خارج قطاع المحروقات.. تركيا أول مستثمر أجنبي في الجزائر    أبواب مفتوحة بتيزي وزو:"الخدمة الوطنية مدرسة لصناعة الرجال وتعزّز الشعور بالإنتماء للوطن"    الشلف.. مشاركة أزيد من 100 متربصا في التصفيات الولائية لأولمبياد المهن    ورقلة..برنامج هام لتدعيم شبكات توزيع الكهرباء في الصيف المقبل    بإشراك الأولياء وجميع الهيئات والمؤسسات على صلة بالقطاع.. نحووضع استراتيجية لتحسين ظروف الدراسة    بوغالي يعزي في وفاة عضو مجلس الأمة البروفيسور وليد العقون    كرة القدم / الرابطة الأولى موبيليس - الجولة ال24 : تأجيل لقاء شبيبة الساورة - اتحاد الجزائر إلى يوم السبت 26 أبريل    الشباك الوحيد وهيئتا التصدير والاستيراد: اضفاء شفافية أكبر على الاستثمارات وتعزيز مكانة الجزائر الاقتصادية دوليا    وفاة الفنانة بادي لالة عميدة فن التيندي    طاقة/مناجم: اجتماع تنسيقي حول تسريع رقمنة القطاع    المغرب: أحزاب سياسية تفضح تواطؤ الحكومة المخزنية مع قوى الفساد والاستبداد    مكافحة المعلومات المضللة : الاتحاد الإفريقي يجدد اشادته بدور الجزائر الريادي في مكافحة الإرهاب    صناعة صيدلانية: رقمنة القطاع ستضمن وفرة الأدوية و ضبط تسويقها    مؤتمراتحاد عمال الساقية الحمراء ووادي الذهب: التأكيد على مواصلة النضال لتحقيق الأهداف المشروعة للشعب الصحراوي    غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 51240 شهيدا و116931 جريحا    سلاح صهيوني جديد في حرب الإبادة    يوم الإبداع    العنف يُخيّم على الكرة الجزائرية مجدّداً    سِباق مثير بين المولودية وبلوزداد    تعليمات الرئيس انتفاضة ضد النقائص    نعمل على تحويل الجنوب إلى وجهة عالمية    ثلوج مُرتقبة    تسخير تسعة موانئ لاستقبال سفن الأضاحي المستوردة    تحديد مواعيد جديدة لفتح أبواب جامع الجزائر ابتداء من اليوم الاثنين    السياسات الشمولية ومغامرة الهيمنة الاقتصادية    شباب يرفضون العمل بأعذار واهية    قسنطينة : اختتام الطبعة 14 للمهرجان الثقافي الوطني للشعر النسوي    موضوع ندوة علميّة : إبراز جهود جمعيّة العلماء المسلمين في النّهوض بالمرأة والأمّة    توثيق جديد للفهد "أماياس" بشمال الحظيرة الثقافية للأهقار    الطبخ الجزائري يأسر عشاق التذوّق    استشهاد 4 فلسطينيين بالنصيرات وخان يونس بغزة    استنكار رسو "سفن الإبادة" الصهيونية بموانئ المملكة    توعية النواب حول مخاطر اختراق الهواتف النقّالة    المجلس الشعبي الوطني يضبط برنامج أشغاله    توقعات بجني 2.5 مليون قنطار من الطماطم الصناعية بقالمة    تقطير الزهور.. عبق الأصالة في زحمة النسيان    حذار من التجارة عبر الأنترنت    15 موقعا لاحتضان مهرجان العاصمة للرياضات    شايب يلتقي مع أفراد الجالية الجزائرية المقيمة ببلجيكا ولوكسمبورغ    توبة يوجه رسالة قوية للاعبين مزدوجي الجنسية    مانشستر سيتي يريد مازة بديلا لكيفين دي بروين    إدارة مولودية الجزائر تندد    انطلاق تظاهرة شهر التراث    بالله يا حمامي" و"باتا باتا" تجمعان شعوباً عبر الموسيقى    على الخشبة نلتقي" بقسنطينة    السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات تصدر مجلتها    هذه مقاصد سورة النازعات ..    