هو إعلامي مخضرم عاش سنوات الجمر في الجزائر صحفيا محترفا في عدد من الجرائد، ثم قرر الهجرة بقلمه إلى الخليج ولا يزال الرجل يدافع بنفس الروح التي غادر بها حتى وهو يعيش في لندن. لديه مساهمات لافتة على شبكة التواصل الاجتماعي وكثيرا ما تثير آراؤه نقاشات حادة خاصة في الساحة السياسية، كان له معنا هذا الحوار لنستكشف آراءه ومواقفه عن قرب. بعد كل هذه السنوات من الهجرة هل وجدت ضالتك .. وهل يجد الإعلاميون المهاجرون ضالتهم ؟ – إذا كان السؤال يخص الجانب المادي أقول صحيح الإعلامي الجزائري الذي يملك خبرة وسمعة يجد ضالته المادية في الخارج أكثر ويحسن وضعه المالي مقارنة بوضعه وهو داخل الوطن وهذا لا ينطبق فقط على الإعلامي الجزائري بل كل إعلامي عربي هاجر إلى الخارج سواء إلى الخليج العربي أو أوروبا وأمريكا …. طبعا بالإضافة إلى تحسين المستوى من حيث اللغة والتحكم في تقنيات العمل الصحفي سواء السمعي البصري أو الإلكتروني لما تتوفر عليه هذه الدول من تطور تكنولوجي مقارنة ببلادنا للأسف الشديد.
في رأيك هل الصحافة الجزائرية في حاجة إلى الحرية أكثر أم إلى المهنية أكثر ؟ – الصحافة في الجزائر بحاجة إلى المهنية، أولا قبل الحديث عن الحرية لأن هامش الحرية صنعه الصحفي في التسعينيات وفرضه على السلطة ولم ينتظر أن تتكرم عليه بشيء، قانون الإعلام الذي صدر خلال حكومة حمروش يعتبر أفضل قانون إعلام عربي وإفريقي ومن بين أفضل قوانين الإعلام في العالم وهذا بشهادة إعلاميين غربيين صرحوا بذلك سابقا وحتى حاليا لكننا لم نحافظ عليه لاعتبارات كثيرة.
ما رأيك في القنوات الخاصة في الجزائر ؟ – القنوات الخاصة في الجزائر تجربة رائدة من حيث الشكل لكنها تفتقر للاحترافية والموضوعية وباتت نسخا مكررة للجرائد الورقية، حيث أن الساحة تشهد أكثر من 20 قناة لكن في الواقع لا نعرف ولا نتابع إلا ثلاث إلى أربع قنوات، شخصيا وكإعلامي لا أعرف أسماء المذيعين دون الحديث عن مدراء ومسيري كثير من القنوات علما وأن هؤلاء المسيرين معظمهم تجار حديد وإسمنت حتى لا نقول تجار خردة-
لماذا حاد الصحفي عن دوره وتحوّل إلى مناضل إما مع السلطة أو ضدها ؟ – الصحفي المحترف هو مناضل بالدرجة الأولى لأنه يناضل من أجل فكرة يراها تنفع المجتمع فهو مرآة المجتمع وضميرها الحي الذي ينقل هموم ومشاغل المواطن على صفحات الجرائد وحصص الأخبار والبرامج وهو بالدرجة الأولى مواطن يتأثر بالجو السياسي السائد ويميل حيث يميل غالبية الشعب … هناك من الصحفيين من يختار التموقع مع السلطة لحاجة هو يعرفها وآخر يختار التموقع مع المعارضة لنفس الغرض، لكن وفي اعتقادي الشخصي على الصحفي المحترف أن يقف ويتموقع مع الشعب ومع المواطن البسيط الذي يقف موقف الحياد لا مع السلطة ولا مع المعارضة بل مع الوطن والمواطن، ينتقد حين يكون للانتقاد معنى ويلتزم الصمت حين يكون مفيدا لمصلحة الوطن وليس لمصلحة السلطة لأن السكوت عن الفساد هو تستر وجريمة يعاقب عليها الصحفي أكثر من غيره.
كيف ترى كإعلامي مغترب الوضع السياسي والإعلامي الحالي في الجزائر ؟ – كمواطن جزائري قبل أن أكون إعلاميا أقول وبكل حسرة ما تعرفه الجزائر من فساد سياسي إعلامي وأخلاقي خلال الفترة الأخيرة لم تشهده منذ تأسيس الدولة الجزائرية الحديثة عهد الأمير عبدالقادر وما يعرفه الإعلام الجزائري من تسيب وفوضى أساء للمهنة وينطبق عليه المثل كمشة نحل ولا شواري ذبان … لأن العبرة ليست في الكمية وعدد القنوات والجرائد بل العبرة في النوعية والجودة … وبالتالي فالجزائر من عبدالقادر الجزائري إلى عبدالقادر المالي حكاية أمة.
عندما تتذكر وطنك ما هو الشيء الذي يحزنك وما هو الشيء الذي يسعدك ؟ – لست بحاجة إلى أن أتذكر وطني لأني أصلا أعيش الجزائر كل لحظة أنا لم أهاجر أبدا الجزائر تسكنني ولست بحاجة إلى أن أسكنها … عشت أربعين سنة في الجزائر ولم أعرف قيمتها جرحها وحزنها همها وتحملها ووو……إلا عندما هجرتها واكتشفت أننا ساهمنا جميعا في هذا الحزن والهم وعلينا أن نتوب ونكفر عن ذنبنا بالمساهمة في كشف ومحاربة الفساد السياسي، المالي، الأخلاقي والثقافي، الفني، الاجتماعي ووو………الجزائر تسكننا ولم نغادرها لحظة بل ابتعادنا عنها زادنا حبا وتمسكا بها أكثر فأكثر.