بن بادة: المشاركة في سوق موريتانيا فرصة ذهبية للجزائر مهماه: موريتانيا تمثل العمق الاستراتيجي للجزائر إفريقيا هارون: دخول الأسواق الإفريقية سيحرك عجلة الاقتصاد الوطني آيت علي: كسب السوق الإفريقية مرهون بالجودة والنوعية نصيرة سيد علي استعرضت 170 شركة جزائرية، أمس، بالمعرض الدولي للتجارة بموريتانيا مختلف منتجاتها، في هذا العرس الافريقي، الذي جمع تحت مظلته كبرى المؤسسات المنتجة العالمية، القافلة التجارية التي نقلت بضائع المؤسسات الجزائرية دخلت إلى الأراضي الموريتانية عبر المعبر الحدودي الذي افتتح مؤخرا الذي يربط الجزائربموريتانيا عبر ولاية تندوف، بغية فتح الطريق للمنتجات الجزائرية نحو أعماق إفريقيا، القافلة تدخل ضمن عملية تعزيز الشراكة الأخوية بين الجارتين الشقيتين، الجزائروموريتانيا، بهدف بعث العلاقات التجارية والاقتصادية للبلدين. فهل المشاركة الجزائرية في الفضاء التجاري الموريتاني بوابة نحو الولوج إلى السوق الافريقية الحرة؟ وهل الشركات الجزائرية بإمكانها فرض نفسها في هذه السوق المعلنة مؤخرا، وهل هي قادرة على منافسة القوى الكبرى التي تنشط في القارة السمراء؟؟، وهل المنتجات الجزائرية محل جذب ذوق المستهلك الافريقي..؟؟؟ أسئلة حملتها “الحوار” إلى وزراء سابقين وخبراء اقتصاديين، الذي أكدوا ضرورة بناء نسيج اقتصادي جزائري قوي إفريقيا يستند على قاعدة صلبة. المشاركة الوطنية في معرض نواقشوط سيطور الصادرات الجزائرية وفي السياق، أكد وزير التجارة الأسبق، الدكتور مصطفى بن بادة، أن المؤسسات الجزائرية التي ستشارك في معرض نواقشوط الدولي تعد فرصة ذهبية للجزائر، واعتبر بن بادة المعبر الحدودي الجديد الذي دخل قيد الاستغلال منذ مدة، قناة تسمح بتمرير المنتجات الجزائرية على تنوعها إلى دول الجوار من الناحية الجنوبية، ومنها نحو البلدان الفضاء الافريقي الواسع، مشيرا إلى أهمية البعد الإفريقي في هذه العملية الذي قال بشأنه إنه سيساهم في عملية تطوير الصادرات الجزائرية، رغم شراسة المنافسة في السوق الإفريقية، مؤكدا أن على الشركات الوطنية ضرورة أن تكون جد حذرة حتى تجد لها مكانة لها بإفريقيا، وأوضح بن بادة أن الجزائر تتوفر على متعاملين اقتصاديين من الشباب القادرين على إثبات جدارتهم، متمنيا أن تلقى المنتجات الجزائرية بهذا المعرض صدى طيبا من طرف الدول الافريقية المشاركة، وعلى مستوى الدول المجاورة، وتنال ذوق المستهلك، وقال المتحدث ذاته إن الشركات الجزائرية المشاركة كانت قد سبقتها قافلة أخرى، ولو أنها كانت محتشمة، ضمت مجموعة من المتعاملين الاقتصاديين الذين قاموا بعرض ما تجود به مؤسساتهم من مختلف أنواع المواد، آملا أن تتكرر المشاركة الجزائرية في العارض الإفريقية، وهي مدعوة لأن تفرض نفسها، نظرا لشراسة المنافسة من العديد من الدول التي تسبح في الفضاء الافريقي كغانا ونيجيريا، لتعزيز قدراتها في القارة السمراء. مشاركة الجزائر في الأسواق الجزائرية يتطلبها المنظور الاقتصادي من جهته، قال الخبير الاقتصادي بوزيان مهماه، إن تموقع الجزائر في الأسواق الخارجية ضرورة يقتضيها منظور التنويع الاقتصادي الوطني من خلال إنشاء مزيج من التنويع، وخاصة التنويع في الأسواق والشركاء وأنماط التجارة والتبادلات الخارجية المستقبلية، ومن أهم الأسواق في العالم اليوم توجد السوق الإفريقية، وسوق جنوب الصحراء التي تنطلق من نواقشوط (موريتانيا) غربا، وتمتد حتى البحر الأحمر شرقاً، فالقارة الإفريقية رغم مخلفات الاستعمار البشع، ورغم الثقافة الاستعمارية المسيطرة التي تنظر إلى إفريقيا على الدوام كمصدر للموارد الثمينة والنجوم الرياضية وسوقا لتصريف السلع الاستهلاكية الرديئة الجودة، ورغم التهميش العالمي لها على مر العقود الماضية، فقد أخذت تكتسب أهمية متزايدة وبعدا استراتيجيا في السنوات الأخيرة، فتقارير المؤسسات العالمية أصبحت تشيد بمستويات النمو الاستثنائية التي أضحت تحققها العديد من الدول الإفريقية، إضافة إلى سرعة النمو التي تكتسح الأسواق الإفريقية، حتى صعد الحديث عن نموذج تنموي جديد أطلق عليه اسم “منغنيز” كنظير لمجموعة “البريكس”، إضافة إلى بروز نخبة من رجال الأعمال الأفارقة، وطبقة ناشئة من رواد الأعمال