ازدهرت تجارة التوابل مؤخرا بالجزائر وتنوعت مصادر استيرادها من الهند والصين إلى المغرب ودول الخليج، فسيفساء من النكهات والتسميات التي تختلف باختلاف اللون، الذوق والرائحة. لكن رغم ما للتوابل من فوائد صحية إذا ما استخدمت باعتدال بحيث تحتوي أغلبها على مضادات الأكسدة وبالتالي تحمي من الإصابة بالسرطان، إلا أن الإفراط في استخدامها حسب الأطباء يؤدي للعديد من الأمراض. إضافة التوابل إلى الطعام يضفي عليه نكهة مميزة ورائحة زكية تساعد في فتح الشهية خاصة بالنسبة للذين يفقدون شهيتهم للطعام والحقيقة، أن روائح التوابل النفاذة ونكهتها اللاذعة كفيلة بفتح شهية أي كان. لذا تجد ربات البيوت في سباق ماراطوني لاقتناء أنواع منها، بل أن مهارة إحداهن وتمكنها من المطبخ يقاس أيضا بمدى معرفتها بأسرار التوابل الخاصة بكل طبق والتي تضفي عليه المزيد من النكهة والمذاق حتى أن لكل منطقة من ربوع الوطن ما يميزها من أصناف التوابل. * "مساحات تجارية كبرى وإقبال منقطع النظير" انتشرت المساحات التجارية الخاصة فقط بالتوابل عبر أرجاء العاصمة، وانتقلت تجارة هذه الأخيرة من على طاولات الباعة بالأسواق الشعبية إلى المحلات الكبرى التي تتوسط أحياء العاصمة، عارضة أنواعا لا حد لها من البهارات والتوابل المستوردة من شتى البلاد، من الهند والصين أو من دول الخليج أو حتى المغرب والتي نجدها منتشرة عبر ولايات الغرب الجزائري من مغنية إلى تلمسان. اقتربنا من أحد هذه المحلات بقلب حي باب الوادي العتيق، حيث تباع كل أنواع التوابل التي يمكن تصورها من آسيا ودول الخليج والبعض منها من المغرب، وما لفت انتباهنا أكثر هو خلطات البهارات التي خصص كل منها لطبخة معينة حتى ل"الفريت" والسلطات. وتبقى البهارات المعروفة والتقليدية هي الأكثر رواجا طبعا وعلى رأسها القرفة والفلفل الأسود المفضلين في الأطباق العاصمية، ناهيك عن الكمون ورأس الحانوت، العكري وفلفل إدريس.لكن هذا لم يمنع ربات البيوت من تجريب أنواع أخرى جديدة شرقية وغربية مثل الكاري والكركم أو الشومر، السماق، الهيل والمريمية، الريحان وحصى البان، تسميات تجهلها بعض ربات البيوت وتجهل فوائدها، لكنهن يقتربن من التاجر ورفقائه للسؤال عن فوائد هذه البهارات المختلفة فيجيبهن بكل استفاضة عن موطنها الأصلي واستعمالاتها وكذلك فوائدها مما جعل من المحل مقصدا لجحافل السيدات الهاويات لمعرفة المزيد عن أسرار المطبخ. * هواة الزنجبيل ..يعتبرونه بديلا للفياغرا ومما قاله التاجر عن فوائد الزنجبيل لإحدى السيدات التي سألته عن فوائده وفضلت شراء كمية مطحونة منه أنه يفيد في خفض كمية الكولسترول في الدم وأنه مهدئ للمعدة والقولون العصبي، كما أنه يساعد على الهضم ويعمل على طرد الغازات، ويفيد في حالات الإصابة بالبرد لأنه يعزز الشعور بالدفء وبالتالي فهو من أفضل المقويات الجنسية الطبيعية، بل أنه بديل للفياغرا وتقوية الطاقة الجنسية وفي الأخير، أضاف أنه يساعد في تخفيف آلام الصداع والتوتر النفسي فمن المعروف عنه أنه يعدل المزاج. أما عن التوابل والبهارات الحارقة ولاذعة