لا أدري أي لحوم يريدون استرادها من فرنسا لشهر رمضان لهذا العام؟ هل هي لحوم صالحة للإستهلاك أم غير ذلك؟ هل تخلوا من الأمراض أم لا؟ ثم لماذا اللحوم من فرنسا -إن كنّا حقا في حاجةلذلك- وليس من دول إسلامية وعربية؟. وإن صح هذا الأمر، بأن الدولة الجزائرية سوف تستورد اللحوم من فرنسا فهو عين الْخِزْي والعار، ليس فقط لأنها فرنسا وما نعيشه من تدافع وتضاد سياسي وثقافي معها، بل خزي وعار علينا لأننا لم نوفق بعد رغم ما مرّ علينا من سنوات البحبوحة المالية، لتحقيق الإكتفاء الذاتي خاصة في الزراعة والثروة الحيوانية!!.
قلق السيد رئيس الجمهورية على قطاع الفلاحة مفهوم، نشاركه هذا القلق وندق معه ناقوس الخطر، بأن الشاب الجزائري لم يعد يكترث لخدمة الأرض حتى ولو كان ابن الأرض ومن عائلة فلاحية أبا عن جد.
ولهذه الإشكالية في إعتقادي أسبابها النفسية والثقافية، قبل أن نتحدث عن أسبابها الإدارية والتنظيمية والسياسية.
مهنة الفلاحة في الجزائر ضحية مفاهيم خاطئة وتصورات غير صحيحة، لأنها ارتبطت بالتخلف، والدونية في المستوى. فالفلاح ينظر إليه بأنه ابن الريف والقرية، بينه وبين أبناء المدينة أشواطا من التقدم والإزدهار!!.
الشاب الجزائري في الريف ما يزال يبحث عن نفسه، يريد تلبية رغباته وميولاته، هو حر في ذلك، لكن المشكلة أنه يعتقد بأنه يستطيع تحقيق ذلك إذا ما هرب هروبا من خدمة الأرض وعن تربية الأبقار والمواشي، ولجأ إلى المدينة يتسكع فيها صباح مساء في أعمال ذات دخل بسيط، وعائلته تجاور كنوزا من الأموال لم تستغل حق الإستغلال.
ولهذا لو تصحح المفاهيم لدى هؤلاء الفلاحين الصغار، ويُخرج الريف والقرية من عزلته، وتتوفر الإمكانات الضرورية لخدمة الأرض، وفرقنا حقا بين الفلاح الحقيقي والفلاح الإداري، لما تحكم فينا أحد بأن نستورد المنتوجات الفلاحية من أي دولة أخرى، ولحققنا الإكتفاء الذاتي على الأقل في قطاع الزراعة وتربية المواشي، ولما تشابه البقر علينا، أما سنأكله في رمضان، هل هي لحوم البقر أم لحوم من سُمّوا بها وأمروا أن يضربوا ببعضها، وكذلك يحيي الله الأمة الجزائرية.