أغلقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، صباح يوم السبت 2009523 المسرح الوطني الفلسطينيبالقدس الشريف ومنعت إقامة احتفالية فلسطين للأدب . وجاء الإغلاق بقرار من وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي كعادته . وهنا في الجزائر وفي نفس اليوم والساعات تناقلت وكالات الانباء إنتهاء أعمال عكاظية الشعر العربي الثالثة، وافتتاح وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي فعاليات المهرجان الوطني للمسرح المحترف مكرّساً لاحتفالية القدس عاصمة أبدية للثقافة العربية. وبين ذاك الختام للعكاظية، وهذا الافتتاح للمسرح، أتذكر جوابا للفنان العراقي جواد الاسدي على سؤال وجه له وجوابه يظل يؤرقني دائما عن جدوى المشاركة والحضور للمبدعين والمتلقين في المهرجانات: فقط - ما هي خشية جواد الأسدي؟ وأين تكمن مخاوفه او يكمن خوفه؟ - أجاب الاسدي بنفس هواجسنا ): الموت بعد انفضاض الجمهور.... الموت في انسدال الستار على العرض....الموت في نوم الممثلين ومغادرتهم للشخصيات التي لعبوها فوق الخشبة.( وهو ما أخشاه بدوري من حدوث مثل هذا الموت ، عندما يغادر الشعراء و الغاوون عتبة قاعة الموقار الى ذويهم وبيوتهم وملاهي الحياة الأخرى بإنتظار عكاظية أخرى قادمة و عندما يتوجه المسرحيون والجمهور الى قاعة المسرح الوطني ليقدموا على ركح الدم والدموع أعمالهم ممثلة في ...5) أعمال مسرحية مرتبطة بالقضية الفلسطينية ومعاناة الإنسان الفلسطيني منذ 1948 على غرار مسرحية ''الرجل العاري'' نص للكاتب الفلسطيني وديع إسمندر ومن إخراج بلقاسم عمار و''لوكنت فلسطينيا'' للكاتب السوري ممدوح عدوان، إخراج محمد عباس إسلام ''فدوى والغريب'' نص مأمون حمداوي، إخراج العراقي فاضل عباس '' حنظلة'' للمبدع سعيد حمودي إلى جانب تنظيم الملتقى العلمي ''القضية الفلسطينية في المسرح العربي'' بمشاركة مجموعة من أبرز أسماء الجزائريين والعرب الباحثين في مجال المسرح العربي وتناوله للهم الفلسطيني عبر أداة المسرح سيواصل القائمون على المهرجان الوطني للمسرح المحترف في دورته الجديدة 2009 على موعد ثنائية الشعر والمسرح ينشطها نخبة من الوجوه الشعرية تصب في رصد وجع القضية الفلسطينية والألم الفلسطيني النازف( كلام ننقله عن لسان فتح النور ابراهيم المكلف بالاتصال بالمسرح الوطني، مشيرا الى برنامج تظاهرة المسرح الجزائري والعربي المكرسة للقدس. ولأن الاحتفالية هنا في الجزائر تمليها تقاليد الوفاء للقدس المؤبدة في ذاكرتنا ،وجب علينا أن نجمع شتات ما كتب لفلسطين ونشر عن ركح ابي الفنون. ونذكر مرة أخرى بحلم المسرح الفلسطيني المتجدد ان يكون هناك دوما مسرح عربي لفلسطين او مسرح فلسطيني للعرب. في عشية الاحتفال بيوم المسرح العالمي ومنذ شهرين انطلقت من الجزائر الرسمية والشعبية انطلاقة احتفالية القدس. وفي 22 مارس2009 أقدمت سلطات الاحتلال الصهيوني على غلق المسرح الوطني الفلسطينيبالقدس، مسرح الحكواتي، لاوظيفة لوزير داخلية العدو سوى تكرار مثل هذه الحماقة. لكنه يرى ويرصد رد الفعل أن فتحت كل قاعات مسرحنا العربي لفلسطينوالقدس لكي نستفيق وتعيد المسارح الوعي لنا جميعا وتعدنا ان لا نسدل الستار عن مسرح القدس، مهما شغلتنا عنها معاركنا القطرية وجرينا اليومي من اجل رغيف الخبز وحبة الدواء وشراء الاقلام لاطفالنا. نقدم هنا موجزا لما استطعنا جمعه من مجموعة الاخبار ومن المصادر المتفرقة، التي لا تؤرخ للمسرح الفلسطيني كما يجب، ولكن تلقي الضوء على بعض كفاح المسرح في فلسطين. للأسف، لم نجد من يؤرخ له بشكل علمي حتى الآن وكأن الحكم الصهيوني أراد تنفيذ أمره علينا بنسيان مسرح فلسطين. الفضل مرهون بجهد الاستاذ الراحل د.