من واجب الصحفيين غرس الروح الرياضية في الجمهور الإعلامي عبد الوهاب زواوي، معلق رياضي ودكتور جامعي، يشغل منصب رئيس قسم الإعلام والاتصال الرياضي بمعهد علوم وتقنيات النشاطات البدنية والرياضية بجامعة المسيلة، مشوار إعلامي طويل بدأه مع الرعيل الأول لصحفيي إذاعة المسيلة، حيث تدرج فيها كصحفي ثم رئيس القسم الرياضي. وفي هذا اللقاء الذي جمعه ب"الحوار" أكد زواوي أن الصحفيين الرياضيين ملزمين بحكم المهنة بالمساهمة في غرس الروح الرياضية في الجمهور بعيدا عن التعصب والعنف. * بداية هلا حدثتنا عن تجربة عبد الوهاب زواوي في مجال الإعلام؟ – تجربتي في مجال الإعلام أعتبرها متواضعة رغم أنها أفضل تجاربي في حياتي بكل صراحة، لأنني كنت في صغري مولع بالصحافة وبالتعليق الرياضي على مباريات كرة القدم كغيري من زملائي في الدراسة. بالمرحلة الثانوية نلت شهادة البكالوريا سنة 1997 والتحقت بمعهد الإعلام والاتصال ببن عكنون بجامعة الجزائر، حيث تخرجت سنة 2001، وشاركت في مسابقة الصحفيين التي نظمتها الإذاعة الجزائرية في 2003 ونجحت في المسابقة وبدأت رحلتي مع الإعلام المسموع في قسم الأخبار كمحرر محقق مع الرعيل الأول المؤسس لإذاعة المسيلة الجهوية. عرفني المستمع كصحفي متميز مقدما لنشرة الأخبار، وأيضا من خلال العديد من البرامج الإذاعية أبرزها الرياضية، على غرار برنامج "الفضاء الرياضي" و"نجوم رياضية" و"شخصيات رياضية"، "الصباح الرياضي"، "الأستوديو الرياضي"، ناهيك عن التعليق الرياضي على المقابلات الكروية عبر القناة الأولى. * التخصص في القسم الرياضي، هل يبعد الصحفي عن الضغوطات والرقابة؟ -أعتقد أن مهنة الصحافة سواء أكانت مكتوبة أو سمعية بصرية أو الكترونية عمومية أو خاصة، هي مهنة المتاعب يأتم معنى الكلمة، وهناك ضغوطات مباشرة وغير مباشرة في كل الأقسام والقسم الرياضي واحد منها، لأن الجمهور الجزائري شغوف بالرياضة حتى الجنون خصوصا كرة القدم، والدليل كلما كان موعد كأس العالم أوكأس إفريقيا تجد كل الجزائريين يلتفون حول المنتخب الوطني، وهنا الصحفي الرياضي الجزائري مطالب بتغطية كل كبيرة وصغيرة عن المنتخب. وبالعودة إلى سؤالكم يمكن أن تشكل بعض المقابلات الكروية ضغطا ورقابة كبيرين في وسائل الإعلام الثقيلة العمومية، وأكبر دليل لقاء منتخبنا الوطني ضد منتخب مصر، وماحصل في موقعة أم درمان 2010، ناهيك عن لقاءات الداربي الجزائري التي تجمع بين فرق محلية في مدينة واحدة وحتى في حي واحد، وهنا تكون ضغوط مختلفة سواء كانت داخلية في المؤسسة الإعلامية أو خارجية في المحيط الرياضي، وهنا على الصحفي أو المعلق المحترف أن يلتزم بالموضوعية ويبتعد عن الذاتية في تناول المواضيع الرياضية وفق السياسة العامة للوسيلة الإعلامية التي تختلف من عمومية إلى خاصة، وهناك طبعا قوانين وأخلاقيات المهنة والضمير المهني دوما. * هل أثر التطور التكنولوجي ومواقع التواصل الاجتماعي سلبا على آداء الصحفيين الرياضيين؟ -لا أعتقد ذلك لأن الصحفي الرياضي الناجح دائما يتماشى والتطورات التكنولوجية الحاصلة في ميدان الصحافة، ناهيك عن مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا لا يؤثر -حسب اعتقادي- على آداء ومهام الصحفي الرياضي الذي يبحث عن الحقيقة والمعلومة الرياضية ويتحرى ويتقصى مصدرها. صحيح قد تكون هنالك إشاعات رياضية في مواقع التواصل الاجتماعي، لكن لكل صحفي مصادره وعلاقاته في الوسط الرياضي هذا من جهة، ومن جهة أخرى أوافقكم الطرح لأن بعض الصحفيين والمتعاونين الرياضيين ليس لديهم تكوين مستمر فيما تنتجه التكنولوجيا وتطوراتها، وهنا هم مطالبون بمواكبة الأحداث، وعلى المؤسسات الإعلامية أن تكثف من الدورات التكوينية.