صادي يجتمع بالحكام    المنتخب الوطني لأقل من 17 سنة: برمجة عدة تربصات انتقائية جهوية عبر 3 مناطق من الوطن    برنامج ثري ومتنوع للاحتفاء بشهر التراث    سايحي: "تطوير مصالح الاستعجالات " أولوية قصوى"    تسهيل وتبسيط الإجراءات أمام الحجّاج الميامين    تقييم أداء مصالح الاستعجالات الطبية: سايحي يعقد اجتماعا مع إطارات الإدارة المركزية    حج 2025: اجتماع اللجنة الدائمة المشتركة متعددة القطاعات    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    ما هو العذاب الهون؟    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الراي.. الأغنية الجريحة شجن الهامش
نشر في الحوار يوم 09 - 12 - 2016


تراتيل البادية
يسين بوغازي
تراتيل البادية (1)
الراي.. تيار موسيقي نشأ بالغرب الجزائري، يحاكي روح البداوة، وأنغامه التي لطالما كانت منتشرة في تلك تلك المناطق الريفية، شجن البداوة أعطته بساطة في تأدية مقاطعه التي أصبحت بعد وقت أغاني، فكان يكفي ان يلقي قصيد على ضبط طبل أو ما شابه .
لخرج الرايوي بكائيات مؤثرة ، كان في الأصل تناول لتخفيف وطأة البداوة أجوائها الرتيبة. أخذت هذه الموضة التي انتشرت بين رعيان الأرياف تنتشر فكانت كل مرة تحمل أعباء من الانسانوية الشعرية التي تلج إلى الأنفس بسهولة كمناجاة الأحلام الممنوعة عذابات عاطفية اجتماعية وآراء أخرى، أحيانا كانت تأخذ من جلد الذات بالشعر مساحات كبيرة. بهذا الحفر خط الراي منذ البداية منهجه الغنائي أول ما قام على روح شجن الهامش ذلك الزاخر بتركة تراث أشعار كان لا يأبه لها.
فكانت هذه سطوته السمعية الأولى، كان هذا منذ القرن التاسع عشر على اصح الكتابات، كانت فترة محاولات التشكيل الأولى في اللحن القصيدة، لأنه لم يعرف تيارا موسيقيا مكتملة بنياته بمفهومه المتداول إلا منذ منذ أواخر النصف الثاني من القرن العشرين.
كما وصفه رواده، نشأ مغضوبا منه؟ فقد اهتم بالمتروك قوله غناه فكانت الردة القاسية في تلك الممارسات المقترفة عليه منظومة من الحقد والحط الازدراء منذ البداية، كانت لا تطيقه تتربص به قبل أن تحاول ترويضه أو القضاء عليه ضربة واحدة. فقد قال فاجعا بأشعار ممنوعة فلم يطقه حراس البادية.
ولأن لكل فعل ردة فعل، فإن الراي الكائن الغنائي الجديد اضطر إلى التراجع إلى فسحات الهامش الشوارع الخلفية، مما زاد من غضبه حدة تناولاته، فبقدر النبذ جاءت الجرأة؟
إن الكم الهائل من الازدراء، الاحتقار الذي قبل به الراي، الذي نذكره في هذه الكتابة كلما سمح التذكير، جعل أغنية الراي تستشعره انه حقا مغضوب عليه، فقد حاربته منظومات المدرسة والمسجد الإعلام الذي ما زال إلى الآن سلسلة من الدوائر الخفية. كبعض النخب الثقافية التي ناصبت هذه الأغنية حقدا أبديا.
