ح / سامية فجرت قضية اختطاف الأطفال الرأي العام مجددا وألهب المتضامنون بتطبيق أقسى العقوبات ضد المجرمين مواقع التواصل الاجتماعي، حيث طالب أغلبهم بالقصاص للضحايا الأبرياء بتنفيذ حكم الإعدام ضد من تثبت إدانتهم بمثل هذه الجرائم التي تروع الجزائريين وتمس بفلذات أكبادهم. وإن كانت السلطات الجزائرية قد قررت مسك العصا من الوسط، في موضوع عقوبة الإعدام المثير للجدل، فلا هي ألغته من التشريع لتجسد انتماءها إلى البلدان التي تخلت عنه رسميا، ولا هي نفذته لتنسجم منظومتها القانونية مع أول مصدر للتشريع وهو الدين الإسلامي، إلا أن المطالبة بالعودة لتنفيذ أحكام الإعدام التي توقف العمل بها منذ 93 بعد توقيع الجزائر على لائحة الأممالمتحدة المتعلقة بتجميد تنفيذ أحكام الإعدام يبقى مطلبا يلوّح به البعض من حين لآخر، خاصة حينما يتعلق الأمر بالجرائم ضد الأطفال، هذا السؤال الذي طرحناه على ثلة من الإعلاميين ليدلوا بدلوهم في القضية التي تشغل الرأي العام في الشارع وتصنع الحدث عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
* الاعلامي حميد يس: من صحيفة "الخبر" أطالب بإنزال أقسى عقوبة ضد خاطفي الأطفال
أدعم فكرة تطبيق حكم الإعدام، ضد من تثبت ضدهم تهمة القتل عموما وضد من تثبت ضدهم عقوبة قتل الأطفال بشكل خاص، بل أذهب أبعد من هذا المطالبة بإنزال أقسى عقوبة ضد خطف الأطفال، لأن في ذلك عنف وترهيب للطفل قد يترك فيه أثرا نفسيا مدى الحياة، هذا إذا نجا من خاطفيه. في المجتمعات التي تطبق عقوبة الإعدام، المبدأ المعتمد في ذلك هو الردع وتحذير كل شخص من مغبة ارتكاب جرم القتل، لأن في ذلك تهديدا مباشرا لحياته، في المقابل نلاحظ في المجتمعات التي لا تطبق هذه العقوبة أوتخلت عنها، بأن كل أنواع الجرائم تفشَت بشكل كبير لغياب أدوات الردع. أعود إلى ما يجري عندنا في الجزائر، فأطالب المشرَع بأن يستجيب لنداءات المواطنين بتفعيل عقوبة الإعدام التي يظل القضاة ينطقون بها بحكم أن قانون العقوبات نص عليها، لكن لدواعي سياسية مرتبطة بعلاقات الجزائر ببلدان غربية، تم تجميد تطبيقها منذ 1994.
* الإعلامي زين الدين بوعشة "التلفزيون الجزائري" لا يجب أن تخضع مسألة حساسة كهذه للانفعالات الظرفية
إذا عدنا للشريعة الإسلامية، وهي أحد مصادر التشريع في الجزائر، نقول يطبق الإعدام على كل المجرمين الذين ارتكبوا جريمة قتل عمدا في حق كبار أو صغار، لا فرق بين الضحايا، أما توقيف حكم الإعدام في الجزائر، فقد جاء بسبب قضايا الإرهاب، وآخر حكم نفذ في المجموعة التي قامت بعملية مطار هواري بومدين، ولا توجد مادة قانونية أوتعليمة رسمية تدعو لتوقيف الإعدام، ولكن هناك أصوات تنادي بإلغاء حكم الإعدام على غرار الدول الغربية..في حين أن هناك بعض الولايات في أمريكا مازالت تنفذ الإعدام، وهذا يعود إلى استقلالية القضاء. في الجزائر، كلما ترتكب جريمة في حق طفل، تتعالى الأصوات بالعودة إلى تنفيذ حكم الإعدام لتعبر عن موقف انفعالي، ولهذا أقول لا يجب أن تخضع مسألة حساسة كهذه للظرف، بل يجب على رجال القانون والدين وعلم الإجتماع وغيرهم أن يدرسوا القضية بجد وأخذ موقف حازم للتصدي لها.
