كشف وزير التكوين المهني والتعليم المهنيين، محمد مباركي، أن النهوض بالاقتصاد الوطني وتحديد الحكومة لقطاعات تعطى لها الأولوية لتكون بديلا للمحروقات، يضع وزارته في الخط الأول من حيث ضرورة تكوين اليد العاملة المؤهلة التي ستلعب الدور الأكبر في النهوض بالاقتصاد البديل، ولهذا تسهر الوزارة– يقول الوزير – على تحيين البرامج البيداغوجية وتوسيع عروض التكوين والقيام بالتحسيس وإعلام الشباب وتوجيههم نحو التكوين المهني، الذي يسعى من جهته إلى النوعية والجودة، معرجا إلى الدخول المهني لدورة فيفري 2018 التى ستنطلق رسميا يوم الأحد 25 فيفري، ليكشف في حوار مطول مع "الحوار" أن مصالحه وفرت 290 ألف منصب بيداغوجي، وأن الصرح التكويني تدعم ب 20 مؤسسة تكوينية جديدة وتوظيف 2.000 مكون جديد، مشيرا إلى إدخال تخصصات جديدة لأول مرة تستجيب لاحتياجات المتعاملين الاقتصاديين والتكيف مع حقيقة سوق الشغل. الوزير محمد مباركي، أشار كذلك إلى إستراتيجية وزارته التي قال إنها مبنية أساسا على مدى ملاءمة التكوين مع متطلبات سوق العمل، مميطا اللثام عن 13.200 اتفاقية وقعت بين قطاع التكوين و المتعاملين الاقتصاديين إلى غاية نهاية 2017. وعن فرص الممتهنين في دخول عالم الشغل بعد تخرجهم وحصولهم على شهادات أشار إلى أن 91بالمئة من خريجي معاهد التكوين دمجوا في عالم الشغل قبل 06 أشهر بعد تخرجهم، موضحا أن الوزارة تسهر على تحيين البرامج البيداغوجية وتوسيع عروض التكوين. * كيف تقيمون وضع قطاع التكوين والتعليم المهنيين بعد حوالي 4 سنوات من تعيينكم على رأسه ؟ قبل التقييم علينا التذكير بالأهداف والمسؤوليات المسطرة لهذا القطاع، وهي المساهمة في تكوين الشباب، باعتبار الوزارة جزءا هاما من المنظومة التعليمية التكوينية من جهة، وتكوين المورد البشري المؤهل لضمان التطور الاقتصادي والاجتماعي من جهة أخرى. ومن هذا المنطلق يعتبر التكوين والتعليم المهنيين من أهم القطاعات التي تؤثر وتساهم في الوقت نفسه بطريقة مباشرة في تطور التنمية الوطنية، لأن الجزء الأكبر من اليد العاملة المؤهلة المستعملة في الاقتصاد الوطني هو نتاج التكوين المهني. وهكذا يلعب قطاع التكوين والتعليم المهنيين دورا أفقيا لأن نجاعته وفعاليته تكمن في ضرورة التكامل والتناسق مع مجمل القطاعات الأخرى المستعملة لليد العاملة، ولهذا يستوجب علينا كقائمين على القطاع أن نعمل على عدة مستويات تتداخل فيها أبعاد التكوين من حيث الفترة التكوينية، البرامج، المعدات التقنوبيداغوجية…الخ، وهنا نحن دائما في الاستماع ومستعدين لإثراء المدونة الوطنية للشعب والتخصصات بما يحتاجه الاقتصاد الوطني في كل المهن وفي كل التخصصات، رغم أن ذلك ليس من السهل القيام به لما يستوجب من تحضير للبرامج البيداغوجية، وتكوين مستمر ودوري للمؤطرين، وتوفير وتجديد العتاد البيداغوجي، والتنسيق مع المؤسسات الاقتصادية، …الخ. فتقييمي للقطاع أنه في التوجه الصحيح، مقتنع بأن دوره في المجتمع جعله اليوم جزءا لا يتجزأ من المنظومة التربوية التكوينية من جهة، ويسعى دوما إلى ملاءمة التكوين مع احتياجات سوق العمل والاقتصاد الوطني من جهة أخرى، وهو ما نلتمسه من النسب العالية في إدماج المتخرجين من التكوين المهني في عالم الشغل، وكذلك عند المتعاملين الاقتصاديين.
