حملت تصريحات وزير المالية، كريم جودي، الأخيرة، عقب إصدار قانون المالية التكميلي نهاية جويلية المنصرم، نوعا من التخوف الاقتصادي، بعد أن سجلت أسعار النفط والإيرادات الجبائية تراجعا نحو النصف، أخلطت الأوراق الاقتصادية التي تراهن عليها الدولة في البناء التنموي، مشيرا إلى بقاء المحروقات كمصدر أساسي للدخل الخام رغم بروز بوادر انهيار أسواقها العالمية• وقال الوزير جودي، في مجمل عرضه بخصوص قانون المالية التكميلي، أن مؤشرات الاقتصاد الوطني لا تزال تعتمد على مداخيل البترول، رغم تحقيق احتياطي من العملة الصعبة بحوالي 145 مليار دولار، بما يعادل 4 سنوات من الاستيراد، إذا بقيت فاتورة الواردات تقارب 40 مليار دولارا، مؤكدا تراجع الإيرادات الجبائية النفطية نحو النصف، وذلك عقب انهيار أسعار البترول بأكثر من 100 دولار، في ظرف ستة أشهر، مما يوحي بتراجع السياسة التنموية وإدخال الاقتصاد في بؤرة الخطر، رغم التوقعات التي قال بشأنها الوزير، إنها ستدّر على الجزائر نسبة نمو خام تصل 4 بالمئة نهاية السنة الجارية، لكن التغييرات القانونية في سياسة التعاملات الاستثمارية وإعادة النظر في مجمل المخارج التي ينفذ عبرها المال العام، وإيقاف عمليات القروض، أكبر دليل على الخلط الذي أصاب الحكم الراشد في تسييس النفقات والتمويلات المادية لمختلف المشاريع، الإنجازات، وإعادة ترتيب الأولويات الاقتصادية بما يخدم استقرار الاقتصاد الوطني، حيث تم منع البنوك من منح قروض الاستهلاك بموجب قانون المالية التكميلي، وقال في ذلك جودي ''هناك ثلاثة أنواع من القروض الاستهلاكية، القرض العقاري والقرض الخاص بالسيارات وقروض اقتناء السلع الدائمة، وقد تم استثناء القرض العقاري من إجراء المنع، ويبقى قرض السيارات الذي تمنحه البنوك الخاصة الأكثر طلبا وهو يتعلق بسيارات مصنعة في الأسواق الدولية• فمن هو المستفيد من إنشاء الثروة ومناصب الشغل'' يقصد أن استيراد السيارات تنتفع منه البلدان المصنعة لها أكثر من الجزائر، مشيرا إلى أن الدافع من وراء إلغاء القرض الاستهلاكي تجنيب العائلات تراكم الديون وبلوغ حد الأزمة التي فجّرت الولاياتالمتحدةالأمريكية خلال 2007، بفعل الديون الاستهلاكية، وتحوّلت فيما بعد إلى أزمة مالية عالمية• وبخصوص مداخيل الدولة فإنها مرتبطة بنسبة 98 بالمئة بالنفط، وقد انعكس تراجع أسعارها على فائض الميزان التجاري، إذ تسجل الجزائر فائضا تجاريا يقدر بحوالي مليار دولار خلال ستة أشهر مضت، فيما سجلت خلال نفس الفترة من العام الماضي 20 مليار دولار، وتشكل نسبة النمو خارج المحروقات 6,4 في المئة، وهي مؤشرات تدخل الاقتصاد في دائرة مفرغة، يصعب على الدولة إيجاد حلول آنية للخروج من دوامة الارتباط والتبعية للخارج، خصوصا وأن بوادر انهيار أسواق البترول عالميا برزت ميدانيا• أما في الجانب المتعلق بمجال التشغيل فيقول الوزير ''نراهن على توفير المزيد من مناصب الشغل، لأن الدولة لم يعد بمقدورها أن تضمن لوحدها مناصب الشغل المطلوبة في السوق، وبالتالي أصبح من الضروري إشراك المنتجين الخواص في مجهود إنشاء مناصب الشغل'' وذلك تطبيقا لتعليمات رئيس الجمهورية الخاصة باستحداث 3 مليون منصب شغل خلال الخماسي الحالي• وأوضح جودي في شأن سياسة التشغيل أن الدولة عنصر فعّال في سوق العمل، إذ تقوم باستحداث مناصب شغل بصفة مباشرة وتمول عمليات التوظيف الاحتياطية، وتشجع استحداث مناصب بتوسيع الطلب العمومي، لاسيما في مجال البناء والأشغال العمومية والخدمات، وستكون المناصب المرتقبة هيكلية وليست ظرفية، متحدثا عن تراجع البطالة من 30 في المئة قبل عشر سنوات إلى 11,3خلال.2008