنتخب الفرنسي.
تيري هنري سيشارك للمرة الخامسة في كأس العالم ما رأيكما؟
بلاتيني: (مازحا)، هذا الشخص يقلقني، لقد حطم كل أرقامي، واحدا بعد الآخر.
وكيف هي نظرتك إليه؟
بلاتيني: إنه يقدم ما تنتظره منه، سنعفو عنه إن لم يكن جيدا فوق الميدان، لكن داخل المجموعة يلعب دور الرائد بكل قوة.
زيدان: هنري لم يلعب كثيرا هذا الموسم، يعرف جيدا أنه يلعب آخر كأس عالمية له وسيجد نفسه في الوضعية نفسها التي كنت عليها في 2006، أظن أنه يحضر في نفسه لهذا الحدث وعليه أن يكون قويا في ذهنه.
بلاتيني: لم يلعب كثيرا مع برشلونة وهذا عبء ثقيل على عاتقه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.