بوتفليقة: عين على الأزمة المالية وأخرى على استكمال سياسة الإصلاح دخل المترشحون الستة لرئاسيات أفريل القادم سباق التنافس على كرسي الرئاسة ببرامج انتخابية مختلفة ومتنوعة، تباينت طروحاتها حسب طرح وتصور كل مترشح ولاسيما في المجال الاقتصادي، حيث تم عرض محاور تكاد تكون مستفيضة حول معالجة المشاكل التي لا تزال مطروحة في شتى فروع وقطاعات الاقتصاد الوطني. مقارنة سريعة لبرامج المترشحين الستة الانتخابية في شقها الاقتصادي تبيّن أن البرنامج الأقرب إلى الواقعية يعود إلى الرئيس المنتهية ولايته والمرشح المستقل، السيد عبد العزيز بوتفليقة، الذي قدم تصورا ملموسا لاستكمال سياسة الإصلاح والبناء التي بدأها خلال العشرية الحالية، وذلك من خلال مجموعة من الإجراءات العملية تمسّ قطاعات أساسية، تأتي في مقدمتها الفلاحة أو كما ورد في برنامج بوتفليقة، تثمين القدرات الفلاحية أكثر فأكثر خدمة للاستقلالية الغذائية الوطنية عن طريق استكمال التعديلات المدرجة في الإطار التشريعي لاستغلال الأراضي العمومية والتكفل بديون الفلاحين ومربي المواشي، ومن أجل ذلك تقرر ضمن نفس الإطار تخصيص 1000 مليار دج خلال السنوات الخمس القادمة. وفي القطاع الصناعي، فإن الجهود ستتواصل من أجل إعادة تأهيل المؤسسات العمومية القابلة للإستمرار، وذلك من خلال منحها مساعدات مالية في شكل قروض ذات مزايا، إلى جانب دعم صناعة البتروكيمياء واستغلال المناجم وترقية الطاقات المتجددة، وتحديث الخدمات المرافقة للإستثمار الاقتصادي في مجال النقل البري وتطوير الموانئ. تنمية هذه القطاعات الحيوية يتم بعيدا عن الاستدانة الخارجية وذلك بفضل موارد الصندوق الوطني للاستثمار الذي أنشئ مؤخرا برأس مال قدره ب150 مليار دج. وعلى مستوى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فإن بوتفليقة يعد باستحداث ما لا يقل عن 200 ألف مؤسسة خلال الخمس سنوات القادمة وذلك بتسهيل الحصول على قروض بنكية وفق دعم آليات الضمان العمومية مع تحسين توفر العقار الصناعي وتطوير الاستثمار في المناطق المحرومة وفي ولايات الجنوب والهضاب العليا. وإن كان المترشح بوتفليقة قد قدم تفاصيل مستفيضة حول توجهه الاقتصادي خلال المرحلة القادمة، وما سوف يجند لها من تمويل ضخم قد يفوق الرقم الذي أعلن عنه والمقدر ب150 مليار دولار، إلا أنه لم يكن بإمكانه إغفال الأزمة المالية الراهنة التي تحولت إلى أزمة اقتصادية وأثرها على قطاع المحروقات وبالتالي تداعياتها السلبية المباشرة على تراجع مداخيل النفط للبلاد، مما يعني التحلي بالحذر في تسيير الموارد التي تم جمعها خلال السنوات الماضية، والتي تسمح من وجهة نظر بوتفليقة تفادي التوقف من جديد عن مواصلة البناء الوطني، مشددا على دور الدولة في مجال الضبط الاقتصادي. لويزة حنون: تأميمات بالجملة وبسط السيادة على القوانين الاقتصادية مرشحة حزب العمال، السيدة لويزة حنون، المعروفة بتوجهها الإشتراكي في المجال الاقتصادي عرفت خلال مشوارها النضالي برفضها لكل مبادئ النظام الرأسمالي، ولعل قناعتها قد ترسخت أكثر بعد بروز الأزمة المالية العالمية التي تزداد تفاقما رغم إجراءات المواجهة، حيث اعتبرت في برنامجها الانتخابي أن تداعيات الأزمة تأتي بعد أن تأكد فشل التوجه الاقتصادي المسمى بالإصلاحات الاقتصادية التي فرضتها المؤسسات المالية الدولية على الاقتصاد الوطني. تقترح لويزة حنون إقرار إصلاح اقتصادي جذري ورسم سويا ما اعتبرته السيادة الوطنية الكاملة على الثروات الطبيعية والأملاك الوطنية، بدءا باستعادة