عاش سكان الجزائر، خلال شهري جوان وجويلية، على وقع ارتفاع درجات الحرارة القياسية التي سببتها سلسلة الحرائق التي اجتاحت ألسنتها أزيد من 39 ولاية، مسببة خسائر بشرية ومادية جد معتبرة، خاصة في القرى والمداشر بالولايات الداخلية للوطن، وسط جهود حثيثة من الجمعيات ولجان الأحياء لمكافحة تقدم النيران، في محاولة منهم لمد يد المساعدة للقوات التي تسخرها السلطات المحلية بكل ولاية والجيش الوطني الشعبي، وهو ما سمح بإنقاذ الكثير من الأراضي الزراعية والثروات الحيوانية بالعديد من المناطق. وعلى إثر الخسائر الكبيرة، ارتأت "الحوار" التركير على الموضوع بأكثر تفاصيل، خاصة بعد أن قرر رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة تعويض ضحايا حرائق الغابات المسجلة الأسبوع الفارط بولاية تيزي وزو عن جميع الخسائر التي لحقت بالمناطق التي مستها حرائق الغابات من سكان وأشجار مثمرة وقطيع أغنام وخلايا نحل، فيما تم تنصيب لجنة على مستوى الولاية لإحصاء كافة الخسائر ومن ثمة تعويض المتضررين بمن فيهم عائلة كروان رابح ( 64 سنة) بقرية أث رحمون الذي توفي متأثرا بحروقه البليغة الثلاثاء الفارط.
_________________________________ * رئيس الجمهورية يعوض المتضررين النيران.. تحرك السلطة على أعلى مستوى قرر رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، تعويض جميع المتضررين من الحرائق التي اجتاحت عددا من ولايات الوطن في الأيام الأخيرة، خاصة تلك التي نشبت في ولاية تيزي وزو، وفي هذا السياق طمأن وزير الداخلية والجماعات المحلية وتهيئة الإقليم، نور الدين بدوي، سكان بلدية آيت يحيى موسى بتيزي وزو أن قرار الرئيس سيطبق مباشرة بعد الانتهاء من إحصاء الخسائر، وعلى إثر موجة الحرائق التي شبت عبر مختلف ولايات الوطن منذ شهر جوان الفارط وأتت على حوالي 3906 هكتار من الغطاء النباتي ومست عددا معتبرا من القرى، أعطى رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة تعليمات بتعويض الضحايا الذين تكبدوا خسائر عبر 17 ولاية من الوطن. وفي هذا الإطار, قام وزير الداخلية والجماعات المحلية, نور الدين بدوي, بمعاينة والوقف على حجم الخسائر التي خلفتها حرائق الغابات الأخيرة, انطلاقا من قرية آث رحمون ببلدية اث يحيى موسى، حيث أعلن أن رئيس الجمهورية كلفه بطمأنة الضحايا وتعويضهم عن جميع الخسائر التي لحقت بالمناطق التي مستها حرائق الغابات من سكان وأشجار مثمرة وقطيع أغنام وخلايا نحل". وتم على اثر هذه الكارثة , تنصيب لجنة على مستوى الولاية لإحصاء كافة الخسائر وتعويض , لا سيما هذه البلدية الواقعة على بعد 25 كلم جنوب غرب الولاية، والتي تعد الأكثر تضررا من الحرائق التي اندلعت وقام المدير العام للحماية المدنية العقيد مصطفى لهبيري بدوره في تلك الفترة بزيارة تفقدية, ووقف على تكفل فرق الحماية المدنية بحرائق الغابات التي اندلعت في وقت واحد في عدة بلديات وعلى الوسائل التي جندت لها. وأكدت وزيرة البيئة والطاقات المتجددة، فاطمة الزهراء زرواطي، أنها تتابع بكثب التطورات الحاصلة في هذا الموضوع، مشيرة إلى أن دائرتها الوزارية تفكر في تدابير وقائية للتصدي لحرائق الغابات في إطار استراتيجية وطنية لحماية الثروة النباتية والحيوانية مبرزة في حديثها للصحافة خلال زيارتها التفقدية الأخيرة لولاية