عقدت أكاديمية المجتمع المدني الجزائري، ببلدية قصر الشلالة ولاية تيارت أول أمس الخميس، ندوة وطنية حول ''الزوايا ودورها في ترسيخ المواطنة والحكم الراشد''، بحضور كل من وزير الشؤون الدينية والأوقاف والأمين العام لأكاديمية المجتمع المدني، ومشاركة أكثر من ألف شيخ وطالب، يمثلون حوالي مائة وخمسين زاوية من مختلف أنحاء القطر. وقد تميزت أشغال هذه الندوة العلمية الأولى من نوعها في بلادنا بمشاركة قوية للباحثين والأساتذة وذوي الاختصاص في تاريخ الزوايا الجزائرية، وعرفت إقبالا شعبيا كبيرا، ميزه الحضور اللافت لعنصر الشباب وبعض فعاليات المجتمع المدني، إلى جانب المنتخبين. وقد أشار الوزير بوعبد الله غلام الله في كلمته الافتتاحية عن المكانة الهامة التي أصبحت تحتلها الزوايا في الجزائر، من خلال حضورها الفعال في كل المحطات التاريخية للبلد، ودعا إلى ضرورة بذل المزيد من الجهد من قبل الباحثين لإماطة اللثام عن الإنجازات العلمية والاجتماعية الهامة التي حققها شيوخ الزوايا والطرق الصوفية في الجزائر على امتداد فترات زمنية طويلة، كما أبرز من جهة أخرى الدور الحساس للزوايا في تأصيل قيم المواطنة ومبادئ الوطنية في نفوس الشباب الجزائري، وقال إن الزوايا ليست ركودا واستكانة ولكنها عمل ميداني يومي ومتواصل لإرساء قيم المحبة والتواصل والمساواة والخير بين أبناء الشعب الواحد، وأعطى الكثير من الأمثلة والنماذج من التاريخ الجزائري إبان الاحتلال الفرنسي، وأكد أيضا أن هذه الزوايا كانت على الدوام في مقدمة الصفوف الأولى من أجل الحفاظ على الهوية الوطنية والإسلامية للجزائر، وقدمت الكثير من العلماء على مذبح الحرية والكرامة والشرف، ولم تكن في أي مرحلة من مراحل التاريخ الوطني غائبة عن القضايا والاهتمامات الحيوية للمجتمع والمواطن.. أما الأمين العام الوطني للأكاديمية الدكتور أحمد شنه، فقد أكد أن عقد هذه الندوة العلمية الأولى ببلدية قصر الشلالة ، إنما هو اعتراف من الأكاديمية بالتضحيات الكبرى التي قدمتها هذه المنطقة، خلال مسيرة الحركة الوطنية أو خلال ثورة التحرير، وتكريم لبعض كبار القادة من أبناء المنطقة، من صناع التاريخ الجزائري المعاصر، أمثال سعد دحلب والصافي بوديسة، واعتراف بالجميل من طرف جيل الاستقلال، للإنجازات التي قدمها هؤلاء، وغيرهم كثيرون، من أجل سيادة واستقلال وحرية الجزائر، والدفاع عن هويتها الوطنية والإسلامية، معتبرا أن مسار البناء الوطني والسياسي والمادي للجزائر، لا يمكن أن يكتمل دون بناء ديني وروحي متوازن،لأن المكاسب والمشاريع التنموية الكبرى لن تؤدي غرضها في الدفع بوتيرة التنمية والتقدم، إذا ما تم إهمال الجانب الروحي للمواطن، وهو ما ينبغي أن تضطلع به الزوايا الجزائرية، في ظل التشجيعات الكبيرة التي تتلقاها من مصالح الدولة، وفي ظل المناخ الإداري والرسمي الذي وفرته المؤسسات العمومية المختصة منذ مطلع القرن الحالي. وأكد من جانب آخر أن مؤسسات الزوايا، أصبحت الآن جزءا أساسيا من مؤسسات المجتمع المدني في بلادنا، وعليها أن تمارس وظائف ومهام جديدة، في ظل الزحف الخطير لثقافة العولمة، وتيارات الإلغاء التي تمارسها الثقافات العالمية المهيمنة على سلطة القرار في العالم، واعتبر أن من أهم هذه الوظائف، هي الخوض في معالجة إشكالية المواطنة، والشعور بالغربة، وتشتت الهوية لدى الشباب، أمام ضغوطات الحياة المادية، والأجواء الاجتماعية السلبية التي يعيشها الشباب بمرارة ويأس، حيث تقلصت فرص الإبداع، وتراجعت إمكانات المبادرة لديه بشكل كبير. واختتمت الندوة بتوصيات هامة، سوف ترفع إلى الجهات المسؤولة في الدولة، بشأن ترقية أساليب العمل، من أجل معالجة إشكالات المواطنة والهوية لدى الشباب، وقطع الحاضرون موعدا للقاء في الندوة الثانية مع نهاية هذا العام.