فتحت جنايات العاصمة أمس قضية اختلاس 3200 مليار سنتيم من البنك الوطني الجزائري، وسط إجراءات أمنية مشددة طوقت مبنى محكمة سيدي امحمد، التي تجرى في قطبها الجنائي محاكمة المتهمين في القضية وعلى رأسهم عاشور عبد الرحمان وصهريه، وزوجته، التي تبين أنها متابعة بالمشاركة في الاختلاس، ومثلت أمس كمتهمة في القضية، وقد تجند للدفاع عن المتهمين 63 محاميا، فيما سيحضر 56 شاهدا لكشف ملابسات الاختلاس المتابع فيه 26متهما 13 موقوفا و11 غير موقوف، فيما لا يزال اثنان منهم في حالة فرار. المحاكمة ميزها أيضا حضور مكثف لأهالي المتهمين، حيث اكتظت القاعة عن آخرها، وبعد إعادة الهدوء إلى القاعة تشكلت محكمة الجنايات برئيسها ومستشاريها ومحلفيها، بعد مناداة المتهمين الذي تبين حضور أحدهم كان في حالة فرار، ويتعلق الأمر بصهر عاشور عبد الرحمان المدعو (س.بغداد)، ليتم توقيف المحاكمة بعدها لمدة ساعتين كاملتين واستأنفت في المساء، أين تم قراءة قرار الإحالة الذي يفوق 86 صفحة، حمل في طياته وقائع قضية الحال التي كانت ''الحوار'' قد أشارت إليها في أعداد سابقة، حيث تعود إلى 28 أكتوبر2005 عندما تقدم الرئيس المدير العام للبنك الوطني الجزائري بشكوى لدى عميد قضاة التحقيق لدى محكمة سيدي أمحمد الغرفة الثالثة، ضد عاشور عبد الرحمان وأربع متهمين آخرين، بالإضافة إلى مديري البنك الوطني الجزائري وكالات القليعة، شرشال، بوزريعة، ومتهمين آخرين يشغلون وظائف مختلفة.وقد كشف الطرف المدني ممثلا في المدير العام للبنك الوطني الجزائري أن عاشور عبد الرحمان أنشأ شركة قام بتسييرها صهره ''ع.رابح'' وفتحا بعدها حسابا بنكيا بالبنك الوطني الجزائري وكالة القليعة، التي تعد الوكالة الرئيسية وبها صندوق رئيسي يشمل جميع وكالات الناحية، كما أصبح هناك حسب المعطيات المتوفرة تبادلات الصكوك بين وكالات بوزريعة والقليعة وشرشال، وكان يقبض ثمنها عاشور عبد الرحمان و''ع.رابح'' بتواطؤ من بعض موظفي البنك الوطني الجزائري. وتمكن عاشور بهذه الطريقة من إنشاء 10شركات وهمية بالموازاة مع فتحه لحسابات بنكية جارية بالوكالات السالفة الذكر، تحصل من خلالها على صكوك بنكية يقوم بتخليصها قبل وصول الإشعارات إلى هذه الوكالات، وهذا بتواطؤ من بعض إطارات البنك الذين كانوا يتلاعبون بالحسابات، فيما تتكفل سكرتيرته (م.حسيبة) التي تعد متهمة رئيسية في القضية بنقل الأموال بواسطة الحقيبة والتي بلغت 3200 مليار سنتيم، تم تحويل مبالغ مالية هامة منها إلى المغرب الأقصى، حيث اشترى المتهم الرئيسي في القضية مصنعا للآجر ومطبعة عصرية وأطلق على شركاته الوهمية عدة تسميات، مثل شركة خاصة لسيارات الأجرة ''تاكسي بلوس''، شركة ''إفريقيا للطباعة''،'' و''ناسيونال بلوس''، و شركة متخصصة في السمعي البصري وشركة ''النقل الأزرق''، و''مريم كارا'' ''ومزفران للإسمنت المسلح'' و''مأمونة'' و''صناعة الآجر''، وهي الشركات التي لم يعرف معظمها النور، حيث كان المتهم يتقدم بسجلات تجارية بأسماء مستعارة لعدد من التجار متابعين في قضية الحال. كما أظهر قرار الإحالة أن مدراء بعض وكالات البنك الوطني الجزائري تعرفوا على عاشور عبد الرحمان وأفادوا بأنه كان يقدم ملفات كاملة تسمح له بالحصول على القروض المالية، وأكدت التحريات بأن هؤلاء المدراء وبعض إطارات البنك الوطني الجزائري تلقوا هدايا لتمكين عاشور من الحصول على القروض المالية. قضت محكمة الجنايات بمجلس قضاء الجزائر في ساعة متأخرة من أول أمس الاثنين بإدانة عاشور عبد الرحمان ب 4 سنوات سجنا نافذا و ب4 سنوات سجنا غير نافذ ضد المتهم ''بسعي حسان''ضابط بأمن ولاية تيبازة بتهم التزوير و استعمال المزور فيما تم تبرئة المتهم ''زواي الهاشمي'' رئيس سابق لأمن ولاية تيبازة من جميع التهم الموجهة إليه . و عن تفاصيل الجناية التي توبع بها المتهمون فإنها تعود حسب ما أشارت إليه ''الحوار'' في أعداد سابقة الى سنة 2002 حينما باشر أمن ولاية تيبازة إجراءات التحقيق ضد المتهم عاشور عبد الرحمان بخصوص تحصله على ''قروض مشبوهة'' من البنك الوطني الجزائر غير انه بعد اتصال الأمن بالبنك المعني أنجز هذا الأخير خبرة تضفي الشرعية على جميع المعاملات المصرفية للمتهم عاشور، وعقبها قام رئيس أمن ولاية تيبازة آنذاك بإرسال تقرير كتابي لوكيل الجمهورية لدى محكمة القليعة (التي أمرت بالتحقيق) يخبره فيها بالنتائج التي كانت في صالح المتهم عبد الرحمان. وفي سنة 2005 رفع البنك الوطني الجزائري شكوى ضد المتهم عاشور عبد الرحمان بتهمة اختلاس اموال عمومية و صدر ضده أمر بالقبض الدولي في سنة 2007 و كان آنذاك متواجد بالمملكة المغربية. و حسب التحقيقات التي أمر بها ديوان وزارة العدل فقد تبين أن إطارات من الأمن الوطني بتيبازة ''استغلوا نفوذهم و قاموا بتزوير التقرير الذي كان قد أرسل في سنة 2003 إلى وكيل الجمهورية لدى محكمة القليعة و الذي ينفي الطابع الإجرامي للوقائع المنسوبة للمتهم عاشور و يتمثل التزوير في استبدال المرسل إليه من وكيل الجمهورية لدى محكمة القليعة ليصبح ''المدير العام لدى أمن ولاية الجزائر'' و إرسال هذه الوثيقة المزورة فيما بعد عبر الفاكس إلى المتهم عاشور المتواجد بالمغرب.