قررت الحكومة الجزائرية تحويل مركز اهتمام المستثمرين إلى الجنوب، واتخذت من ولاية غرداية نواة يمكن من خلالها بعث رهانات الجزائر الاقتصادية، وقد تكون الحكومة من خلال ذلك قد أرسلت إشارة إلى كل الجزائريين أن برنامج المصالحة الوطنية قد امتد إلى الجنوب الكبير الذي تململ السنوات الماضية وتذمر سكانه بسبب الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وحاولت بعض الأيادي العبث من خلاله باستقرار وأمن البلد. قبل إطلاق هذا القرار حاول تبون أخذ وقت مستقطع، ذكر خلاله "طلائع" المقاولة الجزائرية، التي أدارت فترة ما بعد ربراب "المتمرد"، وأسمعهم كلاما مفاده أن الدولة التي مكنتكم ورفعت مقاماتكم يمكنها أن "تنزع" ملككم، وتنهي نفوذكم، وأن ذلك لا يعجزها البتة، فيكفي من التبذير واللامبالاة… وقد لا ينفعكم تحالفكم مع السيد الأمين العام للعمال الجزائريين فهو كذلك مقطوع… وفي رسالة أخرى إلى كل من يتحرش بأمن واستقرار الجزائر، باشرت مؤسسة الجيش مناوراتها تحت إشراف قائد الأركان، نائب وزير الدفاع الوطني واستعرضت جهوزيتها لمواجهة أي تطاول وتهديد سواء فلول الإرهاب الأعمى، أو مناورات من دول ومنظمات تستهدف وحدة وسلامة التراب الوطني.. وأكدت (المناورات) أننا كجزائريين عازمون على استكمال ما تبقى من مسار المرور إلى مرحلة مابعد البترول سواء وافق "أصدقاءنا" ام امتنعوا، وسواء عليهم رضوا بشراكتنا أم اختاروا مداخل أخرى ومقاربات تستثنينا. وواصلت الجزائر في هذا الظرف العصيب إرسال الإشارات لما قدم السيد السراج مباشرة بعد انتهاء قمة باريس التي جمعته مع غريمه حفتر تحت رعاية ماكرون، ليطلع المسؤولين الجزائريين على نتائج المحادثات، في الوقت الذي أعلن صراحة السيد خداد أحد قادة جبهة البوليزلريوا أن فرنسا هي من يعرقل جهود تصفية الاستعمار المغربي من على الأراضي الصحراوية. كل هذه الرسائل تنضاف إليها حملة التعريب التي باشرتها بعض القطاعات المهمة وجاءت لترد عن محاولات الارجاف والتشكيك، وكذلك الإرباك التي تعمل الإدارة الفرنسية على بثها في روع الجزائريين، لقد استأنف السيد تبون برنامجه (برنامج رئيس الجمهورية) بعد ما تلقت كل الجهات الإعذارات اللازمة وفهمتها وأكدت على ألا أحد له الحق في تعطيل إرادة الجزائر، لا باسم التاريخ ومنهج التبعية ولا باسم الشراكة والضحك على الذقون، ولا باسم العلاقات والنفوذ، ولا حتى باسم الجهات، وقد تكون هذه الرسائل هي بداية عمل الحكومة وانطلاقها بنفس جديد. لقد كان الوقت المستقطع ضروريا وحاسما، ونأمل نحن الشعب أن يواصل السيد تبون ومصالحه جهودهم في مكافحة الفساد والقضاء عليه، وأن تحال قضاياه إلى العدالة في إطار الشفافية والموضوعية الكاملة بعيدا على كل مزايدة تزهد المواطن في حكومته وتزيد من أزمة الثقة.