بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين رد المفتري على الصوفي والأشعري انبرى أهل القلم في كل زمان للدفاع عن أهل الفضل والعلم إذا انتهكت أعراضهم ورام الدجالون حياضهم، ولست أحسب نفسي إلا طويلب علم وأنا أتحدث عن سادتي الأشاعرة والصوفية وغيرهم من الأفاضل الذين نالهم "المقال الشهري" للشيخ محمد علي فركوس بأبشع فرية وهي الخروج عن دائرة "أهل السنة والجماعة" وقبل أن آتي إلى خيوط بيته الواهية وما ارتفع عليها من الأفكار الخاوية أحب أن أقول بأني أتحرى ما أكتب بعد القصد وهو وجه الله الكريم الحقيقة ملتزما المنهج العلمي وحده، فالعبرة عندي بعد ذلك بما تقوله الغوغاء ولا تلفظه السفهاء. سياق المقال الشهري يصادف المقال الشهري للشيخ فركوس هذه المرة ذكرى مقتل العلامة الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي على يد بعض أتباع الفرقة الناجية ولفرط ابتهاجه بهذا النبأ قال أمام الحرم المكي عبد الرحمن السديس يومها إن هذا اليوم يجب أن يعتبر يوم عيد وفرح لموت شيخ البدعة والشرك.. والحق أنه: ليس الرزية فقد مال ولا فرس يموت ولا بعير ولكن الرزية فقد حر يموت بموته خلق كثير كما يصادف هذا المقال تصدعا في صفوف الوهابية العالمية "المسماة زورا سلفية" بسبب ارتدادات إصلاحات ولي العهد الشاب محمد بن سلمان على هذا التيار فوجد بعض شيوخه أنفسهم داخل السجن والبعض الآخر لاجئا إلى دولة أخرى وبعضهم قد بدأ أتباعهم ينفضون من حوله لسكنى الشك والريب أدمغتهم وأفئدتهم فيما هم عليه بعد ابتعاد الأمير الشاب بإصلاحاته عن مسلماتهم، فصارت جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أثرا بعد عين، وأصبح الاحتفال بمولد الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم متاحا مباحا، وخصصت 64 مليار دولار على امتداد عشر سنوات لهيئة الترفيه وسمح للنساء بقيادة السيارة وعدم التزامه بشكل معين بالزي الشرعي، وبدأ الحديث عن دولة مدنية شعارها حقوق الإنسان والبقية تأتي فقد خسر شيوخ الوهابية إذا مرجعيتهم الجغرافية، واندثار الذي كانوا يدفنون رؤوسهم تحته. وهذه دون شك بداية النهاية، فهل نحافظ على الأتباع من الغوغاء وأشباه المتعلمين بإخراج أهل الإسلام من السنة والجماعة فإذا أخرجنا من له، مسكة من علم قلنا لهم هناك فرق بين أهل القبلة وأهل السنة والجماعة، وهذه لعمري "خدعة الصبي عن اللبن". وثالث السياقات وجود توجه عالمي يقوده الساسة إلى مقاومة التطرف الديني "ويعنون به تطرف المسلمين فقط" لأنه يبدأ بتقلب على الذين صنعوه وطوروه واستخدموه فبعد أن عشش وباض وفرخ لم يعد يرضى إلا بخلافة عالمية، ولهذا جاء في المقال الشهري المذكور ما يشبه البراءة من القاعدة وداعش ولكن هيهات هما الربيب الشرعي للوهابية من حيث التأسيس المرجعي والسلوك الميداني. * السلفية هي مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي كما هو عنوان كتاب … يراع شيخ الشهداء البوطي، فكل من حاول أن يجعلها وصفا لفرقة أو جماعة يقع في محظورين أحدهما مر، الوقوع في بدعة لم يقلها ولم يفعلها أحد من السلف، إخراج بقية المسلمين من دائرة السلف وهو حكم تترتب عليه آثار سيئة اعتقادا