رئيس الجمهورية يكشف: ورشات تعديل الدستور ستبث على المباشر * التعديل سيكون عميقا وشاملا * ملتزم باستكمال مطالب الحراك * الجزائر لن تدخر جهدا لإحلال السلم في البلدان المجاورة * المجلس الدستوري خلق في ظرف قصير نسبيا * إنشاء مركز للدراسات والبحوث الدستورية قال رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في رسالة وجهها لأعضاء المجلس الدستوري، إن الجزائر تستعد لتعديل الدستور وفق منهجية مدروسة، كاشفا في رسالته التي قرأها نيابة عنه المستشار بوعلام بوعلام، بمناسبة احتفال المجلس الدستوري بمرور ثلاثين عاما عن إنشائه، أن ورشات تعديل الدستور ستبث مباشرة عبر مختلف وسائل الإعلام. وجاء في رسالة رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أن الاستعدادات لتعديل الدستور تأتي مع تزامن انطلاق مشاورات مع شخصيات وطنية حول هذا المسعى، مع تكليف لجنة صياغة أوكلت لها مهمة تحضير أرضية تعديل الدستور تتشكل من خبراء ذوي مستوى علمي عال ورفيع، على أن يعقب ذلك نقاش واسع على عدة أصعدة، سواء من خلال مناقشته داخل البرلمان، والتي ستبث مباشرة عبر مختلف وسائل الإعلام حتى يتمكن المواطن من المشاركة في النقاش حول مختلف محاور التعديل، كما سيشمل النقاش مختلف مشارب الطبقة السياسية والمجتمع المدني قبل إجراء الاستفتاء حول تعديل الدستور. كما حملت رسالة الرئيس تبون تأكيده على أن التعديل سيكون عميقا وشاملا، وهو ما عبر عنه قبل الانتخابات الرئاسية باعتبارها خطوة أساسية نحو الجمهورية الجديدة التي يحتل الدستور فيها الأولوية الكبرى. مشيرا إلى أن الهدف المتوخى هو بناء دولة قوية يتساوى فيها المواطنون أمام القانون، ويمارسون فيها حقوقهم بكل حرية، كما تهدف إلى مسايرة ومرافقة مسار انفتاح المجتمع الجزائري على العصرنة في ظل احترام قيمه الحضارية، والعمل على استقراره وتجنيبه الاضطرابات التي تنخر البلدان الشقيقة والصديقة، وكذا العديد من الدول العالم التي تشهد تحولات عميقة، ولذلك أشار الرئيس في رسالته لذلك قائلا: “ان منهجيتنا في تجسيد هذه النظرة تقوم على أسس متينة وثابتة، بعيدا عن كل تسرع أو تقليد أو ارتجال، الأمر الذي من شأنه تجنيب بلدنا الكثير من المتاعب، والجزائر لن تدخر جهدا في سبيل إحلال السلم والاستقرار وحل النزاعات وتسوية الخلافات في البلدان المجاورة كمالي وليبيا، أو في مكان آخر، وهو مبدأ راسخ في السياسية الخارجية للدولة الجزائرية”. وأضاف الرئيس تبون أن تعديل الدستور يمليه التزامنا بضرورة التعبير عن طموحات الشعب جراء التغيرات التي أفرزها الحراك الشعبي المبارك، والذي أكد على التزامه باستكمال مطالبه وكل المستجدات التي ترتبت عن الوضع الجديد في بلادنا على المستوى السياسي، الاجتماعي والاقتصادي وحتى الدولي. هذه هي مرتكزات تعديل الدستور واعتبر رئيس الجمهورية، من خلال رسالته، أن خيار تعديل الدستور يعد محطة أولى ضمن رؤية شاملة ترمي إلى تعزيز الصرح المؤسساتي للدولة، ويصب في مسعى تمكين مجتمعنا من التحرر تدريجيا والتحكم في مقاييس العصرنة في إطار قيمنا الحضارية، هذا الخيار يعبر بحق عن بناء مشروع مجتمع عصري، قال الرئيس تبون انه انطلق في إنجازه بخطى حثيثة وثابتة، ومشروع مجتمع يقوم أولا وقبل كل شيء على تعزيز الاستقرار للبلاد وتدعيم الانسجام والوفاق الوطني انطلاقا من الإعداد لدستور يقوم على مرتكزات وجدت توافقا وطنيا حولها تتمثل أساسا في حماية حقوق وحرية المواطن، وأخلقة الحياة السياسية والعامة، ومكافحة الفساد بكل أشكاله، وتعزيز مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها، وترقية دور البرلمان في مراقبة عمل الحكومة، وتعزيز المساواة بين المواطنين أمام القانون، وتكريس الدستور لآليات مراقبة وتنظيم الانتخابات وتقنين المجال الإعلامي وتحسين نوعية الحكامة وترقية الديمقراطية التشاركية. وأشار الرسالة إلى التزام الجزائر بضمان الاحترام الصارم للدستور تسعى إلى تطوير الصرح المؤسساتي من خلال تعزيز نصوصها الدستورية وفرض احترامها من قبل الجميع مواطنين وسلطات عمومية على حد سواء. ومن هذا المنطلق، أشاد الرئيس تبون بالدور الذي لعبه المجلس الدستوري في المرحلة الأخيرة، مذكرا بالمكانة التي تتبوؤها المؤسسة المكلفة بالرقابة الدستورية في النظام المؤسساتي الجزائري، فهي مؤسسة سيادة تتمتع بالاستقلالية الإدارية والمالية، وتحظى قراراتها التي تستند للدستور كمرجع أساسي لها بالتطبيق الصارم من قبل السلطات العمومية، إذ يسهر المجلس الدستوري على مطابقة النصوص التشريعية والتنظيمية للقانون الأسمى للبلاد وهو الدستور، بالإضافة إلى مراقبة صحة العملية الانتخابية.