علي الراعي (1999-1920) الذي نذر نفسه لدراسة فن المسرح وترك لنا في ثنايا كتابه )المسرح في الوطن العربي( من اصدارات عالم المعرفة عام 1999 فصلا عن المسرح الفلسطيني مستندا الى بحث سابق للاستاذ عدنان ابو عشمة عن المسرح العربي الفلسطيني قدم في اطار مؤتمر المسرح في الوطن العربي المنعقد في دمشق ايام (22-15) جوان .1973 قبل النكبة عام 1948 كان عدد الفرق المسرحية في القدس وحدها ما ينوف عن 30 فرقة مسرحية. رغم ضعفها الفني وتواصل عملها الا ان هناك الى جوارها كتاب غزيرو الانتاج، على رأسهم: جميل حبيب بحري، وقد كتب اثنتي عشرة مسرحية . من بينها )الوطن المحبوب(، نشرت في القاهرة عام ,1923 و )الخائن(و )مأساة في ثلاث فصول1924( و )في سبيل الشرف(مأساة في خمسة فصول ,1926 و )سجين القصر(مأساة في خمسة فصول، في .1927 وبعد النكبة كتب نصر الجوزي احدى عشرة مسرحية من بينها )العدل اساس الملك1956( و )الدنيا أم1956(، و)فؤاد وليلى(و )الحق يعلو(و )شبح الاحرار( اضافة الى مسرحيات للاطفال وبالفصحى والعامية وتستهدف رفض ومناهضة بيع الاراضي في فلسطين لليهود. وكثيرون هم الكتاب ونتاجاتهم مثل برهان الدين العبوشي في مسرحية )وطن الشهيد( ومحمد حسن علاء الدين ومحي الدين الحاج عيسى الصفدي ومحمود محمد بكر.كلها مجدت استنهاض الامة ومحاربة الصهيونية ومواجهة الاحتلال وقبله الانتداب البريطاني على فلسطين. ويستعرض الدكتور علي الراعي عرضا وتحليلا لاهم الاعمال المبكرة للمسرح الفلسطيني قبل وبعد النكبة من تلك التي سنشير اليها في بقية هذه المقالة.. . ولعل كتاب الدكتور الشاعر كمال احمد غنيم الموسوم )المسرح الفلسطيني: دراسة تاريخية نقدية في الأدب المسرحي( والصادر عن دار الحرم للتراث في القاهرة منتصف عام 2003 في مجلد يزيد على 600 صفحة في خمسة فصول يشير الى الامتدادات المبكرة للمسرح في فلسطين تمتد الى عام 1834 ويتابع المؤلف مسيرة المسرح الفلسطيني عبر مراحل ثلاث : مرحلة الانتداب البريطاني. مرحلة النكبة والتقسيم ما بعد .(1967-1948) إرهاصات مبكرة وسجل منسي ارتبطت نشأة المسرح في فلسطين بنشأته في الوطن العربي ككل خاصة في مصر وسوريا ولبنان، وهناك من الإشارات الأولى، التي أكدت وجوده قبل المسرحيات العربية الأولى، وعندما اعتبر النقاد عام 1847 هو البداية الأولى للمسرح البشري في الأدب العربي، فإن الإشارات الأولى للمسرح الفلسطيني تعود إلى عام ,1834 وفق شهادات الرحالة وعلماء الآثار. ولم تستطع المعوقات أن تثني الجهود الفردية والجماعية عن التواصل المسرحى والفني، والبزوغ المتقطع، الذي لم يستطع أن يلغي الظاهرة، وإن تركها تعاني من الضعف، والحاجة الملحّة إلى نواقص كثيرة. المرحلة الأولى شهدت غزارة في الإنتاج المسرحي رغم عدم تشجيع سلطات الانتداب البريطاني للمسرح الفلسطيني المحلي، وتفضيلها المسرحية المترجمة، إلا أن هذا لم يمنع قيام كتّاب مسرحيين فلسطينيين من تقديم عدد لا بأس به من المسرحيات طُبع منها القليل كما اشرنا.