رفعت عدد من جماهير الدول العربية أعلام الجزائر بعد أن خالف منتخب “الخضر” كافة التوقعات وتعادل دون أهداف أمام نظيره الإنجليزي العملاق في المجموعة الثالثة الجمعة الماضي وأبقى ممثّل العرب الوحيد على آماله في التأهل إلى الدور الثاني... وقد أخذ اللقاء أمام الولاياتالمتحدةالأمريكية منحى آخر، حيث يرى الجميع أنه لا يحمل طابعا رياضيا فحسب، بل تحمل من السياسة ما يجعل كل العرب يقفون في صف المنتخب الوطني الجزائري وجمعت الجزائر العدو والصديق أمام الوحش الأمريكي. معلّقون عرب يُفجّرون حناجرهم من أجل “الخضر“ وقال محمد بركات، وهو معلّق رياضي ليبي: “نريد أن نفوز على الولاياتالمتحدةالامريكية، إذا لم يكن بوسعنا أن نهزمها سياسيا أو إقتصاديا، فيمكننا أن نفعل ذلك في ملعب كرة القدم على الأقل”، وعقّب عليه المعلق التونسي عصام الشوالي بكلماته الرنانة بأن كل العرب وراء ممثل العرب الوحيد وقال: “كلنا مع الجزائر التي ستعلب أمام الأمريكان وكلنا سنكون بقلوب خضراء الأربعاء المقبل”. ورغم أن واشنطن حليف سياسي للكثير من حكومات دول الشرق الأوسط إلاّ أن العرب يشكّون منذ فترة في أن سياسات الولاياتالمتحدة في المنطقة تقف وراء الصراعات والمشاكل الإقتصادية بينهم، وأضاف الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة ضد العراق إلى المشاعر المعادية للأمريكيين . “فايس بوك داير حالة“ وظهرت جماعات عربية وإسلامية على موقع “فايس بوك” الإجتماعي تحث على مؤازرة الجزائر، ورفرفت أعلام الجزائر في شوارع العاصمة السودانية الخرطوم، حيث تأهل الفريق الجزائري إلى نهائيات كأس العالم بعد غياب 24 عاما. وكان كثيرون يتوقعون أن تُنزل إنجلترا هزيمة ساحقة بالجزائر، لكن الفريق الإنجليزي خرج من الملعب تُلاحقه صافرات الإستهجان من جماهيره بعد أن عجز عن هز شباك المنتخب الجزائري. مصريون تجاوزوا الأزمة ويُظهرون تعاطفهم وحتى بعض المصريين تجاوزوا هزيمة منتخب بلادهم -بطل إفريقيا ثلاث مرات متتالية- وضياع بطاقة التأهل إلى نهائيات كأس العالم منه أمام المنتخب الجزائري في لقاء فاصل في أم درمان وتمنّوا فوز الفريق العربي. وقال محمود بسيوني وهو سائق سيارة أجرة مصري: “أريد أن يفوز منتخب الجزائر لأنه المنتخب العربي الوحيد في كأس العالم“، وقال مسؤول أمني مصري: “إذا فازت الجزائر على الأمريكيين فقد تتأهل إلى الدور التالي وسيكون هذا شرف للعرب“. مواطن سوداني: “فوز الجزائر سيفرح له حتى المصريون“ وقالت اللبنانية فادية خليل (35 عاما) على أحد الشواطئ بالقرب من بيروت: “أنا بنسبة 100 % ضد الأمريكيين لأنهم سبب جميع المشاكل التي نُعاني منها”، وأكد السوداني سمير الطيب أن المباراة ستكون متوترة لأن الأمر لن يتوقف فقط على الرياضة، بل سيتعداه إلى السياسة والاقتصاد، وقال: “اللعب أمام منتخب إنجلترا لا يتعلق بكرة القدم فقط، أما اللعب أمام أمريكا فهو أكثر من ذلك، فوز الجزائر على الولاياتالمتحدةالأمريكية سيكون رائعا لأي عربي حتى المصريين “ . الجزائر ستكون ثالث منتخب عربي يتأهل ويأمل الكثير من العرب أن يكون منتخب الجزائر ثالث منتخب عربي يقتطع تأشيرة التأهل إلى الدور الثاني، فبعد المغرب في 1986 بالمكسيك والسعودية سنة 1994 بالولاياتالمتحدةالأمريكية، يأمل الجميع أن يروا “الخضر” يمرون إلى الدور ثمن النهائي في ثالث مشاركة للجزائر في المحفل