تيزي وزو، أن هناك جهات خاصة متمثلة في بعض الانتهازيين يسعون لاستغلال وبيع الفحم، مضيفة: "من أجل منع ذلك، خصصت المديرية العامة لحماية الغابات حراسا لمراقبة هذه الغابات، لعدم تهريب مادة الفحم، لا سيما ونحن على أبواب استقبال عيد الأضحى المبارك". ____________________________ * أتت على حوالي 3906 هكتار من الغطاء النباتي 17 ولاية تشتعل.. وآلاف الهكتارات تأكلها ألسنة اللهب على إثر موجة الحرائق التي شبت عبر مختلف ولايات الوطن منذ شهر جوان الفارط وأتت على حوالي 3906 هكتار من الغطاء النباتي ومست عددا معتبرا من القرى، تبين ان الكارثة مست 17 ولاية من الوطن، حيث أحصت المديرية العامة للغابات عشر ولايات "الأكثر تضررا" بفعل هذه الحرائق وتتصدرها ولاية تيزي وزو بخسائر تناهز 1202 هكتار من الغطاء النباتي، متبوعة ببجاية بإتلاف 668 هكتار، والمدية في المرتبة الثالثة بخسائر تقدر ب 457 هكتار. * تيزي وزو: وفاة شخص و50 بؤرة حريق ضخم لقي شخص يبلغ من العمر 60 سنة وينحدر من قرية أث رحمون حتفه متأثرا بجروحه البليغة بعد إجلائه نحو مستشفى دراع الميزان، وأصيب اثنان آخران بحروق بليغة في حرائق غابات اندلعت ببلدية أث يحيى موسى جنوب ولاية تيزي وزو، وهي الحصيلة البشرية الوحيدة في سلسلة الحرائق التي مست نصف الجزائر.
* المدية.. النيران تلتهم 10 هكتارات من المحاصيل الزراعية عرفت ولاية المدية منذ الساعات الأولى للحرائق المجهولة تدخل أعوان الوحدة الثانوية للحماية المدنية على مستوى عدة دوائر على رأسها البرواقية، العمارية، الشهبونية، سي المحجوب، تابلاط.. وغيرها، من اجل اخماد عشرات الحرائق مست الكثير الغابات كغابة الصوابرية، الطناجرية، مرهومة، اولاد عيسى والقواسي، اضافة الى عدد آخر من المناطق الخضراء التي تقل أهمية من حيث المساحة، فيما تباينت التصريحات الرسمية حول نسبة الخسائر المسجلة فيما يخص المحاصيل الزراعية.
* سطيف.. مئات الهكتارات من الأدغال والمحاصيل الزراعية تصبح رمادا شهدت العديد من مناطق ولاية سطيف بسبب ارتفاع درجات الحرارة انتشار النيران التي أتت ألسنتها على مئات الهكتارات من المساحات الغابية والمحاصيل الزراعية، حيث سجّلت مصالح المديرية الولائية للحماية المدنية عدة تدخلات منها 38 حريقا طالت المساحات الغابية والمحاصيل الزراعية بالمناطق الشمالية للولاية.
* ميلة.. أشجار البلوط والفلين واسطبلات الدواجن الأكثر تضررا من الحرائق تدخّلت عناصر الحماية المدنية المتواجدة عبر إقليم بلديات ولاية ميلة، لإخماد حرائق التي أتت على أزيد من 55 هكتارا من الأشجار وإتلاف العديد من البيوت البلاستكية وحزم التبن، حسب بيان صادر عن خلية الإعلام والاتصال بمديرية الحماية المدنية بولاية ميلة، بحيث أن أكبر حريق شبّ ببلدية تسالة لمطاع،ي واستغرق ساعات طويلة لإخماده من طرف عناصر الوحدات الثانوية للحماية المدنية لدوائر وادي النجاء، ترعي باينان، بوحاتم، فرجيوة والعثمانية، وأتى على 38 هكتارا من أشجار البلوط والفلين، 1200 شجرة مثمرة و5 اسطبلات لتربية الدواجن. أما بدائرة الرواشد، فأتت الحرائق على 14 هكتارا من الأحراش داخل غابة عليوة، حيث أتت على أعشاب يابسة وكذا 250 شجرة، وهو الحريق الذي تدخّلت عناصر الحماية المدنية لدائرة وادي النجاء لإخماده، وتمكّنت من إنقاذ باقي الغابة.
