أكد الخبراء في الطاقة في حديثهم ل “الحوار” على أن قرار توقف الجزائر عن استيراد البنزين لأول مرة في تاريخها سيؤدي بها إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من فائض الإنتاج، معتبرين هذا الإجراء قفزة نوعية للاقتصاد الوطني بما سيسمح للميزان التجاري بتوفير أكثر من 2 مليار دولار سنويا كانت تنفقها الجزائر لشراء الوقود من إسبانيا وفرنسا وإيطاليا، وأرجع هؤلاء الخبراء أسباب ذلك إلى زيادة إنتاج مصافي التكرير، وشراء مصفاة “أوغوستا” الإيطالية، والتي كانت مملوكة لشركة “اكسون موبيل” الأميركية. هذه هي المحاور التي أدت إلى تخلي الجزائر عن استيراد البنزين وفي السياق، قال الخبير الاقتصادي بوزيان مهماه في تصريحه ل “الحوار” إن توقف الجزائر عن استيراد الوقود يعد خطوة هامة وحاسمة تحققت نتيجة إصرار سوناطراك على ضمان قيامها بمهمتها الأساسية كممون للسوق الداخلية بالإمدادات الطاقوية، واضطلاعها بمسؤولياتها لاستيفاء حاجات السوق الوطنية بمختلف الموارد الطاقوية، وأن هذا المسعى الذي بدأ تجسيده فعليا كان منذ شهر مارس 2018، أين توقفت الجزائر على استيراد الوقود، وقد تحقق ذلك حسب المتحدث ذاته نتيجة جهود حثيثة لتنفيذ مخطط عمل طموح، تم مباشرة العمل به منذ سنة 2014، وقد شمل خمسة محاور، تمثل المحور الأول في العمل المشترك بين قطاع الطاقة ممثل في سوناطراك، وقطاع المالية ممثل في الجمارك، بهدف إقرار العمل بطريقة “البروسيسينغ”، معالجة النفط الخام بالخارج لصالح المجموعة الوطنية”، وقد توج هذا التنسيق بوضع جهاز تنظيمي منظم لعملية شحن الشحنات النفطية نحو نقاط التكرير المتعاقد معها، ثم استرجاع المكافيء لها والمستخلص على شكل وقود، يشتمل هذا الجهاز التنظيمي على جوانب قانونية وتشريعية وتقنية وإدارية تضمن في مجموعها شرعية العملية، ومراقبة مختلف مراحلها والتدقيق في سلامتها وضمان التحقق من موازنتها المادية والمالية وحصيلتها المحاسبية، فيما تمثل المحور الثاني في الوصول إلى التعاقد مع مجموعة فيتول السويسرية لتكرير الخام النفطي الجزائري، ثم استعادته من طرف شركة سوناطراك على شكل وقود، بينما حصر المحور الثالث في التمكن من شراء مصفاة اوغيستا الإيطالية المتواجدة بجزيرة صقيلية، التي لها قدرة تكرير تقدر ب10 مليون طن سنويا، وهي قدرة هامة تأتي في المرتبة الثانية ضمن مواقع سوناطراك بعد مصفاة سكيكدة (16 مليون طن)، وقد انتقلت ملكية محطة التكرير هذه إلى سوناطراك في نهاية سنة 2018، هذه المصفاة بإمكانها معالجة 85 ألف برميل يوميا من خام صحاري الجزائري بكفاءة عالية، تُنتج وقودا ذي جودة تستجيب للمعايير الأوروبية «أورو 5». المحور الرابع: توسعة قدرات محطة التكرير لسيدي رزين بالعاصمة، وكذا بعث مشاريع جديدة، على غرار محطة التكرير بحاسي مسعود، بطاقة 5 مليون طن، هذه المحاور الخمسة من العمل، مكنت الجزائر من الوصول الى وقف شراء الوقود من الأسواق الدولية، وبالتالي توفير 2 مليار دولار على الأقل في ميزان التجارة الخارجية لصالح الجزائر، وسيمكننا كل هذا لاحقا بإذن الله من توفير فائض في إنتاج الوقود.
في انتظار استراتيجية سوناطراك بعد تنحي رئيسها من جهته، أكد الخبير الاقتصادي الدكتور هارون عمر، أن إبرام صفقة المصفاة وتخلي الجزائر على استيراد البنزين أثارت حال الإعلان عليها الكثير من اللغط كوننا لم نتعود على مثل هذه المبادرات خلال السنوات الماضية، ولعل الصفقة التي كانت مع فرع شركة إكسون موبيل الأمريكية بإيطاليا بحوالي المليار دولار بطاقة إنتاجية قدرت ب 565 ألف برميل من المازوت، و309 آلاف برميل من البنزين، ويكفي أن نقول إن الجزائر كانت تستورد سنويا 2 مليار دولار بنزين لتحقيق الاكتفاء، ولعل أهم الهواجس التي كانت أطلقت السنة الماضية وشككت في الصفقة هي ما تعلق بعمال المصفاة والتلوث البيئي الذي يجب أن تتحمله سوناطراك نظرا للمعايير الصارمة في المجال، وقدرت سوناطراك على تسيير المصفاة، وكانت سوناطراك بددت كل هذه المخاوف وأكدت أنها درست كل هذه النقاط ولا خطر منها، وأضاف المتحدث ذاته إن الشيء المؤكد منه أن سوناطراك كانت تنوي الشراكة مع اكسون موبيل لتطوير أنبوب يربط أوروبا بالجزائر كوننا لا نزال نصدر الغاز عبر الأنبوب المغربي إلى أوروبا، لكن تغير المدير العام لسوناطراك سيجعلنا ننتظر الاستراتيجية الجديدة للمجمع بعد الحراك الشعبي الذي تعيشه الجزائر منذ 22 فيفري الماضي. نصيرة سيد علي