بسكانها البالغ تعداده ال 12483 نسمة، ومناظرها التي أقل ما يقال عنها إنها ''ساحرة'' تقبع بلدية عين الرمانة في ولاية البليدة بمحاذاة واحدة من أروع البحيرات العالية على سطح الأرض في العالم، ورغم تأثر العديد من ولايات الوطن بضربات الإرهاب في سنوات الأزمة، ورغم تعودنا على إجراء التحقيقات الصحفية والروبورتاجات أو مع مرافقة هذا أو ذاك المسؤول على سماع ''أن مثل ذلك المكان قد كان مسرحا لعمليات القتل إما ذبحا أو رميا بالرصاص''، لكن أن تسمع على رحيل سكان بلدية كاملة عنها لأزيد من شهر، فذلك ربما هو الاستثناء أو من غرائب سنين الجمر التي توقفت مع العام ..1999 ''الحوار'' زارت تلك البلدية التي تعيش اليوم زمن المصالحة الوطنية وعادت بالاستطلاع التالي بعد انطلاقة بدأناها بآخر يوم أربعاء في الشهر المنقضي، زرنا من خلالها مناطق عديدة وجدنا الحياة بمعناها الحقيقي قد عادت إليها في ولاية البليدة، كعنصر القردة وأعالي جبال الشريعة، وبلدية واد جر والتي اقترنت في زمنٍ مضى بأكبر العمليات الإجرامية، انطلقنا بعدها في يوم آخر تلاها صوب بلدية أخرى اسمها عين الرمانة و الغير بعيدة عن بلدية واد جر. فعبر مناطق أقل ما يقال عنها إنها خلابة بسهولها شديدة الاخضرار، وأشجارها الباسقة وسواد تربتها الدال على خصوبة الأرض، وعبر طريق تصاعدي يبدأ من انحناءة الطريق السيار شرق غرب نحو طريق ثانوي، تبدأ الرحلة الممتدة من 04 إلى 05 كلم إلى بلدية عين الرمانة، سرنا في هذا الطريق وأكثر ما كان يتبادر إلى أذهاننا هي تلك الفرص الضائعة التي خلفها الجزائريون للاستمتاع بجمال بلادهم الذي يتنوع تنوع الفصول الأربعة. ''الحوار'' في مكتب أصغر رئيس بلدية في القطر الوطني وكالعادة، وعبر كل الزيارات الميدانية التي قادتنا إلى بلديات مدينة الورود، كان في استقبالنا رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية عين الرمانة السيد عبد النور قويدر عياد، والذي عرفنا من محيطيه أنه أصغر رئيس بلدية عبر ال 1541 بلدية المشكلة لكل المجالس الشعبية البلدية في القطر الوطني، وقالوا أيضا إن الرجل كان يمتهن الأستاذية كمدرس لمادة الفلسفة، قبل تبوئه للمنصب في أواخر العام 2007 حيث يبلغ من العمر 28 سنة فقط. وبحضور باقي أعضاء المجلس البلدي، أكد ''مير'' عين الرمانة، أن الأمن لم يعد كما كان الهاجس الأول والأساسي لنا وللسكان، الذين عرفوا المرارة ''كيف لا'' يقول وقد هجرت مئات العائلات إلى المناطق الحضرية في عاصمة الولاية والعديد من الدوائر كموزاية وغيرها''.. فبهذه الجمل وغيرها عبر المتحدث عن الألم المدفون في نفوس أهل عين الرمانة التي ذاقت ويلات الإرهاب الذي لم يفرق بين الطفل والشيخ والنساء الحوامل.. -يضيف المتحدث- وسألنا عن وقائع تلك الهجرة الجماعية، حيث أشار إلى أن أكثر من 50٪ هاجروا دفعة واحدة بين سنوات 94 - 95 واضطروا للهروب جماعيا لمدة تقارب الشهر، حيث لم يتبق إلا عائلات تعد على الأصابع بعد إقدام المجموعات الإرهابية على القيام بمجازر ضد الإنسانية بالمنطقة. وعدنا وسألناه -في هذا السياق- عن الوقائع التي بدأ الأمن يعود فيها ويدب في حياة ساكنة عين الرمانة، فأفاد السيد رئيس المجلس الشعبي البلدي أنه ومنذ العام 1996 والعام 1997 وبفضل التمشيطات الناجحة من طرف الجيش الوطني الشعبي وقوات الدفاع الذاتي والحرس البلدي التي لا يمكن لأحد إماطة اللثام عن عملها الكبير بحكم كونهم من أبناء المنطقة، زيادة على ذلك فقد بدأ الدور الأكبر الذي عزز العمليات العسكرية هو قانون الرحمة ثم الوئام المدني بدءا من العام 1999 مع نجاح الرئيس بوتفليقة في أول انتخابات رئاسية يدخلها، ليتم -دائما من طرفه تعزيز ذلك في استفتاء ميثاق السلم والمصالحة الوطنية الذي أعاد الكثير من سلكوا ذلك الطريق غير الصائب إلى أهلهم وعاد من هناك الأمن والاستقرار، كما كشف عن تعزيز الأمن بانتشار فرق الدرك الوطني والشرطة الحضرية خصوصا بالمناطق المعزولة. عين الرمانة والاستفادة من المشاريع التنموية يكشف السيد رئيس المجلس الشعبي البلدي لعين الرمانة عبد النور قويدر عياد عن العديد من المشاريع التنموية التي استفادت منها البلدية سواء كانت فردية أو جماعية ومنها الاستفادة من الأبقار واستصلاح الأراضي الزراعية، بالاضافة إلى الاستفادة من السكن الريفي، وغرس الأشجار المثمرة في إطار البرنامج المحدد بين الفترة 2002 - 2008 زيادة على إعانات الدولة لبناء السكن والمقدرة ب 70 مليون سنتيم. وفي هذا الإطار يكشف المتحدث أن البلدية استفادت من برنامج لإنجاز 572 مسكن جديد وترميم 111 مسكن، بالاضافة إلى مبلغ مقدر ب 53 مليون دينار لتهيئة منشأة فنية في واد النخاوة وإنجاز جسر، زيادة على ذلك فهو يكشف عن إنجاز 50 مسكنا اجتماعيا في النخاوة. ''الحوار'' تمر على البحيرة المنسية الأعلى في إفريقيا والمصنفة عالميا لم نكن نعتقد، ونحن نرى الصور الفوتوغرافية، بالاضافة إلى شريط مصور جرى تسجيله عن القناة المغربية ''مدياسات(1)'' روعة تلك المنطقة والبحيرة المتواجدة بها، والتي صنفت كأعلى بحيرة في افريقيا والعالم بارتفاع يقدر ب 7 كلم على سطح البحر. ومن الحسرة والدلالة على عدم الاهتمام بها، أصبحت تسمى بالبحيرة المنسية، فرغم ذلك الجمال الذي يجلب أصنافا عديدة من الطيور المهاجرة وغيرها من فصائل الحيوانات الأليفة والمتوحشة فالبحيرة ما تزال بحاجة إلى اهتمام من طرف السلطات لا سيما ولاية البليدة، التي أكد لنا حولها السيد والي البليدة حسين واضح مراعاتها في أجندة الولاية في لقاءنا به في مقر ولاية البليدة، حيث استقبل الوفد الإعلامي الذي كانت ''الحوار'' من بينه. وبالرغم من هذا النسيان كشف رئيس المجلس الشعبي البلدي لعين الرمانة أن هناك تفكيرا جديا لإقامة مركب سياحي في منطقة سيدي ابراهيم، زيادة على مركب رياضي مجهز بقاعة متعددة الرياضات، كما أفاد باقتراحه لإقامة مستشفى للأمراض التنفسية سيتزامن -حسبه- مع المخطط الخماسي 2009 - .2013 سألناه عن المؤسسات الاقتصادية المتواجدة بالبلدية فكشف أن لديهم 9 مؤسسات اقتصادية من بينها مؤسسة ''سيم'' لتحويل الحبوب وصناعة العجائن، لكنه أكد