* نحن مقبلون على دخول مهني لدورة فيفري، ما هي الإجراءات المتخذة من قبلكم، وكم عدد مناصب التكوين التي توفرونها للشباب، وما هي أهم التخصصات الجديدة؟ – لقد وفرنا بالنسبة للدخول المهني في دورة فيفري 2018 أكثر من 290.000 منصب بيداغوجي، وسيكون الدخول الرسمي يوم الأحد 25 فيفري 2018، وقد تدعم الصرح التكويني ب 20 مؤسسة تكوينية جديدة وتوظيف 2.000 مكون جديد وكل هذا لإعطاء الدعم اللازم للتكوين من حيث الجودة والنوعية، فهذه الاستثمارات تؤكد مرة أخرى الأولوية التي تعطيها الدولة للقطاع، كما أننا وفي إطار الاستمرارية في تطبيق استراتيجية الحكومة، تعرف هذه الدورة إضافة تخصص جديد في المدونة الوطنية وهو تخصص تقني سامي في تنصيب شبكات الاتصالات السلكية ويعتبر رابع تخصص في مجال الرقمنة، يتم من خلاله إثراء مدونة التخصصات المعروضة للتكوين. من جهة أخرى، فقد برمجت عدة ولايات تخصصات جديدة لأول مرة، وهي تخصصات تستجيب للاحتياجات المعبر عنها من طرف المتعاملين الاقتصاديين، نذكر على سبيل المثال: تحويل البلاستيك، والمراقبة وتوضيب منتوجات الحليب بولاية البويرة، عون إصلاح وصيانة تجهيزات الإتصالات اللاسلكية بولاية تيزي وزو، إنتاج أغذية الأنعام بسوق أهراس، إدارة وأمن الشبكات بغرداية، سائق الناقلة (cariste) ببجاية، ميكانيك تصليح سفن الصيد والنزهة بالشلف، أما فيما يخص عروض التكوين المرتبطة بتقنيات الإدارة والتسيير فقد عرفت انخفاضا محسوسا وأصبحت تمثل حاليا 12,3% من العرض الإجمالي، بعدما كانت تتجاوز نسبة20% في السنوات السابقة. ويتعلق الأمر هنا بالتكيف مع حقيقة سوق الشغل. * ماذا بشأن تكيف القطاع مع متطلبات عالم الشغل وقلة اليد العاملة المؤهلة ببعض المجالات؟ كل ما نكونه من شبابنا موجه ليستعمل من طرف الاقتصاد الوطني، ولتحقيق ذلك فإن إستراتيجية قطاعنا مبنية أساسا على مدى ملاءمة التكوين مع متطلبات سوق العمل واحتياجات المؤسسات الاقتصادية من يد عاملة مؤهلة، والنتيجة أنك ستلاحظ أن المتخرجين من التكوين المهني يجدون منصب عمل بطريقة أسهل وأسرع من الشباب الآخرين، لأن القطاع يفكر دائما في تسهيل ولوج المتخرجين إلى عالم الشغل وتوفير اليد العاملة المؤهلة للمؤسسات الاقتصادية، فأكثر من 13.200 اتفاقية وقعت بين قطاع التكوين والتعليم المهنيين والمتعاملين الاقتصاديين إلى غاية نهاية سنة 2017، وهو ما يسمح بالتنسيق والتكامل بين المتعامل الاقتصادي الذي يعبر عن احتياجاته من اليد العاملة والمؤسسة التكوينية التي تقوم بتكوين الشباب في المهن، ولهذا أظن أن القطاع يتكيف بشكل جيد مع المحيط الاقتصادي والاجتماعي. فيما يخص الجزء الثاني من سؤالكم، حقا هناك بعض القطاعات التي تعاني من نقص في اليد العاملة بصفة عامة والمؤهلة منها بصفة خاصة، فعلى سبيل المثال يعانى النشاط الفلاحي من نقص في اليد العاملة، لكن في نفس الوقت معظم المعاهد والمراكز عبر الوطن توفر تكوينا في المجالات الفلاحية، وهذا ما دفع الشباب إلى الالتحاق