جاي جاي أوكوشا، لاعب نيجيري سابق، تحوّل من ممارس كرة القدم إلى محلل لدى القناة الجنوب إفريقية “س.أ.ب.ك”، إلتقيناه في المرة الأولى لما أقصيت البرازيل، ثم للمرة الثانية أمام الفندق الذي يقيم فيه حيث استطعنا أن نظفر معه بحوار شيق. جاي جاي، في البداية ماذا تقول عن هذه النسخة من كأس العالم؟ لم تعجبني لا طريقة لعب الفرق ولا مهارة اللاعبين من الناحية الفنية، ما عدا المنتخب الألماني الذي بدأ بقوة، تعرفون جيدا أني أحب كثيرا اللعب الجميل، لكن لحسن الحظ مع بداية الدور الثاني أحسست بنوع من المتعة في المباريات، لأنه في هذه المرحلة عليك الفوز لتمر إلى ربع النهائي أو تنهزم وتقصى. إذن، تحب الفنيات؟ نعم، أحب كثيرا عندما أرى لاعبا يراوغ ويمر ويصنع الخطر في منطقة الدفاع، هذا هو السر الذي يجعل المباراة تشتعل حماسا ويجعل الفرجة مضمونة. إيطاليا والبرازيل أقصيتا، هل سررت بهذا؟ لماذا أسرّ لإقصاء إيطاليا و البرازيل أو حتى الأرجنتين؟، لكن هذا يعني أنهم غير قادرين على اللعب من أجل التتويج مرة أخرى بكأس العالم. لا توجد مشاعر في كأس العالم، فقط الفرق القوية تصل إلى هدفها. و لكن نحس بوجود تغيير عندما نراهم خارج السباق، ألا توافق ذلك؟ نعم بالفعل، شيء جيد أن نرى هذا التغيير، من المهم أن نرى فرقا أخرى تتنافس من أجل التتويج باللقب وهذا ما يجعل كل الفرق تؤمن بحظوظها للتتويج، سنجعلهم يحترمون أكثر المنتخبات الإفريقية، هذا شيء جميل لكرة القدم، حيث سنرى لقاءات مختلفة فإذا وضعنا فريقا آخر يواجه البرازيل فالكل سيرشح البرازيل للفوز وهذا ما أريده أن يتغير. الفرق شاسع الآن ولكن كل شيء ممكن في كرة القدم ودائما عندك حظوظ للفوز، حتى و لو جاء ذلك عن طريق المباغتة مثلما يحدث في الحرب. و بالنسبة للمنتخبات الإفريقية؟ صراحة أنا متأثر للغاية من نتائج وأداء المنتخبات الإفريقية، بالنسبة لي هي خيبة أمل كبيرة، لأننا لا نملك الحق في الفشل في أول كأس عالم ننظمها على القارة الإفريقية، لحد الآن لا أستطيع أن أتجرع هذه الإقصاءات المرة، وحدها غانا التي كانت في مستوى التطلعات رغم أنها ضيعت بسهولة تأهلها إلى نصف النهائي في اللحظات الأخيرة، إنه شيء محزن للغاية خاصة بالنسبة لبعض المنتخبات التي وصلت إلى أدوارا متقدمة في النسخ السابقة، وأنا هنا أقصد نيجيريا والكامرون. وبالنسبة لمنتخب الجزائر؟ لا، الجزائر لم تكن أسوأ من المنتخبات الأخرى، لعبتم نهائي كأس العالم في السودان أمام المنتخب المصري وتملكون لاعبين بمؤهلات كبيرة، يملكون مواهب رائعة زيادة على أنهم يقاتلون فوق الملعب، فقط ينقصهم النضج للذهاب بعيدا، لكن يجب الاحتفاظ بنفس التعداد وهذا ما يتطلبه أي فريق من أجل التطور بسرعة و اللعب بقوة في المنافسات القادمة، الجزائر استطاعت أن تفرض نفسها في المستوى العالي ومع شيء من العمل لن تجدوا صعوبات في المستقبل من أجل التربع على عرش الكرة الإفريقية، لذلك يجب عليكم أن تستخلصوا الدروس من مشاركتكم في كأس العالم. وهذا ما يقوله المدرب الوطني... لديه الحق في قول ذلك، لأن التربع على عرش كرة القدم الإفريقية هو الذي يعطيك الأمل للذهاب بعيدا في منافسات كأس العالم، فهل تريدون التأهل إلى الدور الثاني عن طريق الصدفة؟، النتائج الجيدة تأتي بالاستمرارية في العمل، لكن على العموم الجزائر عادت إلى الواجهة بعد غياب دام عدة سنوات، في مكانكم كنت سأفرح كثيرا لهذه العودة. هل شاهدت لقاء الجزائر-انجلترا؟ نعم، تابعته من خلال شاشة التلفزيون، وهذا في بلاطو القناة التي أشتغل محللا بها في كأس العالم الحالية، لم تتح لي الفرصة للذهاب إلى الملعب، لأن دوري كمحلل يمنعني من ذلك. الجزائريون لعبوا أفضل من الانجليز، حيث سيطروا لفترة طويلة، وأعتقد أن نسبة الاستحواذ على الكرة كانت في الأخير لصالح الجزائريين ب53 بالمائة، وهو أمر يدعونا لاحترام هذا المنتخب، خاصة أنه كان أمام الانجليز. لكن كان يجب التأكيد أمام المنتخب الأمريكي، أليس كذلك؟ المنتخب الجزائري لعب جيدا أمام المنتخب الأمريكي، لكني لم يكن لديه الكثير من الحلول في الخط الأمامي من أجل صنع الفارق، إضافة إلى وجود هوة بين الوسط والهجوم، وهو ما منع الجزائريين من التسجيل في هذا المونديال. في مثل هذا المستوى يجب أن تمنح كرات جيدة للمهاجمين ويجب على هؤلاء أن يحولوها إلى أهداف وأعتقد أن على المهاجمين الجزائريين أن يعملوا على تحسين تركيزهم أمام المرمى، وعلى العموم كان هناك العديد من الأمور الايجابية في المنتخب الجزائري. مثل ماذا؟ حارس المرمى كان رائعا ونفس الشيء بالنسبة لخط الدفاع، هذا هو سلاح المنتخب الجزائري، ويبقى فقط مراجعة بعض الأمور في الخط الأمامي، وأنا متأكد أن المنتخب الجزائري ليس بعيدا عن المستوى العالمي. المنتخب الجزائري قد يغير المدرب، ما رأيك في ذلك؟ قبل انطلاق المونديال كنت قد تحدثت عن هذه الطريقة التي يلجأ إليها الأفارقة، وهي تغيير المدرب في ظرف قصير، أتمنى فقط ألا تتخلوا عنه من أجل جلب مدرب أجنبي، فقد كنت أضرب المثل بالمنتخب الجزائري والمصري اللذين حافظا على مدرب محلي، ولا أعتقد أن سعدان قام بعمل سيء مع المنتخب الجزائري، بالتالي لا أفهم سبب الرغبة في تغييره، وقد يكون الأمر خطأ. لكن البعض يعتقد أنه يجب تهديم كل شيء والبدء من جديد من أجل النجاح، مثل ما فكر فيه النيجيريون الذين قرروا إيقاف المنتخب الوطني لمدة سنتين؟ في بعض الأحيان نكون مجبرين على القيام بإجراءات ردعية وتغييرات جذرية لتصحيح الأوضاع، المنتخب النيجيري يخيب الآمال منذ مدة ولا تشعر حتى أنه المنتخب النيجيري حين يلعب، وهو الأمر الذي أثار غضب الجماهير والقيادات، الأمر قد يكون ناجحا، حيث يريدون أن يصححوا الأمور ويبنوها على أسس متينة، وأنا متأكد من أن هذا الأمر سيكون أفضل وسيعطي نتائج أحسن، فلوا نرضى بهذا القدر القليل سنعود دون شك إلى الخلف، فالمثل يقول: الذي لا يتقدم للأمام يعود للخلف. هل أنت جاد؟، توافق مثل هذا القرار؟ أنا موافق لهذا الرأي وأؤيده تماما، وأنا متأكد أن الأمر سيعيدنا للسكة الصحيحة، فقرار السياسيين جاء من أجل تصحيح الأوضاع والاستجابة لمطالب الشعب من أجل تخفيف الضغط عليه قليلا، الأمر لم يكن يحتمل أن يدوم أكثر، فالشعب هو الذي طالب بالتغيير وأعتقد أن القرار صائب مئة بالمائة، فمنذ سنوات والشعب النيجيري غير راض عن منتخبه وكان يجب القيام بشيء ما. ماذا لو كنت مكان اللاعبين الموجودين في نهاية مشوارهم، هل كنت ستساند القرار؟ نعم بطبيعة الحال، فلا يجب أن يرى الأشخاص أمامهم فقط، بل يجب أن ننظر بعيدا، وعندما لا نقدم المنتظر منا يجب أن ننتظر مثل هذه النتائج، المهم أن الشعب سعيد بهذا القرار وبهذه الطريقة اللاعبون الذين سيأتون فيما بعد سيعرفون أن الأمور صعبة وجادة وسيحاولون تفادي نفس السيناريو. ولماذا تؤخذ هذه القرارات في افريقيا فقط؟ أنت من يقول هذا، كل ما عليك هو أن ترى ما يحدث عند الآخرين وستقف على حقيقة أن الأمر ليس خاصا بالأفارقة فقط، ففرنسا مثلا اتخذت قرارات صارمة، فالمدرب دومينيك ورئيس الاتحادية تمت تنحيتهما من طرف السلطات، فالسياسيون يتدخلون في الكرة كذلك في أوروبا، والأمر لا يقتصر على الأفارقة فقط، وأعتقد أنه في بعض الأحيان يجب محاسبة المدربين والقائمين عن المنتخبات، لأننا لا نلعب لأنفسنا بل من أجل تمثيل شعب بأكمله ويجب أن نعطي اهتماما لهذه الأمور.