العالمي. ----------------------------------------------- أمريكا لم تنهزم أمام العرب والأفارقة إلاّ مرة في 16 سنة الأخيرة قبل المواجهة الواعدة أمسية الغد بداية من الساعة الثالثة بين الجزائروالولاياتالمتحدةالأمريكية التي ستلعب ب “تشيوان” في بريتوريا، والتي سيتحدّد فيها بنسبة كبيرة اسم واحد من المنتخبين اللذين سيتأهل إلى الدور الثاني، فإن المنتخب الأمريكي سيكون على موعد لمواجهة منتخب إفريقي وعربي مجددا بعد أن كانت آخر مواجهة له في هذا الإطار أمام مصر قبل سنة بالضبط تقريبا من الآن (يوم 21 جوان 2009) في إطار كأس القارات والتي فاز بها رفقاء دونوفان بثلاثية نظيفة كرّست تفوّق أمريكا على المنتخبات العربية والإفريقية في السنوات الأخيرة حيث انهزمت مرة واحدة خلال 16 سنة الأخيرة، وحصل هذا أمام غانا في نهائيات كأس العالم الفارطة بألمانيا. 8 إنتصارات، 3 تعادلات و7 هزائم في كل تاريخ مبارياتها وقبل مواجهة الغد فإن منتخب أمريكا كان قد واجه سابقا 18 مرة إما منتخبا عربيا أو منتخبا إفريقيا، حيث كانت المرة الأولى يوم 8 جوان 1987 في دورة دولية جرت بعاصمة كوريا الجنوبية أمام المنتخب المصري، وهي المواجهة التي فاز بها منتخب الفراعنة بنتيجة 3/1، وقد لعب منتخب الولاياتالمتحدةالأمريكية في مجموع هذه اللقاءات 6 لقاءات رسمية من بينها 5 في كأس القارات ولقاء في نهائيات كأس العالم، في حين أن بقية المواجهات كانت كلها في إطار ودي وقد فازت أمريكا ب 8 لقاءات مقابل 3 تعادلات و7 هزائم. السعودية والمغرب أكثر المنتخبات مواجهة لأمريكا إذا كانت الجزائر ستقابل غدًا أمريكا للمرة الأولى في تاريخها، فإن الأمر ليس كذلك بالنسبة لبعض المنتخبات العربية الأخرى التي سبق لها أن واجهت الولاياتالمتحدةالأمريكية في العديد من المرات في صورة العربية السعودية التي واجهت أمريكا في 6 مناسبات كاملة سابقا سواء في إطار ودي أو رسمي، ولم تكن السعودية وحدها التي واجهت أمريكا كثيرا بل نجد أن المغرب واجه أيضا ذات المنافس في 3 مناسبات في إطار مواجهات ودية، في حين أن مصر لعبت في مناسبتين أمام الولاياتالمتحدةالأمريكية. الجزائر ستكون أول منافس عربي لأمريكا في المونديال وسيكون المنتخب الوطني أول منافس عربي سيواجهه المنتخب الأمريكي في إطار نهائيات كأس العالم، ما دام أنه لم يسبق له أن واجه أي منتخب عربي في السابق، حيث أنه لم يلعب إلا ضد منتخب إيران في دورة فرنسا 1998، ومثلما هو معروف فإن إيران بلد مسلم ولكنه غير عربي، وستكون الجزائر ثاني منتخب إفريقي ستواجهه الولاياتالمتحدةالأمريكية في نهائيات كأس العالم بعد مواجهته غانا في دورة ألمانيا السابقة (2006)، حيث يومها كان قد فاز زملاء إيسيان باللقاء بنتيجة 2/1، وهو الأمر الذي نأمل أن يتكرّر غدا مع الجزائر. --------------------------------------- “الجزيرة الرياضية” صرفت المليارات والتشويش يُكلّفها الكثير صرفت قناة “الجزيرة الرياضية” ملايين الدولارات من أجل تغطية كأس العالم بكل إحترافية وأوفدت طاقما ضخما إلى جنوب إفريقيا، الأمر الذي جعلها تتطلع إلى جلب أكبر عدد من الجماهير، لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن حيث تشهد القناة معاناة لم تكن في الحسبان، ما جعلها تتكبّد خسائر كثيرة، وربما لن تجني أي فائدة من هذا المونديال الذي كانت تتطلع إلى جمع أموال طائلة منه، خصوصا أنها حصلت على حقوق النقل