ومعاملة بدءا من عدم إلقاء السلام على الآخرين كما هو مشاهد عند أتباع هذا التيار وانتهاء بسفك الدماء واستحلال الأعراض. ولا ينفع بعد هذا الخطوة المعرفية "إلا بتسميته بلغة العلم المعاصر" التي قام بها هذا التيار وهي تقسيم السلفية إلى سلفية علمية وسلفية جهادية فهما وجهان لعملة واحدة والدوائر الذكية مخابر ماوراء البحار التي توجههما واحد. فالسلفيتان تتحدان في المرجعية العلمية ودولة المنشأ بلغة أهل الاقتصاد ومصطلحاتهما المركزية واحدة وهي "التوحيد والشرك" و "الكتاب والسنة" و"البدعة والسنة" و "الجواز وعدم الجواز" و "الولاء والبراء" وهي كما نرى مصطلحات براقة لا أحد ينكر حضورها في النص القرآني والحديثي ولكنها منتقاة بعناية وقد احتكرها هذا التيار ليخرجها من مجرد الوظيفية المصطلحية إلى الأداتية المبتذلة فحولها إلى مسطرة للحكم على المسلمين بمختلف طوائفهم وعلمائهم ومختلف العصور حتى مست أئمة المذاهب وفحول فنون العلم في الإسلام فأصاب رشاشها الأئمة الأربعة – رضي الله عنهم- بدعوى اللامذهبية –وعلماء العقائد بدعوى خروجهم عن "عقيدة السلف" التي يحتكرها هؤلاء. وقد تحولوا بقدرة قادر إلى "وزارة منح صفة الإسلام" أو "منح تأشيرة دخول الجنة". ونتيجة لهذا المنطق الأهوج صار القدح في أعراض العلماء صفة تميز هذا التيار عن غيره وتجرأ الغوغاء وهم ينقلون منطوق شيوخهم في الدوس وعلى المنابر على التبديع والتفسيق وصار كل منصف عاقل يلاحظ مخزون الحقد على الآخر- كما هو في المقال الشهري- يزداد يوما بعد آخر بصورة لا نكاد نجد لها مثيلا في المجتمعات المسلمة المغلوبة على أمرها. وأود أن أنبه إلى أن الحديث عن هذا التيار في الجزائر قد بدأ بعد الثورة الإيرانية مباشرة وبدأت رؤوسه الأولى تطل من بلاد النجدية ووجد له أتباعا سرعان ما بدأوا يتكاثرون في ظل غياب شبه رسمي للدولة أو وجود استراتيجية تحمي المرجعية الدينية للبلد وهي واحدة من أسس الوحدة الوطنية والتكامل المغاربي. وقد غاب التصور العلمي والسياسي لمآلات الأمور فكانت التسعينات والألفينات وجاء مقال فركوس الشهري ذات مارس 2018.
* الأشاعرة والصوفية ترددت عند عنونة هذا المقال بين عنوان الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر الدمشقي "تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري" وعنوان "رد المفتري عن الطعن في الششتري" للإمام العارف بالله عبد الغنى النابلسي واستقر رأيي على هذا العنوان "رد المفتري على الصوفي والأشعري" وأقصد بالمفتري صاحب المقال الشهري لأن كلامه محض افتراء على الأشاعرة والصوفية وغيرهم من المسلمين. إن المقال تكفيري لا يتحمل فهما ثانيا فضلا عن ثالث. فليس إخراج الفئات التى ذكرها من "أهل السنة والجماعة" سوى تكفيرهم ولا عبرة بعد ذلك بالقول أنهم أهل قبلة ولكنهم ليسوا من أهل السنة والجماعة فإنها تقية كريهة الريح. إن تسمية "أهل السمة والجماعة" حادثة لم يعرفها عصر النبوة ولا عصر الخلفاء الراشدين – رضي الله عنهم- جاءت نتيجة سياقات سياسية ألبست بعد ذلك لبوسا علميا ولا فائدة من الوقوف معها في هذا المقال القصير. وهذا قبل أن تتصير ملك يمين للشيخ فركوس ومدرسته. ومحاولة التملك هذه