وافق مجلس النواب المصري، بشكل مبدئي، في جلسته أمس الأحد على مشروع قانون مقدم من الحكومة بشأن «تنظيم الصحافة والإعلام»، على أن يقوم بمناقشة مواد القانون بالتفصيل، في وقت اعتبر صحافيون أن القانون يمثل محاولة لفرض مزيد من القيود على الصحافة في البلاد. علي عبد العال، رئيس البرلمان، قال خلال الجلسة : «تم عرض مشروع القانون على كل الجهات المعنية التي أبدت رأيها، ولم يكن هناك استعجال في إصداره». وكانت لجنة الثقافة والإعلام والآثار في مجلس النواب، استقرت على تقسيم مشروع القانون المقدم من الحكومة إلى 3 مشروعات قوانين منفصلة، الأول يتعلق بالهيئة الوطنية للصحافة وتنظيم الصحف القومية المملوكة للدولة، والثاني يختص بالهيئة الوطنية للإعلام وتنظيم وإدارة الإعلام المرئي والمسموع المملوك للدولة، والثالث يتعامل مع تنظيم وترخيص وسائل الإعلام الخاص ومسؤوليات واختصاصات المجلس الأعلى للإعلام في إصدار التراخيص للصحف الخاصة، والقنوات الخاصة، والمواقع الإلكترونية الخاصة. رئيس المجلس، أشاد بالقانون، واعتبر أنه ينظم العمل الصحافي في مصر في إطار نصوص الدستور. وبين أن «البرلمان راجع مشروع القانون أكثر من مرة من أجل تنقية القانون من كل عقوبة تقيد الحرية، فى إطار الحرص على احترام حرية الصحافة والإعلام» نصوص مشبوهة في المقابل، أوضح عمرو بدر عضو مجلس نقابة الصحافيين المصريين ، أن قانون تنظيم الصحافة والإعلام الجديد، «كارثي ومُعادِ للحريات». وأضاف إن «المواد 4 و5 و19 نصوص مشبوهة ومطاطة»، مؤكداً أن «ليس لها معنى واضح، وتستخدم كلمات مثل: التعصب، والكراهية، والتعرض للأديان، والمواد الإباحية، وممارسة نشاط مُعادٍ للديمقراطية، والتعرض للحياة الخاصة للمواطنين والمسؤولين». وتابع: «إنها كلمات غير منضبطة وبلا تعريفات واضحة». وحسب المصدر «المادة 19 من القانون، تمنح المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام حق وقف الصفحات الشخصية على فيسبوك وتويتر والمدونات وغيرها، إذا تعدى عدد المتابعين 5 آلاف متابع، حال الوقوع في خطأ أو جريمة من الجرائم السابقة»، واصفًا ذلك ب«الكارثة الجديدة». ورأى أن هذا القانون «كارثة» على المهنة، وعلى الحريات بشكل عام، مشددًا أن رأيه يأتي بصفته عضوًا مُنتخبًا في مجلس نقابة الصحافيين، حملته الجمعية العمومية للنقابة أمانة تمثيلهم. سيطرة على الإعلام أما خالد البلشي، وكيل نقابة الصحافيين السابق، فبين أن «القانون الجديد لتنظيم الصحافة والإعلام، الذي تجري مناقشته، يعطي للمجلس الأعلى للإعلام سلطات واسعة لعقاب كل من يكتب، وفرض عقوبات حتى على المواطنين الذين يكتبون على صفحاتهم الشخصية، وفرض عقوبات مالية على الصحافيين، بخلاف العقوبات الأخرى، ودون العودة للنقابة». وأضاف، على حسابه الشخصي في موقع التواصل الاجتماعي «الفيسبوك»، أن «القراءة الأولية في مشروع القانون، تقول إن الصحافيين أصبحوا أمام استكمال لعملية الهيمنة على الصحافة، واستكمال تدشين عملية مصادرة الكلام»، مؤكداً أن ذلك «يظهر بوضوح في أغلب نصوص القانون، التي توسعت في الاستثناءات بدعاوى الأمن القومي، وبعبارات فضفاضة، مثل: التحريض على مخالفة القانون أو الدعوة للتعصب وغيرها أو بالإحالة للائحة». وأكد أن «البرلمان، يكتب آخر مراحل السيطرة على الإعلام ومصادرة الكلام بإصدار حزمة قوانين (3 قوانين جديدة) لتنظيم الصحافة والإعلام وهيئاتهما». وواصل: «بعد أقل من عام من إصدار قانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام، الذي أُنشئت بمقتضاه الهيئات الحاكمة للإعلام، يناقش البرلمان قانونا جديدا يلغي القانون السابق، بخلاف قانون تنظيم الصحافة والإعلام، بعد ضم المجلس الأعلى للإعلام له». استهداف الفيسبوك وأوضح أن «القوانين الثلاثة ترسم المشهد الأخير في مرحلة السيطرة على الإعلام والنشر بشكل عام، حتى على الصفحات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي»، لافتاً إلى أن القانون «يفتح الباب لمطاردة الكلام حتى على فيسبوك، ويُقنن الحجب، ويتوسع