سراط بومدين من أبرز المسرحيين الجزائريين الذين احتككت بهم بحرقة الفلسطيني المغترب وضمير الفنان الجاد الملتزم بقضيته الأولى وكل القضايا العربية، يقف المسرحي الفلسطيني الاصل عبد الرحمان أبوالقاسم هرما من أهرام الركح العربي، يتحدث بصوت عال ويصرخ بصوت قوي مدوي اكثر من دوي دبابات الصهيون الغاشم عن القضية الفلسطينية وموقف العرب تجاهها. ''الحوار'' التقت بهذا الفنان على هامش المهرجان الوطني للمسرح المحترف فخصها بهذا اللقاء الذي يكشف فيه عن الكثير من القضايا الفنية الشائكة، وكذا أهم الأعمال التي يحضر لها لرمضان المقبل. هل استطاعت أعمال المسرحيين العرب محاكاة القضية الفلسطينية؟ - في اعتقادي انه وإلى غاية اللحظة لا توجد سياسة ثقافية خاصة تحاكي القضية الفلسطينية أو القضايا العربية الشائكة. ربما استطعنا أن ننقلها الى العالم عن طريق التعبير عن رأينا في هذه القضية او تلك من خلال التظاهرات الثقافية التي تقام في مختلف الدول العربية كالمهرجانات المسرحية مثلا التي قد تطرح القضية الفلسطينية وقضايا اخرى من خلال الملتقيات والندوات التي تبرمج في اطار التظاهرة. ولكن ماذا استطعنا فعله اليوم... ان ذكرت فلسطين أمام أي مواطن عربي اكثر من ثلاث مرات ربما يغمى عليه من الضجر لهذا علينا ان نحسن ابلاغ الرسالة وان نبتعد عن الخطاب الفج، يجب ان نبحث عن بديل لهذا الخطاب لأنه استهلك تماما ولم يعد قادرا على أن يستوعبه الآخر. الخطاب يجب أن يولد من رحم هذه المعاناة .. لماذا لا يكون هناك مهرجان مسرحي عن فلسطين وعن القضايا العربية؟ اقترحت الفنانة السورية جيانا عيد خلال مداخلتها ضمن أشغال الملتقى العربي لمهرجان المسرح المحترف الذي تجرى فعالياته بالجزائر، تقديم عمل مسرحي عربي موحد عن القضايا العربية يكون بمثابة رسالة مؤثرة ترفع للعالم. ما رأيك؟ - فكرة جيدة وكنت أريد اقتراح نفس الفكرة أو نفس المشروع. فإذا لم نستطع أن نصنع مهرجانا عربيا بحجم المهرجانات الأوروبية على الاقل يمكننا أن نجلب أوروبا إلى ديارنا إلى أراضينا. إذا لم نستطع أن نذهب إلى الآخر فعلينا أن نعمل على احضاره إلينا، سواء عن طريق القنوات الفضائية من خلال تصوير أفضل الأعمال المسرحية او الأفلام او المسلسلات التي تترجم همنا العربي لنفرضها على الاخر الغربي .. هكذا نوجه أنظارهم إلينا . لا بد من تجنيد سياسة عربية إعلامية جادة وموحدة لإنجاح هذا المشروع. لماذا هذا الإقصاء العمدي للمسرح من الأجندة الثقافية لمختلف الدول العربية؟ - يقصون المسرح لأنهم يشعرون بالخطر تجاه المسرح. فالمسرح يهدد مقاماتهم العالية لأنه يفضح كل هؤلاء المعششين في أوكارهم. فالمسرح يمكن أن يتحول إلى أداة تهدد مناصبهم ولكن الشارع العربي أقوى من إرادتهم. واعود وألح على وجوب البحث في سياسة إعلامية جديدة وقراءة جديدة تمكننا من إيصال كل هذا إلى الآخر. ألا ترى ان الأعمال الفنية المقدمة هزيلةوضعيفة تدعو إلى التشاؤوم وفقدان الثقة بفنانينا؟ - المشكلة ليست في مستوى الأعمال، فالكل يقدم ما لديه حسب إمكانياته وحسب فهمه للأمور. كل رأي مخالف لرأي الآخر ولكن في النهاية كلنا نكمل بعضنا البعض وإذا لم نقدم الضعيف لا يمكننا أن نقدم الجيد. وللوصول إلى الحقيقة لابد أن تمر بملايين الأخطاء فلا ضير من ذلك. وهل هناك ما هومسكوت عنه؟ - لا أظن أن هناك ما هو مسكوت عنه، وأنا لا أريد أن اضرب بنفسي مثلا عن ذلك إطلاقا، ولكن هناك في المسرح العربي كثير من الجرأة في أكثر من محل وفي أكثر من عاصمة عربية استطاعوا أن يقولوا للخائن أنت خائن في وجهه دون أي هوادة. أنت واحد من الممثلين الفلسطينيين المغتربين، هل استطاعت هذه الفئة حسبك أن تشاكس الواقع ضمن أعمالها؟ - أطرح السؤال بصيغة أخرى، العرض المسرحي بيان شخصي وهوالعرض الذي قدمه الممثل عبد الرحمان أبوالقاسم هل استطاع أن يعبر عن رأي العربي والفلسطيني داخل أو خارج الأراضي المحتلة؟ فإذا كانت الرسالة وصلت نكون قد قدمنا شيئا من واجبنا تجاه القضية وإذا لم تصل الرسالة فهناك مشكلتان إما المشكلة في المرسل وإما في المتلقي الذي لم يستطع أن يتلقف الرسالة. تنكر مؤخرا الدكتور الكويتي نادر القنة لكل الاعمال الفلسطينية التي قدمت بدعم أجنبي ما رأيك في هذا الإقصاء؟ قد يكون ظلم للمسرح الفلسطيني الذي يعتمد أحيانا على بعض المعونات الأوروبية. نحن كفلسطينيين لدينا أصدقاء وزملاء وعلاقات أجنبية وعلينا أن نستفيد من هؤلاء الناس القريبين منا على الصعيد الفكري والسياسي، قد يكون هذا الدعم المادي أو المعنوي لتلك الفرق داخل الأراضي المحتلة أو خارجها يساهم في إيصال الصوت والرأي الفلسطيني إلى الآخر. لماذا نضع حدا لهذه المساعدة أنا لست من أنصار ما قاله القنة. نعود إلى المسرح الجزائري، هل لديكم فكرة حول ملامح الفن الرابع ببلادنا؟ - أولا أنا عرفت الجزائر سنة 1970 وزرت اغلب الولاياتالجزائرية من قسنطينة إلى عنابة الى سكيكدة الى وهران الى العاصمة .. وقدمنا في إطار المسرح الوطني الفلسطيني مسرحيات فلسطينية بحتة، ولي علاقة متميزة مع الكثير من الفنانيين الجزائريين الذين التقيتهم في مهرجانات عربية مختلفة على راسهم الممثل القدير ''سراط بومدين'' رحمه الله الذي اعتبره من ابرز المسرحيين العرب، ذلك الرجل الذي حصل على جائزة أفضل ممثل في مهرجان قرطاج. أنا مواكب للحركة المسرحية الجزائرية واعتبر نفسي جزءا من هذه الثورة الفنية المسرحية. باعتبارك واحدا من أعمدة الدراما السورية، ما سر تميز المسلسلات السورية في السنوات الأخيرة؟ - حقيقة السوريون أناس جادون لا تعنيهم قصص الحب بين الرجل والمراة . السوروين حولوا الحب الى حالة سياسية وحالة إبداعية الى شيء أهم وهو حب الوطن والأرض والأمة. واعتقد أن جديتهم هي التي استطاعت أن تجعلهم يتبوؤون مكانة هامة على الصعيد العربي، عكس المصريين الذين ركزوا اغلب أعمالهم على قصص الحب دون ان انكر الرواج الذي حققته بعض الاعمال المصرية التاريخية. ولكن ما حقق على صعيد الدراما لم يحقق على صعيد الصناعة السينمائية؟ - السينما السورية مازالت حقيقة قاصرة عن الوصول الى العرب بشكل جيد لان سوريا لا تملك سينما حقيقية. لدينا ما يسمى بمؤسسة السينما السورية وهي مؤسسة حكومية تابعة لوزارة الإعلام ميزانيتها متواضعة وفي كل عام تقدم عملا وعملين، وهذا العدد من الأعمال لا يمكن أن يعبر عن حال السينما السورية. هناك بعض المحطات التي قدمت من خلال المؤسسة سجلت حضورا بعض الشيء من خلال عدد من المهرجانات، إلا انها لم تتحول الى ظاهرة كما في مصر. السينما في مصر مركزية والكثير من هذه الافلام تعيد الميزانية التي انفقت في سبيل انتاجها، فهناك هامش من الربح مهم لابد من حسابه كما في السينما الامريكية. أكسبتك شخصية ابن الرومية التي قدمتها في مسلسل الجوارح ثقة وإعجاب المشاهد العربي، كيف استطعت تقمص ملامح هذا الشيخ الحكواتي بهكذا تميز ودقة؟ - ابن الرومية شخصية معاقة حسبما قدم في مسلسل الجوارح. كنت خلال المسلسل بين مجموعة من أبنائي وزملائي الممثلين السوريين العمالقة وكان لا بد لي أن أقف الى جانبهم بتميز عبر تاريخي الفني، وبالتالي فقد وظفت تاريخي المسرحي في تقديم ابن الرومية ولاسيما أن الشخصية قوامها الحكايات. فابن الرومية هو حكواتي وحكيم القبيلة أيضا وهو أساسا ليس من قبيلة ابن الوهاج بل وافد عليها و''عبد الرحمان ابوالقاسم'' وافد على سوريا من فلسطين، فحاولت أن اصنع تزاوجا بين الوافدين وجعلتهما وافدا واحدا، فاستطعت أن انقل مشاعري إلى تلك الشخصية وأوصلتها الى ابن الرومية. وماذا يحضر عبد الرحمان ابوالقاسم لرمضان القادم؟ - قدمت العام الماضي ستة أعمال تلفزيونية من بينها ''الحوت، بيت جدي..'' وحاليا اقوم بتصوير أربعة أعمال لرمضان القادم. ومن اجل هذا انا مضطر لمغادرة الجزائر يوم 30 من الشهر الجاري عائدا الى دمشق لاستكمال تصوير مسلسل ''طرجال الحسم''، يتحدث عن احتلال الصهاينة للجولان، وهومن إخراج المبدع نجدة انزور. ولدي مسلسل آخر إخراج عبد الباري أبوالخير وهو مسلسل ''الحسن والحسين''. وأحضر ايضا للجزء الثاني من مسلسل ''بيت جدي'' الذي كنا قد عرضنا جزءه الأول في رمضان الماضي.