عمر هارون: صناعة السيارات تطبخ على نار هادئة وعلي: لا توجد صناعة سيارات حقيقية في الجزائر لحد الآن تحدٍ كبير يقع على عاتق وزير الصناعة والمناجم الجديد يوسف يوسفي ألا وهو ملف الصناعات الميكانيكية أو بالأحرى صناعة السيارات بالجزائر وهو المشروع المستقبلي الذي مازال يراوح مكانه نتيجة عوامل عدة. وقد شغل ملف صناعة السيارات عقول الجزائريين الذين يحلمون بعد ضبط استيراد السيارات، في إطار سياسة تقليص فاتورة الاستيراد بغية النهوض بالمنظومة الاقتصادية، بسيارة جزائرية الصنع وبسعر معقول يكون في متناول الجميع غير أن الحلم لم يدم طويلا وتبخر بعد سلسلة الفضائح التي هزت القطاع في عهد الوزير الأسبق عبد السلام بوشوارب، وأمام هذا الوضع هل بإمكان الوزير الحالي المعروف بحنكته وخبرته الواسعة ضخ دم جديد في المجال وتحقيق حلم الجزائريين ؟ وفي السياق اختلفت آراء خبراء المجال في الموضوع، فهناك فريق يرى أن الوزير الحالي له من المؤهلات والتصورات ما يكفي لإعطاء نفس جديد للشعبة، أما الفريق الثاني وضع الفرضية في خانة المستحيل. في هذا الصدد قال الخبير الاقتصادي فرحات آيت وعلي بصريح العبارة "لا توجد صناعة سيارات في الجزائر"، وأشار المتحدث في حديثه مع "الحوار" إلى الدراسة التي أعدها في الموضوع والتي أثبتت –بحسبه- "عدم وجود ما يبشر بوجود ما يسمى بصناعات ميكانيكية في الجزائر لا لدى القطاع الخاص ولا العام ولا الأجانب المتورطين في المهزلة"، و"من يقول العكس مهما كانت مكانته متواطئ في عملية هدفها الوحيد السطو على حصص من السوق لفائدة أطراف مدعمة من جهات نافذة لا أكثر ولا أقل"، مضيفا بالقول "كل ما في الأمر أن ما ثبت أنه غش في غش ومشاريع وهمية سيعاد بعثها، وهذه هي مهمة يوسفي على حساب الخزينة والاقتصاد الوطني، مؤكدا في ذات الوقت "أن جملة القرارات التي سيتخذها يوسفي في السياق لن تكون حاسمة بل تعيد الوضع إلى ما كان عليه في عهد بوشوارب لا أكثر ولا أقل. ومن جهته قال الخبير الاقتصادي عمر هارون إن الوافد الجديد على وزارة الصناعة والمناجم الخبير بخبايا الاقتصاد الوطني ملزم حسب الظروف والحيثيات على التشاور مع باقي الأطراف أي المتعاملين الاقتصاديين حتى يخرج إلى النور بدفتر شروط جديد يراعي مصالح جميع الأطراف، مضيفا "فالحكومة اليوم تبحث عن سبل تقليل فاتورة الاستيراد وخلق المزيد من فرص العمل مع زيادة نسب الإدماج والمناولة في الصناعة الميكانيكية، والرفع من إيراداتها الجبائية" "والعمل على إيجاد الطرق الناجعة لإعادة الاستقرار لسوق السيارات". وأشار المتحدث ل "الحوار" إلى عجز دفتر الشروط السابق في ضبط سوق السيارات والنهوض بشعبة صناعة السيارات خاصة مع انتهاج أسلوب "أس كا دي" المعتمد على جلب السيارات حالة شبه نهائية وإضافة مجموعة من الأكسسوارات، وهو ما يجعل حلم السيارة الجزائرية بنسبة إدماج معقولة تتراوح بين 50 و70٪ بعيد المنال، غير أن هذا الأخير يرى أن المطلوب من الوزير الحالي اليوم والشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين تحديد التوجه العام للاقتصاد الوطني، وفي هذه الحالة إذا ما كانت الجزائر اليوم تفكر بجدية في جعل القطاع الميكانيكي قطاعا حاملا للاقتصاد الوطني، فلابد من أن تسخر له كل قوتها وإمكانياتها لبلوغ المبتغى" يضيف- المتحدث "إلى جانب بذل مجهودات جبارة للتفاوض على نقل التكنولوجيا من الخارج، ورؤوس أموال كبيرة نسبيا مقارنة بما نعيشه من انخفاض في الموارد، ويد عاملة مؤهلة لا نملكها، ونسيج صناعي لمؤسسات المناولة التي تهتم بإنتاج قطع الغيار محليا". وفي حال عجز السلطات على الوصول لهذه الأهداف أشار المتحدث إلى وجود قطاعات أكثر سهولة لتنميتها وتطويرها وجعلها الركيزة الأساسية للاقتصاد الوطني على غرار قطاع الصناعات الغذائية المرتبط بالتنمية الفلاحية ومصانع التحويل والتعليب والتغليف خاصة أن هذا القطاع يمكن تطويره بشكل أسرع بكثير من القطاع الميكانيكي الذي يجب أن يخطط على نار هادئة بخطة متوسطة الأمد حتى يؤسس بشكل جاد ونوعي ويساهم بشكل فعلي في تطور واردات الجزائر، مؤكدا أنه "ليس عيبا أن نخطئ، العيب أن نتمادى في الخطأ وهدر الموارد الوطنية التي أصبحت شحيحة نتيجة تراجع عائدات المحروقات". ويبقى تعديل دفتر الشروط الجديد خاضعا للعقود التي وقعها المستثمرون في المجال مع العلامات التي يمثلونها، فالشركاء في الخارج قد يمتنعون عن نقل تكنولوجيا تصنيع السيارات وهو ما يخلق عائقا آخر في سبيل النهوض بالصناعة الميكانيكية، خاصة وأن بعض العلامات اتخذت من دول جارة مقرا لها وأصبحت تصدر سياراتها منها، وهو ما يجعلنا نقول إن حلم السيارة الجزائرية مؤجل ويحتاج إلى مدة تتراوح بين 3 إلى 5 سنوات ببرنامج عمل صارم من أجل الوصول إليه، بدفتر شروط يراعي بالأساس نقل التكنولوجيا، والرفع من نسب الإدماج، وتكوين اليد العاملة. إن المطلوب من وزير الصناعة والمناجم اليوم مع الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين تحديد التوجه العام للاقتصاد الوطني، هل الجزائر اليوم تفكر بجيدة في جعل القطاع الميكانيكي قطاعا حاملا للاقتصاد الوطني، وتسخر له كل قوتها وإمكانياتها، وهو ما يحتاج بذل مجهودات جبارة للتفاوض على نقل التكنولوجيا من الخارج، ورؤوس أموال كبيرة نسبيا مقارنة بما نعيشه من انخفاض في الموارد، ويد عاملة مؤهلة لا نملكها، ونسيج صناعي لمؤسسات المناولة التي تهتم بإنتاج قطع الغيار محليا، أم أن هناك قطاعات أكثر سهولة لتنميتها وتطويرها وجعلها الركيزة الأساسية لاقتصادنا، ولعل قطاع الصناعات الغذائية المرتبط بتنمية الفلاحة ومصانع التحويل، التعليب والتغليف يكون ذلك القطاع، خاصة أنه قطاع يمكن تطويره بشكل أسرع بكثير من القطاع الميكانيكي، الذي يجب أن يخطط على نار هادئة بخطة متوسطة الأمد حتى يؤسس بشكل جاد ونوعي ويساهم بشكل فعلي في تطور واردات الجزائر، فليس عيب أن نخطئ العيب أن نتمادى في الخطأ وهدر الموارد الوطنية التي أصبحت شحيحة حسبه. مناس جمال