قد تجذبنا الملامح، ولكن وحدها أرواح البشر من تحسم في أمر شغفنا بالآخر، وتقدم لنا عرضا مغريا للتجوال في عوالمه الخاصة، هبة سليمان غريب من المذيعات اللواتي يلفتن النظر بجمالهن ومظهرهن ليفاجئن الآخر أنهن أكثر من شكل، روحها قد تكون جوهرها النفيس إضافة إلى اهتمامها بالمجال الثقافي الذي يزيدها أناقة و جاذبية. دخلت الآونة الأخيرة الساحة الإعلامية عن طريق قناة "الأجواء"، التجربة التي ستحكيها لنا من خلال هذا الحوار وأيضا عن تفاصيل ما خلف الكواليس.
* بداية حدثينا أكثر عنك وكيف اخترت مجال الإعلام؟ – فتاة جزائرية من أصل شاوي من مواليد فيفري 1993 ترعرعت وسط عائلة متوسطة الدخل متضامنة محبة ومثقفة، بيتوتية بعض الشيء يعني أقضي جلّ أوقات الراحة بالبيت، من هواياتي الطبخ، القراءة، السفر واكتشاف الحضارات المختلفة، الموسيقى وتربية الحيوانات، صراحة أعشق الحيوانات، أحب الجمال بكل أنواعه والإعلام هو شغفه عندما يقترن الطموح بالحلم ويمتزج كلاهما بالواقع يصبح هدفك واضحا وطموحك واقعيا. لم يكن دخولي للإعلام مجرد صدفة بل عشق بزغ منذ كان عمري في حدود 14 سنة كنت في ذلك العمر أجمع عائلتي لأقدم لهم النشرة الجوية ونشرة الأخبار، وأذكر جيدا في حصة اللغة العربية كانت أستاذتي تطلب مني دائما قراءة النصوص باعتبار أن صوتي جميل ومخارج الحروف لديّ واضحة وكنت أتلقى الكثير من الملاحظات من جميع أساتذتي وزملائي أنني مهيأة لأكون مذيعة أخبار لامتلاكي خامة صوت جميلة على حدّ قولهم آنذاك، ومن المواقف الطريفة التي كانت تحدث معي أنه وعندما كنت أنتهي من القراءة في الفصل يختم زملائي قراءتي بقولهم: "شكرا على حسن المتابعة إلى اللقاء" والحمد لله قانون التجاذب كان "شغال معي" وأدركت ما تمنيت فلطالما آمنت بمقولة "ما تفكر به اليوم تغدو عليه" فالإنسان سيّد أفكاره. لن أطيل عليك سارة واصلت دراستي بالمتوسط فالثانوي فالجامعة في نفس الوقت كنا نقوم بدورات تدريبية في مجالات أخرى من بينها إدارة التسويق والمبيعات، إضافة إلى بعض الدورات التدريبية في التقديم التلفزيوني والإخباري، بالإضافة إلى كوني إعلامية ومذيعة أخبار أيضا أنا طالبة بعلم النفس.
* ما هي أبرز التحديات التي واجهتك وكيف استدركت الأمر؟ – طيب كلنا نعلم أنه لا يوجد مجال خالٍ من الصعوبات والمعيقات والتحديات بصفة عامة ومجال الإعلام بصفة خاصة سواء بفعل الطبيعة أو بفعل فاعل، وصراحة أول تحدي بالنسبة لي كان "نفسي" تحديت كسلي، تحديت مخاوفي، تحديت غضبي، والأهم تحديت غروري والأنا الأعلى. الشيء الذي ساعدني على أن أصبح إنسانة متصالحة مع نفسي وذاتي مما جعل مني شخصية تكمن قوتها في التسامح والسلام فأنا مسالمة ومتسامحة جدا مع نفسي ومع مصاعب ومعارك الحياة وحتى مع الذين ظلموني أفضل أن أشعر قلبي بحب الحياة وحب من يحبني وحب طموحاتي على أن أشغله بمصاغر الحياة التي تجعل مني شخصا سلبيا، وصراحة كل معركة تواجهني أحولها إلى تحدٍ فأنا أعشق التحدي بطبعي لأنه يخلق بداخلي طاقة رهيبة ممزوجة بالقوة والإرادة لتحقيق ذاتي وشخصي وتميزي، فالثقة في الله وفِي النفس وفِي أن حلمك سيتحقق تجعل منك إنسانا مستمرا لا تخذله الحياة حتى في الأوقات التي تعجز فيها وتفقد الأمل سرعان ما تقاوم نفسك وتتقدم نحو الأمام، فكلما كبر الحلم كلما كَبُر الشغف وزاد معه اليقين بأن الأشواك ليست سوى وهم يُصنَع بأيادٍ بشرية ويحصده الطموح الذي يرى صاحبه من خلاله في الأشواك ورودا.
