أكد رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، على جعل الاحتفال بذكرى يوم الشهيد و"النقلة الدستورية" التي شهدتها الجزائر بعد المصادقة على مشروع تعديل الدستور، "ركيزتين لوثبة وطنية في مستوى تحديات الحاضر بغية تعزيز صلابة وحدتنا الوطنية وبغية استكمال ميراث الشهيد على درب التنمية الاقتصادية والرفاهية الاجتماعية". كما دعا الجزائريين إلى استخلاص المعاني والدروس من الشهداء "ليس بتقييدهم في سجلات للتباهي بها وحفظها فحسب"، بل من خلال "استقراء مواقفهم بعيون اليوم واستشراف المستقبل واستنهاض الهمم والإرادات، لتستأثر بمصيرها وترسم معالم استراتيجية أمة مؤزرة بقوة معنوية ومادية تمكنها من مواجهة تحديات المستقبل". وفي رسالة وجهها للشعب بمناسبة إحياء ذكرى ال18 فيفري وقرأها نيابة عنه المستشار لدى رئاسة الجمهورية محمد علي بوغازي بالوادي التي احتضنت الاحتفالات الرسمية، وبعد أن أشار إلى ضرورة الوقوف اليوم بخشوع وإجلال ترحما على أرواح شهداء ثورة نوفمبر المجيدة، ذكر الرئيس بوتفليقة بأن إحياء الذكرى جاء "أياما فقط بعدما قامت الجزائر بإثراء دستورها حرصا على تعزيز الديمقراطية والحقوق والحريات، وحرصا منها كذلك على التأكيد على تمسك شعبها بهويته وقيمه الوطنية، وحرصا أيضا على تعزيز مكانة ثورة نوفمبر وأبطالها في الجزائر التي استعادت بفضلهم سيادتها وحريتها". ولاحظ إن إحياء مثل هذه الذكريات وتخصيص يوم وطني لها "يحمل أكثر من دلالة"، فهو –كما قال- "يوم للعبرة والتأمل والاقتداء بمن آثروا الموت في سبيل أن يحيا شعبهم، من بعدهم، حياة العزة والكرامة"، لذا دعا أبناء جزائر للاعتزاز بانتسابهم لهذا الشعب "الذي كتب أروع الصفحات في تاريخ الحرية، كان ثمنها مليونا ونصف المليون من الشهداء الأبرار الذين عطروا بدمائهم الزكية كل شبر من أرض الجزائر الطاهرة، وعلى ارتباطه الوثيق بمقوماته وأصالته التي كانت دوما ميثاقه ومرجعه في الصمود والذود عن حمى الوطن، والتصدي للمعتدين عبر كل العصور والأزمان". والعبرة اليوم باستحضار قيم الشهادة وتمجيد شهداء ثورة نوفمبر هي –كما أضاف- من أجل "تعميق معاني التضحية في سبيل الوطن واستثمار هذا الرصيد الرمزي من القيم والعبر في رص الصفوف وشحذ الهمم لمواجهة التحديات وتعزيز الأمل في نفوس أبناء هذا الشعب البطل للمضي قدما على درب البناء والتقدم". وبالنسبة للذكرى، فإن رئيس الجمهورية لفت إلى أن رسالة الشهيد هي "أعظم من أن يحتويها يوم وطني واحد"، مشيرا إلى ضرورة العمل دوما وباستمرار على تعزيز ما من شأنه أن "يرفع من قيمة الجزائر وأن يؤصل مبادئ ثورة أول نوفمبر لدى الأجيال الصاعدة لضمان التواصل والاستمرار مع الرسالة، رسالة أول نوفمبر الخالدة". ولاحظ أنه "لئن كان مجال السياسة والايديولوجيات مدعاة للاختلاف، وهو أمر طبيعي ومحبذ"، فإن فضائل الثورة المباركة "أجمعت عليها كل أطياف شعبنا باعتبارها الخيمة الكبرى التي يستظل تحتها كل بنات وأبناء الشعب الجزائري". واعتبر أن يوم الشهيد واحد من"الأيام الخالدة التي