كما ترى أيها القارئ محض نصب وغصب يسقط بذلك القول بأننا الفرقة الناجية وأننا وحدنا أهل السنة والجماعة. فبعد أن أثبتنا أن قناع "السلفية " كوب زور وبهتان خدعتهم به الأغرار من المسلمين يجب أن نقول لمن يقرأ كلامنا هذا إن بينكم وبين السنة والجماعة اعرض من الصحراء. وليت شعري إذا كان الحافظ ابن عساكر وصاحب فتح الباري ابن حجر العسقلاني وسلطان العلماء العز ابن عبد السلام والإمام الحجة ابن دقيق العيد وعمدة المذهب الشافعي الإمام النووي وأبو الحسن القابسي وأبو الوليد الباجي وأبو بكر ابن العربي صاحب الأحكام وغيرهم كثير خارجين عن "أهل السنة والجماعة" لكونهم أشاعرة أيكون فيها المدخلي وفركوس: وسفية من ساءه المن والسلوى وأرضاه الفوم والقتاء وقد قال العلامة محمد زاهد الكوثري وكيل المشيخة العليا للخلافة العثمانية على الأشاعرة إنهم "هم الذين حافظوا على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وملأوا العالم علما" ثم أضاف "فالأشعري والماتريدي هما إماما أهل السنة والجماعة في مشارق الأرض ومغاربها". وللأشاعرة الفضل الأكبر حين أحدثت المعتزلة فتنة "خلق القرآن" في دفع الشبه الناشئة التي زحفت على عقيدة أهل السنة. وأن هجوم الوهابية "السلفية" على الأشعرية معناه الواضح هدم قلاع الزيتونة والقرويين والأزهر ومحاضر شقنيط وزوايا الجزائر وكثير من بلاد الإسلام وهو المخطط الحقيقي لحشوية العصر الذين يسمون أنفسهم سلفية. وفي هذا السياق أرى من نصح ولي الأمر أن أنبه من بيده القرار في الدولة الجزائرية اليوم أن يتحرى أمر من سيتولى إدارة المسجد الأكبر وكل الطاقم الذي يساعده لما سيكون ذلك من أثر على اجتماع كلمة الناس ووحدة الوطن. وليس إخراج الصوفية الذين هم أهل مقام والإحسان من الدين بمختلف عن أمر الأشعرية. وقد صور الشيخ فركوس ومن تبعه على نحلته الفاسدة للناس أم التصوف مذهب تعبدي له عقيدته الخاصة والحق أنه ليس سوى تزكية للنفس يذكر الله والاجتهاد في طاعته بالصلوات وصنوف النوافل والطاعات إنما يسمى طرقا هي مجرد مناهج في التربية الروحية الصادرة عن فهم النص الإسلامي. إن رجال التصوف في كل العصور هم علماء ربانيون، فليس الشيخ عبد القادر الجيلاني سوى فقيها حنبليا أثنى عليه ابن تيمية ركن أساسي في مرجعية فركوس العلمية، وشرح له كتاب "فتوح الغيب" وكذلك الرفاعي صاحب الكتاب الحديثي "مجالس أهل الحقيقة مع الله" والإمام الشرهندي صاحب المكتوبات الربانية أما سيدي الأمير عبد القادر الحسني الجزائري مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة التي ينعم بخيرها فركوس وجماعته فهو صوفي ذو قلم سيال في نوف العلم وله كتاب نفيس في التوحيد عنوانه "المقراض الحاد في رد أهل الزيغ والإلحاد" كتبه على طريقة الأشاعرة فأبدع وأجاد، وليس المقراني والحداد ولالا فاطمة نسومر سوى أسماء في سماء الجهاد منسوبة إلى الطريقة الصوفية والزوايا وقديما قيل: في الزوايا خبايا وفي الرجال بقايا" وهذه الزوايا هي قلاع حقيقية لحفظ القرآن ومتون اللغة والفقه والتربية وتعلم مكارم الأخلاق ولهذا كانت غرضا يرمى ممن يسمون أنفسهم دجلا سلفية وتاريخ البلاد الإسلامي يشهد على استهدافها قبل ذلك