المذاق مثل الفلفل والفجل الحار والثوم والبصل والشطة فهي تفيد كما قال سيد أحمد التاجر في معالجة البرد، وبالتالي فإن إضافتها إلى الحساء الساخن الذي يتناوله المريض المصاب بنزلة برد يؤدي إلى سرعة الشفاء خصوصا وأن البخار المتصاعد من الحساء الساخن يساعد في ترطيب مجرى الأنف. أما فلفل إدريس فهو من ضمن أنواع التوابل اللاذعة المنتشرة في بلادنا وهي ذات قيمة عالية تساعد على الهضم، فهي تسهل إفراز اللعاب مما يحسن من عملية الهضم، إلا أن كثرتها تسبب المغص. ولفتت انتباهنا سيدة أخرى أقدمت على شراء أنواع من الزريعة والبذور منها ما هو حب ومنها ما هو مطحون، وحسب ما فهمنا منها أنها تستعملها كلها في إعداد أنواع من خبز الدار، لأنها صحية من ناحية وتمنح العجين المزيد من النكهة والرائحة الزكية، ومنها السانوج، حبة حلاوة، زريعة البسباس، الجلجلان الأبيض والأسود، زريعة القصبر والزعتر. وحسبما فهمنا أن كل هذه التوابل تستعمل في إعداد أنواع من خبز الدار حسب رشيدة ربة بيت من قلب حي باب الوادي الشعبي.والتي أضافت أنها بالإضافة إلى نكهتها لها فوائد صحية فزريعة البسباس من أفضل العلاجات للقولون وهي معروفة بأنها تطرد الغازات، ونفس الفائدة في حبة حلاوة التي تتمتع برائحة نفاذة في الخبز، أما السانوج ففوائده للصحة لا تعد ولا تحصى فهو يسهل الهضم ويعزز المناعة في الجسم. * "منافع صحية كثيرة.. إذا استهلكت باعتدال" يؤكد أخصائي التغذية كريم مسوس أن للتوابل فوائد كبيرة على الصحة لو استخدمت باعتدال ودون إفراط، فقد ثبت أن القرفة حسب ذات المصدر مفيدة لمرضى السكري، وقد وجد الباحثون أن القرفة تزيد من نسبة معالجة السكري 20 مرة. وينصح مرضى السكري بتناول ربع ملعقة في كوب ماء إلى ملعقة كاملة من مادة القرفة يوميا. كما لها مفعول ضد الجراثيم وهي مضادة للفطريات والفيروسات. وأضاف أن الفلفل الأسود له فوائد متعددة في علاج الآلام الحادة في المعدة وآلام المفاصل، كما أنه علاج فعال في نزلات البرد ومفيد للجهاز الهضمي وعلاج للإمساك وعلاج قوى للأنفلونزا. * أخصائيو التغذية ينصحون مرضى القولون والقرحة بالتقليل منها وللطب رأي آخر في الموضوع، فكثيرا ما سمعنا مرضى يشتكون حريق المعدة بسبب تناولهم توابل حارة على غرار الفلفل الأسود أو فلفل إدريس أو حتى رأس الحانوت، وفي هذا الإطار يقول كريم مسوس أخصائي التغذية إن الإفراط في استهلاك التوابل قد ينعكس سلبا على الصحة، موضحا أنه يوجد حالات مرضية لا بد لها أن تتجنب التوابل على غرار مرضى القرحة المعدية، القولون، والجروح بالمريء، فهي تعرضهم للإحساس بالحرقة، وهؤلاء من الأفضل لهم أن يلتزموا بحمية خالية من البهارات والتوابل، خاصة الحارقة منها. ويضيف كريم أن أفضل وسيلة لاستهلاك التوابل هو اقتناؤها على شكل حب ثم طحنها في البيت للتأكد من خلوها من الشوائب والإضافات غير الصحية، خاصة وأن وسائل الإعلام سلطت الضوء مؤخرا على قضية الغش في التوابل والبهارات بعد أن ثبت بأنه يتم خلطها بمواد مجهولة وغير صحية وبيعها للمواطنين على أنها توابل آسيوية. ح/سامية