في أقل من أسبوع وجه رئيس الجمهورية أكثر من رسالة إلى الأسرة الإعلامية، كانت الأولى أثناء أدائه اليمين الدستورية، حيث خص الرئيس مهنة المتاعب بحيز كبير في أول خطاب له للأمة بعد فوزه الساحق في الانتخابات الرئاسية، وهو مؤشر على الأهمية التي يوليها القاضي الأول في البلاد إلى وسائل الإعلام. وجدد رئيس الجمهورية نفس الاهتمام والعناية للأسرة الإعلامية بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحرية التعبير والصحافة. ولم يكتف عبد العزيز بوتفليقة بمشاطرة أهل المهنة مطالبهم وانشغالاتهم والوقوف إلى جانبهم، كما هو متعارف عليه في مثل هذه المناسبات التي يغلب فيها التكريمات البروتوكولية، بل فتح الرئيس أكثر من ورشة عمل أمام الصحافة ليس فقط بدعوته إلى فتح نقاش وطني من أجل مراجعة قانون الإعلام بما يتماشى مع التطورات الحاصلة في العالم، ولكن من أجل أن تساهم الصحافة بدورها في محاربة الرشوة والفساد والجهوية والمحسوبية وما إلى ذلك من الآفات التي تهدد الأمة وتدفع إلى تفسخ المجتمع. هذا الضوء الأخضر الذي قدمه الرئيس لأهل مهنة المتاعب هو اعتراف بنبل الرسالة الإعلامية التي يقوم بها الصحافيون وهو أكثر من وسام استحقاق يمنح لها من قبل رئيس فاز لتوه بثقة الجزائريين بأكثر من 74 بالمائة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية الأخيرة. ولم يقل رئيس الجمهورية للصحافة مثلما قال بنو إسرائيل لموسى ''اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون''' ولكنه قدم لهم كل الدعم والمساندة القانونية والسياسية وحتى المعنوية من أجل القيام بمهمتهم في كشف الفساد والمفسدين والعابثين بالمال العام. وعندما يجعل رئيس الجمهورية الصحافة ليس فقط كسلطة رابعة بل أيضا بمثابة ''العين '' التي تنظر بها، ومن خلالها مؤسسات الدولة وتطلع بواسطتها على كل ما يجري بعيدا عن أعين المسؤولين، فهو تكريم وترقية لا يسع أهل المهنة سوى الاعتزاز بها، ومسؤولية جديدة يقتضي حملها وأداء مهمتها على أكمل وجه، ولن يكون ذلك سوى بالدخول عن قناعة في معركة ضد الفساد والرشوة وكشف البارونات والمضاربين والسماسرة الذين يتلاعبون بقوت الشعب الجزائري وبثروات الوطن. لقد كانت رسالة رئيس الجمهورية في اليوم العالمي لحرية التعبير واضحة وصريحة وبليغة، وخالية من أي لف أو دوران، وليس بوسع الأسرة الإعلامية سوى تلقفها ،لأنها خريطة طريق في حد ذاتها.