تمجد ماضينا الزاخر بالبطولات العظيمة المرتسمة في محطات ومواقف تجعلنا نغوص في أعماقه، حيث تتجلى سلسلة الملاحم، التي ترقى إلى أسمى معاني الوجود الإنساني وقيم الحياة المثلى التي حملتها ثورتنا المظفرة التي كانت وما تزال صمام تماسك شعبنا وتلاحمه وتآزر بناته وأبنائه وتضامنهم". وتميزت الاحتفالات الرسمية المخلدة لليوم الوطني للشهيد في الوادي، بحضور وزير المجاهدين الطيب زيتوني الذي أبرز بالمناسبة أهمية إعادة الاعتبار للمعالم التاريخية عبر الوطن لحمايتها من عوامل الاندثار. وذكر في هذا الصدد أن دائرته الوزارية بصدد إعداد برنامج يستهدف إعادة لكل المعالم التاريخية المنتشرة عبر أرجاء الوطن. وأشرف الوزير بالمناسبة على عدد من النشاطات من ضمنها ندوة تاريخية حول هذا الحدث التاريخي الوطني، وإطلاق أسماء الشهداء والمجاهدين على عدد من الهياكل عبر الولاية، إلى جانب تكريم عائلات عديد الشهداء والمجاهدين من هذه الولاية. وتم أول أمس بالجزائر العاصمة بذات المناسبة، تدشين متحف خاص بالمحكوم عليهم بالإعدام في مقر الجمعية الوطنية لقدماء المحكوم عليهم بالإعدام إبان الثورة التحريرية، بإشراف والي العاصمة عبد القادر زوخ. ويضم المتحف صورا للشهداء وقائمة كل الجزائريين الذين صدر في حقهم حكم بالإعدام بالمقصلة أو رميا بالرصاص إبان حرب التحرير، كما يستعرض أيضا أهم حقبات تاريخ الجزائر بداية من العهد النوميدي إلى غاية الحقبة الاستعمارية الفرنسية. وبالجلفة تم تدشين مركز الراحة للمجاهدين الذي تم إنجازه ببلدية الشارف بنمط هندسي ومعماري متميز. ويضم هذا الهيكل عديد المرافق لاسيما الخاصة بالتأهيل الحركي والعلاج بالتدليك الصحي وحمامات معدنية فردية وأخرى جماعية إلى جانب فضاءات الاستقبال والإطعام والمبيت في ظروف لائقة ومتميزة. نص رسالة الرئيس بوتفليقة بمناسبة اليوم الوطني للشهيد وجه رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، أول يوم الخميس رسالة بمناسبة إحياء اليوم الوطني للشهيد، قرأها نيابة عنه المستشار لدى رئاسة الجمهورية، محمد علي بوغازي، خلال مراسم إحياء هذه المناسبة بالوادي، هذا نصها الكامل: "أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل، في تاريخ الأمم أيام خالدات في وجدانها، تستمد منها الدروس والعبر، وما هذا اليوم المبارك، يوم الشهيد إلا واحدا من الأيام الخالدة التي تمجد ماضينا الزاخر بالبطولات العظيمة المرتسمة في محطات ومواقف تجعلنا نغوص في أعماقه، حيث تتجلى سلسلة الملاحم، التي ترقى إلى أسمى معاني الوجود الإنساني وقيم الحياة المثلى التي حملتها ثورتنا المظفرة التي كانت وما تزال صمام تماسك شعبنا وتلاحمه وتآزر بناته وأبنائه وتضامنهم. فكلما أزف موعد هذا الحدث الجلل، تنفتح الذاكرة على مآثر نساء ورجال قضوا على هدي المحجة البيضاء، فكل شهيد هو صفحة مشرقة بالبطولة والفداء ورسم لعزمه وصبره على تحمل الشدائد والمحن والمعاناة، فكم من شهيد خاض المعارك والاشتباكات ضد عدو شرس، فنال شرف الشهادة في ساحات الوغى، وكم من