في العبارات المطاطة لمعاقبة الصحافيين والسيطرة على مهنة الكتابة، فضلًا عن أنه يفتح الباب للتخلص من المؤسسات القومية، عبر إلغاء مؤسسات أو دمج إصدارات». واستطرد أن «البند رقم 23 من نص المادة الخامسة من مشروع قانون الهيئة الوطنية للصحافة المعروض على مجلس النواب، يعطي لها حق دمج وإلغاء المؤسسات والإصدارات الصحافية داخل المؤسسة الواحدة»، وذلك طبقًا للنص المنشور». وأشار إلى أن «القانون الجديد للهيئة، قلّص عدد أعضائها إلى 9 فقط، بينهم 3 يختارهم رئيس الجمهورية، بينهم رئيس الهيئة وممثل للمالية و 2تختارهم نقابة الصحافيين، وممثل لمجلس الدولة، وممثل للعاملين». ووفق المصدر «تم تقليل عدد المُنتخبين في الجمعية العمومية، وصار رئيس الهيئة عضوًا في الجمعية العمومية لكل مؤسسة، ومعه ثلاثة من أعضاء الهيئة». الدمج والبيع محمود كامل عضو مجلس النقابة، قال، إن «المؤسسات الصحافية القومية في طريقها للدمج والبيع، على خلفية إقرار هذا القانون»، مؤكدًا أن «مواد تشكيل الجمعية العمومية ومجلس الإدارة والقانون في مجمله، عليه ملاحظات كثيرة، مضيفًا: «سندفع ثمنًا كبيرًا من مستقبلنا». كذلك، دعا محمد سعد عبد الحفيظ، عضو مجلس نقابة الصحافيين، المجلس إلى اجتماع عاجل لمناقشة هذه الكارثة التي ستحل على الجميع، ودعا أعضاء الجمعية العمومية للنقابة إلى التصدي لهذا القانون ولو بالنشر. وقال «لم يعرض القانون بصياغته الحالية على مجلس نقابة الصحافيين، ولم تبد النقابة رأيها في مواده، ما يخالف المادة 77 من الدستور التي نصت على أن»يؤخذ رأي النقابات المهنية في مشروعات القوانين المتعلقة بها». وأوضح أن «الصياغة الأولى التي أطلع عليها مجلس نقابة الصحافيين ودون ملاحظاته عليها، ودخلت البرلمان لم تعجب جهات في الدولة، فأرادت أن تضيق من مساحات الحريات والضمانات الممنوحة للصحافيين في مشروع القانون الأول، وبناء عليه تم تعديل القانون بما يدعم هذا التوجه، وقسم إلى 3 مشروعات، وربط كل مشروع قانون بهيئة من الهيئات الإعلامية حتى يعاد تشكيلها ويعاد تعيين رؤساء مجالس الإدارات ورؤساء التحرير». واعتبر أن «المادة 19 في القانون تمثل خطرا حقيقيا، حيث نصت على أن «يحظر على الصحيفة أو الوسيلة الإعلامية أوالموقع الألكتروني، نشر أو بث أخبار كاذبة أو ما يدعو أو يحرض على مخالفة القانون أو إلى العنف أو الكراهية، أو ينطوي على تمييز بين المواطنين، أو يدعو للعنصرية، أو التعصب أو يتضمن طعنا في أعراض الأفراد أو سبا أو قذفا لهم أو امتهانا للأديان السماوية أو للعقائد الدينية. واستثناء من حكم المادة الأولى من مواد إصدار هذا القانون ، يلتزم بأحكام هذه المادة كل موقع الكتروني شخصي أو مدونة الكترونية شخصية أو حساب الكتروني شخصي يبلغ عدد متابعيه خمسة آلاف متابع أو أكثر. ومع عدم الإخلال بالمسئولية القانونية المترتبة على مخالفة أحكام هذه المادة يجب على المجلس الأعلى اتخاذ الإجراء المناسب حيال المخالفة وله في سبيل ذلك ، وقف أو حجب الموقع أو المدونة أو الحساب المشار إليه بقرار منه». ووفق المصدر «الهدف من هذه المادة هو كتم أي رأي وحجب الصحافة والإعلام، بما يتماشى مع توجهات النظام الجديد». وتابع «مؤسسات الدولة المختلفة تكره الصحافة خبرا ورأيا، وتود لو تعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل قرون، فإعلام الناس بما يجري صار جريمة عند معظم مؤسسات الحكم، وأصبح الأصل هو عدم النشر في معظم الموضوعات». واعتبر صحافيون أن هذا القانون سيزيد أوضاعهم سوءا، في وقت، احتلت مصر المرتبة 161 في مؤشر حرية الصحافة لعام 2018 الذي أصدرته منظمة مراسلون بلا حدود. وتقول المنظمة في تقريرها، إن الحرب على الإرهاب التي تشنها مصر أصبحت السلاح الأساسي للنظام في ملاحقة الصحافيين، مشيرة إلى أن جميع وسائل الإعلام المستقلة والصحافيين معرضون للاتهام بالإرهاب. وقالت إن مصر تسجن حاليا أكثر من 30 صحافيا، والاتهامات التي تواجههم غالبا ما تكون غامضة، كتهم الانتماء إلى جماعة إرهابية أو نشر أخبار كاذبة.