* الكثير بات يعتقد أن مهنة المذيع تكمن فقط في القراءة، حدثينا أكثر عن أهم المهارات التي لا يعلمها المتلقي؟ – لا أبدا وظيفة المذيع أوسع بكثير من أن يحصرها البعض في القراءة فقط، فهي تعتمد على عدة مهارات ومقاييس أولها الموهبة الربانية ليَلِيها بعد ذلك الحضور القوي والكاريزما ثم القدرات اللغوية، فيجب على المذيع أو المقدم أن يكون صاحب لغة قوية وسليمة وأن يكون متعمقا في قواعد اللغة العربية وكذلك هو الحال إذا كانت الأخبار التي يريد تقديمها بأي لغة أخرى، على أننا نلاحظ أن كثيرين من المذيعين لا يمتلكون هذه المهارة وهذا يسبب لهم الإحراج أمام الكاميرا، بالإضافة إلى الثقافة العالية من المفترض أن يكون المذيع مثقفا لأن في بعض الأحيان يستقبل بالبلاتو أصحاب الخلفيات المختلفة وعليه أن يعرف كيف يتعامل معهم، صحيح أن هناك مُعدين يقومون بتحضير الأسئلة ومحاور النقاشات له ولكن تحصل في بعض الأحيان مداخلات غير محسوبة تحتاج إلى ثقافة وقدرة عالية على تجاوزها والتعامل معها وعليه على المذيع أن يكون دائما على اطلاع دائم بمستجدات الأخبار والأحداث وعلى دراية بما يسمى بالخلفيات .. كذلك يجب على المذيع أن يتقن ويجيد لغات أجنبية أخرى بجانب لغته تساعده على النطق السليم للأسماء الأجنبية ..أيضا سرعة البديهة والاستجابة للمواقف المختلفة والرد عليها بطريقة صحيحة في الوقت المناسب وهذا الأمر ضروري في عمل المذيع خاصة إذا كان على الهواء مباشرة فإنه قد يتعرض إلى مواقف غير محسوبة أبدا وتحتاج منه إلى سرعة تصرف كي يبدو الأمر طبيعيا، والصوت الجميل هو سر جذب المتلقي لأن خامة الصوت تلعب دورا فعالا في مدى إقناع المتلقي بالخبر، فقراءة الأخبار تهدف لتوصيل رسالة معينة في وقت قصير، كذلك لغة الجسد ولغة العيون من الركائز التي يعتمدها المذيع بالإضافة إلى التقنيات الأخرى التي تتمثل في الإيماءات وتعابير الوجه، فمثلا قراءة خبر في القطاع السياسي تختلف عن قراءة خبر في القطاع الثقافي وقراءة خبر مفرح تختلف عن قراءة خبر محزن، بالإضافة إلى طول النفس وطريقة الإلقاء وغيرها وكل هذا وذاك يأتي بالتدريب.
* هبة سلمان، هل جمالك خدمك؟ – الجمال كما أنه مفتاح يفتح بعض الأبواب الصغيرة باعتقادي فإنه يضع الكثير من العقبات والتحديات في وجه صاحبه تجعله يتعرض إلى سلوكيات مزعجة ومؤذية من أصحاب القلوب الضعيفة دون أن يقترف ذنبا سوى أنه متميز بجماله، أما بالنسبة لي فإن الجمال لا يدوم ولا يكون مصدر قوة للشخص إلا إذا توافق بذكاء وثقافة وثقة في النفس يديرونه بالاتجاه الصحيح ، لأن عمر دمى الإعلام قصير جدا ولا يستمر عمرها طويلا إلا من جعلت من ثقافتها وذكائها ركيزة تتكئ عليها ولطالما كانت رغبتي الدائمة أن ينجذب الجميع لثقافتي وشخصيتي وليس لجمالي والجمال الحقيقي هو جمال الروح ونقاء القلب.