أن البلدية لا تستفيد من إتاوات الضرائب المستحقة على هذه المؤسسة نظرا لأن عنوانها في العقد يقع في مدينة موزاية والضرائب تحصل من هذه الأخيرة. نقطة أخرى لفتت انتباهنا كثيرا ونحن نمر على مصنع سيم حيث لمحنا تواجد البنك الفرنسي BNP PARIS BAS وهو واحد من أشهر البنوك الفرنسية وهو دلالة على أن التواجد الأجنبي قد درس كثيرا المنطقة التي لم تعد تعاني من قلة الأمن لكي يفتح أبوابه هناك لاسيما من أجل إيداع السيولة النقدية للمصنع الكبير سيم وغيره من المؤسسات الاقتصادية التي تقبع في البلديات المجاورة لعين الرمانة. وسألناه عن نسبة البطالة، فكشف أنها تقارب ال 18٪، وعن عدد الأشخاص الذين استفادوا من ميثاق السلم والمصالحة الوطنية كشف أن 04 استفادوا من هذا الأخير، أما عدد الأسر التي مسها الإرهاب فذكر أنها بلغت ال 70 عائلة. وكغيره ممن سبقوه بالقول سواء كوالي ولاية البليدة أو رئيس بلدية واد جر السيد عرعارة، اعترف رئيس بلدية عين الرمانة أن عشرات العائلات رفضت العودة إلى بيوتها التي تركتها، لكنه استدرك بالقول إن السبب لم يعد كما كان بسبب نقص الأمن والاستقرار الذي عاد بنسبة 100٪ ، لكن سببه الاعتياد على حياة المدينة وتأثير الأولاد والزوجات على أزواجهم بتفضيل حياة المدينة على العودة للريف، مذكرا أن ابن العام 1990 يبلغ ال 19 من عمره اليوم. رئيس بلدية عين الرمانة يطالب الوزير ولد عباس بالتدخل رغم تقديمه للشكر لوزير التضامن الوطني والجالية جمال ولد عباس، دعا رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية عين الرمانة الوزير لمزيد من الدعم لاسيما في إيجاد حافلتين للنقل المدرسي للأطفال الذين يقطعون الكثير من المسافات للوصول إلى المدارس، كما دعا للمساعدة من أجل إعادة فتح مركز البريد الذي أغلق في سنوات التسعينات، وعن عدد المؤسسات التربوية كشف المتحدث أن هناك 6 ابتدائيات وإكماليتين. ومع نهاية لقائنا برئيس البلدية، نزلنا في آخر المطاف لشوارع القريبة وحتى البعيدة حين سارت بنا السيارة المقلة لنا، حيث نزلنا لمعرفة آراء الناس الذين تجمعوا علينا بين نساء ماكثات في البيوت خرجن لشراء حاجاتهن أو بعض الفلاحين وحتى الأطفال الخارجين للتو من فترة الدراسة الصباحية، حيث كانت عقارب الساعة تشير ل 35:12 دقيقة، كلهم كانت ملامح غير تلك التي كانت عليهم في سنوات الأزمة، والحديث يكثر على التحضير للانتخابات الرئاسية والرغبة في تغيير أوضاعهم نحو الأحسن بعد نهاية مأساة الإرهاب وأيامه حالكة السواد -حسبهم- وهو ما اختصرته السيدة فاطمة الزهراء وجميلة ومحمد وعبد القادر في مقولة ''ما يحس بالجمرة غير إلي كواتو'' وهي التي اختصروا بها كما سبق القول عن عالم لا صلة له بالحياة، مستشهدين بأيام تدخل فيها كل الساكنة على الساعة 00:16 زوالا وينتظرون المصير في كل دقيقة لأكثر من 10 سنوات، أثنوا فيها على الله وحده ثم جهود الخيرين الذين طبقوا ميثاق السلم والمصالحة الوطنية والمجهودات الكبيرة للجيش الوطني الشعبي، الدرك الوطني والحرس البلدي وفرق الدفاع الذاتي.