لا نسأم أبداً من التحدث إلى اللاعب الغاني السابق لأولمبيك مرسيليا عبيدي بيلي الحائز على كأس أوروبا للأندية البطلة سنة 1993، يعدّ مناضلا حقيقيا لكرة القدم الإفريقية والذي بذل كل مجهوداته من أجل أن يمنح تنظيم كأس العالم للقارة الإفريقية. بيلي يتحدث لنا بصراحته المعهودة عن مختلف المواضيع التي تخص هذا المونديال الذي يجري في جنوب إفريقيا. يبدو أن وزنك زاد، هل توقفت عن التدريب؟ لم ترني منذ عامين، فقد كنت أعاني من زيادة أكبر في الوزن (يضحك)، ولكن منذ أن عدت إلى التدريبات وأصبحت ألعب بعض المباريات مع الأصدقاء تحسنت حالتي بعض الشيء وفقدت الكثير من وزني. كيف تردّ بالإيجاب على كل طلبات الصحفيين رغم أنها عديدة؟ هذه هي طبيعتي، فأنا أريد أن أكون لطيفاً مع كل الناس، خاصةً أننا نحن اللاعبين بدون الصحفيين لا نساوي أي شيء. صحيح أنه في بعض الأحيان أنزعج بعض الشيء للطلبات العديدة ولكنني تعوّدت على ذلك الآن ولا يوجد هناك أي إشكال في الأمر. من حين إلى آخر من الضروري أن يكون هنا حديث عنّا وبالتالي فأنا مستعد لتلبية تلك الطلبات، ولا أنزعج حتى وإن كان الحديث عن السلبيات. إذا أرد على كل الطلبات فذلك احتراماً للجمهور واحتراماً أيضاً للصحفيين. أعتبر أنه من غير المعقول أن ينتظرك صحفي لمدة ساعتين أو ثلاث ولا تردّ بالإيجاب على طلبه للحديث معه. كرة القدم منحتني الكثير: النفوذ، الاحترام وغيرها، وبالتالي فإذا وصلت إلى ما هو عليه الحال الآن فذلك كان بفضل الصحفيين. كنت من بين الذين ناضلوا من أجل أن يمنح حق تنظيم المونديال لجنوب إفريقيا، ما رأيك الآن في النصف الأول من هذه المنافسة؟ أنا جد سعيد حقاً أن جنوب إفريقيا تمكنت من انتزاع حق استضافة المونديال، والفضل في ذلك يرجع إلى رجلين هما داني جوردان (رئيس اللجنة المنظمة الجنوب إفريقية للمونديال) وأنا. نحن من كنا ننام في الطائرة في التنقلات الطويلة من أجل الدفاع عن حق تنظيم المونديال لهذا البلد الإفريقي، بحيث أننا وصلنا إلى غاية المملكة العربية السعودية. نحن إذاً من نجحنا في جلب هذه المنافسة العالمية إلى بلد نيلسون مونديلا وقد ناضلنا حتى في المرة الأولى التي رفض فيها ملفنا. نحن كنا في الجبهة الأمامية ونردّ على الأسئلة المحرجة التي كان يطرحها البعض علينا، كميشال بلاتيني، وهذا حول الترشيح الإفريقي للمونديال. كانوا يقولون لنا : “لديكم السيدا، لديكم الملاريا، لديكم حروب في كل مكان، فكيف تريدون أن تنظّموا كأس العالم”. وقد كان ردّنا أنه من أجل كل هذا كنا نتمنى أن نحتضن كأس العالم لنري للعالم أننا قادرون على تنظيم منافسة من هذا الحجم وأنه لدينا الإمكانيات لذلك. لقد كانت المهمة صعبة بالنسبة لنا، بحيث أننا فشلنا في انتزاع حق تنظيم المنافسة في المرة الأولى سنة 2006، بسبب أحد الأعضاء الذي كان قد رفض الانتخاب وهو ممثل نيوزيلاندا. ورغم ذلك أقنعنا بلاتير وسبعة أعضاء من المكتب التنفيذي وفي الأخير انتزعنا 11 صوتاً في حين أن ألمانيا