شهيد لفظ أنفاسه تحت التعذيب الوحشي في المعتقلات ومراكز الاستنطاق وفي السجون وفي المحتشدات، وكم هم أولئك الذين راحوا ضحية الإبادة الجماعية وأولئك الذين تفحمت أجسامهم وهم يقتحمون الأسلاك الشائكة وحقول الألغام، وكم هي كثيرة صور الفداء والتضحية. أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل، إن العبرة اليوم باستحضار قيم الشهادة وتمجيد شهداء ثورة نوفمبر هي من أجل تعميق معاني التضحية في سبيل الوطن واستثمار هذا الرصيد الرمزي من القيم والعبر في رص الصفوف وشحذ الهمم لمواجهة التحديات وتعزيز الأمل في نفوس أبناء هذا الشعب البطل للمضي قدما على درب البناء والتقدم. نعم، فعلى أبناء جزائر اليوم أن يعتزوا بانتسابهم لهذا الشعب الذي كتب أروع الصفحات في تاريخ الحرية، كان ثمنها مليونا ونصف المليون من الشهداء الأبرار الذين عطروا بدمائهم الزكية كل شبر من أرض الجزائر الطاهرة، وعلى ارتباطه الوثيق بمقوماته وأصالته التي كانت دوما ميثاقه ومرجعه في الصمود والذود عن حمى الوطن، والتصدي للمعتدين عبر كل العصور والأزمان. إن إحياء مثل هذه الذكريات وتخصيص يوم وطني لها يحمل أكثر من دلالة، فهو يوم للعبرة والتأمل والإقتداء بمن آثروا الموت في سبيل أن يحيا شعبهم، من بعدهم، حياة العزة والكرامة. أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل، وبهذه المناسبة أدعو أبناء وطني الأباة إلى استخلاص المعاني والدروس من هؤلاء، ليس بتقييدهم في سجلات للتباهي بها وحفظها المشروعين فحسب، بل كذلك لاستقراء مواقفهم بعيون اليوم واستشراف المستقبل واسنتهاض الهمم والإرادات لتستأثر بمصيرها وترسم معالم إستراتيجية أمة مؤزرة بقوة معنوية ومادية تمكنها من مواجهة تحديات المستقبل. إن رسالة الشهيد هي أعظم من أن يحتويها يوم وطني واحد، بل ينبغي أن نعمل دوما وباستمرار على تعزيز ما من شأنه أن يرفع من قيمة الجزائر وأن يؤصل مبادئ ثورة أول نوفمبر لدى الأجيال الصاعدة لضمان التواصل والإستمرار مع الرسالة، رسالة أول نوفمبر الخالدة. ولئن كان مجال السياسة والإيديولوجيات مدعاة للاختلاف، وهو أمر طبيعي ومحبذ، فإن فضائل الثورة المباركة أجمعت عليها كل أطياف شعبنا باعتبارها الخيمة الكبرى التي يستظل تحتها كل بنات وأبناء الشعب الجزائري. أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل، نقف اليوم بخشوع وإجلال ترحما على أرواح شهداء ثورة نوفمبر المجيدة، وذلك أياما فقط بعدما قامت الجزائر بإثراء دستورها حرصا على تعزيز الديمقراطية والحقوق والحريات، وحرصا منها كذلك على التأكيد على تمسك شعبها بهويته وقيمه الوطنية، وحرصا أيضا على تعزيز مكانة ثورة نوفمبر وأبطالها في الجزائر التي استعادت بفضلهم سيادتها وحريتها. فلنجعل من هذه الذكرى المجيدة ومن هذه النقلة الدستورية ركيزتين لوثبة وطنية في مستوى تحديات الحاضر بغية تعزيز صلابة وحدتنا الوطنية وبغية استكمال ميراث الشهيد على درب التنمية الاقتصادية والرفاهية الاجتماعية. المجد والخلود لشهدائنا الأبرار. تحيا الجزائر".