القرض الحسن حقق قفزة نوعية في القطاع يمكن للزكاة أن تصبح محركا للاقتصاد الوطني حاوره: محمد يعقوبي يواصل عميد الوزراء ابو عبد الله غلام الله في برنامج "الحلقة المفقودة" على قناة الخبر "كاي بي سي" الحديث عن قطاع الشؤون الدينية الذي ظل على رأسه لأكثر من 17 سنة، حيث فند في الجزء الثاني من حلقته مع البرنامج ما قيل عن فشل القرض الحسن، مؤكدا أنه حقق قفزة نوعية، متحدثا عن دوافع إنشاء ديواني الزكاة والأوقاف.
* هل وصلتكم أي شكاوى من أئمة حول محاولات بعض الأحزاب من تسييس المساجد؟ – أبدا، لأن المسائل كانت تحل على المستوى المحلي من خلال مديريات الشؤون الدينية ومفتشين ومجلس علمي في كل ولاية، وكل انحراف من الإمام يعالج على المستوى المحلي، وكتبنا لكل المديريات في الوطن انه في حين ارتكاب الإمام لخطأ ما لا يمكن تقديمه إلى العدالة، إلا بعد تمريره على المجلس العلمي الذي يقرر في شأنه ما يراه عادلا، وإذا كان الأمر يستحق رفع قضيته إلى العدالة يقوم بذلك عن طريق مدير الشؤون الدينية بالولاية، وذلك للحفاظ على كرامة الإمام.
* في عهدك أطلقت ما سمي آنذاك بالقرض الحسن، حيث تم توزيع مشاريع عديدة على الشباب عن طريق قروض مصغرة، وقيل انه وزع حوالي 8000 قرض على مستوى الوطن، لكن هناك من قال إن هذه المبادرة التي جاءت من قبلك شخصيا لم تكلل بالنجاح، ما رأيك؟ – المسألة مبنية على من حفظ القرآن حفظ الإسلام، والإسلام باق وشعائره كذلك، ومن شعائره الزكاة التي إذا جمعت لا تحتاج البلاد إلى البترول، حيث تكفي لتسيير الدولة الجزائرية وتشبع حاجيات كل المواطنين، والزكاة ليست مرتبطة بوقت معين، وما قمنا به أننا وجهنا جزءا من أموال الزكاة إلى التنمية في صورة مشاريع صغيرة التي تنعش الاقتصاد الوطني، لكن تلك المشاريع كانت بحاجة إلى مرافقة وتوجيه حيث انطلقنا فيها من خلال إنشاء هيئة مرافقة لهذه المشاريع في كل ولاية، وأرى أنها نجحت بشكل كبير، وهناك من قال إن المزكين تراجعوا، فهذا غير صحيح لأنهم كانوا يدفعون زكاتهم عن طريق البريد، وكانوا يجتمعون في فترة معينة بعد حوالي ثلاثة أشهر من حملة الزكاة لتوزيع زكاتهم، حيث يتم توزيع جزء على الفقراء والمحتاجين، والجزء الآخر على الاستثمار، والآن تفكر وزارة الشؤون الدينية في صيغة أخرى لتنمية الزكاة، ونتمنى لها النجاح، لأن الاهتمام بهذه الفكرة وتجسيدها على ارض الواقع يمكن أن يصبح بعد سنوات المحرك للاقتصاد الوطني. * الأرقام تقول إن حصاد أموال الزكاة التي جمعت على مدار حوالي 15 سنة لا يتجاوز 170 مليار سنتيم مودعة في بنك البركة، تعتبر حصيلة قليلة مقارنة بهذه السنوات الطويلة، هل يمكن القول إن المبادرة فشلت؟ تلك القيمة وجهت للاستثمار فقط، وجمعت في أقل من 15 سنة، وهذا نموذج يتم تطويره، وكل بداية تكون صغيرة، وتم منح 8000 قرض، وكل قرض إذا افترضنا أنه استفاد منه 3 أشخاص فقط، فهذا يعني أنها ستمول 24 ألف مواطن.
* المواطن الجزائري لا يعطي زكاته للدولة، وهنا يطرح السؤال عن أسباب ذلك؟ – المواطن يقدم زكاته لصندوق الزكاة الذي يسيره المزكون. * لكن أغلب صناديق الزكاة تسرق في المساجد؟ – الزكاة لا تجمع في هذه الصناديق رغم أنها تحمل ذلك الاسم، بل في حساب جاري لكل ولاية في البريد، وأحيانا يقوم بعض المزكين بتكليف الإمام بإيداع زكاتهم في البريد ويسلم الإيصال، ويمكنني أن أؤكد لك أن 99 بالمائة من الزكاة محفوظة.
* كيف يتم اختيار الفقراء والمحتاجين؟ – هناك تقنية خاصة لاختيار الفقراء الذين توزع عليهم أموال الزكاة، في شهر رمضان مثلا نقوم بجمع زكاة الفطر في كل المساجد لتوزع على فقراء الأحياء الذين تحددهم لجان المسجد، ثم ترفع قائمة أسمائهم إلى اللجنة الولائية والتي تقوم بدورها بتوزيع الزكاة عليهم.