* ماذا عن آداء الجيل الجديد من الصحفيين في ميدان الرياضة؟ -الحكم هنا بكل صراحة صعب جدا لأن جل الصحفيين الرياضيين، سواء الجيل الأول أو الجديد لم يدرسوا التعليق الرياضي أو الصحافة الرياضية كتخصص قائم بحد ذاته، ولكن موهبتهم وحبهم للرياضة مكّنهم من الالتحاق بالأقسام الرياضية في مختلف الوسائل الإعلامية في الجزائر أو خارجها، وهنا أقول إن الجيل الجديد له فرصة كبيرة لم تتح لمن سبقوهم بفضل تعدد وسائل الإعلام وانفتاحها على القطاع الخاص منذ 2012 بعد قانون الإعلام الجديد ولكن هذا لايجعلنا نتسرع في أحكامنا، وبالتالي لابد أن ننتظر ونمنحهم فرصة أكبر مثلما حدث مع الصحافة المكتوبة في التسعينيات وزمن التعددية، صحيح اليوم نمتلك جرائد متخصصة في الرياضة بها أقلام متميزة، ولكن بالمقابل لاتوجد قنوات رياضية تلفزيونية وإذاعية جزائرية مئة بالمائة، في المقابل نمتلك طاقات واعدة من الشباب الطموح وخير دليل أن معظم الإعلاميين البارزين في القنوات العربية هم جزائريون، والأمثلة كثيرة وهذا ليس في الرياضة فحسب. * هل يصنع الإعلام الجزائري أسماء نجوم الرياضة؟ -نعم في رأيي تلك حقيقة لا ينكرها أحد، فالإعلام الرياضي الجزائري قدم نجوما في هذا المجال، وهم كثر كانوا يعملون في الصحافة المكتوبة والإذاعة والتلفزيون الجزائري، كانت أسماء لها جمهورها رغم قلة الإمكانيات، لكن أثبتت وجودها في الجزائر وخارجها، وهذا إن دلّ فإنما يدل على مكانة الإعلام الرياضي في الجزائر الذي يعتبر رائدا في الساحة العربية لأنه صنع وكون أسماء كبيرة لها صيتها وشهرتها في هذا المجال.
