فتوى الشيخ محمد علي فركوس ألحقت الأشاعرة والماتريدية والمتصوفة بأهل البدع والأهواء، وأخرجتهم من دائرة أهل السنة والجماعة، التي لا تتسع -كما قال- لمن ديدنهم الابتداع والانحلال والتمييع لدين الله الحنيف من الطاعنين في ذات الله المقدسة، وأسمائه وصفاته، والمحرفين والمؤولين والمعطلين والمشبهين والمشككين في الثوابت والمقدسات الإسلامية، والمبدلين لدين الله، والمغيرين لشرعه في العلم والعمل، وهذه الصفات كلها لا تنطبق إلا على المبتدعة الذين نكبوا عن المنهج، وسلكوا مناهج أخرى حالت بينهم وبين الفهم السديد والقول الرشيد، فعقائد هؤلاء ليست من عقيدة الإسلام في شيء وإن ادعوا ذلك اعتدادا أو اعتقادا، وقد شنع بهم أهل العلم، وأذاعوا أخبارهم، وعروا صفحتهم، فما علاقتهم بالأشاعرة والماتريدية، هذه تهمة باطلة وصلفية مخالفة للطريقة السلفية. ولا يدخل في أهل السنة والجماعة -كما قال الشيخ فركوس- من ديدنه نقد القرآن الكريم والقدح في صلاحيته للتطبيق بدعوى عدم استجابته لمقاييس الحداثة، ولا نجد من الأشاعرة والماتريدية وعقلاء المتصوفة من تنطلي عليهم هذه الأوصاف، فقد أثر عن الإمام مالك رحمه الله قوله: "لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها"، وعرف عن أبي الحسن الأشعري ثباته على الحق وتشنيعه لمن يتهمه بالقصور في مواكبة العصر وتحقيق ما تقتضيه حاجات البشر، وعرف عن عقلاء الصوفية ولعهم بحب الخالق وبعدهم عن التعلق بالمخلوق، فبأي حق يخرج الشيخ فركوس الأشاعرة والماتريدية والصوفية من دائرة أهل السنة والجماعة؟ هذه تهمة باطلة وصلفية مخالفة للطريقة السلفية. ولا يدخل في أهل السنة والجماعة -كما قال فركوس – المستهين بالسنة المطهرة معتبرا إياها من التراث المطمور الذي لا يصلح للتطبيق لفقدانها لمعايير الحضارة أو من كان حربا على أهلها، ولا نعرف من أتباع المذهب الأشعري والماتريدي والمتصوفة من سلك هذا المسلك أو نزع هذا المنزع، فقد شكلت السنة النبوية بالنسبة لهؤلاء جميعا قطب الرحى، يطوفون حولها ويلوذون بها، وينافحون عن بيضتها ويتصدون لشانئيها ومحاربيها باذلين في ذلك مهجهم وما وسعه جهدهم، فبأي حق يخرج الشيخ فركوس الأشاعرة والماتريدية والمتصوفة من دائرة أهل السنة والجماعة؟ هذه تهمة باطلة وصلفية مخالفة للطريقة السلفية. و لا يدخل في أهل السنة والجماعة -كما قال الشيخ فركوس- من كان ديدنه الاكتفاء بالقرآن وحده مصدرا للتشريع والتلقي دون السنة النبوية، ولا نعرف عن أوائل الأشاعرة والماتريدية والمتأخرين منهم من ساوره الشك في كون السنة النبوية المطهرة مصدرا من مصادر التشريع، وأنها معصومة بعصمة الله لها لقوله تعالى: "وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى"، فبأي حق يخرج الشيخ فركوس الأشاعرة والماتريدية من دائرة أهل السنة والجماعة، هذه تهمة باطلة، وصلفية مخالفة للطريقة السلفية؟. ولا يدخل في أهل السنة والجماعة -كما قال الشيخ فركوس" من ديدنه الاستهانة بجيل الصحابة رضي الله عنهم والتابعين وتابعيهم رحمهم الله، وسبّ السلف أهل الحديث والسنة، أو لمزهم أو انتقاص طريقتهم أو التعريض بهم، أو تفضيل مناهج غيرهم على منهجهم، أو النأي عن اتخاذ الصحابة رضي الله عنهم المثل الأعلى والمقصد الأسمى في معرفة الرسالة ونزول الوحي وأحوال النبوة وفهم الدين علما وعملا، ولم نقرأ عن الأشاعرة والماتريدية وتلاميذهم وتلاميذ تلاميذهم إلى يومنا هذا من أعرض عن توقير الصحابة وإجلال مقامهم، وتقدير أعمالهم وجهودهم في خدمة الوحي وحفظ السنة النبوية المطهرة، فكم في فقه مالك وعقيدة أبي الحسن الأشعري من رجوع إلى أقوالهم واقتداء بأعمالهم، فبأي حق يخرج الشيخ فركوس الأشاعرة والماتريدية من دائرة أهل السنة والجماعة، هذه تهمة باطلة وصلفية مخالفة للطريقة السلفية. ولا يدخل في أهل السنة والجماعة -كما قال الشيخ فركوس- المغالي في تقديس الأشخاص، أو القائل بعصمتهم أو المدعي اطلاعهم على الغيب، وليت شعري كيف يصدق هذا على من يقدرون الله حق قدره ويقرون بعصمته وعصمة كتابه؟!!