حملت البرامج الاقتصادية للمترشحين الستة لرابع رئاسيات تعددية بالجزائر إجماعا واضحا على ضرورة القطيعة مع الاقتصاد غير المنتج والتحرر الكامل من قيود مداخيل المحروقات خاصة في ظل الأوضاع الراهنة التي يعرفها العالم منذ بروز بوادر الأزمة المالية العالمية التي أثرت سلبا على أسعار النفط ومنه على مداخيل الدولة من المحروقات، مقابل التباين الصارخ في طرق الوصول إلى ذات الهدف، فيما ينتظر أن تفرز صناديق التصويت مساء اليوم عن النهج الاقتصادي الذي دافع عنه المترشحون والذي سيحدد مصير البرامج الاقتصادية على مدار 5 سنوات المقبلة. بوتفليقة: الاستمرارية ومواصلة الورشات الكبرى قدم المترشح المستقل عبد العزيز بوتفليقة وعودا تحت شعار الاستمرارية، باستكمال مشاريعه الاقتصادية التي انطلقت منذ توليه الحكم العام ,1999 مشددا على استكمال المشاريع التي لم تنته، ووضع غلافا ماليا لتنفيذ برنامجه الاقتصادي بالخمس سنوات القادمة يقدر بأكثر من 150 مليار دولار أميركي. وفي مقدمة اهتماماته المترشح القطاع الزراعي الذي رصد له ألف مليار دينار لتحقيق الأمن الغذائي، بالنظر إلى ارتفاع فاتورة استيراد الغذاء إلى نحو 3 ملايير دولار سنويا. وفي القطاع الصناعي، وعد بوتفليقة بإنشاء 200 ألف مؤسسة صغيرة ومتوسطة لامتصاص البطالة، وتشجيع الاستثمار بالمجالات الحيوية والبتروكيماويات والطاقات الجديدة واستغلال المناجم بإنشاء صندوق وطني للاستثمار برأسمال 150 مليار دينار جزائري، فضلا عن توفير 3 ملايين منصب شغل، واستكمال برنامج مليون سكن. تواتي: التخطيط وحرية المبادرة ورافع مرشح الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتي من اجل بناء اقتصاد مبني على التخطيط من خلال التركيز على القطاعات المنتجة القادرة على خلق مناصب شغل، مع تحرير المبادرات وإعادة الاعتبار للأرض وتشجيع العاملين عليها من أجل تحقيق الأمن الغذائي وفتح سوق العمل بعيدا عن قطاع المحروقات. واعتبر تواتي أن خدمة الأرض وبناء قطاعات منتجة بعيدا عن المحروقات هي الطريقة الأنسب لفتح سوق العمل والنهوض بالاقتصاد الوطني والتجارة الخارجية، واعدا بإصلاح المنظومة المالية وتعميم الشفافية في تسيير المال العام. حنون: نعم للاشتراكية وإلغاء الخوصصة ودافعت لويزة حنون زعيمة حزب العمال بجرأة خلال خرجاتها التحسيسية عن التسيير الاشتراكي وإلغاء الخوخصة وحماية الاقتصاد الوطني، مقترحة إصلاحا اقتصاديا جذريا يسمح بالسيادة الوطنية الكاملة على الثروات، واسترجاع أرصدة الجزائر بالخارج لحمايتها من الأزمة المالية العالمية وتوظيفها داخليا بالاستثمار لتوفير فرص عمل لامتصاص البطالة. كما اقترحت إعادة تأميم المحروقات والمؤسسات العمومية التي ''أصبحت ملكا للشركات الأجنبية''، مع فرض جبايات ب 30 بالمائة من أرباح الشركات الأجنبية العاملة بالجزائر ودفع إلى أداء الضرائب المفروضة عليها، وردت حنون على الأصوات التي ترى أن سياستها تتناقض مع توجه الجزائر الليبرالي والتزاماتها الدولية في ذات المجال بأن تصحيح السياسات السابقة لا يعني التخلي عن الالتزامات الدولية. محند السعيد ورباعين: تغيير الأولويات الاقتصادية أما المرشح الإسلامي المستقل بلعيد محند السعيد فقدم برنامجا اقتصاديا قال إن من شأنه الحد من الفساد، بتطهير القطاع العمومي وتفعيله، والحفاظ على الملكية العامة وترشيد النفقات العامة، مع انتهاج سياسة المراحل والأهداف التي تتسم بالرؤية المستقبلية والشمولية، ويشترك برنامجه مع برامج فوزي رباعين مرشح حزب عهد 54 في تغيير الاهتمامات الاقتصادية بالاعتماد على الزراعة والأمن الغذائي، رغم أن هذا الأخير قد دعا إلى رفع احتكار الدولة عن النشاط الاقتصادي، والتركيز على الزراعات الجبلية والصحراوية والسياحة، واستغلال الثروة البحرية لتنويع مصادر الدخل الوطني. يونسي: القطيعة مع سياسة ''البريكولاج" دافع المترشح محمد جهيد يونسي عن حركة الإصلاح على اقتصاد بديل عن المحروقات التي تشكل 98 بالمائة من الصادرات، معتبرا أن الأمن الغذائي ضرورة إستراتيجية، ولذلك فإن الأولوية ينبغي أن تعطى للزراعة ورفع القيود أمام الفلاحين، فيما أكد ضرورة الحد من الاستيراد في الوقت الذي أبرمت فيه الجزائر اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي عام 2002 ويستمر حتى ,2012 حيث ترفع كافة الرسوم الجمركية عن السلع الأوروبية القادمة للجزائر. وشدد يونسي خلال لقاءاته على مدار 20 يوما من الحملة على وجوب القضاء على سياسة ''البريكولاج'' التي أنتجت ''برامج خاطئة وفاشلة'' تركت لشباب في ''ذيل اهتماماتها''، مما دفعته إلى الهجرة غير الشرعية ابتغاء للرزق ولقمة العيش، مرتكزا على الشباب في النهوض بالاقتصاد من خلال وعود بتوفير مناصب عمل حقيقية لحل مشكل البطالة من جذوره، فضلا عن إنشاء مشاتل لآلاف المقاولات الخاصة للشباب المؤهل بقروض من دون فائدة تكون فيها الدولة هي الضامنة والمرافقة لمدة سنتين .