نشا الراي في فضاء موسيقي وغنائي، كان في تلك الأيام الأولى يعاني من ضبابية وعدم وضوح رؤية موسيقية محددة، غير أنها كانت أجواء تعلي أغنية في الجزائر بمقومات انتماء هوية كما كان يقال؟
ففي الغداة كانت أغنية في الجزائر تعنى ببتر روابط الانتماء لتركة الأغنية الفرنسية والغربية عموما، فمجرد الاقتراب يلصق تهمة ضرب الهوية الغنائية، الراي لم يكن متهما في موسيقاه، فقد كانت بدوية، بل كان متهما بثورة أشعاره جرأتها تجاوزاته.
لكن تنولات موسيقى الراي الناشئ الجديد كانت ضمن المتن الموسيقي الجزائري الأصيل، فيما جاءت تناولاته القصائدة تغرف من ذات التراث، لكنه المخفي المسكوت عنه، فلم يغفر للراي أن قال تلك المخفيات في أغاني. والجزائر الجديدة الخارجة من قيامها، بدأت تتحدث عن مرجعيات مجتمع جديد مقومات امة وفق قاعدة صارمة قامت بكل بساطة على ان الغرب عدو الشرق صديق؟ فيما شملت هذه الرؤية الجديدة مجالات كثيرة كالموسيقي الفنون، تلك أكثر المجالات التي اعتنى بها وحرص في تطبيق تلك المقولة بصرامة شديدة، حينها ظهر الراي الموسيقى العابثة التي لا تحترم ما تعليه الأمة، فعملت تحت سقف هذه القاعدة، فيما اعتمد على فتح الأبواب على مصرعيه إلى سولافاجا مشرقيا موسيقى عربية هي في الأصل تلك الموسيقي المصرية التي تجسدت أساسا في موسيقى أغاني محمد عبد الوهاب وما أسسه في الغناء والتلحين الأداء، طبقت في جزائر الغداة بشيء من الجزأرة الغنائية.
فدخل الغناء الجزائري برمته بيت الطاعة للموسيقى العربية على قواعد الموسيقى الشرقية، بما لها ما عليها في تلك الأزمنة مع الصعود الإعلامي المبهر الذي صاحب أسماءها الكبيرة في سماء الأغنية العربية المصرين تحديدا. ولعل هذا الانصياع الغنائي المشرقي هنا لم يغلق الفضاءات تماما، فقد بقيت أنماط أخرى من الأغاني الجزائرية تصنع مجدها في شتى تجلياته خلفياتها الثقافية. لكن ما كان معتمدا كان تلك الأغنية المشرقية المجزأرة.
وبقي هذا التأثير إلى نهاية الثمانينات فكانت نفس القواعد مرجعا بقيت تنفذ لحنيا موسيقيا لما يمكن تسميته بالأغنية الجزائرية الرسمية وريثة الستينات إلى أواخر الثمانينات في التلفزيون الاذاعة.
وإن كان إطلاق توصيفات على هذه التجارب الطويلة تحت مسميات الأغنية الجزائرية فيه شيء من عدم الاطلاع الكافي على واقع مسارات الأغنية الجزائرية تأثيراتها، لكن ظل الحال على ما هو عليه وفق ذات القواعد التي بقيت طاغية على جل التناولات الموسيقية في صنف تلك الأغنية المستشرقة إلى يومنا.
وتجلت في شبه تقديس للموسيقى الشرقية، نقصد بهذا القول الموسيقى المصرية تجارب فنانيها موسيقييها رجالاتها صعودا من نهاية الحرب العالمية الأولى حيث شكلت جزءا مهما في المتن الموسيقي الجزائري، قد استفردت به لا سيما في أسلوب البنية اللحنية، ومع مرور الوقت صارت مرجعا موسيقيا مسيطرا لأسباب ارتبطت أساسا بأوهام الحفاظ على هوية الأمة، فأضحت برواده حراس معبدها المدافعين في الحقيقة أصبح احتكارا موسيقيا شرقيا حصريا، مما جعل أغنية الراي أولى ضحاياه، فحراس الموسيقى المشرقية هنا أعلنوا الحرب على أغنية الراي الوافد الجديد بتهم خروجه على الأصول الأصالة، وهم يقصدون الموسيقى المشرقية كأنها صمام الأصالة التراث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.