انتزعت 12 صوتاً. لقد كان الجميع حزيناً في جنوب إفريقيا. بعد عودتنا، اتصل بي رئيس البلد في ذلك الوقت توماس مبيكي وقال لي حرفياً : “نحتاج إليك”. اجتمعت به وأكد لي أنه بما أننا حققنا 11 صوتاً، أي بفارق صوت واحد فقط عن ألمانيا، فذلك يعني أنه سيكون لدينا فرصة أخرى لاحتضان المونديال في المرة المقبلة. ووعدني بأن يضع كل الإمكانيات المادية من أجل أن تنجح جنوب إفريقيا في تنظيم المنافسة الغالية، وبالتالي فقد منحت موافقتي وعدت إلى غانا من أجل أن ارتاح بعض الشيء. بعد شهرين فقط أعدنا كل شيء، بحيث كان يجب التنقل إلى كل البلدان، الحديث إلى الحكومات والبرلمانات وإقناعهم ولكنني الآن وبعد أن رأيت النتيجة فأنا مرتاح للغاية. هل تعتقد أن الذين كانوا يعارضون، مثلما كان الحال مع ميشال بلاتيني، تغيّر رأيهم؟ (يضحك)، بلاتيني صديق فنحن نتواجد في نفس اللجنة في الفيفا. أحترم وجهة نظر صديق لا يتقاسم معي نفس الشعور ونفس المبادئ ورغم ذلك أؤكد أن هذا السؤال في محله. لم أره بعد وربما أراه في لقاء النهائي وسأطرح عليه السؤال لأعرف رأيه الآن بعد تنظيم جنوب إفريقيا للتظاهرة العالمية. لم يكن الوحيد الذي كان متشائماً للموضوع، بل هناك العديد من الأشخاص الذين كانوا لا يثقون في جنوب إفريقيا، ولكن وفي الأخير يمكن القول أن نجاح هذا البلد في احتضان المنافسة العالمية لا يعود فقط إلى الأفارقة، بل إلى العديد من الأشخاص. والشيء الجميل هو أن الكل سعيد، فالبيض والسود يتمتعون ويرقصون على أنغام “الفوفوزيلا ”. هل تريد القول أن المصالحة بين البيض والسود في إفريقيا الجنوبية توطّدت؟ نعم، البيض يحسّون الآن أنهم في بلدهم أيضاً، فيجب أن نعرف أنه بعد أن أخذ السود زمام الحكم في جنوب إفريقيا، كان يعتقد البيض أنهم غير مرغوب فيهم في هذا الوطن، ولكن هذا المونديال الذي نظّم في هذا الوطن غيّر من وجهة نظرهم. الآن كل السود والبيض ومختلطي الأعراق يحسّون أنفسهم أنهم من بلد واحد. الصعب أن يستمرّ الوضع حتى بعد كأس العالم.. أظن أن الأصعب هو ما نجح مونديلا في تجسيده وهو تعزيز الوحدة الوطنية. عندما صعد إلى السلطة، الكثير كان قد خاف على حياته والعديد من الناس هربوا إلى بلدان أخرى، ولكنه طاف بتلك البلدان وقال لهؤلاء البيض أنهم عليهم العودة إلى بلدهم الذي يبقى في حاجة إليهم، وأنه إذا لم يعودوا فإن جنوب إفريقيا ستعاني. ألا تخشون أن ننسى مثل هذه الأمور بمجرد انتهاء عرس المونديال؟ لا، لأن هناك كأس عالم واحدة وليس اثنتان، ولو كان هناك كأسان للعالم في هذه القارة ربما كنا نخشى أن ننسى مثل هذه الأمور. هل هناك فرصة لأن يحتضن بلد إفريقي آخر المونديال؟ نعم، بطبيعة الحال. أي بلد بإمكانه أن يحتضن كأس العالم ؟ (يتردد)، أكيد أن هناك بلدا قادرا على تنظيم كأس العالم. هل تفكّر في مصر؟ لا، لا أفكر في مصر. إذاً، غانا، بلدك؟ لا، ليست غانا. ربما المغرب؟ نعم، المغرب قادرة على تنظيم كأس عالمية. المغرب كانت قد تنافست مع جنوب إفريقيا للظفر بشرف تنظيم كأس العالم 2010.. أرى أن المغرب ستكون قادرة على تنظيم كأس العالم. عن قريب أو على المدى البعيد؟ عن قريب، وسنناضل من أجل ذلك. هل أنت مستعدّ لمدّ يد الدعم لبلد إفريقي آخر بعد أن قدّمته لجنوب إفريقيا من قبل؟ (يضحك)... عندما أقول المغرب، هذا يمكن أن يفسّر كل شيء. ألا ترى أن “المونديال“ نجح جماهيريا ولكنه فشل رياضيا بما أن أغلب المنتخبات الإفريقية خرجت من الدور الأول، وهل أنت متحسّر؟ إنها خيبة بالنسبة لي، ول “دوني جوردان“ أمس (الحوار أجري أول أمس) كان لنا إجتماع على مستوى لجنة التنظيم، وكان الجميع حزينين لهذا الأمر. هل ترى أن هذه النتائج غير عادلة أم أن هذه هي الرياضة؟ أقول إنها الرياضة، المنتخبات الإفريقية كان لها فرص للفوز والحصول على نقاط في مقابلاتهم، مثلما هو الشأن لحالة المنتخب الكاميروني وكذا كوت ديفوار، هذا الأخير كان في مجموعة صعبة للغاية. وعن الجزائر كان فريقا قويا نعم، وكان في المباراة الأولى متوسطا ووجدت مستوى الفريق رائعا في اللقاءين الآخرين. كيف رأيت خيارات المدرب رابح سعدان على الصعيد الهجومي؟ لا أحب الحديث عن المدربين، أتكلم عن الفريق، بخصوص الهجوم، ليست الجزائر فقط التي تعاني من مشكل هداف حقيقي، ولكن كل المنتخبات الإفريقية، كل منتخبات القارة السمراء التي شاركت خلقت فرصا للتسجيل، ولكن لم تتمكن من تجسيدها وتسجيلها. هناك أيضا غانا التي سجّلت هدفين ولكنهما جاءا من ركلتي جزاء؟ هذا فعلا ما كانت أقوله، المنتخبات الإفريقية لم تتمكن من التسجيل من الفرص التي تتاح لها. وقبل أن تسجّل أمريكا هدفها فإن الجزائر هي التي ضيّعت فرصة حقيقية بالرأس، والهجوم المعاكس أعطى أمريكا الهدف، رغم أن المنتخبات الإفريقية تملك مهاجمين من أعلى مستويات، مثل دروڤبا أو إيتو، إلا أننا متأسفون من هذه النتائج والإقصاءات. ألا يوجد مشكل تنظيم، حيث استقدم منتخبا نيجيريا وكوت ديفوار مدربين جديدين أشهرا قليلة قبل كأس العالم؟ لا أعتقد أن هذه هي المشكلة الحقيقية، ولكن صحيح أن أخذ مدرب 4 أشهر قبل كأس العالم محيّر، وأنا شخصيا حزين كثيرا من كل ما يحدث في الكرة الإفريقية خلال كأس العالم هذه، كان من المفترض تمرير رسالة وهو أن القارة الإفريقية كبيرة جدا، إلى درجة أن 5 فرق في المونديال قليل، الآن المنتخبات تدافع عن هذه الرسالة، وينبغي تقديم الحجج والبراهين التي تقنع بها الآخرين. لقد فقدنا الأمل قليلا بسبب نتائج كأس العالم هذه، إذا كان فريق إفريقي وصل إلى نصف النهائي أو النهائي حتى وأن ذلك لن يكون كافيا لنفوز بمناصب أخرى في كأس العالم للقارة الإفريقية، لكن كنا سنقول للناس: انظروا ماذا يمكن لإفريقيا أن تفعل، لكن الوضع الحالي لن يستمرّ. غانا الفريق الإفريقي الذي أدّى ما عليه، هل أنت فخور وألا ترى أنه يوجد ضغط على الفريق؟ نعم، أنا فخور وبالأخص بتنظيم اللاعبين، ونوعية إمكاناتهم البدنية والمعنوية، هذا الشيء يشعرني قليلا بالارتياح، خاصة بخصوص المستقبل. الغانيون أدوا لقاء كبيرا أمام ألمانيا وكانت لهم فرص ولكنها لم تترجم إلى أهداف، سيطرنا، وعندما كانت ألمانيا تهاجم، كنا نهاجم أيضا، واللعب كان متكافئا جدا. كيف تنظر إلى مقابلة غانا القادمة أمام الولايات المتحدة؟ لنا فرص كبيرة للتأهل إذا واصل اللاعبون بنفس المستوى التكتيكي والفني، لن يكون لهم أي مشكل، ولكن هذا لا يعني بتاتا أن المهمة ستكون سهلة. هل يعطيك مستوى الجزائر أمام أمريكا التفاؤل قبل مقابلة الدور ثمن النهائي؟ نعم، أنتم تعلمون أن الجزائر من المنتخبات التي أحبها وأحبّ مستواها في كرة القدم، عندما شاهدت كيف لعب الجزائريون أمام إنجلترا وأمريكا، أعطاني ذلك انطباعا أنه ينقصهم شيء ما فقط لبلوغ القمة. لهذا فإن غانا إذا فعلت شيئا أكثر مما فعلته الجزائر، فإنها ستتأهل دون شك. كصانع ألعاب سابق، الأ ترى أن مغني هو من كان ينقص الجزائر؟ نعم، لأنه في كرة القدم يجب أن يكون هناك لاعبون أصحاب خبرة، أمام منتخب أمريكا، اللاعب الجزائري صاحب رقم 9 (يقصد غزال) الذي كان غائبا عن اللقاء السابق بسبب الطرد، يعدّ في نظر قوي ويمكنه أن يلعب وحده من أجل زعزعة دفاع المنافس وقد خلق فرصا للآخرين للتسجيل، أعتقد أن هناك ضعفا ما في صفوف المنتخب الجزائري، وهو ما حدث في كأس إفريقيا أمام مصر أين كانت هناك بطاقات كثيرة، هذا الشيء يؤثر على الاستعدادات، يحدث هذا رغم أنني أعلم أن الجزائرين جاؤوا بذهنية قوية، وكمكافحين.. على الصعيد الفردي، هل هناك لاعبون لا تعرفهم واكتشفتهم؟ حارس المرمى مبولجي، تكملت مع ابني (أندري أيو) وقلت له: لماذا لم تقل لي إنه يوجد حارس كهذا سبق أن لعب في مرسيليا؟ وردّ علي أن مبولحي هو صديقه ولعب في مرسيليا، ولكني لا أعرفه، رأيت فقط أن بشرته سوداء، وتساءلت كيف أنه متواجد في مرمى المنتخب الجزائري. والده كونغولي وأمه جزائرية، لهذا السبب.. لا أعرف، قال لي إبني فقط إنه من باريس، وهو ما فاجأني، لكم حارس مثل هذا ولا يلعب؟ اكتشفناه منذ فترة قصيرة فقط؟ (يضحك)... بالنسبة لي إنه خارق للعادة، كنت مستمتعا برؤيته يلعب. حسب رأيك، هل له مستوى عالمي؟ نعم بطبيعة الحال، مادام لعب كأس العالم له مستوى عالمي، كل ما يقام في العالم من بطولات وكؤوس قارية، هي أقل من كأس العالم شأنا. أمس بالنسبة للقاء غانا وألمانيا، كان هناك أكثر من 81 ألف مناصر في الملعب، هل يمكنك أن تتخيّل، دون أن نحسب الملايين عبر الشاشة الصغيرة، الاكتشاف الخارق بالنسبة للجزائر هو حارس المرمى، كان رائعا خاصة أمام إنجلترا. قبل عامين كنت تقول إن فريق 1982 لا يتكرّر، هل ترى أن فريق هذا العام يمكنه أن ينسينا ذلك المنتخب؟ حتى ننسى فريق 1982 يجب الفوز على ألمانيا، فريق سنوات الثمانينيات قام بأشياء كثيرة وتعرّض إلى مؤامرة حتى لا تمرّ الجزائر الى الدور الثاني.. ماجر، بلومي، عصاد، مصطفى كويسي ولاعبون آخرون، لا يوجد فقط لاعب أو اثنين ولكن سبعة لاعبين لهم مستوى عالمي، لا ..لا توجد مقارنة، ولكن يمكن في المستقبل.