ما زالت مئات العائلات بقرى بلدية "آيت تيزي" الواقعة أقصى شمال سطيف، تعيش حياة بدائية تطبعها العزلة والفقر، إذ ما زال سكانها يعتمدون على المقومات البدائية أمام مرأى ومسمع المسؤولين المحليين الذين، كما قال السكان، أشبعوهم وعودا دون تنفيذ على ارض الواقع. وقد كشف السكان في تصريحاتهم ل"الحوار" عن مدى المعاناة التي يكابدونها يوميا، إذ يواجهون حياة قاسية، وما زالت العائلات تحتطب لأجل التدفئة والطهي، وغالبا ما يكون تنقل السكان باستعمال الأحمرة والبغال.
* لا ماء، ولا شبكة لقنوات الصرف الصحي
تبدأ معاناة هؤلاء من الطرقات التي تربط عشرات القرى المتناثرة هنا وهناك، فرغم التهيئة التي مست الطريق الوطني رقم 75 الذي يربط بجايةبسطيف مرورا بالبلدية المذكورة، إلا أن المسالك الداخلية هي الأهم كون أن الطريق المذكور يمر بجنب البلدية وفقط، في حين تبقى الطرقات الداخلية أحد أكبر المشاكل التي نغصت يوميات السكان، بعدما طالها الاهتراء، وباتت لا تصلح إلا للحيوانات، وتعد كل من قرى "امفتاحن"، "اغيل ازغاغن" الأكثر تضررا من تدهور وضعية الطرقات.
أما عن مشكل الماء الصالح للشرب، فإن القاطنين بمركز البلدية محرومون من قطرة مياه، فما بالك بسكان القرى البعيدة، حيث يلجأ هؤلاء إلى الينابيع المتواجدة في سفوح الجبال وعلى ضفاف الوديان، باستعمال الأحمرة والبغال، في ظل انعدام الطرقات تماما، ويتنقل هؤلاء لكيلومترات بين الأحراش قصد جلب قطرة مياه تسد رمقهم، ذات الأمر بالنسبة لصرف المياه المستعملة، حيث يعتمد السكان على الحفر التقليدية في ظل غياب شبكة الصرف الصحي، وهو ما يشكل قنبلة بيئية تهدد مئات السكان بأمراض جد خطيرة. وفي ظل افتقار المنطقة لغاز المدينة وندرة القارورة، تبقى غابات أشجار الزان عزاء السكان الوحيد للتدفئة شتاء وحتى للطهي صيفا وشتاء، ولكم أن تتصوروا جملة المتاعب التي تصاحب هذه الأوضاع الجد مزرية. * الهجرة.. الحل الوحيد
وفي ظل تحالف المعاناة وسقوطها دفعة واحدة على السكان بالمنطقة، لم يجد هؤلاء من سبيل للخروج من الأزمة إلا الرحيل، وخصوصا إلى ولاية بجاية المجاورة لبلدية آيت تيزي، حيث ذكر بعض من بقي من شباب القرية أنهم مع بزوغ فجر كل يوم يسمعون بأحدهم غادر القرية دون رجعة، هروبا من الفقر والحرمان، خصوصا مع غياب فرص التشغيل والعمل، وحتى الفلاحين يئسوا بسبب الطابع الجبلي للمنطقة، فمهنتهم الرئيسية هي الرعي بقطعان الماعز التي يعتمدون عليها في سد بعض الحاجات الأساسية.
* معاشات الشيوخ مصدر رزق السكان!
عند سؤالنا عن مصادر رزق العائلات، قال بعضهم إن جل سكان البلدية يعتمدون على معاشات الشيوخ ومنح العجائز التي تعطى لهم من فرنسا، بحكم أن أغلب كبار المنطقة عملوا بالمهجر، أو ما يجود به بعض أبناء المنطقة المهاجرين بالمدن المجاورة أو المدن الكبرى كالجزائر العاصمة من أموال، كل ما تتاح لهم الفرصة.