دخلت الحملة الانتخابية لتشريعيات 4 مايو القادم أسبوعها الثالث والأخير بنشاط حزبي مكثف في الوقت الذي تعرف فيه حالة من الفتور حسب المتتبعين ميزها غياب المواطنين عن الحدث وعزوف أغلبيتهم عن المشاركة في تجمعات المترشحين عبر ولايات الوطن. وتبدو الحملة الانتخابية منذ انطلاقها في 9 أبريل الجاري محتشمة وباهتة في أغلب ولايات الوطن رغم الرهانات التي رفعها المترشحون لإقناع المواطنين بالبرامج الانتخابية حيث تم التركيز على ضرورة التصويت لحماية استقرار الوطن وكذا اختيار البرامج التي من شأنها ضمان الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي بينما كان أغلب الجزائريين حاسمين في مواقفهم من خلال عزوفهم عن المشاركة في التجمعات. وتميزت الأيام ال15 من الحملة الانتخابية بحماس كبير لدى المترشحين قابله تجاوب ضعيف وفاتر من قبل المواطنين أجبر المترشحين على اللجوء إلى أساليب بديلة من خلال تعويض التجمعات الشعبية بالحملات الجوارية بهدف التقرب من الناخبين خصوصا في المناطق المعزولة وتحسيسهم بأهمية التصويت إلى جانب استعمال مواكب السيارات الخيم ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من الوسائل مع التركيز على أهمية الانتخابات في تحقيق الاستقرار الأمني الاقتصادي والاجتماعي. وفي السياق عكفت وسائل الإعلام الجزائرية على متابعة مجريات الحملة الانتخابية بأدق تفاصيلها منذ انطلاقها وحرصت على تقييمها بشكل يومي حيث وصفتها أغلب الصحف ب"الفاترة" ورصدت لامبالاة بعض المواطنين بالبرامج الانتخابية للمترشحين ولجوء المتنافسين إلى النشاطات الجوارية من أجل اقناع المترددين كما تطرقت خلال أسبوعين من الحملة إلى "المواقف الكوميدية "التي تعرض لها المترشحون أو كانوا سببا فيها إضافة إلى انتشار الشعارات المضحكة والصور الطريفة التي ترمي إلى استمالة الناخبين. * إقناع الجزائريين بالتصويت … المهمة الأبرز خلال 15 يوما من الحملة باعتبار الانتخاب حق وواجب في نفس الوقت دعا الوزير الأول عبد المالك سلال الشعب الجزائري إلى التصويت بقوة خدمة لمصلحة الوطن مشير إلى أنه من "أراد التفريط في حقه فهو حر لكن ليس له أن يفرض خياره على الجزائريين". ومن جانبه أكد وزير الداخلية والجماعات المحلية نور الدين بدوي على ضرورة أن يمرر الشعب الجزائري يوم الانتخابات التشريعية رسائل "قوية يؤكد من خلالها للعالم تلاحمه ووحدته". أما رئيس المجلس الاسلامي الأعلى بوعبد الله غلام الله فقد دعا الشباب "للمشاركة بقوة" في الانتخابات التشريعية مشيرا إلى أنها تمثل "منعرجا مهما في تاريخ الجزائر" و يتعين على الشباب "المشاركة فيها بقوة لضمان أمن واستقرار البلاد". وفي الشأن ذاته كلف وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى الأئمة بتحسيس المواطنين بأهمية التصويت في التشريعيات موضحا أنه "يجب على هؤلاء "أن يعملوا على إقناع وتحسيس المواطنين بأهمية هذه الاستحقاقات دون استغلال منابر المساجد لمرشح معين أو لقائمة حزب معين خاصة وأن قوانين الجمهورية تمنع الإمام من أن ينحاز في خطابه المسجدي لأي حزب أو مترشح". وعن مشاركة الجيش في الانتخابات قال نائب وزير الدفاع رئيس أركان الجيش الفريق قايد صالح إن "واجب المواطنة" يفرض على أفراد الجيش القيام بواجبهم الانتخابي خارج الثكنات وفقا لقوانين الجمهورية و تبعا للإجراءات التي تم اتخاذها بالتنسيق مع وزارة الداخلية و هو ما سيسمح لكل العسكريين بالإدلاء بأصواتهم بكل "حرية و شفافية " مؤكدا في الوقت ذاته "جاهزية" الجيش لتأمين التشريعيات المقبلة. * تسجيل بعض التجاوزات وتوجيه إشعارات باستدراكها تعتبر التشريعيات القادمة أول استحقاق انتخابي ضمن الدستور الجديد. وبالرغم من الجهود المبذولة من طرف المؤسسات المؤطرة لها لضمان التنظيم إلا أنها شهدت بعض النقائص والتجاوزات التي سجلتها هيئة مراقبة الانتخابات وتم الإبلاغ عنها من قبل بعض الأحزاب بداية بالاستغلال العشوائي للملصقات الإشهارية والصور وغياب صور بعض المترشحات أجبرت الهيئة على توجيه اخطارات للمعنين بهدف استدراك الأخطاء واحترام قانون الانتخابات. وفي السياق قال رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات عبد الوهاب دربال إن هيئته تسهر على تطبيق العقوبات اللازمة على كل من يخالف القوانين المعمول بها مشيرا إلى أن التلاعب بالانتخابات هو تلاعب باستقرار البلاد مضيفا أن هيئته "تسهر على أن يكون الشعب هو سيد الانتخابات". "سجلنا تجاوزات قمنا بتصحيحها مباشرة بفضل أعضاء الهيئة الموجودين عبر كل ولايات الوطن" كما قال السيد دربال محذرا من أن الاشهار التجاري في الصحف وتقاضي المترشحين الذين دخلوا في عطلة لرواتبهم "ممنوع". بالمقابل أكد وزير الاتصال حميد قرين أن التغطية الإعلامية للحملة الانتخابية لتشريعيات 4 مايو القادم من طرف القنوات التلفزيونية العمومية والخاصة لم تسجل أي تجاوزات إلى غاية الآن قائلا" لم ألاحظ أو أشاهد أي تجاوز إلى غاية الآن من قبل أي قناة عمومية كانت أو خاصة". وأضاف بأن مصالحه حذرت المسؤولين عن وسائل الاعلام من استخدام الدعاية السياسية. وكشف السيد قرين عن تواجد حوالي 40 صحفيا أجنبيا مكلف بتغطية الاستحقاقات القادمة موضحا بأن التغطية الأجنبية للتشريعيات عادة ما تكون أقل من تغطيتها للانتخابات الرئاسية. من جانبها وصفت سلطة ضبط السمعي-البصري الأيام ال15 من الحملة بالهادئة وأوضحت بأنها جرت في جو تنافسي شريف يطبعه الاحترام معربة عن أملها في أن يستمر الوضع كما هو إلى غاية يوم الاقتراع. كما شهدت الحملة حدثين مأساويين تمثلا في وفاة مترشحين للتشريعيات أحدهما احتل المرتبة الثالثة في قائمة حزب التجمع الوطني الديمقراطي بولاية بجاية والمدعو بن دياب رضا 37 سنة والذي توفي إثر سكتة قلبية بعدما شارك باقي المترشحين تنشيط الأيام الأولى من الحملة. أما الثاني فهو مترشح تاسع عن حزب جبهة التحرير الوطني بنفس الولاية ويسمى سعيد جودر الذي تعرض للقتل من قبل مجهولين في ظروف غامضة وعثر على جثته بعد أيام من اختفائه وقد كان لهذه المأساة تأثيرا قويا على جميع الاحزاب والمترشحين. واج