أكثر فأكثر بالتخصصات سالفة الذكر، فقد ارتفع عدد الشباب المكون في الفلاحة من 3.000 متكون سنة 2003 إلى20.000 متكون في دخول سبتمبر 2016 لوحده، وتجاوز21.200 متكون في دخول دورة سبتمبر 2017، وهو ما يوضح النقص في إقبال الشباب على التخصصات الفلاحية رغم وجود تكوينات في هذا المجال في 44 ولاية. ويجب الإشارة أيضا إلى أن فتح التخصصات التكوينية يتم من خلال دراسات استشرافية، ومن هذا الباب أريد أن أؤكد أن القطاع يهتم بشكل كبير بالتكوين في عالم الرقمنة والافتراضية والإعلام الآلي و تكنولوجيات الإعلام والاتصال، لما توفره هذه المهن من آفاق واسعة إما في التوظيف أو في تجسيد المشاريع الخاصة بالشباب، فالثورة الرقمية التي أصبحت تغير ملامح الاقتصاد العالمي يتجلى تأثيرها أيضا في الجزائر، ومن هنا يجب علينا تحضير شبابنا وتمكينهم من اكتساب مهارات عن طريق التكوين حتى يساهمون في تطوير الاقتصاد الرقمي الجزائري. * ولماذا لا يمكننا تكوين ما يكفي للمتطلبات الوطنية ويتم الاستنجاد باليد العاملة الأجنبية؟ هذه ظاهرة حقيقية في بلادنا، لكنها ليست نتيجة سوء تنظيم في قطاع التكوين والتعليم المهنيين، بل هو عزوف الشباب على الالتحاق ببعض المهن التي تعتبر شاقة أو غير مثمنة اجتماعيا، ففي كل دخول مهني نقترح طاقة استيعابية هامة من حيث المقاعد البيداغوجية تفوق أعداد المسجلين والملتحقين بمقاعد التكوين المهني لأن القطاع عرف استثمارات ضخمة في العشرية الماضية جعلته اليوم يتمتع بهياكل قاعدية كبيرة ومتعددة، فعلى سبيل المثال ستفتح 20 مؤسسة جديدة أبوابها في دخول دورة فيفري 2018، لتضاف إلى ال 1240 الموجودة، لكن التكوين المهني يخضع أيضا إلى منطق العرض والطلب، وهنا أريد أن أؤكد أنه حاليا، مجمل المشاريع الموجودة في الجزائر تنجز بيد عاملة جزائرية وهي ثمرة مجهودات قطاع التكوين والتعليم المهنيين الذي أصبح يكون في تخصصات جديدة ومطلوبة بصفة أكبر، فعلى سبيل المثال عروض التكوين الخاصة بالدخول المهني لشهر فيفري 2018 في مجال البناء تتعدى 3.300 منصب بيداغوجي مع العلم أن الدورة الثانية للدخول المهني تعتبر بمثابة فرصة أخرى تمنح لمن لم يتمكن من التسجيل في دورة سبتمبر 2017 وهو الدخول المهني الرئيسي بالنسبة لنا. * ما هو عدد التخصصات التي يوفرها القطاع، وماهي الأكثر طلبا من جانب المتربصين ؟ تتضمن المدونة الوطنية للمهن وتخصصات التكوين المهني 442 تخصص، وبالنسبة للدخول المهني المقبل قمنا ببرمجة 370 تخصص موزعين على 22 فرعا مهنيا متوجا بشهادات عبر مختلف المؤسسات التكوينية وهي تخصصات في مجملها مرتبطة بمهن الصناعة والفلاحة والفندقة والسياحة والبناء والأشغال العمومية، متواجدة عبر 48 ولاية، وهي التخصصات التي تعرف طلبا متزايدا في كل دخول مهني، فحتى التخصصات المتعلقة بالفلاحة والبناء والتي كانت في الماضي القريب تعاني من نقص اهتمام الشباب أصبحت اليوم تسجل ارتفاعا بين كل دورة وأخرى ويرجع السبب في ذلك إلى تحسين ظروف التكوين وإلى تدعيم عروض التكوين وتعميمها عبر ولايات الوطن. * بلغة الأرقام كم تبلغ نسبة التوظيف فيما يخص خريجي معاهد التكوين المهني على المستوى الوطني ؟ – تعتبر الهيئات التي تقع على عاتقها مهمة تشغيل الشباب كالوكالة الوطنية للتشغيل مؤشرا واضحا لمدى نجاعة ونجاح ما نقوم به أو العكس، وفي هذا الصدد أكدت دراسة قامت بها الوكالة الوطنية للتشغيل A.N.E.M خلال سنة 2016 أن 83بالمئة من الشباب المتخرج من مؤسسات التكوين المهني يتم إدماجهم في أقل من 06 أشهر من تاريخ إيداعهم طلب عمل، و 10بالمئة آخرين يدمجون في سوق العمل في أقل من سنة، وهي أرقام نعتبرها جد إيجابية، حتى وإن تبقى بعض التخصصات تعاني من صعوبة في ولوج عالم الشغل، أما في سنة 2017 فقد تخرج حوالي 230.000 شاب من مؤسسات التكوين المهني، 91بالمئة من طالبي الشغل انتظروا أقل من 06 أشهر قبل إدماجهم في عالم الشغل. * هل تواجهون ضغطا واكتظاظا من ناحية العدد في بعض التخصصات الدراسية ؟ في كل دخول مهني يزيد الطلب على بعض التخصصات المطلوبة بكثرة، خاصة بالنسبة للمستوى الخامس من التكوين أي التقني سامي والذي يتم على مستوى المعاهد الوطنية المتخصصة وعددها 125 معهدا، كما أن بعض التخصصات لا توجد إلا في عدد من الولايات، وقصد التكفل بهذه الشريحة من المتكونين تم بمناسبة هذا الدخول فتح 51 فرعا منتدبا على مستوى مراكز التكوين المهني والتمهين تحت إشراف المعاهد الوطنية المتخصصة، وبالتالي ترتفع عروض التكوين بالنسبة لمستوى التقني سامي إلى 24.000 منصب تكوين جديد، أي بزيادة 7.000منصب تكوين مقارنة بدخول فيفري 2017. هذه المجهودات مكنتنا من أن نتكفل بكل الطلبات في التكوين في هذا المستوى أي تقني سامي، نستجيب حتى لطلبات المتحصلين على شهادة البكالوريا. * برنامج عمل حكومة أحمد أويحيى يركز على 3 مجالات للنهوض بها كبديل للمحروقات وهي الفلاحة، الصناعة والسياحة، هل هناك تنسيق مع هذه القطاعات من أجل تعزيز الكفاءات المهنية واليد العاملة؟ إن النهوض بالاقتصاد الوطني وتحديد الحكومة لقطاعات تعطى لها الأولوية لتكون بديلا للمحروقات، يضع وزارة التكوين والتعليم المهنيين في الخط الأول من حيث ضرورة تكوين اليد العاملة المؤهلة التي ستلعب الدور الأكبر في النهوض بالاقتصاد البديل، ولهذا تسهر الوزارة على تحيين البرامج البيداغوجية وتوسيع عروض التكوين والقيام بالتحسيس وإعلام الشباب وتوجيههم نحو التكوين المهني الذي يسعى من جهته إلى النوعية والجودة. فقراءة سريعة للأرقام تؤكد لنا هذا التوجه الذي اخترناه، فالصناعة مثلا، وهو قطاع حدد كأولوية من طرف الحكومة تمثل 22.7 بالمئة من العرض الإجمالي للتكوين بالنسبة لدخول فيفري 2018، الفلاحة والصناعات الغذائية 7.6 بالمئة، البناء والأشغال العمومية 17 بالمئة، السياحة والفندقة 11 بالمئة، فاستراتيجيتنا تسعى لأن توفر اليد العاملة المؤهلة للنشاطات الاقتصادية التي تعتمد عليها الحكومة في خلق الثروة وتكون بديل للمحروقات. أيضا في هذا المجال يسعى القطاع إلى تخصيص مراكز ومعاهد حسب نوعية وخصوصية كل منطقة وكل حوض صناعي، من جهة أخرى نسعى إلى تطوير تكوينات في الرقمنة الذي يعتبر مجالا سيسيطر بشكل كبير على الفروع الاقتصادية في المستقبل القريب. حاوره: نورالدين علواش/ أم الخير حميدي