* برأيك هل وصل الإعلام الرياضي في الجزائر إلى الاحترافية؟ -من التسرع الحكم المسبق على هذا في اعتقادي، الإعلام الرياضي الجزائري مقارنة ببعض الدول العربية هو رائد، لكن من الأفضل ترك الحكم للقارئ والمستمع والمشاهد الجزائري والعربي. صحيح الإعلام الرياضي الجزائري خطى خطوات جبارة في السنوات الأخيرة بعد التعددية الإعلامية في الجزائر، والأفضل سيكون بعد انفتاح حقل الإعلام، رغم أن البعض يرى أن هناك نقص في احترافية بعض الإعلاميين الرياضيين في الجزائر، وهذا راجع لأسباب عديدة منها نقص الخبرة والتكوين، لكن بالمقابل هناك أسماء متميزة في الإعلام الرياضي الجزائري. * هل يتحمل صحفيو الأقسام الرياضية مسؤولية ما يحدث في الملاعب؟ -لا أوافقك الرأي لأن الصحفي الرياضي لا يتحمل وحده ما يحدث في الملاعب أوالساحة الرياضية، لأن المنظومة الرياضية والمنظومة الإعلامية هما من يتحمل ما يحدث، سواء كان الأمر إيجابيا أو سلبيا، ولأن الإعلامي الرياضي هو ناقل لما يحدث في الوسط الرياضي ككل ليس فقط كرة القدم بكل مصداقية وموضوعية وشفافية بعيدا عن الذاتية وكل المضايقات والضغوطات المباشرة وغير المباشرة، وهنا لا أتحدث عن أولئك الذين يجعلون أنفسهم أوصياء على بعض الفرق والنوادي وحتى المنتخبات وينزعون ثوب المهنية ويصبحون مناصرين لا إعلاميين ويضعون أنفسهم في خانة أشباه الإعلاميين الرياضيين الذين قد يبيعون ضميرهم المهني لأغراض معينة كانت علنية أو مخفية، مما يخلّف مثلا العنف في الملاعب والتعصب الرياضي والشغب أو التشهير للاعب أو مدرب أو فريق أو رئيس معين على حساب الآخرين.
* وهل يجدر بهم الإسهام في تهذيب المناصرين ونشر الروح الرياضية؟ نعم هذا بيت القصيد، الإعلامي الرياضي هو قدوة لغيره بحكم مهنته، لابد أن يساهم في نقل آراء وطموحات ورغبات و ميول المناصرين الأوفياء، ومنه نشر ثقافة المواطنة والروح الرياضية بعيدا عن التعصب والعنف وكل أشكاله، وهذه مهمة نبيلة للصحفي الرياضي المتميز والمحترف، وخير دليل على كلامي المواعيد الكبرى لكل ماهو جزائري مثلا كأس العالم 2014 وما صنعه المناصرون، حيث زيّنوا الجزائر بالرايات الوطنية عبر كامل التراب الوطني، وحتى المهاجرين الجزائريين، ناهيك عندما تستضيف الدول منتخبنا لكرة القدم يتنقل الأنصار بقوة لمساندة وتشجيع المنتخب مثلما حصل في أم درمان و البرازيل، وهو نفسه ذلك المناصر الوفي لفريقه وناديه دائما أينما حل، يحط الرحال معه، وبالتالي توجب على الصحفيين الرياضيين غرس ثقافة الروح الرياضية.
* هلا حدثتنا عن آفاقك المستقبلية في مجال الإعلام الرياضي في الجزائر؟ شكرا على هذا السؤال، المهم الذي أعتقد بكل تواضع أنني كنت ومازلت ذلك الشاب الذي يؤمن بالتحدي والصبر وعدم اليأس والفشل طالما الطموح مشروع في هذه الحياة التي جعلتني أعمل وألتقي مع عدد من الإعلاميين من الجيلين وعملت في الصحافة أزيد من 13سنة وهي قليلة مقارنة بمن سبقوني لميدان الإعلام،وحاليا مازالت أمارس مهنة المتاعب رغم أن لي مهام إدارية أخرى كرئيس قسم الإعلام والاتصال الرياضي بجامعة المسيلة، وهو أول قسم في هذا التخصص في الجزائر وحتى الوطن العربي، وهو فرصة لتكوين إعلاميين رياضيين في المستقبل بما أن في القسم مخبر سمعي بصري مجهز بأحدث التقنيات في هذا المجال، وهدفنا تعليم وتكوين إعلاميين متميزين إن شاء الله. حاورته: نبيلة خياط