، وليت شعري كيف يدعي المؤمنون بالغيب أن هناك من خلقه وعبيده من ينازعه في ذلك؟!! "عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددا"، إن تقديس الأشخاص وادعاء عصمتهم عادة جاهلية والأشعرية والماتريدية براء منها، فكيف يخرج الشيخ فركوس الأشاعرة والماتريدية من دائرة أهل السنة والجماعة؟ هذه تهمة باطلة وصلفية مخالفة للطريقة السلفية. ولا يدخل في أهل السنة والجماعة -كما قال الشيخ فركوس- المتبرك بالأشياء والآثار والأحجار والقبور والمبتدع في العبادات والأعياد والموالد، فأما التبرك بما ذكر من الجمادات فهو بيقين من عادات الطرق الصوفية القبورية وليس من منهج الصوفية الحقة في شيء، وأما الابتداع في العبادات فهناك إجماع على أنها كبيرة وجريرة لأن الله لا يعبد إلا بما شرع، فمن ابتدع وراء ذلك ما لم يأذن به الله فهو مردود عليه، وأما ما سماه الشيخ فركوس الابتداع في الأعياد والموالد، فعنده وعند من يتبعون مذهبه تضييق في هذا الباب لا يوافقهم عليه كثير من المسلمين لأن إظهار الحبور بطريقة خالية من الشركيات والمنهيات أمر لا غبار عليه ولا يخالف روح الشريعة الإسلامية ومقاصدها، فبأي حق يخرج الشيخ فركوس الأشاعرة والماتريدية من دائرة أهل السنة والجماعة؟ هذه تهمة باطلة وصلفية مخالفة للطريقة السلفية. ولا يدخل في أهل السنة والجماعة -كما قال الشيخ فركوس- المنحاز الموالي للكفار، وأهل الأهواء في عاداتهم وتقاليدهم وأنماط حياتهم ونظم حكمهم، ولا نعرف عن الأشاعرة والماتريدية ولا عن المسلمين من أتباع الملة الإسلامية الهادية من يفعل هذا، بل حتى من يقعون في هذا التقليد سرعان ما يعودون إلى الجادة حينما يجدون من يمحضهم النصح ويرشدهم إلى الحق "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون"، فبأي حق يخرج الشيخ فركوس الأشاعرة والماتريدية من دائرة أهل السنة والجماعة؟ هذه تهمة باطلة وصلفية مخالفة للطريقة السلفية . ولا يدخل في أهل السنة والجماعة -كما يقول الشيخ فركوس- المنساق وراء تيار التغريب والتقريب بين الأديان، والعامل على إلغاء الفوارق العقدية أو إلغاء عقيدة الولاء والبراء، أو إفساد الدين والأخلاق والمرأة بدعوى حقوق الإنسان وحقوق المرأة ونحو ذلك، ولا نظن أن هناك من أتباع هذه الأمة حقا لا ادعاء من يفعل ذلك أو يسلك سبيله، لأن وظيفة المسلم نصرة الإسلام وإثبات علويته وهيمنته على الأديان وأسبقيته في الحديث عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة وغيرها من قضايا الإنسان والحياة. فبأي حق يخرج الشيخ فركوس الأشاعرة والماتريدية من دائرة أهل السنة والجماعة؟ هذه تهمة باطلة وصلفية مخالفة للطريقة السلفية. هذا ونوافق الشيخ فركوس فيما قاله عن الجماعات الضالة المنحرفة، ممن انحرفت عن هدي الإسلام وسماحته ووسطيته وأفتت لأتباعها بمقاتلة الأمة بدعوى خروجها عن الجادة ومنازلة الحكام بدعوى مناهضة الظلم، فهذه الجماعات التكفيرية قد أحدثت في الإسلام ما ليس منه وأفسدت عرى الأخوة وأغرت الأمة بعضها ببعض حتى ضرب بعضها رقاب بعض.