ح/سامية تحيي الجزائر اليوم العالمي للطفولة هذا العام في ظل الجدل القائم حول قانون الطفل الجديد الذي لقي معارضة من طرف جهات اعتبرته دخيلا على المجتمع الجزائري، خاصة في شقه المتعلق بإقحام المساعد الاجتماعي لإنقاذ الطفل الذي يواجه صعوبات على مستوى الأسرة، الحديث عن القانون الذي صادق عليه البرلمان منذ أيام أسال الكثير من الحبرعشية إحياء اليوم العالمي، حيث شكك الكثيرون عن جدواه في واقع الطفل الجزائري. أمام الارتفاع المرعب للجرائم ضد البراءة في الجزائر، والتي تجاوزت في أغلبها الخطوط الحمراء، دق أخصائيون ورؤساء جمعيات ناقوس الخطر عشية إحياء اليوم العالمي للطفولة حول واقع هذه الفئة في الجزائر، والذي يبقى محاطا بجملة من الآفات والمخاطر التي لا يتوقع كثيرون أن تعالجها حزمة القوانين الجديدة. 1300 طفل ضحية عنف خلال الثلاثي الأول من 2015 سجل مكتب حماية الطفولة بالمديرية العامة للأمن الوطني أرقاما مخيفة بخصوص الأطفال ضحايا العنف على المستوى الوطني، حيث وصل عدد الأطفال المعنفين إلى 1281 طفل ضحية عنف خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية، يأتي في مقدمتها العنف الجسدي ب 756 حالة، ثم العنف الجنسي 372 حالة، تليها سوء المعاملة ب 124، والاختطاف ب 20 حالة، ثم القتل العمدي ب 3 حالات، والضرب والجرح العمدي ب 6 حالات، مقابل 5200 حالة خلال التسعة أشهر الأولى من السنة المنصرمة 2014، و6321 خلال 2013، أرقام تؤشر إلى استقرار نسبي في حالات العنف ضد الأطفال في الجزائر وتنذر بتعرض هذه الفئة الهشة من المجتمع إلى سوء المعاملة ومختلف أشكال العنف والاستغلال، إذ وعلى رغم تكيف التشريع الجزائري مع التشريعات والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها الجزائر، إلا أنها لم تردع التجاوزات الخطرة الواقعة على الأطفال. أطفال الجزائر عرضة لمختلف أنواع العنف والاعتداء أشارعبد الرحمن عرعار رئيس شبكة ندى لحماية حقوق الطفل عن تلقي الشبكة عبر الرقم الأخضر في الفترة ما بين جويلية 2014 و ماي 2015 مكالمات هاتفية بلغ عددها18.322 مكالمة معظمها تتعلق بقضايا العنف ضد الأطفال، وفي مقدمتها سوء المعاملة والاعتداءات الجنسية والتسول وعمالة الأطفال. وفي هذا الإطار سجلت الشبكة 750 طفلا تم إشراكهم في الدعارة ذكورا وإناثا و 4.890 طفلا آخر وقعوا ضحايا سوء معاملة أو قضايا تخص عمالة الأطفال مشيرا إلى وجود فتيات مراهقات أصبحن ضحية شبكات دعارة تؤطرها جماعات أشرار ليتم استغلال بعضهن فيما بعد في الترويج للمخدرات والسرقة، وأضاف عبد الرحمن عرعار بأن هذه المكالمات مكنت أيضا من تسجيل 1.025 طفلا آخر ضحية الاعتداءات الجنسية منها 55 طفلا ضحية زنا المحارم وهي الظاهرة التي أصبحت تأخذ أبعادا مخيفة إلى جانب 920 طفلا ضحية التسول والتشرد، أكد بأن العدد الحقيقي للأطفال ضحايا العنف أكبر من الرقم المعلن عنه وأن ظاهرة العنف ضد الأطفال في تزايد مستمر