كما إن الأندية والجمعيات الناشطة في فلسطين هيأت الجو لغرس بذور النهضة المسرحية حيث كان التمثيل ضمن برامجها الدورية، ومن هذه الجمعيات ''جمعية الشبان المسيحية'' في القدس التي أنشئت عام .1877كما لعبت الجمعية الاسلامية في حيفا فيما بعد دورا مهما في هذا المجال. إلا انه تميز عن غيره من المسارح العربية نتيجة للظرف والمأساة الفلسطينية ولم يحض من اهتمام المؤرخين والباحثين به الاهتمام الكافي الذي يسلط الأضواء عليه. كما ان الانتداب البريطاني ومن ثم الاحتلال الصهيوني أضعفا الحركة المسرحية في فلسطين و سببا عدم تواصل التأليف والنشاط المسرحي الفلسطيني، وقد ظلت الأحداث والثورات والانتداب ثم الاحتلال من ابرز العوامل التي أدت إلى ذلك وأضاعت الكثير من الجهود في هذا المجال وعند تناول المسرح الفلسطيني لا يمكن أن ينكر عامل تأثير عدد من الفرق المصرية والشامية والأجنبية التي زارت فلسطين بين أعوام ,1930 1920 أمثال فرقة جورج أبيض والريحاني وعلي الكسار، كما أن الجماعات والمدارس التبشيرية والاجنبية وزيارة عدد من الفرق الأجنبية لفلسطين عمل على تشجيع تقديم مسرحيات لشكسبير وموليير، مما دفع بعض الشبان الفلسطينيين إلى تأسيس فرق تمثيلية في العديد من المدن وشهدت مرحلة ما قبل 1948 ازدهار المسرح الفلسطيني فعلياً، فتعددت فيه التجارب وأغتنت الحركة المسرحية، كما ارتبطت الحركة المسرحية في بداياتها في فلسطين بالمدارس العربية والتبشيرية التي انتشرت في القدس ويافا وحيفا وبيت لحم، و برزت مجموعة من الأسماء التي اهتمت بالكتابة للمسرح ما بين عامي 1919 و,1949 وعلى رأسهم جميل حبيب بحري، والأخوة صليبا ونصري وجميل وفريد الجوزي. وقد أنهت دار المعلمين في القدس عامها الدراسي 1932 وحفل تخرجها بمسرحية ''هاملت'' لشكسبير، وأتقن طلابها جميعاً أدوارهم وخاصةً الطالب الذي قام بدور ''جرترود'' أم هاملت، حيث كان مكياجه متقناً إلى حد أن الكثيرين ظنوه إمرأة. كذلك لعبت الجمعيات والنوادي ومحطة الإذاعة الفلسطينية والصحف والمطابع العربية بشكل أو بآخر دورا في توجيه الاهتمام بالمسرح في تلك الفترة. وعندما تأسست الإذاعة الفلسطينية في القدس سنة 1936 بإدارة إبراهيم طوقان ونشاط عائلة الجوزي التمثيلي البارز في هذه الإذاعة حيث نشط هؤلاء وغيرهم ، رغم ضغوط ورقابة قوات الانتداب البريطانية التي تشرف على الاذاعة. العوامل التي أثرت في مرحلة 1967-1948 عرقلت النكبة صعود نجم المسرح الفلسطيني، لكنها من جانب آخر راحت تغذي الذات الفلسطينية وتثير الإبداع، فقد احتل موضوع النكبة معظم الكتابات المسرحية. ساهم انتشار التعليم والمدارس أيضا في دفع المسرح إلى الأمام ، كما وساهم التعليم العالي كذلك في نشر وعي واهمية المسرح. من جانب آخر واجهت الحركة المسرحية مجموعة من الصعوبات، مثل قوانين الاحتلال وأوامره الرقابية التي حدّت كثيراً من انطلاق المسرحيين الفلسطينيين، وتأثرت الحركة المسرحية كذلك بعامل عدم وجود هيئة مسؤولة تنظم علاقات المسرحيين وتدعمهم، وشكلت ندرة النصوص المسرحية عاملا هاما أعاق المسرح الفلسطيني عن النهوض، كما بقيت المشكلة الاجتماعية التي تمثلت في عدم وجود فتيات يقمن بالأدوار النسائية، وهذه المشكلة عانى منها المسرح في فلسطين طويلا. المسرح الفلسطيني بعد 1967 إهتم الدكتور كمال غنيم في إبراز الموضوعات السياسية والاجتماعية والعاطفية والإنسانية والفكاهية التي ارتادها الأدب المسرحي الفلسطيني ، ولم يغفل دراسة