* برج بوعريريج.. النيران مست عدة بلديات في عملتين منفصلتين تدخّلت مصالح الحماية المدنية بولاية برج بوعريريج، لإخماد حريقين، الأوّل شب بالمكان المسمى "وادي عين أصنام" قرية وادي لخميس بلدية المنصورة (غرب الولاية)، وخلّف إتلاف حوالي 13 شجرة زيتون، 2 تين و1 هكتار من قصب ودفلة وحشائش يابسة، فيما تمّ إنقاذ غابة مجاورة، كما تدخلت ذات العناصر لدائرة عين تاغروت (شرق الولاية) وشبّ بالمكان المسمى غابة أولاد سيدي بوناب بلدية بئر قاصد علي، مخلّفا احتراق حوالي 1000 متر مربع من أشجار الصنوبر الحلبي، فيما تم إنقاذ باقي الغابة.
* قسنطينة.. احتراق 12 هكتارا من غابة جبل الوحش تدخّل أعوان الحماية المدنية لإخماد حريق انتشر في عدّة جهات من غابة جبل الوحش، حيث أتت النار على 12 هكتارا من الغابة، و3 هكتارات من أشجار الصنوبر الحلبي والكاليتوس، و9 هكتارات من الأحراش، ونجح التدخّل في إنقاذ 88 هكتارا من الغابة كان على وشك الاحتراق. __________________________________________ نائب مدير حماية الثروة الغابية بالمديرية العامة للغابات، عبد الغني بومسعود ل"الحوار": الجزائر ستشهد حرائق أخرى أعنف خلال السنوات القادمة – 634 حريقا تأتي على مئات الهكتارات ب 39 ولاية على مدار شهرين فقط * 3910 هكتار مرت عليها النيران وتركتها رمادا منثورا الجانب الإنساني سبب أزيد من 90 بالمئة من الكوارث
أكد نائب مدير حماية الثروة الغابية بالمديرية العامة للغابات، عبد الغني بومسعود، ل "الحوار" أن حرائق الغابات أمر عادي، بل ويحدث في كل دول العالم، مشيرا إلى أنه يجب فقط على الجميع التجند من أجل مكافحتها، وأضاف بومسعود أن الجزائر قد تشهد عدد من الحرائق السنوات القادمة قد تكون الأعنف في الجزائر.
* حبذا لو تطلعنا على آخر إحصائيات الحرائق التي مست مختلف الغابات في الجزائر؟ أولا لم نستطع بعد الإلمام بكافة إحصائيات حرائق الغابات التي مست العديد من مناطق الوطن، لأن الإلمام بها يتطلب خرجات ميدانية حقيقية وبحوث دقيقة إلى غير ذلك، كما أننا نركز جهودنا حاليا على المكافحة لنتفرغ بعدها لعمل إحصاءات، ثانيا أود أن أشير إلى أن المناطق التي تضررت من الحرائق كثيرة، ومساحتها كبيرة، ولا تقتصر على تيزي وزو وفقط، ولكن التقييم الأولي إلى غاية يوم 16 جويلية، ومنذ بداية حملة مكافحة الغابات، حيث تم تسجيل 634 حريق تسببت في إتلاف حوالي 3910 هكتار، منها 928 هكتار في محيط الغابات، و1409 هكتار، و1520 هكتار، بمعدل 6 هكتارات لكل حريق، أما بالنسبة للولايات المتضررة كثيرا من الحرائق الأخيرة، ففي المرتبة الأولى تيزي وزو بمساحة تقدر 1201 هكتار تسبب فيها 76 حريقا، أما في المرتبة الثانية ولاية بجاية المسجل فيها 49 حريق تسببت في اتلاف 668 هكتار، أما في المرتبة الثالثة ولاية المدية ب50 حريقا تسببت في إتلاف 457 هكتار. هذه إحصاءات لثلاث ولايات تضررت كثيرا جراء الحرائق، بالإضافة إلى 36 ولاية أخرى تضررت من الحرائق، وأشير إلى أمر مهم هو أن الأمر جدا عادي بالنسبة لنا، ويحدث في مختلف دول العالم بالإضافة إلى الجزائر، وسنشهد أيضا حرائق أخرى قد تكون أعنف في الجزائر في السنوات المقبلة.