الأرصدة المودعة في الخارج لحمايتها من الأزمة العاصفة بالاقتصاد العالمي وتوظيفها داخليا لخلق ثروة متجددة ومناصب شغل دائمة في إطار سياسة اقتصادية وطنية ترتكز على إصلاح زراعي حقيقي يقلص من التبعية الخارجية وعلى صناعة ثقيلة يرصد لها الدعم المالي الكافي لإنقاذ وتقوية المؤسسات العمومية وإنعاش النسيج الصناعي. المخطط التنموي التي تقترحه مرشحة حزب العمال يهدف إلى الإنتاج الوطني وهو الكفيل من وجهة نظرها لرفع نسبة النموّ. يدعم هذا المخطط التنموي بإجراءات عملية ودقيقة تمسّ بالأساس استكمال مسار إعادة تأميم المحروقات وإلغاء كل القوانين التي وصفتها حنون بالجائرة والمفروضة في إطار الإبتزاز الأجنبي خاصة قرارات الخوصصة والغلق وقانون المناجم الأخير وقانون المياه والأملاك الوطنية. ومن جهة أخرى، ترى حنون أنه من الضروري إقرار قاعدة الأفضلية الوطنية في المشاريع الكبرى والصفقات العمومية وحماية الإنتاج الوطني من غزو المنتوج الأجنبي وإعادة تأميم المؤسسات والمركبات التي رخصت لصالح الأجانب وإعادة الأولوية لاكتساب التكنولوجيا وتشجيع البحث العلمي وتوسيع الإجراءات الهادفة لوضع حد لاستنزاف الأموال بالعملة الصعبة بعد تحويلها من طرف المستثمرين الأجانب للخارج من خلال فرض استثمار 30٪ من أرباحهم في بلادنا ودفع الضريبة. إجراءات أخرى تقترحها حنون في برنامجها الانتخابي في الشق الاقتصادي، تتعلق بإعادة المؤسسات التي أغلقت بقرار من صندوق النقد الدولي لتوفير مناصب شغل وتصحيح القوانين الأساسية للمؤسسات الوطنية الاستراتيجية وفرض رسوم جمركية وردعية على البضائع الأجنبية وتحديد قائمة للمؤسسات والمنشآت غير القابلة للصرف ودسترة بسط السيادة الوطنية في كل عقد من عقود الشراكة مع الأجانب ومراجعة القوانين التي ترى بأنها أنقصت من السيادة الوطنية. هذه الإجراءات وإجراءات أخرى المتضمنة في مخطط التنمية المقترح من طرف المرأة الوحيدة المترشحة للرئاسيات يجسد من وجهة نظرها القطيعة مع سياسات النهب الأجنبي والداخلي للممتلكات والأموال العمومية ويكرّس مصلحة الأمة ويرمي إلى أسس اقتصاد سليم قادر على خلق الثروة وتوفير مناصب شغل. محمد السعيد: سياسة اقتصادية بأربع أولويات حدد المترشح محمد السعيد، واسمه الحقيقي بلعيد محند أوسعيد جملة من المحاور في برنامجه الانتخابي حول تصوره في الميدان الاقتصادي، إذ أعطى الأولوية للأمن الغذائي من خلال تطوير الزراعة الاستراتيجية لضمان الإكتفاء الذاتي وذلك عن طريق رفع مستوى القطاع الفلاحي والعاملين فيه وتنمية الفلاحة الصحراوية والجبلية والتوسع في بناء السدود، قصد مواجهة الجفاف ومنح قروض ميسّرة للفلاحين وترقية البحث العلمي في القطاع. أما الأولوية الأخرى لمحمد السعيد، فتتعلق بتنويع مصادر الدخل الوطني من خلال وضع خطة وطنية تكون بديلة عن الاعتماد على مداخيل النفط وذلك بتطوير قطاعي الفلاحة والصيد البحري وتشجيع اقتصاد الخدمات وتحسين مردود الجباية وتثمين الثروات المعدنية وإنعاش القطاع الصناعي من خلال رفع المستوى التكنولوجي للمؤسسة الصناعية. المحور الثالث في السياسة الاقتصادية المقترحة من طرف محمد السعيد، يمسّ الاستثمار المنتج، داعيا إلى ضرورة تشجيعه سواء تعلق بالاستثمار الوطني أو الأجنبي الذي من شأنه المساهمة في التنمية الوطنية وبالتالي تعزيز الإستقرار السياسي وضمان إستقرار الإطار الإداري والمالي واحترام القوانين المسيّرة للاقتصاد الوطني، كما ركز نفس المترشح وفي المحور الرابع من السياسة الاقتصادية على تشجيع