ما تزال قرية أولاد عبيدالله التابعة إداريا لبلدية الجلفة تعيش العزلة والتهميش في ظل غياب أدنى اهتمام للمسؤولين، فالقرية تعرف واقعا مزريا تنعدم فيه ضروريات الحياة الكريمة، إذ لا تزال ترتدي عباءة التخلف رغم تعاقب المجالس البلدية المنتخبة على مبنى البلدية فلا وعود تحققت ولا مشاريع جسدت لتتواصل مأساة الأهالي في ظل غياب الغاز والإنارة ومصحة وغيرها من المرافق الضرورية، الأمر الذي شدّنا من خلال الزيارة التي قادتنا إلى عين المكان أين رصدنا آراء المواطنين وآمالهم في دوران عجلة التنمية بمنطقتهم. جدّد قاطنو الفرع البلدي بقرية "أولاد عبيد الله" الواقعة على بعد 6 كلم جنوب ولاية الجلفة نداءهم للسلطات المعنية بضرورة التعجيل في تجسيد برامج تنموية لا تتعدى سقف الضروريات لضمان عيش كريم.
وحسب تصريح أحد أعيان وكبار قرية أولاد عبيد الله الشيخ الحاج سعد القهيري فأبرز مطالبهم تتمحور في الطرقات والكهرباء والنظافة والإنارة العمومية وبناء إكمالية وبناء جسر يربط بين بنعام والمقبرة ضف الى ذلك انعدام مركز التكوين أو ملحقة تابعة للتكوين، وانعدام قابلات بعيادتهم والمرافق الشبانية ومقر للأمن الوطني كذلك حي بنيلي، يطالبون بالنقل المدرسي والعمومي ومناصب عمل لشباب القرية للقضاء على مشكل البطالة، حيث عبّر السكان عن استيائهم وتذّمرهم من التدهور الحاصل على مستوى شوارع أحياء المدينة التي أصبحت في حالة كارثية للغاية، مشيرين إلى أنّ استمرار هذا الوضع زاد من تفاقم معاناتهم اليومية خاصة مع حلول فصل الشتاء، وقد أبدى مواطنو القرية تخوفهم من استمرار هذه الوضعية المزرية التي أثقلت كاهلهم خاصة مع تساقط الأمطار التي تكثر فيها الأوحال وتنتشر البرك المائية الراكدة نظرا لانعدام قنوات الصرف الصحي لمياه الأمطار التي كثيرا ما تكون خطرا على الكبار والصغار، كما طالب سكان القرية أيضًا السلطات المحلّية والولائية بالالتفات لاحتياجات السكان الذين يعانون في صمت منذ مدة رغم النداءات المتكرّرة التي قدموها للجهات الوصية، أين تغيب الكهرباء ببعض الأحياء عن منازلهم والتي تعد من ضروريات الحياة.
وقد أكّد سكان القرية أنهم تلقوا وعودا من السلطات بإطلاق عمليات تنموية في المنطقة، لكن يقولون إنّ لا شيء جديد تحقق ممّا جعلهم يسارعون في مراسلة والي الولاية للتدخل وإنقاذهم من شبح الظلام ليلا، وقد أبدى قاطنو قرية (أولاد عبيد الله) عن استيائهم الشديد نظير عدم استفادتهم من التهيئة والكهرباء خاصة وأنّ قريتهم تابعة لبلدية الجلفة عاصمة الولاية وتقع بمحاذاة الطريق الوطني رقم (01) في شطره الرابط بين ولايتي الجلفة والأغواط ليبقى بذلك مشكل التهيئة والكهرباء متواصلا.
طرقات مهترئة والغبار يسجن السكان في الصيف في زيارة ميدانية قادت «الحوار» إلى قرية أولاد عبيدالله شدّنا للوهلة الأولى انعدام الطابع الحضاري للمكان، والسكان بدورهم شدّدوا لدى حديثهم معنا على ضرورة التعجيل بتهيئة وتزفيت طرقات القرية التي أكل عليها الدهر وشرب نتيجة الحالة الكارثية التي تتواجد عليها منذ سنين مضت، وهو الأمر ذاته الذي اشتكى منه السكان وأن هذه الأخيرة لا تصلح حتى لسير المركبات تجنّبا لتلفها حيث أصبحت كلها حفرا ومطبات تعرقل سير الراجلين وأصحاب السيارات وتتحول إلى مياه وأوحال بمجرد حلول فصل الشتاء، هذا وتعرف القرية انتشارا كبيرا للغبار ما جعل نوافذ سكناتها مغلقة على مدار السنة وكأن سكانها في سجن كبير – حسب تعبير أحد المواطنين – الذي أكد أن الأوحال تصنع ديكورها في فصل الشتاء، أين يتأزم وضعها وتزيد معاناة السكان. الانشغال هذا قام السكان بنقله إلى هيئتهم المنتخبة بمراسلات متواصلة قابلتها السلطات بصمت وتجاهل كبيرين.
