قراءة جديدة للقرآن يعرضها المحللان السياسيان الفرنسيان من أصل مصرى بهجت النادى وعادل رفعت تحت اسم مستعار مشترك، وهو محمود حسين، في كتابهما الأخير الذي صدر باللغة الفرنسية بعنوان ''رحلة تأمل في القرآن وأسباب نزوله''. يطرح الكاتبان سؤالاً حول مدى إمكانية وضع القرآن الكريم موضع إعادة تفكير، هذه النصوص المقدسة التي أنزلها الله على الرسول الكريم منذ قرون عدة، ليس الأمر بهذه البساطة بلا شك كما يعترف مؤلفا الكتاب. وآيات القرآن الكريم قد نزلت في تاريخ بعينه ومكان بعينه وسياق بعينه، ولفهمها بعمق يتحتم الرجوع إلى الظروف التي نزلت فيها هذه الآيات، والأسئلة التي تحاول الإجابة عليها، وهو أمر لابد من بلوغه لاستيعاب الرسالة الحقيقية التي يحملها القرآن. يصل محمود حسين إلى اكتشاف كيف كانت عقلية المسلمين الأوائل في تلك الحقبة أكثر انفتاحاً وتحرراً من اليوم، فقد عاشوا ظهور الإسلام كبداية لعصر التحرر من قيود العقلية القبلية، ومن هنا جاء هدف الكتاب، وهو التأمل وإعادة التفكير في الظروف التي نزل فيها هذا الكتاب الكريم. وفي مقال حول الكتاب نشرته مجلة باريماتش الفرنسية، يتساءل الأديب المغربي الشهير طاهر بن جلون حول ما إذا كان يجب فهم الآيات القرآنية فهماً حرفياً أم يجب استيعابها بالفعل في إطار مجازي أكثر شمولية، مشيراً إلى هذا النوع من الجهل حول القرآن الذي يزداد ويتحول إلى فخ من الغطرسة يقع فيه المتشددون، معتقدين أن الأمر يتعلق بقراءة النصوص قراءة حرفية كما هي، دون محاولة النظر إلى الأمور بعقل أكثر تفتحاً واستنارة، وهو ما يدعو له بالفعل الله سبحانه وتعالى مؤمنيه من ضرورة إعمال العقل والتفكير واستخدام الإنسان لذكائه الذي أنعم به عليه لفهم العالم. فمن يقرأ القرآن بعين شفافة وبقلب ذكي، يعي جيداً أنه أكثر النصوص رفضاً للتشدد والتعصب والجهاد في صورة قتل الأبرياء وكل أشكال العنف السياسي الذى يبتعد عن الرسالة الحقيقية للإسلام كدين سلام. أما الجديد فى هذا الكتاب، فيكمن في رأيه في عرضه للأفكار دون الاستعانة بعناصر خارجية أو دون تقديم دروس إنما بالرجوع إلى النصوص القرآنية ذاتها. وهو ما أشارت إليه صحيفة لوموند الفرنسية من أن مرجعيتهما في هذا الكتاب كانت بالأخص الآيات التي تضع النص في سياقه التاريخي. وتضيف أن الكتابة عن القرآن لم تكن فكرتهما الأولى، فلم يكنا على استعداد للدخول في اتهامات من قبل المتشددين، ولذلك فقد عكفوا سنوات على قراءة السيرة، والتي أثمرت عن إصدار كتاب بنفس الاسم ''السيرة'' في جزأين. تصف الصحيفة هذا العمل بأنه يتمتع بأسلوب واضح وجلي يتحدث عن الرسول ورسالته ويعطي صورة عن الرسول الكريم من خلال بعدين إنسانى وتاريخي.