أكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، اليوم الأحد، أن تعديل الدستور"يهدف إلى بناء دولة قوية وتجنيبها الاضطرابات التي تنخر البلدان الشقيقة والصديقة رفقة العديد من دول العالم الذي يشهد تحولات عميقة". وقال رئيس الجمهورية، في كلمة بمناسبة احتفال المجلس الدستوري بالذكرى ال30 لتأسيسه، ألقاها نيابة عنه مستشاره بوعلام بوعلام، أن "فكرة تعديل الدستور تعديلا عميقا وشاملا والتي عبرنا عنها قبل الانتخابات الرئاسية ل12 ديسمبر وبعدها باعتبارها خطوة أساسية نحو الجمهورية الجديدة التي نؤمن بضرورة بنائها والتي يحتل فيها تعديل الدستور أولوية، أن الهدف المتوخى منه دولة قوية يتساوى فيها المواطنون أمام القانون ويمارسون فيها حقوقهم بكل حرية في إطار القانون". وأضاف أن التعديل الدستوري يهدف أيضا "الى مساندة ومرافقة مسار انفتاح المجتمع الجزائري على العصرنة في ظل احترام قيمه الحضارية والعمل على الحفاظ عل استقراره وتجنيبه الاضطرابات التي تنخر البلدان الشقيقة والصديقة التي تحيط بنا رفقة العديد من دول العالم الذي يشهد تحولات عميقة". وأوضح رئيس الجمهورية أن الجزائر "تستعد اليوم لتعديل دستورها بمنهجية مدروسة حيث تزامن انطلاق مشاورات مع شخصيات وطنية حول هذا المسعى اساسا مع تكليف لجنة صياغة أوكلت لها مهمة تحضير تعديل الدستور، والتي تتشكل من خبراء ذوي مستوى علمي رفيع على أن يعقب ذلك نقاش واسع لمناقشته داخل البرلمان والتي ستبث مباشرة على مختلف وسائل الاعلام حتى يدرك المواطن ويشارك في النقاش حول مختلف محاور التعديل، كما سيشمل النقاش ايضا مختلف شرائح الطبقة السياسية والمجتمع المدني". و تابع قائلا "إن منهجيتنا في تجسيد هذه النظرة تقوم على أسس متينة وثابتة بعيدا عن أي تصدع أو تحريف أو ارتجال، الأمر الذي من شأنه تجنيب بلادنا التي عانت من ويلات ومآسي الارهاب واللااستقرار وعبر شعبنا عن رفضها جملة وتفصيلا"، لافتا إلى أنه "وبنفس هذه النظرة تسعى الجزائر وأعلنت أنها لن تدخر أي جهد في سبيل إحلال السلم والاستقرار وحل النزاعات وبؤر التوتر سواء في البلدان المجاورة كمالي وليبيا أو في أي مكان أخر في افريقيا وباقي اصقاع العالم وهو مبدأ راسخ في السياسة الخارجية للدولة الجزائرية". كما أوضح بالمناسبة أن تعديل الدستور يمليه "التزامنا بضرورة التعبير عن طموحات الشعب ازاء التغيرات التي أفرزها الحراك الشعبي المبارك والذي أكدت في كل مرة التزامي بتلبية مطالبه وكل المستجدات التي ترتبت عن الواقع الجديد لبلادنا على المستوى السياسي، الاجتماعي والاقتصادي"، مبرزا أن خيار مراجعة الدستور"تعد محطة أولى ضمن رؤية شاملة ترمي إلى تعزيز الصرح المؤسساتي للدولة وتصب في مسعى تمكين مجتمعنا من التحرر تدريجيا والتحكم في مقاييس العصرنة في اطار قيمنا الحضارية، وهذا الخيار يعبر بحق عن بناء مشروع مجتمع عصري بدأنا إنجازه بخطى حثيثة وثابتة، مشروع مجتمع يقوم أولا وقبل كل شيء على تعزيز وتدعيم الانسجام والوفاق الوطني انطلاقا من إعداد دستور يقوم على مرتكزات وجدت توافقا وطنيا حولها". وأشار إلى أن هذه المرتكزات تتمثل أساسا في حماية حريات وحقوق المواطن، أخلقة الحياة العامة ومكافحة الفساد بكل أشكاله، تعزيز مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وترقية دور البرلمان في مرافقة عمل الحكومة، تعزيز المساواة بين المواطنين أمام القانون، التكريس الدستوري لآليات تنظيم الانتخابات وتقنين المجال الإعلامي وتحسين نوعية الحكامة.
==ذكرى تأسيس المجلس الدستوري: فرصة لتقييم الأشواط التي قطعتها البلاد في مجال القضاء الدستوري==
في سياق آخر، أكد رئيس الجمهورية أن الاحتفال بذكرى تأسيس المجلس الدستوري "فرصة للوقوف وقفة تأمل وتقييم للأشواط التي قطعتها بلادنا في مجال القضاء الدستوري الذي أصبح يكتسي أهمية بالغة في إرساء دولة القانون وترسيخ القيم الدستورية وحماية الحقوق والحريات"، معربا عن دعمه "الكامل" لما يبذله المجلس "من مجهودات كبيرة تفكيرا وتحليلا وبحثا في سبيل إرساء قيم العدالة وحماية حقوق المواطن وحرياته وإرساء قواعد الاستقرار والسلم والعدل في العالم والتعاون والتكامل الذي تنشده الجزائر لتحقيق تنمية متوازية تعود بالخير على الجميع". في سياق متصل، أشاد الرئيس تبون ب"الخطوات الكبيرة" التي قطعتها دول افريقية وآسيوية وعربية في المجال الدستوري، "بما يتماشى وخصوصياتها من جهة ومن جهة أخرى الداعية لترسيخ مبادئ دولة القانون والسهر على سمو الدستور وحماية الحقوق والحريات"، مؤكدا أن "الجزائر التي دأبت على ضمان الاحترام الصارم للدستور تسعى لتطوير الصرح المؤسساتي من خلال تعزيز نصوصها الدستورية وفرض احترامها من قبل جميع المواطنين والسلطات العمومية على حد سواء". وبذات المناسبة، ذكر بمكانة المؤسسة الدستورية في النظام المؤسساتي الجزائري بكونها "مؤسسة سيادة تتمتع بالاستقلالية الإدارية والمالية وتحظى قراراتها، التي تستند إلى الدستور كمرجع أساسي لها، للتطبيق الصارم من قبل السلطات العمومية".