البنية الفنية، حيث استغرق منه التقويم الفني نصف البحث، وتناول فيها بناء المسرح الفلسطيني الفني، والاتجاهات الفنية التي اتجه إليها للتعبير عن مضامينه، وقدّم تقويما إجماليا لواقع المسرح الفلسطيني وحاجته الملحة . قضية الأرض، والمعاناة، والثورة، ومعوقاتها، والأحداث السياسية الآنية، والواقع العربي، وحلول القضية الفلسطينية المطروحة، أما على الصعيد الاجتماعي فقد استقصى الباحث موضوعات: الأسرة، والعادات والتقاليد، والتغيرات الاجتماعية الطارئة، وآثار تفاوت الطبقات، كما تناول قضايا تتعلق بجوانب أخرى'' :العاطفي، والإنساني، والفكاهي. '' في المرحلة الثالثة كتب الشاعر سميح القاسم مسرحية ''قرقاش'' بمقدمة واربع لوحات مكتوبة بالشعر وهي تحكي قصة دكتاتور بغيض اسمه قرقاش يقود قومه المضللين الى السلب والنهب والقتل.، وقامت بتقديمها فرقه دبابيس وينص سميح القاسم على انه يحق للمتفرجين ان يتدخلوا في الحوار ويبدوا آراءهم بالشكل الذي يرونه. وفي قالب الامثولة والحكاية صب سميح القاسم احداث مسرحيته وحمل بشعره فكره الواضح. وكتب الشاعر معين بسيسو مسرحية ''ثورة الزنج'' مستخدما فيها تلك الثورة التي قامت في القرن الثالث الهجري وسيلة لإسقاط الاحكام على الثورة الفلسطينية وكل الحركات الثورية التي توالت منذ ثورة الزنج حتى القرن العشرين. وهي مسرحية مزدحمة بالاحداث وبالرموز والمعاني وبالحيل الفنية وبالصيغ المسرحية. كما كتب معين بسيو مسرحية ''شمشون ودليلة'' مركزا على الثورة الفلسطينية ويمر سريعا على نكبة 1967 ويتجاوزها من خلال رفض العرب للهزيمة واصرارهم على الكفاح. ورفض الشعب لفلسطيني لموقف اللاجئ الذليل الذي يعتمد على عطف العالم واحسانه.، وكتب سهيل إدريس مسرحية عن فلسطين بعنوان ''زهرة من دم''، وكتب هارون هاشم رشيد مسرحية شعرية بعنوان ''السؤال''، وكتب المناضل الفلسطيني الشهيد غسان كنفاني مسرحية ''الباب'' و''القبعة والنبي.''، مما ينسجم مع المتغيرات السياسية سلبا وإيجابا، واتضحت جوانب النضج الفنى بقوة تدريجيا، وإن لم تعدم المراحل الأولى أعمالا ناضجة، كما لم تعدم المراحل المتأخرة أعمالا مسرحية شابها الضعف الفني، وقد حظيت القضايا السياسية بنصيب الأسد من المسرح الفلسطيني، اتخذ ثلث المسرحيات الفلسطينية التراث قناعا للتعبير عن مفردات الواقع الفلسطيني السياسي والاجتماعي. بعد انطلاقة الثورة تشكلت الكثير من الفرق المسرحية الفلسطينية في بعض الأقطار العربية وفي داخل الأراضي المحتلة رغم كل الحواجز والقيود، وفي الشتات خارج فلسطين وبمبادرة من حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح تشكلت جمعية المسرح الفلسطيني سنة 1966 في دمشق وقدمت أعمالا في عدة عواصم عربية . حملت هذه الجمعية فيما بعد اسم فرقة ) فتح المسرحية ( واستطاعت أن تقدم خلال عامين من تأسيسها عملين مسرحيين هما) :شعب لن يموت( من تأليف فتى الثورة وإخراج صبري سندس ومسرحية ) الطريق ( من تأليف وإخراج نصر شما وقد حققت هذه الفرقة سمعة حسنة ورواجا جماهيريا كبيرا واستقطبت عددا كبيرا من الأكاديميين المسرحيين الدارسين والمتخصصين في المسرح مثل خليل طافش وحسن عويني وحسين الأسمر فتوسعت قاعدتها الوطنية وأخذت صفة الشمولية وتغير اسمها ليصبح فرقة المسرح الوطني الفلسطيني تحت إدارة الفنان خليل طافش الذي يعتبر مؤسس المسرح الوطني الفلسطيني في الشتات.