انعدام قنوات الصرف الصحي غياب الصرف الصحي عن بعض الأحياء يزيد من معاناة السكان في الوقت الذي استفادت فيه بعض الشوارع من خدمات الصرف الصحي، لكن غيابها عن أخرى يعد مشكلا يؤرق السكان الذين اضطروا لحفر المضامير التي تشكل خطرا على البنايات بسبب التسربات المائية إليها والمياه الجوفية، مما ينجم عنه تلوث المياه الصالحة للشرب وتهديد سلامة المواطنين الذين يبقى مطلبهم تزويدهم بخدمة الصرف الصحي. الإنارة العمومية خدمة مفقودة «سيدي نحن هنا أموات أحياء القرية وكأنها مقبرة» بهذه العبارات استقبلنا الشيخ الحاج سعد القهيريو الذي أبدى استياءه التام للمشكل والذي ظل لعقود من الزمن مطروحا دون أن يجد انفراجا، ما ضاعف من مخاوفهم وزاد من تذمرهم جراء انعدام الرؤية من جهة وسيطرة الظلام الدامس الذي يصبح ليلا سيد الموقف بلا منازع. وأشار المتحدث في ذات السياق إلى أن القرية تتحول إلى ما يشبه مقبرة للأحياء تحتم على قاطنيها قدر الإمكان دخول منازلهم مبكرا، مضيفا بقوله أن الخروج والتجوال ليلا في عتمة الظلام الحالك يصبح مغامرة حقيقية تشوبها كل المخاطر المحدقة خصوصا وأن المنطقة نائية. وفي نفس الباب دائما يؤكد الأهالي الذين تحدثنا إليهم أن لا أرواحهم ولا ممتلكاتهم أصبحت في مأمن بسبب حرمانهم من خدمة الإنارة العمومية وكل ما يخشونه أن يتعرض أبناؤهم الذين يقصدون مدارسهم خلال الساعات الأولى للفجر لأية اعتداءات محتملة أو اختطافات.
الغاز الطبيعي خدمة مؤجلة إلى أجل غير مسمى مشاكل سكان قرية أولاد عبيدالله متواصلة مع غياب الغاز الطبيعي في سكناتهم، فأغلب سكان الجهة الشمالية من القرية يستعملون غاز البوتان للطهي وللتدفئة، ما جعل يومياتهم تنصب حول الجري والتبعات اليومية وراء قارورات غاز البوتان التي تخضع للمضاربة من قبل التجار في فصل الشتاء بالنظر إلى أهمية هذه الطاقة من أجل التدفئة خصوصا وأن الجلفة منطقة مناخها جد قارس أين يرتفع سعر القارورة الواحدة إلى 500 دج ما أفرغ جيوبهم في فصل الشتاء وأدى بالعديد منهم خاصة ذوي الدخل المتوسط إلى اتباع الطرق البدائية وهي جلب الحطب من الغابات لاستعماله في التدفئة، مؤكدين أنهم راسلوا المسؤولين عدة مرات من أجل تزويدهم بهذه الطاقة الحيوية،غير أن الأمر يتأجل في كل مرة.
انعدام كلي للمرافق الرياضية والثقافية نحن هنا مغلوبون على أمرنا، لا مرافق رياضية نأوي إليها ولامراكز ثقافية ولا قاعات ترفيهية، ولا وسائل تسلية نهتدي إليها، شباب القرية كلهم يعملون في بيع أعلاف المواشي "النخالة" ولا وسيلة لهم لكسب قوت يومهم إلا هذه، كلام وجهه لنا أحد شباب القرية يوحي بالكثير ويدل على مدى الغبن الذي تعيش فيه فئة الشباب بالقرية أمام انعدام كل المرافق ماعدا ملعب واحد والتي من شأنها التقليل من حدة ظاهرة استهلاك المخدرات، وكذا ملء الفراغ الصعب الذي يعيش فيه شباب القرية، لا سيما أمام البطالة الخانقة التي يعيشون فيها في ظل عدم استفادتهم الكلية من برامج الشغل، وفي هذا الصدد يقول أحد الشباب (سيدي نحن ضحية المحسوبية لا حول لنا ولا قوة).
الصحة مريضة في القرية ومن بين المشاكل التي تؤرق حياتهم اليومية انعدام المرافق الصحية الفاعلة وكذا الأجهزة الطبية على غرار قاعة جوارية متعدة الخدمات الصحية، وحسب حديثنا لساكنة أولاد عبيدالله فإن تراب القرية يتوفر على قاعة علاج بحاجة إلى طاقم طبي رغم تجهيزها بالعتاد الضروري، ويبقى مرضى الجهة يعانون لمسافة 6 كلم الرابطة بين القرية والجلفة لإجراء الفحوصات والعلاج بمستشفى الجلفة وتبقى معاناة أزيد من 3000 نسمة بهذه القرية النائية إلى حين التفاتة من السلطات الولائية المعنية بالتنمية.