فاضت مشاعر الصدق من حنايا رجال حركة مجتمع السلم ، وتجلت أخلاقهم وهم يرسمون مشهد الألفة في مؤتمرهم الاستثنائي، حيث جددوا العهد على التمكين لثوابت الأمة وحماية الوطن وتكريس الديمقراطية ، كان المشهد مهيبا حين تتالت اعترافات قادتها والتوبة من أخطاء ارتكبوها في حين غفلة منهم ، أضعفت تجربتهم وشتت قوتهم.. لا شك ان الحكومة المشغولة بحربها على الفساد، تابعت مجريات المؤتمر بكل اهتمام، وتلقت رسائله في بعدها السياسي ، حيث يمكن لحركة مجتمع السلم أن تشكل حليفا قويا يساندها في توجهاتها التي يمثلها رئيس الوزراء تبون ، ويمكن أن يتعاونوا على التقدم خطوات معتبرة في اتجاه الإصلاح وتصحيح الأوضاع ، وكذلك في اتجاه المصالحة بين مكونات المشهد السياسي، فحمس بقيادة الدكتور عبد الرزاق مقري حرصت كل الحرص على تنبيه الحكومات المتعاقبة لسلال بتردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي، ونبه كذلك لحملات النهب وتبديد المال العام الممنهجة التي قادها بعض من استأمنته الجزائر على مالها العام ظنا منها انه يحسن فعلا.. وتلقت كذلك رسائله الأمنية التي تتعلق بالأمن الجواري، فالجزائر اليوم تتوفر على مؤسسات مدنية قوية حزبية واجتماعية ، وحمس احد هذه القوى، لما تتوفر عليه من موارد بشرية، وكذلك ارادة سياسية لخدمة الوطن والذود عنه، ولما تتوفر عليه من تجربة وتقاليد في الانحياز الى الدولة ومصالحها ، ويمكنها ان تساعد في تمتين العلاقات مع دول الجوار من خلال الحوارات التي تجريها مع قيادات حزبية وشعبية في كل من موريتانيا وليبيا ومالي والنيجر.. لقد أعلنت حركة مجتمع السلم من خلال مؤتمرها أنها بلغت درجة من النضج لا بأس بها، وتسعى عازمة على تخطي عقدة الزعامة والتأسيس لنهج التداول الطوعي، وتعهدات قادتها بالمضي نحو بناء مؤسسات الحركة والالتزام بها في صناعة القرار والاعتبار بالعثرات التي حدثت وتحمل مخاض ميلاد جديد، قد يكون قدوة للحراك الوطني يمهد لعملية سياسية ذات جودة ومصداقية.. ان تراجع الأستاذ أبوجرة عن مقاطعة أشغال المؤتمر والتحاقه بإخوانه رسالة أخرى بأن رجال هذه الحركة كبار يلينون في أيدي بعضهم البعض ، ويعطون القدوة لمناضليهم وللجزائريين جميعهم أن الاختلاف لا يفسد للود قضية.. سيقود الأستاذ عبد المجيد الحركة لمدة أربعة أو خمسة أشهر المرحلة الانتقالية ، وهي فترة وجيزة وقصيرة لا يمكن خلالها فعل الكثير ، لكن الرجل يتمتع بمهارات وقدرات تسمح له ببعث الكثير من الرسائل، سواء للمناضلين من خلال إبراز الوجه الآخر لمنهج مدرسة الشيخ محفوظ وفي التعاطي السياسي ، بعد أن أبدع الدكتور عبد الرزاق في بيان صور وتجليات لمنهجه كانت قد خفيت عن الناس.. وسائل للمجتمع مفادها أن حركة مجتمع السلم عنصر أمان واستقرار وشفقة عليه ، وأنها ما خيرت بين أمرين إلا اختارت أيسرهما ، وأنها حركة مطواعة في إدارة شأنهم ما لم تمس الثوابت والرمزية الحضارية والمصالح العليا للبلد.. ورسائل للسلطة أن حركة مجتمع السلم شريك كامل الحقوق و فعال في تطوير وعصرنة الدولة ، يسعى جاهدا لترقية الفعل السياسي وتجويد العملية السياسية في إطار ديمقراطية تشاركية تتيح الفرصة لكل أبناء الجزائر في المساهمة، انطلاقا من مبدأ الحركة العام الجزائر حررها الجميع ويبنيها الجميع.. ورسائل للجوار سواء الأوروبي ، العربي أو الإفريقي ، ان الحركة ترفض كل عنف وإرهاب يمس حياة الاشخاص او الممتلكات والأمن والاستقرار وتحت اي طائلة ، فالحوار هو المدخل الأساسي لحل النزاعات والاختلافات ، وتحرص من جهة أخرى على حق الشعوب في تقرير مصيرها ومقاومة الاستعمار وإرهاب الدول في اغتصاب أراضي وخيرات الشعوب.. لقد أبانت حمس على مر تاريخها أنها مدرسة تستوعب كل الآراء والاختلافات ، وأنها تجيد المقاومة السياسية كما تجيد التنازلات لما يتعلق الأمر بالوطن ، فهي تعتبر أن حب الأوطان من الإيمان .