الحصري للمحفل العالمي على مستوى المنطقة العربية. تشويش عالي الحدة وسمعة القناة على المحك وباتت سمعة القناة محفوفة بالكثير من المخاطر، بالرغم من أن “الجزيرة الرياضية” هي الرائدة في الوطن العربي ودخلت حتى على المستوى العالمي، لأن التشويش الذي تعرضت له قنواتها لا يزال عالي الحدة والأغرب من كل هذا أنه مقتصر على القمرين الصناعيين العربيين عرب سات ونيل سات، وهو ما جعل القناة تخسر الكثير من المشاهدين على المستوى العربي والأكثر من كل هذا أن التشويش يكون بقوة في المباريات الكبيرة. 35 مليون دولار مصاريف إقامة فقط وقدّر مصدر في قناة “الجزيرة الرياضية“ تكلفة البعثة التي تتواجد في جنوب إفريقيا بنحو 35 مليون دولار (نحو 30 مليون أورو)، وقال المصدر ذاته إن هذا المبلغ يغطي فقط إقامة ومصاريف البعثة الإعلامية التي وصل عدد أفرادها إلى ما يقارب 400 فرد ما بين مذيعين ومحللين ومعلقين ومراسلين، بالإضافة إلى مشرفين فنيين وعدد كبير من رجال العلاقات العامة لأجل تأمين وتسهيل مهمة الوفد الإعلامي، ولا يدخل في المبلغ ما سيتم صرفه من رواتب المحلّلين الذين تم التعاقد معهم لأجل تحليل مباريات كأس العالم حسب المصدر نفسه. البعثة توزّعت على 8 مدن وتم توزيع أعضاء البعثة على 8 مدن، حيث يتم تخصيص استوديوهات لكل مباراة على حدة، وتتواجد البعثة الرئيسية في العاصمة جوهانسبورغ، حيث يتم نقل الأخبار مباشرة من استوديوهات خاصة، كما يتم تخصيص4 معلّقين لكل مباراة من قلب الحدث، إثنان بالعربية على القناتين الصوتيتين الأولى والثانية، فيما يتم التعليق باللغتين الفرنسية والإنجليزية على قناة كأس العالم. التشويش يزداد على المباريات المنقولة على القناة المفتوحة ولاحظنا منذ بداية المونديال أن التشويش يكون بدرجة كبيرة على المباريات المنقولة على قناة “الجزيرة الرياضية 2“ المفتوحة، وهناك مباريات أخرى تشهد تشويشا كبيرا كتلك التي تم بيع حقوقها للتلفزيونات الأرضية العربية وهو أمر إحتارت منه “الجزيرة الرياضية” لأنها وجدت أن المباريات التي يتم نقلها على القنوات العربية تستقطب مشاهدة الجماهير العربية لتلك القنوات دون “الجزيرة” ومن ثم تكون القناة هي الخاسر الأكبر. خسائر الإشهار بالمليارات ولم تتكبّد “الجزيرة الرياضية” خسائر في المشاهدين فقط، بل كانت هناك خسائر كبيرة على مستوى الإشهار، حيث توجهت العديد من المؤسسات إلى القنوات المحلية لأجل عرض منتجاتها لأنها رأت عزوفا شديدا من المشاهد العربي عن متابعة المباريات على القناة القطرية، وبذلك تضمن المؤسسات المعلنة إشهارا لمنتجاتها ومشاهدة للجميع وبأقل تكلفة لأن الإشهار يكون على المستوى المحلي مادام البث أرضيا فقط، بالتالي تكبدت “الجزيرة” خسائر بالجملة لأنها خسرت الكثير من المؤسسات المروجة لمنتجاتها التي ألغت العديد من عقود الإشهار أو حتى تلك التي كانت تنوي التعاقد ثم تراجعت عن ذلك. وجنت “الجزيرة الرياضية“ الكثير من الأرباح من بيع بطاقات الإشتراك بكأس العالم، لكن المشاهد العربي تم حرمانه من المتابعة الممتعة لا لشيء سوى لأن “الجزيرة الرياضية“ لم تجد حلا للتشويش. فسخط الجماهير العربية عموما والجزائرية على وجه الخصوص كان شديدا لأنها اقتنت العديد من البطاقات ولم تستمتع بالمشاهدة، وحتما سيتقلّص عدد المشاهدين في المستقبل لأن الجماهير تريد خدمة عالية المستوى نظير الأموال التي تدفعها.