اعتصر القلب ألما ودمعت العين حرقة، والصور تصلنا من جديد من أرض المقدس، تابعنا خلالها وبإمعان سياسة الإبادة الحضارية والتاريخية التي تقترفها حكومة أحفاد هرتزل وزبانية الصهاينة ليس فقط ضد الثقافة الفلسطينية، بل العربية أجمع، وكيف يتحرك الجانب الصهيوني لتهويد القدسالمحتلة، بمنع عبر كافة سبل إقامة حدث ثقافي بسيط كان سيعيد الخفقان للقلب ''القدس''، حدث كانت قد احتضنته الجزائر منذ عامين ''عاصمة للثقافة العربية''. ونحن نحتفي بانطلاق فعاليات ''القدس''عاصمة للثقافة العربية لهذه السنة، ودون أن نغفل الذكرى السادسة لاحتلال العراق، كنا نأمل أن تسمح هذه التظاهرة الإنسانية بالدرجة الأولى تسليط الضوء على القضية الفلسطينية والجرائم الصهيونية وتزييف التاريخ، إلا أننا لمسنا بأسف شديد كيف يمنع الجانب الإسرائيلي إقامة أي نشاط ثقافي للسلطة الفلسطينية داخل القدسالمحتلة.. في خضم ما يحدث نتساءل ماحجم موقع القضية الفلسطينيةوالقدس في السينما العربية؟ هل شاهدنا أفلاما روائية عربية متميزة حول المجازر الإسرائيلية في حق الشعب الفلسطيني؟ هل شاهدنا عملا استثنائيا قد يرقى إلى مستوى مسابقات ''كان''، ''بافتا''، أو ''الأوسكار''، حتى تقرب الصورة وبشكل أوضح معاناة الفلسطينيين من سكان المعمورة، هل تم الإعلان عن إنتاج أفلام عربية تؤرخ بطريقة فنية لأحداث غزة الأخيرة على غرار الدراما التلفزيونية العربية؟.. في الوقت الذي تستثمر فيه الصهيونية العالمية في السينما للدعاية لها .. للأسف لم يتم ذلك باستثناء بعض الأعمال الدرامية والأشرطة الوثائقية التي تصور مأساة الفلسطينيين تحت الحصار والقصف الإسرائيلي، اليوم وعلى المستوى العربي، الأعمال السينمائية حول فلسطين قليلة جدا، إلا ما كان من أفلام محصورة جغرافيا صورت في الثمانينات والتسعينات، وتظل الأفلام الوثائقية والروائية الفلسطينية بسلبياتها وايجابياتها وتحدياتها هي التي تتصدر الواجهة عربيا، وهو أمر طبيعي جدا بحكم أن الفلسطيني هو المعني الأول بقضيته، .. ونتساءل هنا كيف لمخرجين عرب يبحثون شمالا وجنوبا عن تمويلات أجنبية لإنتاج أفلام بعيدة عن اهتمامات الشارع العربي ولا يفكرون في استثمارها في أفلام ذات قضايا مصيرية ؟ .. الجزائر من جهتها اغتنمت بالأمس حدث احتضان القدس للتظاهرة العربية الثقافية، بإطلاق الفعاليات الجزائرية في إطار تظاهرة ''القدس عاصمة الثقافة العربية ''2009 بالعاصمة، نددت فيها وزيرة الثقافة بالجرائم المرتكبة من قبل الصهاينة، مشيدة بالكفاح الفلسطيني، فعلى طريقتنا نحتفل ونقولها بالبنط العريض ولو كره المعتدون ''القدس لنا ، رغم أنوفكم'' ... بل ورغم ''أشياء أخرى''..