* الإعلامي كامل الشيرازي "الشروق أون لاين": حين نعدم مجرما فإننا ننقذ المئات
شخصيا أؤيد الداعين لإعدام قتلة الأطفال، فحين نعدم مجرما فإننا ننقذ المئات، وأتصور أنّه لا بدّ من تفعيل قانوني صارم لردع المجرمين، خصوصا مع اختطاف 247 طفل منذ مطلع 2014، واغتيال 13 برعما، وهو ما يعني ببساطة أنّ الإجراءات المستخدمة منذ ما يربو عن السنتين لم تكبح جرائم اختطاف وقتل الأطفال، والأمر بلغ حد اللا معقول. وعقوبة الإعدام بقدر ما أصبحت مطلبا عارما، لكن لا ينبغي اعتبار العودة لتنفيذ أحكام الإعدام حلا سحريا لاقتلاع الظاهرة من جذورها، فقتلة الأطفال يجب إخضاعهم للتشريح والتحليل، طالما أنهم مرضى نفسيا، ويمكن لتحقيقات "جدية" أن تكشف عن صلات هؤلاء بمجموعات الاتجّار في الأعضاء.
* الإعلامي المغترب فيصل شريف: يجب دراسة التحول الرهيب في نفسية بعض الجزائريين
لا أعتقد أنّ العودة لتنفيذ أحكام الإعدام في مختطفي وقتلة الأطفال هو الحلّ الوحيد لأنّ هذه الظاهرة الخطيرة والجديدة على المجتمع الجزائري في حاجة إلى دراسة سوسيولوجية وبسيكولوجية جادّة وعميقة لفهم هذا التحوّل الرهيب في نفسية بعض الجزائريين. هناك أنواع كثيرة من الإجرام غير الاختطاف وقتل الأطفال، هي أيضا في حاجة إلى عقوبات قسوى…ومنها الإعدام إن كان مطبقا. الولاياتالمتحدةالأمريكية تطبق عقوبة الإعدام في كثير من مقاطعاتها، لكن ذلك لم يقلّل من الإجرام ومن الخطف والاعتداء الجنسي وحتى قتل الأطفال. في فرنسا التي لا تطبّق عقوبة الإعدام لم يعرف فيه مثل هذا الإجرام تزايدا مثيرا بسبب ذلك، لكن لكل بلد خصوصياته ويجب بداية دراسة الظاهرة وأسبابها وبعدها الوصول إلى الحلول.
* الإعلامية المختصة حياة بن بتقة "صوت الأحرار" آن الأوان لتكييف بعض القوانين الدولية حسب أوضاع المجتمع
ظاهرة الاختطاف وكل الأخطار المحدقة بالطفولة هي قضية مجتمع وليست قضية عائلة الضحية والمؤسسات الأمنية، لذا من الضروري التنسيق بين الأولياء والمجتمع المدني والجهات الأمنية من أجل حماية شريحة الأطفال، وبالتالي إجهاض أية محاولة اختطاف أوتحويل تستهدف البراءة، أينما كانت وإبعاد أي خطر عنها، مهما كان شكله على غرار الاعتداءات الجنسية، الاستدراج والاستغلال في شبكات للدعارة وترويج المخدرات، ولا يمكن تحقيق نتائج ملموسة إلا عن طريق وعي المواطنين بخطورة الوضع وتحليهم بالحس المدني وثقافة التبليغ وعدم العمل بمنطق" تخطي راسي وداري" الجرائم الحاصلة الآن في المجتمع ليست دليل على خلل في المنظومة الأمنية، بل تؤكد حقيقة تراجع القيم والأخلاق. وثمة حقيقة أخرى أكدتها المعالجة المستمرة لمثل هذه الحوادث – وليسامحني كل من لا يزال يعاني حرقة فراق أوأذى لحق بفلذة كبده- هي أن الإهمال العائلي واقع تؤكده تزايد جرائم الاعتداءات الجنسية على الأطفال، لا يكاد يمر يوم دون أن تسجل فيه مصالح الأمن حالة اعتداء جنسي ضد قاصر، ناهيك عن مئات الأطفال المعرضين للخطر المادي والمعنوي، الذين تعثر عليهم الشرطة بمختلف الشوارع على المستوى الوطني، خاصة بالمدن الكبرى، وهذه الشريحة من الأطفال يمكن اعتبارها أخطر شريحة لأنها معرضة لمختلف الاعتداءات، خاصة الجنسية وكذلك الاستغلال من طرف شبكات الدعارة وترويج المخدرات، وبالتالي دخول عالم الانحراف من بابه الواسع .. الإهمال واللامبالاة وراء مآسي الكثير من الأطفال، لذا يتوجب على العائلات إعادة النظر في ممارساتها ومسؤولياتها اتجاه أبنائها. قانون حماية الطفل ركز على