الشباب في القارة الإفريقية، وهذا ما زاد من حدّة التنافس الجديد بين أهم القوى الاقتصادية العالميّة على الفضاء الاستراتيجي للقارة، لا سيما الصين والولايات المتّحدة الأمريكية وروسيا وتركيا، والتي تسعى كلها لتعزيز نفوذها واستيعابها للمقدرات الإفريقية بما يحقق مصالحها ويجعلها تستميل الكتلة الإفريقية لصالحها بما يضمن لها آفاقا لتحقيق أكبر قدر من المكاسب. ميزان المنافسة يؤخذ بناءً على تطوير منظور غير تقليدي وانطلاقا من هذا الوقع المتصاعد والمتشعب، أوضح مهماه أن ميزان المنافسة على مستوى القارة الإفريقية ينبغي أن يؤخذ بناءً على تطوير منظور جديد ذكي وغير تقليدي، يأخذ في الحسبان ميزاتنا الاستراتيجية كدولة جوار لمنطقة الساحل، ولتكن موريتانيا خير مثال في ذلك، فموريتانيا تمثل بالنسة لنا أهم عنصر من عناصر العمق الاستراتيجي للجزائر إفريقيا، والذي ينبغي تعزيزه وتقويته وتثمينه، لذا ينبغي النظر إلى التعاون الجزائري الموريتاني من المنظور الاستراتيجي لتنمية المنطقة الحدودية للجنوب الغربي الجزائري، وكذلك توفير سبل بعث التنمية لجارتنا موريتانيا على مستوى مناطقها الشمالية، فمثلا الطريق الدولي السيار “تندوف –شوم” من شأنه كسر العزلة عن مناطق شاسعة في شمال موريتانيا، وهي مناطق لا زالت منسية وبعيدة عن رقابة الحكومة المركزية بنواقشوط، فوجود طريق معبدة عامرة بحركة النقل، ستوفر مساحة عبور دولية آمنة، وستكون الوسيلة الأنجع لمواجهة الجريمة العابرة للساحل الصحراوي، حيث أن الصحاري الشاسعة تعدّ الملاذ الآمن لشبكات تهريب المخدرات وتجارة السلاح وتجارة البشر والجريمة العابرة للقارات. ومن هذا المنظور الاستراتيجي، ينبغي تناول موضوع التبادل التجاري مع الدولة الجار موريتانيا. وما مشاركة ال 170 متعامل اقتصادي جزائري في المعرض الدولي لنواقشوط إلا بداية تؤسس بجد لمسارات الولوج إلى العمق الإفريقي والوصول بمنتوجنا الصناعي في صناعة المركبات بمختلف أنواعها، وخاصة العتاد الفلاحي منه، وكذا صناعة الآلات الميكانيكية والصناعات الغذائية وصناعة العتاد وصناعة المواد الصيدلانية وشبه الصيدلانية. على الجزائر أن تحظى بمشاريع بأرض موريتانيا وعلى صعيد مماثل، قال الخبير الاقتصادي الدولي الدكتور هارون عمر إن الجزائر اليوم تعيش مرحلة جديدة، وبدخولها الأراضي الإفريقية يعد كتوجه قادر على تحريك عجلة الاقتصاد في الجزائر، موضحا أن هذا التوجه يستطيع أن يمنح الجزائر آفاقا جديدة في ظل فتح المعابر بشكل قانوني مع الجارة موريتانيا التي نستطيع مع الوقت استثمار الخبرات التي اكتسبتها المؤسسات الجزائرية في بناء وتشييد المنشآت القاعدية الكبرى. إن الواقع اليوم، يضيف هارون عمر، يؤكد أن السوق الإفريقية تعد من أهم الأسواق القادرة على النمو بشكل جعل التنافس مع قوى اقتصادية دولية كالصين وفرنسا واقعا خلق تنافسا كبيرا وحاجة عميقة للتعامل بطريقة سياسية مع الموضوع من خلال البحث عن عقود تفضيلية للمنتجات والمؤسسات الجزائرية. إن مشاركة الجزائر في المعارض، يقول المتحدث ذاته، غير كاف إن لم يرافقه دعم من الحكومة الجزائرية مع نظيرتها الموريتانية من أجل منح الجزائر جزءا من المشاريع الموجودة في الجارة، هذا العامل الذي يحدد نجاح التعاون مع الجانب الموريتاني. دعوة نحو إنتاج مواد الخام في العملية التصنيعية اعتبر الخبير الاقتصادي فرحات آيت علي مشاركة الشركات الجزائرية في السوق التجاري المنظم بالدولة الشقيقة موريتانيا أمس فرصة للشركات الجزائرية للعمل على تكريس مبدأ الجودة والنوعية، بما يجعلها في مستوى تنافس ما ستستعرضه المؤسسات الانتاجية العالمية التي تتوفر على أفضل المنتجات التي تستجيب إلى معايير الجودة والنوعية، بما يضمن لها البقاء والاستمرارية في الأسواق التي على الشركات الوطنية السهر على كسبها وضمان سير لمنتجاتها في أروقتها، داعيا تلك المؤسسات الانتقال من عملية استيراد المواد التي تدخل في عملية التصنيع من الصين وإعادة تركيبها، ونقوم بتصديريها، إلى امتلاك المواد الخام واستخدامها في العملية التصنيعية، مشيرا إلى أن الجزائر مدعوة لأن تكون في مقدمة الركب السوق الافريقية، وذلك مرهون، كما قال، بتخطيط استراتيجي شامل.