تعتبر منطقة تيكجدة من أشهر مناطق الجزائر السياحية في جبال جرجرة بولاية البويرة، وهي بحرف الجمال الإلهي تحفة خلابة ولوحة عروس ترفل بجمالها الأخاذ، سالبة عقول السائحين، وملهمة ألباب الزوار، حيث تشتهر بوجود القردة والثلوج في جبالها، وتعتبر ثاني أشهر منطقة بالثلوج بعد الشريعة. ويتردد على حظيرة تيكجدة عدد لا يحصى من السائحين والزوار، وقد عرف النشاط السياحي بها ركودا في فترة العشرية السوداء، لكنها استأنفت نشاطها وبثت الحياة فيها من جديد بعد استقرار الأوضاع الأمنية، وعادت العائلات لإقامة نزهاتها في هذا المكان "الجنة". رغم ما حصل منذ أيام بالقرب من "تيكجدة"، وبالضبط في مدينة العجيبة، أين قضت قوات الجيش الوطني على 14 إرهابيا، إلا أن ذلك لم يمنع المئات من المواطنين والعائلات خلال عطلة نهاية الأسبوع، من الوصول إلى أعالي هذه المنطقة السياحية، والهروب من زحمة المدن. تنقلت"الحوار"، السبت الماضي، إلى هذه المنطقة السياحية الرائعة، رفقة عدد من ممثلي الصحافة الوطنية، باعتبار الرحلة من تنظيم مكتب الإعلام والاتصال "بي أل أم كوم"، بالتعاون مع كل من المركب الوطني للرياضة والتسلية، وكذلك مع رئيس بلدية الأصنام. * بداية الرحلة انطلقت رحلتنا التي ضربنا بها عصفورين بحجر واحد ،"مهمة عمل" و"رحلة سياحية"، في حدود الثامنة صباحا من أمام مقر الاتحاد العام للعمال الجزائريين بوسط العاصمة، قطعنا كليومرات ومسافات طويلة حتى وصلنا إلى بلدية الأخضرية المعروفة بمنعرجاتها الخطيرة وطرقاتها الملتوية، لكن مع هذا كان سائق الحافلة أقوى من تلك التضاريس واستطاع أن يتجاوزها، ليصل بنا إلى ولاية البويرة وبالضبط إلى "حيزر"، فتنفسنا الصعداء، لأنه لم يمر إلا وقت صغير ولم نقطع إلا مسافات قليلة حتى وصلنا ل"تيكجدة"، نزلنا من الحافلة، فاستقبلتنا طبيعتها الخلابة المشكلة من جبال مكسوة بالثلوج البيضاء، قبل أن استقبالنا كل من رئيس بلدية الأصنام، أحمد هلال، برفقة ممثلين عن إدارة المركب، وفعلا تأكدنا بأن طبيعة" تيكجدة"، مهما يكتب عن جمالها ورونقها، ومهما يقال عنها لا يمكن أن تفيها تلك الكلمات ولا يمكن أن يصورها أي قول مثلما يشاهدها الواحد منا بأم عينه، ويتأكد فعلا أنها لؤلؤة ربانية بجبال جرجرة بالبويرة تستأهل الحفاظ عليها حتى لا تفقد. * نفايات تشوّه صورة تيكجدة حديثنا عن "تيكجدة"، عن جمالها وروعة طبيعتها، لا يجب أن ينسينا الحديث عما تعانيه وما ينقصها حتى تبقى جميلة وحتى نحافظ عليها ونحميها ونجعلها منطقة سياحية من الدرجة الأولى. ومن يزرها أكيد أنه لن يقف فقط على وصف جمالها، بل سيقف أيضا على وصف آلامها وما تعانيه وما تحتاجه من قبل المواطنين والمسؤولين. من بين ما تشتكي منه" تيكجدة"، غياب النظافة، ومن يزرها يستغرب لتلك النفايات المتوزعة والمتجمعة في كل ركن من أركانها، وصراحة، مثلما ذكر البعض، فإن مشكل غياب النظافة سببه السياح والمواطنين الذي لا يحترمون قوانين رمي النفايات، حيث يخرجون من المنطقة تاركين وراءهم نفاياتهم، متجاهلين أنهم يساهمون بشكل كبير في تشويه وجهها الجميل، في الوقت الذي يجب أن يساهموا في حمايتها من القمامة. ويفترض مثلما ذكر بعض السكان، أن تعين المصالح البلدية أعوان رقابة لتغريم أي سائح يرمي بنفاياته في الأرض. * الطريق الضيق بين تيكجدة والولايات بحاجة إلى توسعة ويكون الطريق الضيق الرابط بين تيكجدة والولايات أحد أهم المشاكل التي يشتكي منها القادمون إليها من مختلف ولايات الوطن، ما يستدعي من الجهات الوصية توسعته. ويلفت بعض السياح إلى أن الطريق الضيق المؤدي إلى تيكجدة كثيرا ما يجعلهم يعودون أدراجهم، لأنه يشكل خطر ا عليهم، مستغربين تأخر الجهات الوصية عن توسعته في الوقت الذي تسجل فيه أن عبوره مغامرة حقيقية قد تودي بحياتهم. * رئيس بلدية الأصنام: النفايات والطريق الضيق معاناة "تيكجدة" كون الرحلة كانت مهنية وسياحية، لم يكن بوسعنا الخروج من تيكجدة دون أن نتحدث مع رئيس بلدية الأصنام، أحمد هلال، عما تعانيه المنطقة وما ينتظرها من مشاريع لترقية السياحة. وأكد رئيس بلدية الأصنام، أحمد هلال، في لقاء جمعه بالصحافة، بالمركب الوطني للرياضة والتسلية، أن المنطقة تعاني من عدة مشاكل تحولت إلى