* حين طرح الموضوع في القروض المصغرة قيل إنه تم إعطاء بعضها لغير مستحقيها، هل هذا صحيح؟ اللجان الولائية هي التي تقوم بتوزيع القروض على مستحقيها، ولذلك فهي من تملك المعطيات الكافية التي تستوفي كل شروط الاستفادة منها، والأولوية كانت للحاصلين على شهادات في التكوين المهني، رغم أنه لا يمكنني التأكيد على أن كل القروض أنتجت، لكن الأغلبية أعطت نتيجة معقولة، وسر الزكاة في التراكم، وبعد كل سنة يرتفع مردود الزكاة حيث وصل بدوره إلى قروض جديدة.
* هل اكتشفتم فيما بعد منح بعض القروض لغير مستحقيها؟ – ليست من مهمتنا البحث في الأمر، المزكون يراقبون ذلك، وكل اللجان المكلفة بالمراقبة لم تثر هذه المشكلة.
* نفس المشكل طرح في موضوع الأوقاف، في عهدك قررت الوزارة استرجاع الأوقاف في كل الولايات، والواضح أن القطاع فشل في استرجاعه، والأرقام تدل على ذلك، ما تعليقك؟ – استرجاع الأوقاف يستلزم تهيئة الظروف والعقليات، والصعوبة كانت هناك، لأن الأوقاف استولت عليها المؤسسات الرسمية، فعلى سبيل المثال وزارة الدفاع بنيت على ارض وقف، ولهذا لا يمكن استرجاعها، فلا بد من إقناع الوزارة بحق الأوقاف، وهذا يتطلب الكثير من الوقت، حين استلمت الوزارة كان دخل الأوقاف حوالي 8 ملايين دينار سنويا، وقمنا بالاهتمام برفع التحصيل من كراء المحلات عن طريق إلزامهم بالدفع، ما أجبرنا على اللجوء إلى المحاكم في العديد من المرات، ودائما نكسب القضايا، ثم انطلقنا في تنمية الأوقاف عن طريق خلق أوقاف جديدة، وكما قلت إن هناك أوقافا قابلة للاسترجاع وأخرى لا يمكن ذلك، مثل الكثير من مقرات الوزارات ومقر سونطراك ببراقي أيضا، ووصلنا إلى دخل 15 مليارا في السنة وحققنا بذلك قفزة كبيرة.
* يقال إن كل محلات سيدي يحيى بحيدرة مبنية على أراضي وقف، فما الذي يمنع الدولة من أن تفرض على هؤلاء المستغلين دفع الوقف؟ – الوزارة مجبرة لطلب ذلك من الدولة على تحضير العديد من الوثائق، وذلك يتطلب الكثير من الوقت.
* هل تعتقد أنه يوجد تواطؤ من إطارات في الدولة للتنازل عن هذا الوقف لمستغليه؟ – أحيانا يقع هذا التواطؤ حتى من مسؤولين بالوزارة، لكن يكفي أننا انتقلنا من 8 ملايين إلى 15 مليارا كدخل سنوي للوقف.
* يقال إنك رفضت القرار المتعلق باستحداث ديوان خاص بالوقف وآخر بالزكاة، هل هذا صحيح؟ بالعكس، فكرنا باستحداث ديوان خاص بالأوقاف لأن الأشغال تقتضي بنية خاصة. * قد يفهم من ذلك أنه سحب البساط من وزارة الشؤون الدينية، ولم يعد لها سلطة على هذا الملف، مثلما سحب منها ديوان الحج.. ما رأيك؟ لم يسحب ديوان الحج من الوزارة، لأنه انشأ باقتراح منها واستقلاليته جاءت بسبب عدم إمكانية الوزير تسيير هذا القطاع، لأنه لا يمكنه تسييره إداريا ولا احد يمكنه سحب البساط من وزارة الشؤون الدينية فلا أحد له المصلحة في ذلك إضافة إلى أنها من مهامها الدستورية، وتبقى الوزارة هي المشرف، وبالتالي أردنا توجيه الحج إلى تشجيع العمالة الوطنية والوكالات لتولي عمليات الحج، ما يساعد على خلق نشاط في المجتمع، وبالنسبة لديوان الزكاة أصبحت الحاجة إليه كبيرة مع كثرة المؤسسات، ويكون له فروع وممثلين في كل الولايات، وبدورهم يشكلون شركة للتنمية كل سنة لها مصدرين للتمويل، أولهما ما يأتي من الزكاة، والمصدر الثاني هو مردود القروض المسترجعة، والتي أصبحت تساوي في بعض الولايات القروض نفسها في الولاية، فعلى سبيل المثال لا الحصر وصلنا إلى تحقيق 74 قرضا بولاية عنابة من الزكاة، و70 قرضا من المسترجعات، وهذه التنمية الداخلية تحتاج إلى مؤسسات تقوم عليها، وإنشاء ديوان الزكاة جاء بعد وقوع تفتيش من المفتشية العامة للمالية وجهوا لنا انتقادا حول اللجنة الوطنية للحج، كونها لجنة إدارية لا يجوز لها تسيير الأموال، وقانونيا لا يحق لها ذلك، ونفس الشيء فيما يخص ديوان الأوقاف بعد أن أصبحت المداخيل 5000 وقف على المستوى الوطني، لنناقش بعد ذلك عملية استرجاع الأوقاف، الخاصة بالأراضي الزراعية، وعملنا على إقرار النصوص القانونية التي تسمح لنا باسترجاعها في مختلف الولايات، وبعد الدراسات ارتأينا أن مديريات الشؤون الدينية لا تملك الكفاءة لا الإدارية ولا المالية حتى تقوم بتسيير هذه الأوقاف. تفريغ: هجيرة بن سالم يتبع..