وتتطلب التكفل الحقيقي بها، وبالمناسبة نفسها أشار إلى أن بعض الدراسات الوطنية كشفت مؤخرا عن تسجيل نسبة 5 بالمئة من الأطفال غير المتمدرسين بالجزائر معتبرا هذا المؤشر من بين الأسباب التي جعلت الأطفال عرضة للعمالة والتسول. وأبدى عبد الرحمن عرعار رضاه عن مشروع قانون حماية الطفولة مؤكدا أنه يتضمن حلولا جوهرية لقضايا الطفولة في الجزائر ومشددا على ضرورة خلق الآليات لتطبيقه على أرض الواقع، باعتباره يشمل مختلف المحاور المتعلقة بحماية الطفل مشيرا إلى أن شبكة ندى ستجند كل وسائلها للإسهام في تنفيذه على أرض الواقع. وفي السياق نفسه أكد رئيس شبكة ندى في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية أن التشريع الجزائري صارم في قضايا الطفولة وأن المشكل يكمن في "كيفيات التطبيق" مما يفسر "ضعف المردودية والفاعلية في الميدان" وشدد على ضرورة "مراجعة التنسيق" بين مختلف الأطراف الفاعلة والجهات المعنية بخصوص الإجراءات المتخذة في التصدي لظاهرة العنف وتعزيز حماية الطفولة، كما شدد أيضا على أهمية الردع دون إهمال مكانة الوقاية والتحسيس في توعية المجتمع بخطورة العنف ضد الأطفال و ضرورة مكافحته مركزا على مسؤولية المجتمع ككل في عملية التبليغ لتمكين المختصين من التدخل لتفادي وقوع العنف أو التكفل به حين وقوعه. وعليه دعا رئيس شبكة ندى إلى ضرورة الحد من الأسباب الجوهرية للعنف بتعزيز العدالة الاجتماعية تجاه الأطفال والقضاء على حواجز تمدرسهم والعوائق التي تعترضهم في الاستفادة من وسائل صحية ذات نوعية، و تعزيز الأحياء بمرافق ثقافية وتوفير مساحات للمسرح والسينما وأخرى رياضية وكذا مكتبات من شأنها أن تُسهم في امتصاص العنف وتدعيم الأحياء بجمعيات وخلايا جوارية للسهر على مرافقة الفئات التي تعاني من وضعيات اجتماعية صعبة تعد مصدرا للعنف. حملة "ما تسكتوش، طفولة دون عنف" وقد أشارعبد الرحمن عرعارعقب الحملة التي أطلقها مكتب الأممالمتحدةبالجزائر "ماتسكتوش طفولة دون عنف.. دون صمت" أن الجرائم التي يتعرض إليها الأطفال بشكل كبير، تتمحور سيما في الاعتداءات الجنسية التي تعد من أهم المشاكل التي يعاني منها أطفال الجزائر في الآونة الأخيرة، ولا يتم التعامل معها بشكل جدي للأسف، بحكم أنها من الطابوهات، وغالبا ما يتغاضون عن مخلفاتها النفسية العميقة والمحفورة في ذاكرة الطفل الذي يتعرض للتحرش أو الاغتصاب، الإضافة إلى سوء المعاملة في الأسرة والمدرسة والشارع، وذلك استنادا إلى المكالمات الهاتفية التي تلقتها شبكة "ندى" على رقمها الأخضر 3033، وهم في الغالب أطفال تخلت عنهم عائلاتهم بسبب انفصال الوالدين، أو هم أطفال ولدوا خارج إطار الزواج أو ضحايا التسرب المدرسي، وأبرز عرعار موضحا "الكثير من الأطفال المعنّفين تأخروا عن الالتحاق بمقاعد الدراسة بسبب غياب التكفل بهم وانعدام آليات الحماية"، معربا عن ارتياحه للتقدم المسجل في المجال القانوني من أجل توفير حماية أفضل للطفل.