* برأيك ما هي أسباب حرائق الغابات هنا في الجزائر؟ هناك أسباب طبيعية، منها الغطاء النباتي في الجزائر يتميز بالجفاف، لا تحتوي كميات كبيرة من الماء، مع وجود الأدغال والأحراش بكثرة، وهو ما يتصدره الصنوبر بجميع أنواعه الذي يعد سريع الالتهاب، خاصة من خلال تلك المواد التي توجد في جذعه، بالإضافة إلى التغيير المناخي الذي تشهده الجزائر ومختلف دول العالم في السنوات القليلة الماضية، مع تسجيل درجات حرارة مرتفعة وهو يزيد من جفاف النبات. أما من الجانب الإنساني، فيمكنني أن أقول أن أكثر من 90 بالمائة من هذه الحرائق يتسبب فيها الإنسان بإهماله وأفعاله اللامبالية، وكذا بعض التصرفات الغير مسؤولة، خاصة من قبل الفلاحين مثلا في الاحتكاك الذي ينتج عن آلات حصد القمح الحادة والقمح الجاف، بالإضافة إلى الحرارة التي تكون عالية.
* ما هو دور مديرية الغابات في إطفاء ومكافحة الحرائق مقارنة بأفراد الحماية المدنية؟ يكمن دورنا في التدخل الأولي وحراسة الغابات عبر أبراج المراقبة المنتشرة في كافة الشريط الغابي في الوطن، باستثناء الولايات الصحراوية، هذه الأبراج مهمتها الحراسة والاتصال بالإدارة المعنية التي تتصل بدورها بنا، لنقوم نحن كما قلت سابقا بالتدخل الأولي عبر سيارات رباعية الدفع بسعة أقل نوعا، وفي نفس الوقت ننسق مع أفراد الحماية المدنية هذا إن تفاقم الوضع.
* هل هناك تفكير في عقد اتفاقيات مع مديرية الحماية المدنية لتزويدكم بالعتاد؟ أولا، لا يمكننا عقد اتفاقيات أصلا، لا أرى جدوى من عقدها أصلا، لأن أفراد الحماية المدنية هم المخولون فقط بمكافحة حرائق الغابات، أما دورنا فيقتصر على الحماية والحراسة، بالإضافة إلى التوعية بضرورة حماية الغابات والثروة الغابية.
___________________________________ * المكلف بالإعلام بالمديرية العامة للحماية المدنية، نسيم برناوي ل"الحوار": وجدنا صعوبات في إخماد النيران.. وهذا هو السبب كشف المكلف بالإعلام بالمديرية العامة للحماية المدنية، نسيم برناوي، في تصريح ل"الحوار" أن مصالح الحماية المدنية، أحصت خلال ال 24 ساعة الأخيرة من يوم 19 الى 20 جويلية 2017، 21 حريقا غابيا، و5 حرائق في الأدغال، و23 حريقا التهمت الاشجار المثمرة، حيث خلفت خسائر تقدر ب 190 هكتار في الغابات، و14 هكتارا في الأدغال، و50 نخلة، و19493 شجرة مثمرة، أما بالنسبة للولايات الاكثر تضررا، فنجد تيزي وزو ب 120 هكتار، تليها باتنة 33 هكتارا. وأكد نسيم برناوي أن ارتفاع درجات الحرارة التي فاقت 45 درجة وهبوب الرياح والأحراش والعشب اليابس، الى جانب المناطق الجبلية الوعرة المتضررة، جعلت مهمة عناصر الحماية المدنية اكثر صعوبة، مشيرا إلى أن مديرية الحماية المدنية بتجنيد جميع عناصرها "اعوان وضباط" ووسائلها المادية من بينها 60 آلية لمواجهة الوضعية الكارثية، كما تم ارسال الدعم من الحماية المدنية من ولايتي بومرداس والبويرة للمساهمة في هذه التدخلات. أما بخصوص الخسائر البشرية التي خلفتها هذه الحرائق في الولايات المتضررة، قال برناوي إنه سجلت حالة وفاة وحيدة، لشخص على مستوى قرية آيت رحمون، ببلدية ايت يحيى موسى بولاية تيزي