* لجين عمران ذكرت أن أسوأ شيء في الإعلام هو الاستغلال، هل أنت معها؟ – كل مجال يتمتع بالإيجابيات والسلبيات ولجين عمران من الشخصيات المكافحة في مجال الإعلام لكونها من المجتمع السعودي ولكونها تعرضت للكثير من الانتقادات وأيضا لها عمر طويل في المجال، يعني أكيد لها دراية أكثر بخلفية هذا الموضوع، أما بالنسبة لي صراحة أنا في بداياتي ولا يسعني التعميم لكن بعد تجربتي القصيرة أؤكد لكِ أنه في هذا المجال لا يمكن أن تضعي ثقتك بأيٍّ كان ومن الأحسن أن تكون طبيعة علاقاتك علاقات سطحية وعملية فقط وأن تكوني متفطنة لكل ما يدور حولك.
* الكثير يتخوف من الوسط الإعلامي، هبة سلمان كيف تصفه اليوم؟ – سبق وقلت لك سارة لازلت في بداياتي ولا يسعني أن أحدد ماهية الوسط الإعلامي لأني أكيد لم أجرب كل شيء لكن بعد التجربة القصيرة يمكنني القول أن الوسط الإعلامي شاسع واسع فهو مزيج بين السلب والإيجاب بين الحب والكره بين المنافسة والمكائد يجمع بين المحتَرم وعديم الأخلاق وما عليك سوى أن تحترمي الجميع وتفرضي عليهم احترامك لنفسك ومبادئك وترك المسافات هو أفضل شيء.
* سمعنا عن خبر استقالتك من قناة الأجواء، حدثينا أكثر عن الأسباب ومتى نراك على الشاشة؟ – نعم بالفعل قبل مدة قصيرة قدمت طلب استقالتي لإدارة قناة الأجواء وأنا لا أنكر أبدا أن قناة "الأجواء" قدمت لي الدّعم وفتحت لي أبواب الشهرة، فلولا القناة والثقة التي وضعها فيّ المسئولون، لما وصلت إلى ما أنا عليه، وأنتهز الفرصة من أجل تقديم شكري إلى القناة التي تؤمن بقدرات الشباب وتمنح لهم الفرصة والحمد لله لازالت تجمعني بهم علاقة مودة واحترام الشيء الذي دفع بالإدارة بالاتصال بي مرارا وتكرارا للتراجع عن استقالتي، أما عن السبب فأتحفظ سارة ..ما أضمنه لك هو أنني إنسانة طموحة جدا وأحب الاكتشاف وأسعى لخوض زمام المغامرات والولوج إلى العالم العربي هو هدفي حاليا وقريبا جدا سأطل عليكم من قناة أخرى.
* ما الذي يدفعك دائما للاستمرار؟ – لكل منا قصة ولكل منا طريقته في كتابة قصته هناك من يحوّل هزيمته وخطئه وخذلانه إلى نقطة قوة تديره نحو طريق النجاح وهناك من يضعف وينسحب من أول ضربة، أما بالنسبة لي الحمد لله ثقتي في الله وفِي نفسي جعلتني أقرر كتابة قصتي بحروف من عزم وتحد وعناد ونجاح لأن طموحي كبير جدا من أن أنسحب من أول عقبة وكل مرة أضعف فيها استنجد بنجاح صورايا بوعمامة وخديجة بن قنة وحفيظ دراجي قامات الإعلام الجزائري وما وصلوا إليه من وراء التحدي فهم بالنسبة لي مثل أعلى ورمز للتحدي وهذا ما يجعلني أستمر.
* رسالتك عبر جريدة "الحوار"؟ _ أشكر جريدة الحوار على هذه الفرصة، وأتمنى أن يثق كل شاب وشابة في إمكانياته ويحاول تطويرها في أي مجال ولا ييأس من رحمة الله ولا يفسح المجال لأصحاب القلوب الضعيفة بتدميره وأن يحولوا كل معركة مع الحياة إلى نقطة قوة تزيدهم خبرة وتحدٍ وعزيمة, أيضا أتمنى أن تفتح بعض القنوات الخاصة المجال لأصحاب المواهب بتفجير الطاقات وهذا شيء يفيد جميع الأطراف, يفيد القناة، الشاب الموهوب والمتفرج, لأنه صراحة وللأسف هناك الكثير والكثير من الشباب ذوي إمكانيات جبارة مهمشين, أشكر عائلتي على رأسهم أبي وأمي لمساندتهم المستمرة, أشكر السيدة صورايا بوعمامة على دعمها الدائم وأما القسط الأكبر من الشكر فسيكون من نصيب كل من انتقدني وحاول محاربتي وأذيتي لأن هذا زادني قوة وتحدي. حاورتها: سارة بانة