معرقل حقيقي وحاجز أمام ترقية السياحة الداخلية، داعيا الجميع إلى التحلي بروح المسؤولية تجاه المرافق العمومية مع احترام البيئة وعدم رمي الفضلات عشوائيا، لأنها تشوه منظر منطقة تيكجدة ولأنها -يضيف – جهود مضاعفة لعاملي البلدية، خاصة أن المنطقة تستقبل المئات من الزوار يوميا، حيث أنه من غير الممكن أن يتقاعس المسؤول عن آداء دوره وتسخير أعوان النظافة لرفع النفايات، باعتبار ذلك سيقضي على السياحة في تيكجدة. ومن بين أهم مطالب رئيس بلدية الأصنام، ضرورة توسيع الطريق الرابط بين تيكجدة والولايات الأخرى، قائلا في هذا الموضوع: "كل المجهودات التي تبذلها السلطات في سبيل تشجيع السياحة الداخلية تبقى ناقصة، مادامت لم تفكر في توسيع الطريق الذي يربط منطقة "تيكجدة" بباقي الولايات"، لافتا" هذا الطريق الضيق أصبح عائقا لوصول السياح إلى المنطقة التي تعرف بأشجار الأرز، بل يعتبر الكثير أن المرور به مغامرة حقيقية". * اختفاء 18 حاوية في أسبوع وبحسب المسؤول الأول على بلدية الأصنام، فإن الجزائريين يفتقرون إلى الثقافة السياحية لأنهم يجهلون أو يتجاهلون واجبات السائح حيال تلك المنطقة التي يزورها، و قال: " يجب على المواطنين التعلم والعمل من أجل كسب ثقافة السياحة"، مؤكدا بأن العديد من رواد المنطقة لا يحترمون أدنى التعليمات المتعلقة بحماية المحيط، حيث يلقون فضلاتهم في غير الأماكن المخصصة لذلك، كاشفا" عن اختفاء 18 حاوية كبيرة للنفايات أسبوعا بعد وضعها في محيط المركب السياحي" . وتابع أحمد هلال حديثه، مؤكدا بأن مصالح بلديته تقوم بالتنسيق مع جمعيات حماية البيئة على ترسيخ ثقافة احترام البيئة، وذلك من خلال تنظيم حملات توعوية دورية، فضلا عن نشر لوائح و دعامات إشهارية تدعو إلى احترام البيئة، مفيدا بأن البلدية قامت مؤخرا بمبادرة تنظيف المنطقة من الأوساخ المنتشرة في المنطقة، لكن بعد يومين من عملية التنظيف عادت الأمور إلى سابق عهدها، هذا ما يؤكد، كما قال"على أن أغلب السياح لا يعيرون أي اهتمام بالبيئة ". * من دخل "تيكجدة" فهو آمن أما بخصوص الأمن، فأكد "مير الأصنام"، بأن المركز الوطني للرياضة والتسلية يتميز بالأمن والأمان، لتوسطه العديد من الثكنات العسكرية في المنطقة، إضافة إلى حواجز الدرك الوطني الموجودة على طول الطرق المجاورة، إلا أنه كشف بأن المنطقة التي يوجد فيها السد المائي لا يتوفر فيها الأمن بشكل كاف، في إشارة ضمنية إلى ضرورة توفير أكثر للأمن في تلك المنطقة. * 90 بالمئة من زوار "تيكجدة" من أبناء الجزائر أما بخصوص السياح الذين يقصدون تيكجدة ، قال هلال" 90 بالمائة من زوار المنطقة هم من أبناء الجزائر من 48 ولاية، مبرزا بأن المحتلين للصدارة هم من مناطق" بومرداس و العاصمة و تيبازة، دون أن ينسى أبناء الولاية، متمنيا "أن يحترم زوار المنطقة قوانين الحفاظ على البيئة والمحيط". * التقشف جمد كل المشاريع من جهة أخرى، أكد رئيس بلدية الأصنام، أحمد هلال، بأن السلطات المحلية تعمل منذ مدة على توسعة المركب الوطني والتسلية بتيكجدة، وتحديدا الفندق الذي يستوعب ل450 سرير فقط، لافتا إلى الهدف في أن الوقت الحالي هو الرفع من طاقة استيعابه إلى 800 سرير. وفي اعتقاد رئيس البلدية، فإن توسعة المركب باتت واجبة وضرورة ملحة، لأن "عدد السياح أصبح كبيرا جدا وفي تزايد متواصل". وحول ما إذا كان لسياسة التقشف أو سياسة ترشيد النفقات أثرا سلبيا على مشاريع المنطقة، أكد أحمد هلال بأن التقشف لم ينعكس سلبا على مشاريع المنطقة ولم يجمد أي مشروع، متحدثا في هذا السياق عن مشروع المصاعد الهوائية الذي رصد له غلاف مالي قدر ب70 مليار سنتيم، حيث سيتم تجسيده ولم يجمد بسبب سياسة التقشف، لافتا إلى أن "تمويل المنطقة من خزينة الفندق فقط". * المواطن البسيط لا يستطيع تحمل تكاليف السياحة أما عن السياحة بالجزائر وعلاقتها بالمواطن البسيط، أوضح رئيس بلدية الأصنام، بأن المواطن البسيط لا يستطيع أن يقوم بالسياحة بالجزائر نظرا لضعف مدخوله الشهري ومقارنة بالأسعار الخيالية للخدمات المتوفرة، مضيفا بأن هذا الأمر أصبح يتأكد يوما بعد يوم في الوقت الذي تعرف فيه تكاليف السياحة في تونس والمغرب عقلانية مراعية ظروف المواطن البسيط. فاروق حركات