وزو، بعد إصابته بجروج بليغة من الدرجة الثالثة، يوم 12 جويلية الماضي، حيث باغتته النيران حينما كان يساعد أعوان الحماية المدنية في إطفاء الحريق، ورغم اسراع الحماية المدنية في نقله الى مستشفى ذراع الميزان، فإنه لفظ انفاسه الاخيرة في الطريق. الى جانب ذلك تم تسجيل حالات اصابات متفاوتة الخطورة، وإغماءات وسط عشرات المواطنين جراء الدخان المتصاعد. _______________________________________ * تضامن سكاني واسع لإجلاء المتضررين بمداشر تيزي وزو في ظل نقص الإمكانات اللازمة لدى السلطات المحلية في البلديات التي نشبت فيها الحرائق او غيرها من الكوارث الطبيعية، يتسارع الآلاف من الموطنين، كما هي العادة في هذه المناطق على وجه الخصوص وباقي مناطق منطقة القبائل على وجه العموم، في تجنيد أنفسهم لمواجهة هذه الكوارث بوسائلهم الخاصة وبإمكاناتهم المحدودة، حيث ساهم تضامن المواطنين مع سكان القرى التي حاصرتها الحرائق في إخماد الحرائق المهولة، بحيث سارع الجميع لمد يد العون من عدة قرى مجاورة على غرار قرى آيت يحيى موسى وتيزي راشد ومعاتقة، إذ بعد انتشار الحرائق وتوسعها هبت أمواج بشرية من عدة قرى لمساعدة المتضررين وإنقاذ العائلات التي حاصرتها النيران في منازلها الواقعة وسط الغابات التي أتت عليها النيران في ظل الظروف القاسية، ورغم محدودية الإمكانات إلا أن الجميع شارك في العملية واستعان هؤلاء بأغصان الأشجار الغليظة لإخماد الحرائق وإنقاذ ما يمكن إنقاذه معرضين بذلك أنفسهم للخطر، وما صعب المهمة هو مشكل المياه ما أدى إلى انتقال ألسنة اللهب إلى المنازل بشكل سريع لتأتي عليها بأكملها، وتنقل هؤلاء المتطوعون الوافدون من مختلف مداشير الولاية صوب القرى المتضررة في آيت يحيى موسى على غرار إمليكشن وآيت رحمون ولعزيب وآيت عطا الله وتيفاو وإمكسان وآث سليمان، وبعد مشاهدتهم للدخان الكثيف الذي غطى سماء منطقة ذراع الميزان بأكملها، تاركين وراءهم كل شيء وسارعوا للمشاركة في عمليات واسعة لإخماد الحرائق التي انتشرت بسرعة وازدادت قوة بسبب الرياح، كما ساهموا في إجلاء المئات من العائلات في المناطق المتضررة وقالوا أنهم معتادين على مثل هذا العمل الإنساني التضامني عند حدوث كوارث طبيعية، وهو ما يظهر مدى التضامن بين أبناء المنطقة الذين يعملون تحت راية الجمعيات ولجان الأحياء التي تكون مستعدة لمد يد العون كل لما اقتضت الضرورة، غير أنها لا تحصر هذه اللجان والجمعيات عملها في مثل هذه المواقف فقط، بل تقوم أيضا بعمليات إنسانية أخرى على مدار أيام السنة حيث باشرت معظم جمعيات منطقة القبائل التي لم تمسها السنة النيران في تنظيف حواف الطرقات المجاورة للمساحات الخضراء التي أصبحت مرتعا وملاذا لمتعاطي الخمور الذين يقومون برمي قارورات الزجاج على مقربة من الغابة، مما يتسبب في نشوب النيران مع ارتفاع درجة الحرارة، ويضاف إليها تنشيطها للحملات التوعوية والتحسيسية بهدف توعية المجتمع من مخاطر التهاون في المحافظة عن المحيط البيئي والغابي لتجنب مثل هذه الحوادث التي ألحقت أضرارا مادية وبشرية معتبرة. و أمام هذا الوضع المأسوي، يبقى دور لجان المداشير