في مسلسل متواصل و"متأصل" لتتفيه وبخس ما تبقى من تاريخ لازلنا نقتات منه بقايا من عزة ووطن، يسكن فينا، اخترت يا سيد "زيتوني"، عشية نوفمبر عظيم، لتصيب فينا عقما، حين اكتشفت، أيها الوزير المكتشف، أن لفرنسا شهداء بيننا، وطبعا، يا "زيتوني" المؤرخ، فإن سؤالنا العالق و"الناعق"، عشية، هذا النوفمبر الذي اغتلتم فينا أوله، من أين لك هذا؟ وكيف لفرنسا، ومهما تعاطف بعضها معنا، أن يكون لها شهداء، في بلد دفع أهله مليون ونصف مليون "عزيز"، كانوا هم الثورة وهم الحطابون وهم الشهداء، لتأتي أنت بعد واحد وستين عاما وتعلن بكل أريحية، أن مصالحك، أحصت لفرنسا الغاشمة شهداء "فرنسيس" سيتم إضافتهم لرقم المليون ونصف المليون شهيد.. أيها الوزير، حق الاستشهاد في هذا الوطن المفدى كان احتكارا لجزائر الحطابين و"الفلاقة"، وأي تجاوز لهذه الحقيقة، ليس فقط طعنة بائسة وبليدة وساذجة في ظهر التاريخ ولكنها خيانة لثورة، لا شريك فيها إلا لشعب ثائر، غادر "قرن" من استعمار مقيت ليدفع الغالي والنفس قبل النفيس، وإذا كان الاعتراف بمساعدة الآخر، الذي قد لا يكون فرنسيا أو مصريا وحتى "فتناميا"، صفة الكرماء، فإن وهب صفة الاستشهاد ل"بضع" فرنسيس تعاطفوا مع "مناجل" الحطابين، خطيئة أكبر من أن تمر مرور الكرام، وأنصحك يا سيد زيتوني أن تترك التاريخ جانبا وأن تواصل إصلاحاتك في مجال منح رخص "الطاكسيات" و"المقاهي"، أما منح رخصة الاستشهاد لفرنسيس، فإنه أمر يتجاوزك ويتجاوز الجميع، لأن القضية، قضية شهداء حطابين، أحصتهم وخلدتهم "مناجلهم" التي أسقطت طائرات الحلف الأطلسي، وما تعاطف ووقوف بعض الفرنسيس، معنا إلا حتمية فرضتها، ثورة عظيمة "جبت" ما قبلها، فترى، بأي منطق تكلمت يا سيد "زيتوني"، ومن أي مجرى، أحصيت لفرنسا شهداءها.. نعم، هنالك، شهود "فرنسيس"، وهذه الصفة التي تليق بما قال في ثورتنا كلمة حق، بغض النظر عن هويته وجنسيته، أما أن يتحوّل شهود الثورة إلى شهداء لثورة طابورها مليون ونصف مليون شهيد، فإن تلكم هي المغالطة وتلك هي الخيانة لذاكرة دم لا زال نزيفه يروي هذه الأرض، فعد إلى حيث، كرسيك، يا سيد زيتوني، ودع عنك التاريخ، فإنه أكبر منك ومن فرنسا ومن الناس جميعا، وآخر الكلام في رسالتي إليك، أيها الوزير، متى كان للاستشهاد عنوانا غير الجزائريين، وهل بجرة قلم يمكنك أنت وغيرك أن تغير مجرى التاريخ؟ الأرض والسماء والجماد والماء، يشهدون أن.. الثورة كانت جزائر خرج "حطابوها" عن بكرة "مناجلهم" وعصيهم وعقيدتهم، ليلغوا "قرنا" من الظلام في البحر، ووحدهم، من كانوا الشهداء والاستشهاد، فاعرض عما نطقت واخترعت يا سيد "زيتوني"، ولتكتفي بتقديم الشكر لمن كان "شاهدا" على استشهادنا وقال كلمة حق فينا، عداها، يا وزير المجاهدين، دع الشهداء ينامون، فهذه الأرض لم تعرف شهيدا إلا… "ذويها"، ارجع إلى السطر يا معاليك، فالثورة والتاريخ والأرض ليسوا رخصا توقعها حكومة أو وزيرا ما، ولكنها عقيدة شعب وذاكرة شعب ووجود..شعب ليس له إلا هذه الثورة وذلك المليون ونصف المليون شهيد.