إنشاء مركز للدراسات والبحوث الدستورية وأشار الرئيس تبون إلى أن المجلس الدستوري عرف كيف يخلق في ظرف قصير نسبيا توافقا حول مكانته ودوره في البناء المؤسساتي، وإلزامية قراراته، وتبقى مشاركته الفعالة في تعزيز وترسيخ دولة القانون حافزا قويا في مسيرته الدؤوبة لدعم وترسيخ الديمقراطية في بلادنا، كما يتجلى هذا الالتزام من خلال إنشاء مركز للدراسات والبحوث الدستورية تابع للمجلس الدستوري، وإنشاء شبكة علاقات واسعة من شأنها تكثيف وتوطيد علاقة التعاون مع الهيئات المماثلة ومختلف الفضاءات التي تعنى بالرقابة الدستورية على الصعيدين الاقليمي والدولي، وبهذا يكون المجلس الدستوري قد حقق انفتاحه على الوسط الجامعي، ليس بإشراكه الباحثين في مجال القضاء الدستوري فحسب، وإنما بتحقيق ونشر الثقافة الدستورية السليمة على نطاق واسع وبين المواطنين. وأضاف الرئيس أن تسارع الأحداث في العقود الأخيرة بين مدى التطور المتسارع الذي يسود العالم والرغبة الملحة على إعادة تشكيله وفق القانون وقيم العدل والإنصاف وضمان الحقوق والحريات يكشف أن معاناة قارتنا الإفريقية وعالمنا العربي والإسلامي من وطأة الاضطرابات وعدم الاستقرار، إلا انه يسودنا الأمل في أنهما يستطيعان كسب الرهانات الكبيرة ومواجهة التحديات التي يفرضها التطور المتسارع الذي يشهده عالم اليوم، ويتجلى ذلك أكثر في ما حوته الكثير من بلداننا من استيعاب للمفاهيم الدستورية، وخير دليل على ذلك هو رسوخ قضاء دستوري تتولاه هيئات متخصصة كالرقابة الدستورية التي عملت على إرساء اجتهاد دستوري ثري ساهم في ترسيخ مبادئ تقر الحقوق والحريات ومبادئ الحكم الراشد وتطير آلية الرقابة البرلمانية على الحكومات. كما حملت رسالة الرئيس تبون دعمه الكامل لما يبذله المجلس الدستوري من مجهودات كبيرة تفكيرا وبحثا في سبيل إرساء قيم العدالة وحماية حقوق المواطن وحرياته، وإرساء قواعد الاستقرار والسلم في العالم والتعاون والتكامل الذي تنشده الجزائر. وقة عبر تبون عن تقديره للمجلس الدستوري على المجهودات التي بذلها، مثمنا المجهودات التي تقوم بها هيئات القضاء الدستوري في إفريقيا والعالم عامة، وسهرها على تأسيس مبادئ دولة القانون وحماية الحريات وتعميق وتكريس مضمون المبادئ وتكييفها مع الخصوصيات الوطنية والإقليمية، مؤكدا أن إرساء دولة القانون الرامية إلى تحقيق العدالة وصون الحقوق والواجبات وتكريس أسس الديمقراطية وقواعد الحكم الراشد لا شك أنه تحد أصبح يستقطب اليوم أكثر من أي وقت مضى كل اهتماماتنا، والذي ستسخر له كل الإمكانات اللازمة لتحقيقه. وأضاف أن الاحتفال اليوم يحتم علينا التذكير بالأشواط التي قطعتها بلداننا على درب تحقيق هذه الأهداف والالتزامات التي قطعناها على أنفسنا لضمان احترام أمثل للمنظومة الدستورية. سهام حواس