أكد الدكتور محمد بغداد، أن المرحلة الحالية تتطلب من المؤسسة الدينية، الاستعداد المناسب للتحولات العميقة الجارية في المجتمع، والانتباه إلى تداعياتها المؤثرة وهي التحولات التي تستند إلى القوة الإعلامية الجديدة، التي يتم تنفيذها بعيدا عن المزاجية والانطباعية، وتتحكم فيها الاستراتيجيات الكونية المستعينة، بالمستويات العلمية المتقدمة ومنتجات البحوث الدقيقة، والمستندة إلى المهارات الفنية العالية الدقة، والتى تتولى المؤسسات العالمية تنفيذها. وفي مداخلته الموسومة بدور الاستراتيجيات الإعلامية في تفعيل جغرافية المرجعية الوطنية، خلال اشغال الملتقى الوطني التاسع، لموسم الشيخ مولاي الشريف الرقاني، بالزاوية الرقانية بولاية تمنراست، اعتبر أن الرهانات الكبرى التي تواجه خيار المرجعية الوطنية، يتمثل في توفير القدرات الفكرية والمهارات الفنية، التي يجب توفرها من أجل كسب الرهانات الكبرى التى تفرضها الثورة التكنولوجية الاتصالية، التي أفرزت الكثير من التحولات العميقة، على المستوى الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسياسي والتواصلي، وقد أثبتت المرحلة الأولى من الانخراط الاجتماعي، في الثورات التكنولوجية الاتصالية، العديد من التجليات المهمة التي ساهمت في الانتقال بالمجتمع، من مستويات سابقة وفتح الافاق نحو المستقبل. وفي عرضه لجغرافية المرجعية الوطنية، اعتبر بغداد، أن الجزائر تتميز بتجربة تاريخية مهمة، ساهمت فيها المذاهب الفقهية والاتجاهات الفكرية والمدارس الفلسفية والتجارب السياسية، التى ساهمت الحقب التاريخية في تفاعلها وانصهارها، وقد تميزت بالتراكم النوعي الذي افرز في النهاية نموذجا اجتماعيا له خصوصياته، التي يفترض الانتباه اليها حين التعامل معها، في مستويات تسويق الرسائل أو مراحل انتاج الخطاب، الذي يتوافق مع التحولات الطارئة والمستحدثة اليوم، والتي تمارس ضغوطاتها بمختلف الوسائل والأساليب، والتي أصبحت لها القدرة على التأثير في اتجاهات الرأي العام، والتحكم في تجلياته الميدانية، وهو ما يفرض على المؤسسة الدينية الانتباه له والاستثمار فيه بعيدا عن المزاجية والذهنية الضعيفة، والاستفادة بالخبراء من المختصين وأصحاب المؤهلات العلمية العالية والمهارات الدقيقة. وبخصوص الاستراتيجيات الإعلامية، نبه الدكتور بغداد انها اصبحت العامل الحاسم في إدارة الافكار وصناعة السلوك، وفرض انماط النقاش، الأمر الذي يجعل من التفكير في المنهج الاستراتيجي لإدارة الممارسة الإعلامية، في القضايا المصيرية التي تشكل المرجعية مركز الثقل، الأساسي في التحولات الجارية في المجتمع، مما يؤشر على الاقتراب من حتمية انتاج خطاب ديني اجتماعي جديد، يتناسب مع هذه التحولات والأنماط الاستهلاكية، التي يترفع فيها كون المواطن في الانخراط في الشأن العام، وتوسع مساحات التعبير عن الذات، والتي اصبحت تمارس الكثير من انماط المنافسة في الاستحواذ على المخيال الاجتماعي، وهو المستوى الذي تمتلك المؤسسة الدينية القدر الاوسع والنصيب الاوفر من اجل انتاج خطابها وتسويق رسائلها، لما تمتلكه من تراكمات فكرية واجتماعية لها القدرة على جعل المرجعية الوطنية، القوة الداعمة للتنمية الوطنية الشاملة بعيدا عن التأثيرات العابرة. وقد اعتبر الدكتور بغداد، أن ملتقى موسم الشيخ مولاي الشريف الرقاني، بالزاوية الرقانية بولاية تمنراست، يعتبر من المساهمات القوية، في تعزيز المرجعية الوطنية وتقوية اللحمة الوطنية، خاصة وانه ينظم في ولاية تمنراست، وهي المنطقة الاستراتيجية للجزائر، والتي تتطلب أن يتم ادماجها أكثر في ديناميكية المشهد الثقافي الوطني، وإبعادها عن مفهوم الولاية الحدودية، باعتبار تراثها وتراكمات انجازاتها التاريخية، تتطلب اليوم الاستفادة منها والسماح للمجتمع بالتفاعل معها، وأضاف بغداد أن المؤسسة الإعلامية، مطالبة اليوم ببذل الكثير من الجهود الإعلامية، لتسليط الضوء على كنوز المنطقة، والتفاعل النوعي معها، والدفع بها نحو الاستثمار الجماعي لها، في اطار استراتيجية إعلامية وطنيةفعالة، تكون الرهان الاستراتيجي المستقبلي للمرجعية الوطنية. نصيرة سيد علي