والجمعيات الناشطة في هذه المناطق يد هام، ما يستدعي على السلطات تقديم يد العون لهم وتوفير الإمكانات اللازمة لها من اجل تمكينها من مزاولة نشاطها في أحسن الظروف. ______________________________ فقدوا آلاف الأشجار المثمرة.. والمئات من رؤوس الماشية وخلايا النحل * متضررون يسردون مأساتهم ل"الحوار" ولاية ميلة هي الأخرى لم تسلم من موجة الحرائق التي طالت العديد من ولايات الوطن في الأيام القليلة الماضية، فقد تم إلى غاية السابعة من مساء يوم الأربعاء الفارط، إخماد عدة حرائق نشبت ببلدية تسالة لمطاعي الغابية بشمال ولاية ميلة بنسبة 70 بالمائة، بالإضافة الى مناطق سكانية على غرار منطقة أنسا القريبة من مركز البلدية، وبلديات أخرى على غرار ترعي باينان وسيدي مروان وعين الملوك والرواشد والتلاغمة وتسدان وغيرها من المناطق التي قضت فيها ألسنة النيران على أكثر من 30 هكتار من الأشجار الغابية والأحراش. كان ل "الحوار" لقاء مع عمي السبتي، أحد المتضررين من هذه الحرائق في منطقة تسالة، وبالضبط في منطقة أنسا، حيث قال لنا إن قوة الرياح وسرعة انتشار النيران أجبرته على ترحيل عائلته الى مناطق أخرى خوفا من هلاكهم، وأضاف قائلا: "النيران اشتعلت لأسباب مجهولة، لحد الآن نجهل السبب الحقيقي وراء اندلاع عدة حرائق في فترة واحدة في عدة مناطق من الولاية، النيران التي طالت منطقة تسالة كانت جد قوية، أنا وجيراني قمنا بترحيل عائلاتنا، غير أنني عدت في محاولة مني لإجلاء مواشي من الإسطبل وإبعاد ألسنة النار عن أشجار الزيتون التي دمعت عيني وأنا أشاهد النيران تلتهمها، عندما دخلت للإسطبل الذي كانت فيه ابقاري وأغنامي وبدأت أرمي الماء، أحاطت بي ألسنة اللهب من كل الجوانب ولم أستطع تخليص نفسي، حتى الجيران لم يستطيعوا مساعدتي، لكنني نجوت بفصل الله سبحانه وتعالى، ثم بفضل التدخل الجليل لأعوان الحماية المدنية وجهودهم المضنية في تخليص السكان، بالإضافة إلى المواطنين اللذين تجندوا لمواجهة ألسنة اللهب"، كما قال لنا عمي السبتي إن النيران في منطقة تسالة أتت على المئات من المساحات الغابية والمحاصيل الزراعية بالإضافة إلى الأشجار المثمرة ومساكن المواطنين والمستودعات وغيرها، واسترسل يقول: "ألسنة اللهب قضت على جزء كبير من منزلي، بالإضافة الى احتراق أكثر من 300 شجرة زيتون كانت تحيط بمساحات المنزل، وعدد كبير من أشجار العنب والتين، بالإضافة الى احتراق كمية كبيرة من الأعلاف". وعاد عمي السبتي ليثمن الجهود التي بذلتها فرق الحماية المدنية التي هبت من بلديات ترعي باينان ورجاص وفرجيوة لحماية الأرواح والممتلكات، غير أن النيران قضت على جزء كبير من المساحات قبل وصول الأعوان، لأن المنطقة التي نقطن فيها بعيدة وليس بها مقر للحماية المدنية". كما خلّفت النيران بهذه المنطقةخسائر فادحة ب 15 منزلا وعتاد فلاحي مختلف وكذا 5 مستودعات لتربية المواشي والدجاج، إضافة إلى 60 هكتار من أشجار الصنوبر الحلبي، وسيارة لأحد الخواص، فضلا عن خسائر كبيرة في خلايا النحل، وتعرض المواطنين لإصابات بليغة وحالات اختناق تم نقلها مباشرة للمستشفيات المجاورة. إعداد: القسم الوطني