على يد المستعمر. ولعل الشيخ فركوس هو الذي أسر لصديقه المصري أن يقدم عبر فضائيته حصصا عن التصوف في الجزائر واصفا إياه بالماسوني. وكان لي نصيب الأسد من الإفك الذي سيسأله الله عنه يوم القيامة. وقد زعم هذا الدجال "من مواليد 1984 ويملك قناة فضائية ! " أن همي الأكبر هو محاربة الشيخ فركوس، وهو في قوله هذا قد آوى إلى ركن غير ركين وكهف غير أمين فقد كان في درسه المتلفز يتكلم العامية ولم تجتمع في حديثه ثلاث جمل باللسان العربي المبين، فإذا كانت هذه علاقته باللغة فكيف بها بالنص الذي نزل به الروح الأمين. إن الدين الإسلامي ممثل في المقامات الثلاثة إسلام فإيمان فإحسان "التوحيد والفقه والتزكية" وقد استقر في العالم الإسلامي كله بتجلياته الثلاثة، العقيدة الأشعرية والمذاهب الثلاثة والتزكية الصوفية قد صار محل نظر كلي من هذه الجماعة التي تزعم أنها تعود بالناس إلى زمن السلف الصالح وفهمهم فإذا لم يكن أئمة الإسلام الذين حفظوا لنا هذا الدين هم السلف، فهل نثق بأناس سفهاء الأحلام لا يعرفون من الدين إلا اسمه ولا من الإسلام إلا رسمه يزج بنا في متاهات المدخلي وأمثاله !. لقد رسخت هذه الجماعة أسماء الألباني وابن باز وابن عثيمين والمدخلي في رؤوس العامة على أنهم وحدهم "الوكلاء الرسميون" للدين الإسلامي والحق أنهم مجتمعون لا يبلغون علم شيخ في محضرة من محاضر شنقيط بموريتانيا فضلا عما نعرف من علماء الملة من علماء الإسلام شرقا وغربا ولكن للمال والفضائيات والمطويات فعلها في العقول. وقد حمل أتباع هذا الفكر العجيب الغريب عداء سافرا تكفيريا لكل العلماء المخالفين، وإن قوما يفرحون لمقتل الدكتور البوطي لعلى شفى جرف هار. وقد كشف المقال الشهري للشيخ فركوس أن الإسلام ملكية خاصة وأن المالك الوحيد لمسطرة القول بإسلام هذا "السنة والجماعة" وعدم إسلام ذاك هي طائفتهم الناجية وهذه فيما أعلم من أشراط الساعة وظيفة الدابة الخارجة في آخر الزمان. وإن حال الشيخ فركوس هي كما قال الإمام علي كرم الله وجهه "ما أضمر الإنسان شيئا، إلا ظهر على صفحات وجهه وفلتات لسانه". لقد أمضى شطرا من عمره يصنع له أتباعا ولم يشعر أنه تحول إلى شيخ طريقة مع فارق أن شيخ الطريقة يربي أتباعه على كسر النفس في محراب الحق وهو يربي أتباعه على أنهم "أهل الحق" وأنهم "الفرقة الناجية" و"أهل السنة والجماعة" وغيرهم خارج هذه الدائرة فينشأون على ألوان من الغرور والحقد على المخالفين تهدم أواسر الحب في الله وحسن الظن بخلقه ويوشك أن يكون لها ضرام. إن القداسة التي يحيطك بها مريدوك يا شيخ فركوس ليست في ميزان الحق شيئا وإن المسلمين جميعا وبمختلف طوائفهم يتحرون أتباع السلف الصالح اعتقادا وعملا شاء من شاء وأبى من أبى. لقد جئت أيها الشيخ شيئا ادًا بمقالك الشهري الأخير وإن تصدع بيتك من الداخل وتنكر الملأ لك وإصلاحات الأمير الشاب محمد ابن سلمان ومؤشرات عودة الدولة المسلمة إلى مرجعياتها الدينية وعوامل أخرى كثيرة ستدعك ثقيل الظهر ضعيف الأمر وإني أقول لك في الختام: ستعلم إذا انجلى الغبار أفرس تحتك أم حمار "والله غالب على أمره ولكن كأثر الناس لا يعلمون" وحرره البروفيسور محمد بن بريكة البوزيدي الإدريسي الحسني