المهاجرين في دفع الإنعاش الاقتصادي. علي فوزي رباعين: التركيز على الفلاحة والصيد والسياحة عرض مرشح حزب عهد ,54 السيد علي فوزي رباعين، برنامج انتخابه بشيء من التفصيل، خاصة ما تعلق بإصلاح النظام الاقتصادي الذي وبعد أن حصر أهم المشاكل التي تميزه إقترح مخططا إقتصاديا ينطلق أساسا من إصلاح النظام المالي من خلال تحديث التشريعات البنكية والمؤسسات المالية عن طريق إدخال تقنيات متطورة والتخفيف من الإجراءات الإدارية وإعادة النظر في نظام تعيين الإطارات المسيرة للمؤسسات المالية، وفي هيكلة المؤسسات الاقتصادية العمومية، وبعد انتقاده لمختلف التجارب السابقة، اقترح مرشح عهد 54 جملة من الإجراءات تصبّ في اتجاه رفع احتكار الدولة للنشاط الاقتصادي أو التجاري وردّ الاعتبار للإطار المسير واعتماد أسس الكفاءة ومحاربة الغش والتهرّب الجبائي. أما القطاعات التي تساهم في إنعاش النموّ، فقد حصرها المرشح رباعين في الفلاحة، حيث أعطى لها الأهمية القصوى في برنامجه من حيث دعم تمويلها وتطوير الزراعة الصحراوية وتنمية الهضاب والفلاحة الجبلية إلى جانب قطاع الصيد البحري وإعادة تثمينه لما له من دور في رفع قدرة البلاد في هذا المجال، خاصة وأن الإمكانيات موجودة ولا تتطلب سوى التركيز عليه. وأخيرا، اعتبر المرشح، أن قطاع السياحة حيوي نظرا لما تتوفر عليه من قدرات هامة وجب إستغلالها عن طريق رسم وتصور ما وصفه رباعين بالخريطة السياحية الوطنية لتنظيم القطاع واستقطاب المستثمرين للاستثمار فيه. جهيد يونسي: بناء اقتصاد بديل عن المحروقات مرشح حركة الإصلاح الوطني، السيد محمد جهيد يونسي، ركز في الجانب الاقتصادي على بناء اقتصاد بديل عن المحروقات، من خلال الاعتناء بقطاعات مثل الفلاحة والصناعة وتوفير شروط الإنعاش بالاعتماد على الموارد البشرية وفسح المجال أمام الكفاءات المؤهلة ومعالجة ديون المؤسسات العمومية وتشجيع الاستثمار المنتج ومواجهة الاقتصاد الموازي من خلال حماية المنتوج الوطني. واعتبر جهيد يونسي، أن الأمن الغذائي يعدّ ضرورة استراتيجية وحيوية وجب التركيز عليها من خلال إعتناء أكثر بالقطاع الفلاحي ورفع القيود التي عرقلت نموّه ودعم الفلاحين بشتى الطرق والاهتمام بعالم الريف عموما. كما ألحّ برنامج المرشح يونسي على تنشيط القطاع السياحي وإنشاء الثروة المترتبة عنه من خلال تشجيع الاستثمار العمومي والخاص ودعم دواوين السياحة وتأهيل المتدخلين فيه. وفي قطاع الصيد البحري، اقترح جهيد يونسي جملة من الإجراءات تصبّ جميعها في اتجاه دعم وتشجيع كل المبادرات الرامية إلى ردّ الإعتبار لهذا القطاع، كما اقترح ما أسماه بتأسيس مشاتل للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة تمكن من تجسيد مختلف المشاريع المقترحة في هذا القطاع وتحرير التجارة وتحقيق الشفافية في المعاملات التجارية وتأهيل النظام المالي وإصلاح النظام الجبائي لتوفير المزيد من الموارد المالية المخصصة للتنمية. موسى تواتي: المزاوجة بين التخطيط وحرية المبادرة في برنامجه الانتخابي فضل مرشح حزب الجبهة الوطنية الجزائرية، السيد موسى تواتي، عرض نقاط مختصرة حول تصوره في المجال الاقتصادي إذ اقترح بناء نظام اقتصادي اجتماعي يرتكز على الموازنة بين التخطيط والبرمجة وحرية المبادرة والتركيز على القطاعات المنتجة القادرة على خلق مناصب شغل وإعادة الإعتبار للأرض وتشجيع العاملين وتحقيق الأمن الغذائي وتشجيع المؤسسات العائلية ومراعاة التوازن الجهوي وحماية المنتوج الوطني وإصلاح المنظومة المالية. سلوى روابحية