الوقاية والإستباقية واللذين من شأنهما تدعيم حماية الطفل، حيث أن بعض الميكانيزمات الواردة في هذا القانون تندرج في إطار مشروع نظام إنذار ضد الإختطاف، لكن في نظري هذا لا يكفي لأن انتشار الجريمة بمختلف أشكالها، ليس فقط بسبب التطور الذي عرفه المجتمع وتطور طرق الإجرام بل بسبب أيضا تقزيم الجريمة والتقليل من شأن العقوبة من طرف مقترفي هذه الأفعال، السجن لم يعد يردع، خاصة بالنسبة لأولئك الذين تعودوا عليه، صحيح أن الجانب القانوني يعاقب بصرامة مختطفي الأطفال ويمكن أن يصل الحكم الصادر في حق المجرم حد الإعدام، غير أن الحكم ينطق ولا ينفذ باعتبار أن الجزائر وقعت على اتفاقية دولية سنة 1993 تقضي بتجميد أحكام الإعدام. في اعتقادي أنه آن الأوان لتكييف بعض القوانين الدولية حسب متطلبات الأوضاع في المجتمع، ومنها العمل بتنفيذ عقوبة الإعدام، التي هي أكثر من ضرورة للحد من مثل هذه الجرائم الدخيلة على المجتمع الجزائري. …………. * وجهة نظر حتى لا يتحول الاختطاف ل "خبر " في صفحة الحوادث
سبق وأن استدعت حكومة عبد المالك سلال مجلس وزاري مشترك لبحث ظاهرة اختطاف الأطفال التي أخذت منحى تصاعديا يطرح أكثر من علامة استفهام، دعت فيه إلى تطبيق أقسى العقوبات في حق كل من تسول له نفسه اقتراف جرائم الاختطاف والقتل ضد البراءة. وبالنظر إلى أن هذه الظاهرة الغريبة عن المجتمع الجزائري لم تكن بمثل هذا العنف والبشاعة التي ظهرت بها مؤخرا، في ميلة وقبلها سطيف وأغلب ولايات الوطن وعلى رأسها العاصمة، فقد أحدثت هذه الأخيرة صدمة وسط مختلف شرائح المجتمع وحالة من الذعر لدى الأولياء، كما أنتجت ردود فعل أقل ما يقال عنها أنها إيجابية، بحيث أظهرت تجند المواطنين كرجل واحد للوقوف ضد هذا الفعل الإجرامي لم يتوقف عند حدود التنديد بفاعليه، بل تعداه إلى فتح نقاش جاد داخل المجتمع ، بخصوص تطبيق القصاص والعودة لتنفيذ أحكام الإعدام التي توقف العمل بها منذ 93. كما دفعت مأساة الاختطاف التي ذهب ضحيتها أنيس برجم وقبله ابراهيم وهارون وشيماء وغيرهم، إلى تبني الأولياء عادات كان قد تخلى بعضهم عنها، وهي توعية الأطفال بأخطار الشارع وما يوجد به من انحرافات، وكذا مرافقتهم ذهابا وإيابا من المدرسة، خصوصا تلك التي تبعد كثيرا عن مقرات إقامتهم، وهذا السلوك الذي رجعت العائلات الجزائرية إلى ممارسته مجددا، يعتبر في نظر المختصين في البيداغوجيا جزءا لا يتجزأ من مراقبة الأولياء لأبنائهم، لأنه يفتح باب الحوار بين الأولياء والأبناء ويجيب على الأسئلة التي ظلت دوما غائبة جراء انقطاع هذه العلاقة المباشرة بين الأولياء والأبناء. ولا ينتظر من الحكومة أن تضع شرطيا لحراسة الأطفال، لأنه أمر غير منطقي، ومن الصعب القيام به مهما كانت إمكانيات الدولة، لكن المطلوب أن تتخذ الحكومة إجراءات مدروسة وفعالة من شأنها إعادة الطمأنينة في النفوس المرتعبة، ومن ذلك جعل المتورطين في قضايا الاختطاف "عبرة" لمن تسول له نفسه الإقدام على مثل هذا العمل الشنيع، ويكون ذلك من خلال السرعة في تحريات مصالح الأمن وبالجدية والصرامة المطلوبتين، وببرمجة المحاكمات في أقرب فرصة، وتنفيذ القانون دون رحمة ولا شفقة. كما نتمنى من الحكومة أن تتخذ من هذه المأساة التي تسببت فيها حوادث الاختطاف، محطة للتأسيس لقانون يحمي الطفولة حماية شاملة كاملة ويجعل المساس بالبراءة خطا أحمر يقابله عقاب أقسى من حبل المشنقة، وذلك حتى لا تتحول جرائم اختطاف الأطفال إلى مجرد خبر عادي في صفحة الحوادث.